أهلاً.. وسهلاً

مرحبا بكم في موقع الأستاذ الدكتور/ عبد الله هلال

مقالات علمية وسياسية - محاضرات في الكيمياء - بحوث علمية - كتب علمية في الكيمياء وتطبيقاتها - استشارات علمية (كيميائية وبيئية)















هل لديك استشارة علمية؟

الأستاذ الدكتور/ عبد الله هلال - استشاري الدراسات الكيميائية والبيئية
للاستشارات العلمية:
ناسوخ (فاكس): 0020222670296 القاهرة
جوال: 0020115811500



الصفحة الرئيسية

الأحد، ٢٠ يونيو ٢٠١٠

* أشواق التغيير .. وأشواكه

أشواق التغيير .. وأشواكه
بقلم د/ عبد الله هلال
الوسط  19 يونية 2010
التغيير سُنَّة من سنن الله تعالى في الأرض .. سُنَّة كونية أساسية لا غنى عنها ولا تصلح دونها الحياة. فالخلايا في أجسام كل الكائنات الحية تتغير باستمرار، والأشجار لا تكف عن تغيير أوراقها، والكون كله يتغير بالاتساع. وعلى المستوى السياسي والإداري .. فالتغيير الواعي المنضبط هو الذي يفتح الباب لتجديد الدماء وزيادة الحيوية واكتشاف المواهب القيادية الشابة والاستفادة من كل طاقة إنسانية مبدعة. لقد صدق المثل الشعبي (كل غربال جديد له شَدّة) ... أي أن وجود كفاءات جديدة كل فترة زمنية معقولة يجدد النشاط ويكسر الرتابة المملة في العمل وينشط الالتزام والاحترام تجاه القيادات بمواقع العمل، كما يقلل من فرص اللصوص والمفسدين. ونقيض التغيير أو المقابل له هو الجمود والشلل.. الذي يؤدي إلى التخلف والانحدار. وفي التاريخ الحديث مثال حي للدول التي استفادت من سنة التغيير وحصدت فوائده ومزاياه (المعسكر الغربي)، وتلك التي انهارت بسبب الجمود والهرب من التغيير (الاتحاد السوفيتي ومعسكره الشرقي).

وليس هناك شك أن من أهم أسباب الجمود السياسي في مصر تكلس أحزاب المعارضة (التي يسمونها شرعية!) وخضوعها للتحجيم وتقليم الأظافر، واستسلامها لهذه السياسة الاستبدادية أمام الحزب الحاكم.. لأن أحدا لا يتطوع بترك الحكم وفتح الباب للتغيير ما لم يُجبر على ذلك. لذا فقد سئم الشعب هذه الأحزاب بعد أن انخدع فيها لردح من الزمن، وبعد أن منحها العديد من الفرص لفعل شيء؛ فلم تفعل، بل لم تحاول.. واكتفى قادتها بقطعة بائسة من الجزرة التي يلقيها الحزب الحاكم لمن يرضى بالخضوع والانحناء، مقابل العصا لمن يتمرد على هذه السياسة. ونظرا لأن التغيير سُنّة- كما أسلفنا .. ونظرا لأن الشعوب أذكى مما يتصور المُنظرون والمخططون؛ كان لابد أن يظهر بديل لهذه الأحزاب الهلامية التي تضر الوطن ولا تنفعه، فظهرت القوى الشبابية الجديدة التي استفادت من ثورة المعلومات وخلقت لنفسها منابر لمخاطبة الرأي العام غير خاضعة للجنة شئون الأحزاب التابعة لحزب الحكومة.. ولم تدخر هذه القوى المستنيرة الواعية جهدا لخدمة الوطن، رغم بعدها الكامل عن السياسة بأحزابها وجزرتها وعصاها. فهم شباب (وشيوخ) أحبوا الوطن ونظروا حولهم فلم يجدوا سوى الجمود والتخلف والإحباط، فضلا عن الفقر والجوع والمرض والبطالة... إلى آخر ما حصده الشعب من سياسة الجمود الفاشلة. فبدأ هؤلاء المبدعون في التحرك الطبيعي الذي عادة ما يفعله أي تجمع بشري طبيعي أو عاقل. ويُحمد لهذه القوى الجديدة أنها تتحرك بوعي وفهم لما يدور حولها في العالم، وبطريقة سلمية بعيدة عن العنف.. على عكس الجيل السابق الذي لجأ إلى العنف فأضر بنفسه ولم يقدم شيئا مفيدا للوطن.

لقد انتشرت (أشواق التغيير) بسرعة شديدة كانتشار النار في الهشيم؛ مما أدى إلى ظهور (أشواك التغيير) على الجانب الآخر.. إذ يصعب بالطبع على المستفيدين من وضع الجمود القائم أن يقبلوا بسنة التغيير التي تهددهم (على الأقل) بالإزاحة من مواقعهم. ولكنهم الآن في وضع محرج أمام تحركات سلمية قانونية يصعب التصدي لها (كالمعتاد) أو افتراسها أمام العالم؛ الذي يراقب كل شيء. ونحن لا نخشى على هذه القوى العاقلة الصاعدة، ولا نخشى بالطبع على الحزب الحاكم.. ولكننا نخشى على الوطن الذي بدأ يتعرض لاستقطاب طائفي وتآمر حتى من بعض أبنائه المغرر بهم. لذا فليس أمام الحزب الحاكم- إن كان فيه من يقلق على مستقبل مصر- ليس أمامه سوى التعامل العاقل مع هذه القوى الجديدة، والاعتراف بأهمية التغيير وحتميته، حتى لا نعرض الوطن لمخاطر نحن في غنى عنها.. والأمثلة المخيفة حولنا كثيرة. ولكن يبدو أن أقطاب هذا الحزب لديهم ثقة كاذبة في النفس، أو أنهم غائبون عن الوعي ولا يدركون أهمية وخطورة ما يدور حولهم.. فقد مارسوا- في وقت عصيب وغير مناسب- عادتهم البغيضة في تزوير انتخابات مجلس الشورى بطريقة فجة ومستفزة وكأنهم يخرجون لسانهم للشعب ويقولون للمواطنين (موتوا بغيظكم) فنحن (فيها أو نفنيها)، وأن التغيير حلم بعيد المنال!. لو كان من بين هؤلاء بعض العقلاء الذين يخشون على مستقبل الوطن لغيروا كثيرا من سلوكياتهم المنفرة للشعب، ولتبرأوا من كل فاسد أو منحرف، ولأمعنوا البحث في كل ما يؤدي إلى المصالحة مع الشعب الصابر الذي يكتم غضبه ولا ندري إلى أي مدى يستطيع الصبر على هذا الهوان. لقد تزايدت وتواترت الانفجارات الاجتماعية الخطرة، التي باتت تحدث بشكل شبه يومي هنا وهناك، وأهل الحكم يكتفون بالتعامل الأمني معها، لدرجة أن أحدهم طالب من تحت قبة المجلس النيابي بإطلاق النار على المحتجين والمتظاهرين وكأنه يعيش في العصر الحجري!، وما زال عضوا بهذا المجلس!.. ألا يدل ذلك على أن هؤلاء القوم يعانون غيبوبة خطرة يمكن أن تعصف بالوطن المفترى عليه؟!.

يبدو أن مصر سوف تظل بلد العجائب.. فمن أعجب ما شهده القرن الأخير ظاهرة الجمود السياسي والحكومات المعمًّرة!. قد يكون هناك مبرر للبقاء «الدائم» في الحكم إن كان ذلك برغبة الشعب وكانت الحكومة ناجحة وتقدم كل يوم جديدا.. أما أن يطول البقاء في السلطة لحكومة خائبة وفاشلة وليس لديها خطة مستقبلية لعلاج هذا الفشل, فذلك ما يدعو إلى السخرية والعجب. فمثلا؛ تنفرد مصر - على عكس الدنيا كلها- بتخلف القطاع الحكومي عن القطاع الخاص, مع أن الحكومة هي التي تملك ميزانية الدولة وهي التي تخطط وتنفذ ما تشاء من الأعمال وتستطيع أن تستحوذ على أفضل العقول وأعلى الكفاءات. وفي أي دولة صغرت أم كبرت تجد التنافس بين الناس للالتحاق بالمستشفى الحكومي أو الجامعة الحكومية أو المدارس الرسمية؛ سعيًا للحصول على أعلى المرتبات وأفضل المزايا العلاجية والتأمينية.. أما في مصر العجيبة فالناس يفرون من الحكومة فرار السليم من الأجرب, فالمنشأة الحكومية هي الأقذر وخدماتها هي الأسوأ والشئ الغريب أن العاملين الفاشلين في الصباح (بالمرافق الحكومية) هم أنفسهم الناجحون في المساء (بالقطاع الخاص).

فهل يرجع ذلك إلي خلل مزمن وتخلف في الإدارات الحكومية أم إلى تداخل مريب بين القطاعين?.. وإذا كانت الأولى فلماذا تعمر حكومة متخلفة, وإذا كانت الثانية فمن المستفيد ومن الذي يقف خلف تخريب القطاع الحكومي لصالح الأعمال الخاصة، ومن الذي سمح بانتشار الرشا في كل شبر من أرض المحروسة؟!. خذ مثلا قطاع التعليم, تجد كتابا حكوميا يعلم الجميع أنه يلقى بالقمامة.. وبالمقابل هناك كتب خاصة هي الرائجة وتحقق المليارات لأصحابها, وإذا فتشنا عن أصحاب هذه الكتب فسوف نكتشف بسهولة السر في سوء حالة الكتب الحكومية, وقس على ذلك مملكة الدروس الخصوصية والجامعات والمدارس الخاصة وغير ذلك الكثير. لذلك فليس متوقعا, في ظل هذه الفلسفة الحكومية, أن تفلح الحكومة في صنع أي شيء مفيد.. فقد تخلفنا في جميع الميادين ولم ننجح في تطوير صناعة أو التفوق في إنتاج سلعة وتصديرها أو حتى الحفاظ على تفوقنا التاريخي في الزراعة, فصرنا كمن يمشي للخلف, لأن كل فرد يعمل لصالحه هو وليس لصالح الوطن. وقد استسلمت الحكومات المتعاقبة لهذا الفشل والشعور بالعجز ولم نجد حكومة واحدة تحاول أن تضع خطة لحل أي مشكلة مزمنة مثل الأمية أو انتشار مرض الالتهاب الكبدي أو البطالة أو حتى النظافة، رغم الطنين الإعلامي وإدعاءات تحقيق ما يسمونه المشروعات الكبرى.. ولا ندري لماذا لا يخجلون مثلا من هذه القذارة التي تملأ شوارعنا أو الحفر والمطبات التي لايخلو منها شارع أو الحوادث المرورية التي تحصد آلاف الأرواح دون أن يقلق أحد أو يأمر بدراسة تلك الظاهرة، لماذا لا يخجلون من الفشل في حل مشكلة الاشتباك المروري اليومي?. ولماذا يلقون باللوم على المواطن الذي لم يجد نظاما ليتبعه?، لو أنهم قالوا هذه خطتنا لإنهاء الأمية أو البطالة مثلا ولو بعد مئة سنة لالتمسنا لهم العذر, ولكنهم لا يملون من النظر تحت أقدامهم, والتغني بالإنجازات الوهمية!. وأخطر ما في الأمر أن هناك جهات عديدة- داخلية وخارجية- بدأت تستغل ضعف الحكومة وحالة الغيبوبة التي تلازمها في إهانة الدولة والتضييق عليها ونهب مكاسب وامتيازات دون وجه حق. ألا يدرك أولي الأمر أن مصر صارت (دولا) مفككة، متناحرة، للأسف؟.. مالكم؛ كيف تحكمون؟!.

أليس من حق الشعب- في ظل هذا الحال المائل- أن يحلم بالتغيير؟، وإذا كان الأمر كذلك فهل يظل حزب الحكومة في غيبوبته؛ راكبا رأسه؟.. ألا يحاول حتى أن يصالح الشعب ويبادر هو بالتغيير، وينقذ الوطن من كوارث لا داعي لها؟..... أم إنها الغيبوبة كما أسلفنا؟!.
يا أهل الحكم.. إني لكم ناصح أمين؛ أفيقوا فالدنيا تغيرت، وطريقتكم في إدارة الدولة لم تعد تصلح لهذا الزمان.. إن لم يظهر من بينكم (أو من غيركم) رجل رشيد ينقذكم من أنفسكم وينقذ الوطن فسوف تضيعون أنفسكم، والأخطر أنكم سوف تضيعون الوطن.

abdallah_helal@hotmail.com

http://abdallahhelal.blogspot.com/

السبت، ١٢ يونيو ٢٠١٠

* حصار غزة بين طفولية العرب.. ورجولة تركيا

حصار غزة بين طفولية العرب.. ورجولة تركيا

بقلم د/عبد الله هلال
الـــوسط بتاريخ 12- 6- 2010
المصريون بتاريخ 13- 6- 2010
بعد أن نجح العدو الصهيوني- بوسائله المخابراتية- في إخضاع حكام العرب وإجبارهم على التطبيع معه، وتسخيرهم للقيام بما عجز عنه من تضييق على المقاومة وحصار للفلسطينيين، ومنع الشعوب العربية من التفاعل مع قضيتهم الأولى، وبعد أن سخّر السلطة الفلسطينية نفسها لخدمة كل أغراضه وتنفيذ كل خططه.. ظن الكيان الصهيوني أن الدنيا قد دانت له، وأن الوطن المسروق صار ملكا خالصا له، وأنه يستطيع أن يواصل سرقة ما كان يخشى سرقته من قبل مثل المسجد الأقصى وعموم مدينة القدس. جاء عتاة المتطرفين بقيادة (النتن- ياهوه) إلى حكم الكيان الغاصب وهم واثقون من قدرتهم الآن على فعل ما يشتهون؛ متأكدين من عجز العرب عن مجرد رفع الصوت بالتأوه، وأخذوا يعتدون على المسجد الأقصى، ويضمون المقدسات الإسلامية إلى تراثهم المصطنع، ويصادرون أملاك المقدسيين، ويجهرون بيهودية الدولة الصهيونية، ويواصلون حصار غزة والعدوان على أهلها.. الخ؛ واثقين من عدم وجود من يقول لهم (قف، أنت لص). وظن كثير من الناس وضعيفو الإيمان أن هذا هو عصر اليهود، وأنه ليس هناك أمل في الزمن المنظور في وجود من يسبح ضد التيار.. فقد أخضع العدو كل من سماهم المعتدلين، وضيق على كل الرافضين للاستسلام؛ ورضي الجميع بالواقع واستسلم له وكأننا أمة ميتة، لا يجوز عليها سوى الدفن!. وكان من أغرب ما نجح فيه العدو (مبكرا)، وأثبت الخضوع العربي الرسمي له؛ موقف العرب من الثورة الإيرانية. فقد استشعر العدو خطورة وجود قوة مستقلة ترفض الاحتلال الصهيوني للمقدسات الإسلامية، وأدرك أن إيران قوة إسلامية يمكن أن تضاف إلى جوارها العربي فأسرع بالإيقاع بين العرب والإيرانيين، ونجح الحلف الصهيوني الأمريكي في بث الفرقة بين الجانبين من أول يوم لانطلاق الثورة الإيرانية، والعرب يستجيبون كالبلهاء، بل ويشاركون (في اتحاد عربي نادر الحدوث) في حرب دموية لثمان سنوات أكلت الأخضر واليابس!.. وليستمر الجفاء والقلق التربص حتى الآن. فلماذا إذاً لا يختال قادة العدو ويفرحوا بما حققوه، ظانين أن أصحاب الحق قد ماتوا وشبعوا موتا؟. لماذا لا يهاجمون قافلة الحرية وغيرها في المياه الدولية؟، ولماذا لا يقتلون المدنيين العزل؟.. ألم يرتكبوا مئات المذابح دون أن يحاسبهم أحد؟!. ولكن الله تعالى يمهل ولا يهمل، وهو سبحانه الذي وعد المؤمنين بالنصر.. ووعدنا في سورة الإسراء باسترداد المسجد الأقصى، ولا يخلف الله سبحانه وتعالى الميعاد.
لقد جاء المدد من الله تعالى على يدي أحفاد أتاتورك الذي جعل من تركيا دولة صديقة للحلف الصهيوني الأمريكي وعدوة لكل ما يمت للإسلام بصلة، خصوصا العرب... ولا يعلم جنود ربك إلا هو. ومعروف أن تركيا تختلف تماما عن الدول العربية الحالية، فهي على الأقل دولة مستقلة، لشعبها القدرة على تغيير حكامه إن فرطوا في استقلال الدولة أو كرامتها.. كما أنها دولة مؤسسات متقدمة، وبالتالي فكلمتها مسموعة، ويستمد حكامها قوتهم وشجاعتهم من الجماهير التي أوصلتهم إلى الحكم. وهناك بالطبع فرق كبير بين حاكم يستمد قوته من شعبه، وآخر يتوجس من شعبه ويعمل على إخضاعه وإرهابه. ولقد أسهم غباء قادة الكيان الصهيوني بهجومهم الدامي على المدنيين العزل بقافلة الحرية في المياه الدولية، أسهم في تشجيع تركيا على الانخراط عمليا وعلانية في الصراع الذي هرب منه العرب أصحاب القضية!. وليتنا نتعلم من درس إيران ولا نترك تركيا وحدها تحارب لنا وتتبنى قضايانا نيابة عنا.. فهذا أمر غير معقول ويصعب حدوثه. المفروض أن العرب الآن قد وجدوا لهم سندا قويا- منهم- يؤمن بقضيتهم ولديه القدرة على الفعل الذي يعجز عنه العرب الذين أدمنوا- في الماضي- رد الفعل، وصاروا الآن موتى بلا رد فعل. لقد عادت تركيا إلى أصلها وحضنها الإسلامي، وتعلقت الجماهير العربية بالزعيم التركي رجب طيب أردوجان وأخذت ترفع صوره وعلم بلاده تعبيرا عن الفراغ السياسي الكبير الذي تعاني منه الدول العربية كافة.. وأخشى ما نخشاه أن يظن العرب أن تركيا سوف تقوم باللازم نيابة عنهم ويتركوها بمفردها في مواجهة شياطين الأرض، بل يمكن أن يصل الأمر إلى التحالف مع الحلف الصهيوني الأمريكي ضد تركيا، فالعرب ينفذون التعليمات دون تفكير؛ ألم يتحالفوا مع أعدائهم ضد المقاومة الوطنية الشرعية من أبناء جلدتهم؟!. ولا أظن أننا نبالغ في التشاؤم بالتحذير من التحالف ضد تركيا، فقد بدأ بعض (الكتبة) من اللوبي الصهيوني بالصحف المسماة بالقومية.. بدأوا في عمليات (الردح) دون حياء ضد تركيا وقائدها أردوجان. لقد هيأ الله تعالى للعرب الفرصة تلو الأخرى لتحجيم العدو والانتصار لقضيتهم.. ولكنهم بارعون في تضييع الفرص. ينبغي على العرب الالتحاق فورا بتركيا وقطع العلاقات ووقف التطبيع مع العدو.. على الأقل مثل دول أمريكا اللاتينية التي بادرت بقطع العلاقات مع الكيان الصهيوني؛ ولكننا للأسف لا نتوقع أي فعل إيجابي من جانب الأنظمة العربية. ويكفي ما فعله الأردن من معاونة ساذجة للكيان الصهيوني في أزمة الهجوم على قافلة الحرية واعتقال أعضائها.. لو رفض الأردن ترحيل المعتقلين من أراضيه لوضع العدو في مأزق شديد الصعوبة، لأن المعتقلين ينتمون إلى دول ليست لها علاقات بالعدو، فكيف سيتخلص منهم والمفروض أن يعودوا إلى سفنهم المصادرة؟. ولكننا عرب سذج؛ لم نحتج أو نهدد لاعتقال رعايانا في المياه الدولية، ولم نحرك ساكنا لمصادرة المساعدات الإنسانية، بل وننفذ التعليمات بترحيل الناشطين من أراضينا معاونة للعدو في ورطته!.. ونحتفل بكل بلاهة بوصول المختطفين من القافلة الإنسانية إلى الأردن وكأننا حررناهم، أي نوع من البشر نحن؟!. هل هذه بلاهة أم سذاجة أم عمالة أم طفولية وقلة خبرة؟.. هذا شيء غير معقول يا عرب، يا من كنتم خير أمة أخرجت للناس!.
من الطبيعي أن يكون السؤال الذي يحير كل من يتابع القضية الفلسطينية والسياسات العربية هو عن الحال المائل للدول العربية باستسلامها وخيبتها وضعفها وطفوليتها وسذاجتها.. رغم امتلاكها لكل ما يمكنها من فرض نفسها كقوة منافسة للقوى العظمى. فالعرب في العصر الحالي صاروا في ذيل الأمم، لا أحد يحسب لهم حسابا، أو يخشى لهم غضبة.. وكلما ثبت لهم حق فرّطوا فيه، وأصبحوا كالحائط المنخفض القابل للامتطاء!. وبمقارنة بسيطة بين أمة العرب والأمم القريبة منها نجد انحدارا غير مسبوق وشللا في جميع المجالات.. فتركيا- المتقدمة- كما نرى؛ رفعت رأسها ورأسنا معها بمواقف قوية لا تقدر عليها سوى القوى العظمى، وباكستان استطاعت أن تبني قوتها النووية وأن تنضم بجدارة لدول النادي النووي بالإضافة إلى قدرتها على صنع الصواريخ وغيرها من الأسلحة الحديثة، وإيران تناطح العالم كله دفاعا عن استقلالها وحقها في امتلاك التقنية النووية واستطاعت أن ترهب الحلف الصهيوني الأمريكي ببناء قوتها الذاتية معتمدة على نفسها، وماليزيا صارت دولة صناعية متقدمة، ناهيك عن الهند والصين والكيان الصهيوني.. والعرب- الأغنى والأكثر انتشارا- في النفط نائمون. ماذا فعل العرب غير استيراد الأسلحة الفاسدة؟، ولماذا أصبنا بالشلل هكذا؟!. هل الجنس العربي مختلف عن الجنس التركي أو الإيراني أو الماليزي.. الخ؟. لا يستطيع أحد أن يقول ذلك، لأن الجنس العربي نفسه استطاع بالإسلام أن يتحول من قبائل بدوية متفرقة من الحفاة والعراة إلى سادة للعالم في أقل من قرن من الزمان. هل هو الاستبداد وأنظمة الحكم العشائرية المتخلفة؟.. وإذا كان الأمر كذلك فأين الشعوب العربية؛ لماذا تقبل الشعوب بهذا الهوان وتصبر على حكامها صبر أيوب؟، ألا تشعر الشعوب العربية بما يدور حولها في أنحاء العالم من ثورات ضد الطغاة والمستبدين؟!!. هذا أمر جدير بالبحث والدراسة.
abdallah_helal@hotmail.com
http://abdallahhelal.blogspot.com
/

الأحد، ٦ يونيو ٢٠١٠

* منع العري .. في مقابل منع النقاب

منع العرى .. في مقابل منع النقاب
بقلم د/ عبد الله هلال
الوسط 4-6-2010
لو افترضنا جدلا أن دولة عربية أصدرت قانونا بمنع العرى للنساء وألزمت كل السائحات والعاملات في هذه الدولة
بالاحتشام أو مواجهة العقوبة القانونية.. هل كان الغرب (وغيره) يقبل بهذا الأمر أو يسكت عليه؛ مع أن الاحتشام واجب في كل الشرائع السماوية؟. لا شك أن أحدا لم يكن ليسكت عن هذا الأمر الطبيعي والعادي؛ بحجة الحرية وحقوق الإنسان؛ التي تستخدم لتحقيق أغراضهم فقط. هذا هو الواقع في بلادنا المغلوبة على أمرها، أما في المجتمعات التي تميزت بالحرية الكاملة للإنسان في ارتداء ما يحب من ملابس.. فكيف برزت قضية منع النقاب بطريقة غريبة دون أية مبررات؟. وقضية النقاب في حد ذاتها لا تمثل لنا مشكلة كمسلمين، لأن النقاب- على حد علمي، وأرجو ألا أكون مخطئا- سنة حسنة لمن تحب أن تأخذ بها وليست فرضا تؤثم من تتركه. ولكن المشكلة التي يصنعها الغرب المتعصب بلا داع لا تمت بصِلة إلى ما يدّعونه من ضرورة كشف الوجه لمنع تخفي البعض وراء النقاب.. فبعض دولهم منعت الحجاب أيضا وهو زي جميل متحضر جذاب ولا يخفي الوجه، ولا يضر أحدا؛ ولكنه التعصب الأعمى والرغبة في مقاومة أي مظهر إسلامي (زي يميز المسلمات دون غيرهن، مئذنة، سجدة الشكر في ملاعب الكرة.. الخ)، حتى وإن كان فرضا دينيا مثل الحجاب. فالحجاب زي جميل وعملي ولم يشْكُ أحد من وجوده أو انتشاره في كل المجتمعات، والمآذن تعتبر من أجمل المنشآت المعمارية والمعالم السياحية.. والمجتمعات الغربية تتميز بحرية الناس في ارتداء ما يحبون من ملابس؛ حتى وإن كانت شاذة، فلماذا اندفعت الدول الغربية الواحدة تلو الأخرى لمقاومة كل ما يمت إلى الإسلام بصِلة على الرغم من عدم وجود مشكلة أو شكوى من هذه المظاهر؟!.

إن كل الأحداث والظواهر تدل على أن أهداف الحملة الصليبية الأولى لا زالت قائمة، مع تغيير بسيط في الوسائل.. وقد اجتمع الغرب كله من خلال حلفه (الناتو) وعملاء آخرين، ومن خلال الكيان الصهيوني الغاصب لأرضنا في فلسطين، اجتمعوا على غزو العديد من بلاد المسلمين.. واستخدموا أقوى وأحدث الأسلحة في مواجهة شعوب مغلوبة على أمرها لا تملك من السلاح حتى ما تدافع به عن نفسها.. ورغم ذلك لم تحقق الجيوش القوية الحديثة المدججة بالأسلحة أي انتصار، واضطرت للانسحاب الذليل بعد زيادة قتلاها (الصومال، جنوب لبنان، غزة، العراق... الخ). لقد جن جنون الغرب من هذه العقيدة التي تحبب الإنسان في الموت، وأيقنوا أن أسلحتهم وجيوشهم لا تساوي شيئا أما عقيدة الجهاد والاستشهاد. لذا فقد أصيبوا بعقدة غريبة من المسلمين، خصوصا مع تنامي ظاهرة اعتناق الإسلام داخل دولهم نفسها، وقرروا مقاومة المد الإسلامي بطريقتهم التي ينقصها الذكاء وتغلب عليها الهرجلة.. فظهر ما يسمى (الفرقان) لخداع العامة والبسطاء بأنه القرآن الكريم، ثم بدأوا يمنعون الحجاب والنقاب والمآذن، ولم يدرك هؤلاء السذج أنهم يلفتون نظر شعوبهم إلى تميز هذا الدين، فيتنادون للتعرف عليه، ومعلوم أن من يعرف حقيقة الإسلام يعتنقه على الفور، وهذا ما حدث ويحدث (ويمكرون ويمكر الله، والله خير الماكرين).

لو كان هناك في النظام العربي أو الإسلامي الرسمي قليل من الرجولة أو العافية لردوا عليهم بتشريع مماثل لمنع العرى النسائي، لأنه إذا كان النقاب تطرفا فالعرى أيضا تطرف. ولكن كما نعلم فالأنظمة الرسمية صارت خُشبا مسندة، ولم تعد تشعر بما يدور حولها.. ويكفي انعدام رد فعلها على المذبحة الصهيونية لناشطي أسطول الحرية المتوجه لغزة؛ بالمياه الدولية!. لذا فلم يعد مجديا توجيه الخطاب لهذه الأنظمة وليس أمامنا سوى الشعوب المغلوبة على أمرها والمثقفين وأهل الرأي والخبرة. ينبغي أن نعيد التفكير فيما يحدث حولنا وما يدبره الغرب بقيادة أمريكا. فالدولة الأمريكية.. بمؤسساتها المعادية للحضارة الإسلامية، لم تيأس من هزائمها المتكررة أمام المقاومة المجاهدة بالدول الإسلامية، وأيقنت أن أسلوب الغزو والاحتلال لن يحقق أغراضها، وأن تفوقها المادي وامتلاكها لأحدث وأقوى الأسلحة الحربية وسيطرتها المطلقة على الأنظمة المستبدة لن يجدي نفعا أمام عقيدة الجهاد والاستشهاد التي مرغت أنف العسكرية الأمريكية بالوحل. ولكن هذه الدولة لم تستطع أن تتخلى عن أهدافها في إبعاد البديل الحضاري الإسلامي عن طريق الحضارة الغربية التي بدت نذر أفولها، وفي استكمال الحرب الصليبية.. ولكن بأسلوب مختلف. وقد رأى المخططون وصناع القرار أن هذا الأمر يحتاج إلى شخصية جديدة تبدو مختلفة عن جورج بوش وأمثاله من المحافظين الجدد، فوقع الاختيار على باراك حسين أوباما.. على اعتبار أن أصوله الإسلامية وبشرته السوداء يمكن أن تخدع الشعوب الإسلامية فتخفف من عدائها المطلق لأمريكا وتتخلى بالتالي عن أسلوب المقاومة.

ولا ريب أن الرئيس الأمريكي الجديد شخصية مختلفة، تمتلك الكثير من المواهب التي تجعلها مقبولة بعض الشيء لدى الآخرين، وأن الشعب الأمريكي اختاره بمحض إرادته (بعد ترشيح المؤسسات إياها له).. ولكن من قال أن الرئيس الأمريكي يستطيع بمفرده أن يغير من سياسات هذه الدولة الباغية؟، إن رئيس أمريكا مجرد ترس صغير في آلة ضخمة تسيطر عليها قوى عديدة ظاهرة وخفية، ولا يمكن لأي رئيس مهما علا شأنه أن ينفرد بصنع سياسات جديدة مخالفة لاتجاه حركة هذه الآلة المندفعة. والشيء المحزن أن خطاب أوباما الموجه للشعوب الإسلامية من جامعة القاهرة، والتصفيق الحاد الذي قوبل به كلما نطق بآية قرآنية أو أظهر احتراما (نستحقه) لتاريخنا الإسلامي وديننا الحنيف.. قد برهن على أن الكثيرين منا قد بلعوا الطعم ولم يتبينوا حقيقة الأمر، وصدقوا أن أمريكا جادة في فتح صفحة جديدة معنا، رغم تأكيده على متانة الارتباط بالكيان الصهيوني، ومطالبته أصحاب الحق المغتصبة ديارهم بالتخلي عن مقاومة المحتل، وعدم مطالبته للمحتل الغاصب بالتخلي عن العنف والقتل.. ويكفي موقفه من البلطجة الصهيونية على (أسطول الحرية) حيث عرقل سعي تركيا لمجرد إصدار بيان إدانة للكيان الصهيوني من مجلس الأمن.

وعلى الرغم من تاريخ أمريكا الأسود معنا.. فلسنا ضد الشعب الأمريكي. لقد جعل الله تعالى أمريكا متسعا يهاجر إليها المستضعفون في الأرض، وجعلها مستودع العقول البشرية من كل الأمم لتتقدم بهم الإنسانية كلها.. وليس مستغربا أن تكون دولة بهذه المواصفات والإمكانات امبراطورية عظمى؛ ولكن هناك فرق كبير بين امبراطورية الخير التي تفيد وتستفيد، وامبراطورية الشر التي تفسد ولا تصلح. لقد تصالحت أمريكا مع نفسها، واعتذرت عن الفساد والظلم الذي وقع منها على أرضها بانتخاب أوباما.. وبقي أن تتصالح مع العالم كله وتعتذر عن جرائمها الكثيرة التي وقعت وتقع خارج أراضيها. لذا فإننا لم نتعجل في تصديق أوباما (كشخص) أو تكذيبه.. لنرى أولا مدى تطابق الأفعال مع الأقوال، وكنا نتمنى أن يكون صادقا، ولكن موضوع أسطول الحرية كشفه على حقيقته. فلا يختلف اثنان على أن موقف الإدارة الأمريكية من القضية الفلسطينية عار بكل المقاييس, إذ لا يعقل أبدا أن يحرم شعب من مقاومة الاحتلال وتحرير أرضه المغتصبة.. ولا يعقل أن يترك الخنزير الطائش نتنياهو وأمثاله يطيح في شعب أعزل قتلا وتدميرا وحرقا والعالم يجلس متفرجًا.

والحقيقة أن الحكومات العربية هي السبب في هذا الموقف المخزي.. فكلما تزايد الانحياز الأمريكي للعدو, زاد «العشق» بين هذه الحكومات وجلادها الأمريكي, مدعين أنه الشريك المحايد وراعي عملية «السلام»!. ولا ندري ماذا ينتظر العرب من هذا «الشريك المخالف» بعد أن أعلنها صراحة بأنه مع الصهاينة علي طول الخط وأنه ضدهم بكل إمكاناته?. هل العرب لا يملكون وسيلة للضغط علي أمريكا?.. إننا لن نطالبهم بموقف ثوري مثل موقف إيران, فهم لا يجرؤون علي ذلك, بل لا يجرؤون علي مجرد قول كلمة حق لصالحها.. ولكن لماذا لا يفعلون مثل تركيا عندما حاول «الصديق» الأمريكي, وفي اطار الحملة الصليبية ذاتها, ادانة الدولة العثمانية بارتكاب حرب ابادة ضد الأرمن.. فهددت تركيا باتخاذ إجراءات عقابية اقتصادية (أي مقاطعة مثل التي فشلنا فيها), لتتراجع أمريكا صاغرة لأنها لا تحتمل أية مقاطعة اقتصادية. هل الفرق بيننا وبين تركيا هو الفرق بين شجاعة الحكومات هنا وهناك؟.. أم أنها إرادة الشعب التركي «الحر» التي يجب أن تُحترم؟.. ألم نقل مائة مرة إن العرب لن يرفعوا رؤوسهم ويفرضوا قضيتهم إلا بعد وقوع الطلاق (أو المخالعة!) بينهم وبين أمريكا؟!!.