أهلاً.. وسهلاً

مرحبا بكم في موقع الأستاذ الدكتور/ عبد الله هلال

مقالات علمية وسياسية - محاضرات في الكيمياء - بحوث علمية - كتب علمية في الكيمياء وتطبيقاتها - استشارات علمية (كيميائية وبيئية)















هل لديك استشارة علمية؟

الأستاذ الدكتور/ عبد الله هلال - استشاري الدراسات الكيميائية والبيئية
للاستشارات العلمية:
ناسوخ (فاكس): 0020222670296 القاهرة
جوال: 0020115811500



الصفحة الرئيسية

السبت، ١٣ نوفمبر ٢٠١٠

* الانتخابات.. بين التزوير والمقاطعة !

الانتخابات.. بين التزوير والمقاطعة!
بقلم د. عبد الله هلال
الوســـط 14-11-2010
نزاهة الانتخابات.. ليست مجرد كلمة تقال، أو وعودا تنثر في الهواء؛ ملّ الشعب من تكرار سماعها في كل مرة. النزاهة تتطلب آليات وإجراءات وقواعد وخطوات ولوائح معلنة ومقنعة ومفهومة، وتتطلب لإدارتها والإشراف عليها مؤسسات مستقلة لا تخضع للحكومة أو غيرها. هل يستطيع أحد أن يدلني على انتخابات سابقة لم تـُبذل فيها الوعود الفضفاضة بنزاهة العملية الانتخابية؟.. أو على انتخابات سابقة لم تزور؟.. هل نسي هؤلاء مقولاتهم السابقة المتكررة في كل مرة: هذه (أول) انتخابات نزيهة؟!. والأمر في منتهى البساطة.. فالكل يعلم أن حكومة الحزب المسمى بالوطني لا يمكن أن تجرؤ على إجراء انتخابات نزيهة، لأنها تعلم جيدا وزنها (الحقيقي) في الشارع المصري، وأقطابها يعرفون رأي الشعب فيهم, وليسوا من الغفلة أو الجنون لكي يعطوا الناخب الذي يكرههم ويكرهونه الفرصة لإظهار شعبيتهم الحقيقية وفضح اغتصابهم للسلطة؛ بالتزوير المتكرر للانتخابات.
لوكان الحزب المسمى بالوطني يجرؤ على خوض انتخابات نزيهة لقام بمصالحة الشعب (المسكين) قبيل الانتخابات؛ بتحسين ظروف معيشته ولو قليلا، ولكن- كما نرى- فالأحوال عموما في هذه الأيام أسوأ من أي وقت مضى؛ والشعب يعاني البؤس في جميع المجالات. أما عن القرارات والتصرفات المستفزة للشعب فقد تزايدت في موسم الانتخابات بدلا من تأجيلها ولو قليلا، وكأنهم يؤكدون للجميع أنهم (غير مزنوقين) في أصواتنا. فهم لا يعتمدون على الناخبين ولا ينتظرون الأصوات (الحقيقية) للجماهير، فهي أساسا ليست لهم.. ولكنهم يعولون على الأصوات المزورة التي ربما تم حشو الصناديق (أو أجهزة الحاسوب) بها من الآن. لوكان الحزب المسمى بالوطني يجرؤ على خوض انتخابات نزيهة لما اضطر للعبث بالدستور لإلغاء الإشراف القضائي الذي لم يُطِيقوه.. وتناسوا نغمة التغني به؛ التي صدّعونا بها عندما طبق لأول مرة, وأخذوا يمُنّون علينا ويتفاخرون بأنه العصر الذي حقق نزاهة الانتخابات لأول مرة في التاريخ (وليت بعض الصحف تعيد نشر هذه الزفة العجيبة).. وتناسوا اعترافاتهم حينئذ بأن كل الانتخابات السابقة كانت مزورة وأن (انتخابات الإشراف القضائي) هي أول انتخابات نزيهة, رغم أنهم لم يحتملوا ما حدث في المرحلة الأولى منها وحدث الانقلاب الفوري في المرحلتين التاليتين. وليتهم ابتلعوا كل ذلك وتواروا وفعلوا ما بدا لهم في صمت.. ولكنهم وبكل جرأة و«عين قوية» تلاعبوا بالدستور لإلغاء هذا الإشراف القضائي، الذي تغنوا به يوما!، وكأنهم اكتشفوا فجأة أن الإشراف القضائي عيب, أو أنه لا يساعد على تدعيم حرية الرأي, أو أنه يؤدي إلى تزييف إرادة الشعب.. هكذا دون خجل أو حياء. وللأسف فقد مرت هذه التعديلات (أو التعديات) الدستورية في صمت عجيب رغم عدم دستوريتها، إذ تم الاستفتاء عليها بالطريقة الهمجية المعتادة؛ دون إشراف قضائي. وبغياب القضاة فلن يكون المزورون بحاجة إلى نقل آلاف العمال للتصويت المتكرر، ولا لمنع أنصار المعارضة من الوصول للجان، ولا لإرهاب الناخبين وصرفهم عن تأييد المعارضين.. فالنتيجة جاهزة من الآن بالصناديق البديلة وأجهزة الحاسوب، وقد اختاروا بعناية مراقبي اللجان ممن يطيعون الأوامر ولا يهمهم سوى المكافأة السخية مقابل التزوير.
لوكان الحزب المسمى بالوطني يجرؤ على خوض انتخابات نزيهة لما رفض بإصرار الرقابة الدولية على الانتخابات، مدّعين بالباطل أن هذا تدخل في شئوننا!، هل معنى ذلك أن أغلب دول العالم (التي تسمح بهذه الرقابة) يتم التدخل في شئونها؟، وهل نحن نتدخل في شئون الدول التي شاركنا في مراقبة انتخاباتها؟، ما هذا الهراء؟!. لوكان الحزب المسمى بالوطني يجرؤ على خوض انتخابات نزيهة لما شكل (على هواه) لجنة (عليا) للانتخابات.. فهذه اللجنة حكومية بامتياز، وليست مستقلة، ولا يمكن أن تكون محايدة. لوكان الحزب المسمى بالوطني يجرؤ على خوض انتخابات نزيهة لما شن غاراته الأخيرة على وسائل الإعلام المستقلة لكي يُعتّم من الآن على جرائم التزوير المتوقعة، والتي تخشى الحكومة من فضحها خارجيا؛ إذ أصبح من اليسير تسجيل كل شيء وإذاعته عالميا في لحظات. هل تعلم الحكومة أن اللصوص فقط هم الذين يرتعدون من رؤية الميزان?!.. ألا تدّعون أنكم أصحاب الأغلبية المطلقة.. فلماذا تخافون الميزان?. لقد نادى منادي الحكومة، في هذه الانتخابات: «للخلف در», وسوف يعود الموتى إلى التصويت, وسوف تعود نسب الحضور المئوية, وسوف تتناسى وسائل الإعلام الحكومية كل ما تشدقت به من قبل عن انتهاء عصور التزوير وعن روعة الإشراف القضائي, وسوف يحصل حزب الحكومة على ما خطط له تاركا بعض الفتات لمن اتفق معهم من المعارضين (الغشاشين)؛ ذرا للرماد في العيون!. والشيء المؤسف أن هذا الحزب المسمى بالوطني استطاع أن يعبث برؤوس بعض الأحزاب التي تخدع الشعب وتدعي أنها معارضة، وأن يعدهم ببعض المقاعد التي قررت الحكومة انتزاعها من الإخوان- بالتزوير- فمشوا في ركابه ورفضوا المقاطعة، وأخذوا يدلسون علينا بأن الحكومة (منحتهم) ضمانات بنزاهة الانتخابات.. ولم يقل لنا أحد منهم ما هي هذه الضمانات (السرية)؟!، الواضح أن هذه الضمانات هي مجرد وعود بعدم التزوير ضدهم، لأن المسرحية الديمقراطية تقتضي أن تكون هناك معارضة شكلية، وهذه المعارضة لابد أن تكون غير فعالة بالطبع، ومعروف أن الحدأة لا يمكن أن تلقي للناس بالكتاكيت.
مكافأة نهاية الخدمة.. حزب (شرعي)
كان الواجب، في ظل هذا الواقع البائس والنية المبيتة للتزوير، أن تكون هناك مقاطعة حقيقية لهذه المسرحية. ولكن المقاطعة الفعالة يعوقها أمر مهم وهو وجوب أن تكون جماعية.. بحيث يظهر للعالم كله أن الحزب المسمى بالوطني يلعب مع نفسه، وينكشف بالتالي تزويره. ولكن الحكومة بالطبع كانت تحسب حساب خطورة المقاطعة فابتكرت مبكرًا فكرة الأحزاب الورقية.. وهي أحزاب يقودها عملاء للحكومة سبق أن دستهم على الأحزاب القائمة للتجسس عليها وتخريبها من الداخل، وعندما ينكشف أمر الواحد منهم ويُطرد من الحزب المدسوس عليه، تمنحه الحكومة مكافأة نهاية الخدمة، وهي عبارة عن حزب (شرعي)، وتعيّنه في مجلس الشورى أو غيره. وهذه الأحزاب ليس بها أعضاء سوى رئيس الحزب وزوجته وأولاده، وهي مجرد مقر وجريدة فقط، ولكنها مدعومة من الحكومة، كوسيلة للاسترزاق لهؤلاء الذين خدموا الحزب الحاكم ويجب ألا يعاملوا معاملة خيل الحكومة التي انتهت خدمتها. وقد أصبح لدى الحكومة أكثر من عشرة أحزاب من هذا الصنف المغشوش، جاهزة للاستخدام في حالات الطوارئ، مثل: ترشيح بعض رؤسائها للرئاسة إظهارا للتعددية، تأييد الحكومة في القضايا المثيرة للجدل التي ترفضها المعارضة فتردد وسائل الإعلام أن عشرة أحزاب (في عين العدو) تؤيد الحكومة، الإعلان أن هذه الأحزاب حصلت على (تأكيدات مقنعة) بنزاهة العملية الانتخابية، والاستخدام الأهم في إحباط فكرة المقاطعة، بمشاركة (عشرة أحزاب!) أمام حزب الحكومة.
ليس هناك أدنى شك أن انتخابات 2010 سوف تشهد عمليات تزوير غير مسبوقة وغير تقليدية (لصالح حزب الحكومة وبعض أحزاب المعارضة)، وأن الخريطة السياسية للمرحلة القادمة موضوعة مبكرا؛ بتدبير حكومة (التجار). والواقع أن أقطاب الحزب إيّاه يتحدثون بثقة غير مبررة عن اكتساح غير مسبوق، وكأنهم (جابوا الديب من ديله)، أو حققوا للشعب المسكين- الذي يعاني المرض والجوع والبطالة والتلوث- ما لم تحققه حكومة أخرى!. ولكنهم رغم هذه "البجاحة" مضطربون ومتخبطون وكأن على رأسهم بطحة، ومرعوبون من إمكانية فضح عمليات التزوير الواسع المرتقبة، لدرجة أنهم فعلوا ما لم يفعله الأولون ولا الآخرون؛ بترشيح الأخوة الأعداء متنافسين في كثير من الدوائر؛ لعل الله تعالى أراد أن يسلط المزورين بعضهم على بعض.. فأغلب مرشحيهم من فئة استخدام السنج والجنازير والمطاوي لإرهاب المعارضين والمنافسين- بمباركة حكومة الحزب، فما الذي يمنع من استخدامها ضد بعضهم البعض؟، ندعوا الله ألا يحرقوا البلاد بهذه التصرفات الغشيمة. وليتهم لا يفعلوا مثلما فعلوا في جامعة عين شمس.. إذا انكشفت جرائم التزوير، أو إذا شعروا بالخطر. سألت أحدهم: لماذا تتكالبون على ترشيح حزب الحكومة وأنتم تعلمون أن الانتساب إليه ينفر الناخبين منكم؟.. قال: ومن قال إن رأي الناخبين يؤخذ في الاعتبار؟!، أنني أحرص على ترشيح الحزب لأضمن وقوف الشرطة معي، فإذا لم يزوروا لصالحي فعلى الأقل لا يزورون ضدي!.
المقاطعة الآن ممكنة.. ومثمرة
والآن ماذا يمكن للقوى السياسية أن تفعل بعد أن تبين لكل ذي عقل أن تزوير 2010 سوف يكون تزويرا غير مسبوق؟.. لا شك أن أغلب القوى السياسية كانت مقتنعة بحتمية المقاطعة، ولكنها ترددت لعدم جدواها مادامت الحكومة جاهزة بالأحزاب الورقية، ومادام البعض يسيل لعابه على جَزَرِ الحزب الحاكم. إن تجاهل فكرة المقاطعة وإغلاق باب الترشيح قد حرق ورقة استخدام الحكومة للأحزاب الورقية، وأصبحت المقاطعة الآن ممكنة ومؤثرة. على القوى السياسية المشاركة أن تجتمع وتضع شروطها للاستمرار في العملية الانتخابية، فإما وجود آليات وقواعد صريحة ومفهومة لمراقبة نزاهة الانتخابات ومنع التزوير وإما المقاطعة. وآليات النزاهة وضماناتها معروفة في العالم كله: لجنة مستقلة محايدة لإدارة الانتخابات- إشراف قضائي- التصويت بالرقم القومي- رقابة مقننة وفعالة- شفافية وحرية إعلامية... الخ، ومن يرفض هذه الآليات يكون كالتاجر الذي يرفض الميزان. ونذكر الذين فرحوا بجَزَر حزب الحكومة أن الحدأة لن تلقي لهم بالكتاكيت، وأنهم سوف يكونون مجرد ديكور مكشوف يحتقره الشعب، وأن أمامهم الفرصة لترسيخ ممارسة سياسية حقيقية تنقذ مصر، ويمكن أن تحملهم يوما إلى مواقع المسئولية لخدمة الشعب.. لا تثقوا في وعود حكومة التجار، فطالما كذبوا علينا.
حكمة: الشرفاء فقط هم الذين لا يخافون من ذلك اليوم الذي يغادرون فيه مقاعد السلطة.

abdallah_helal@hotmail.com
http://abdallahhelal.blogspot.com