أهلاً.. وسهلاً

مرحبا بكم في موقع الأستاذ الدكتور/ عبد الله هلال

مقالات علمية وسياسية - محاضرات في الكيمياء - بحوث علمية - كتب علمية في الكيمياء وتطبيقاتها - استشارات علمية (كيميائية وبيئية)















هل لديك استشارة علمية؟

الأستاذ الدكتور/ عبد الله هلال - استشاري الدراسات الكيميائية والبيئية
للاستشارات العلمية:
ناسوخ (فاكس): 0020222670296 القاهرة
جوال: 0020115811500



الصفحة الرئيسية

الجمعة، ١٨ فبراير ٢٠١١

* خطاب مفتوح إلى المشير طنطاوي

خطاب مفتوح إلى المشير طنطاوي

بقلم د. عبد الله هلال
المصريون 18/2/2011 ، الوسط 17/2/2011
لا يختلف اثنان على أن قواتنا المسلحة بكل أفرادها تتميز بالاستقامة والوطنية والتفاني في خدمة الوطن وحمايته، وقد أثبتت بُعدها الكامل عن فساد النظام المخلوع بانحيازها إلى ثورة 25 يناير المجيدة. أما المشير طنطاوي فقد عرفناه منذ عشرين عاما رجلا يعمل في صمت ولا يهتم بالظهور الإعلامي. لذا فالشعب مطمئن إلى أن ثورته العظيمة لن تموت، وأن جيشه سوف يظل يحتضن الثورة لأنه يدرك أنها ليست مجرد انتفاضة ضد نظام فاسد، ولكنها ثورة كاملة على كل أوضاعنا البالية. ومعروف أن الشعوب تولَد من جديد في أعقاب الثورات.. فالثورة تغسل الناس وتزيل عنهم الصدأ فيظهر معدنهم الأصلي، ويتسابقون في حب الوطن والعمل على تنميته ورفع شأنه بين الأمم. والثورات تعالج الشعوب من حالة اليأس وتزيل العاهات والأورام التي تراكمت خلال عصور الطغيان والانحدار. وأهم ما في ثورتنا أن الطاقة الثورية ودرجة الشحن المعنوي المصاحب لها عالية جدا لأن الشباب بروحهم الوثابة كانوا هم وقودها والقوة الدافعة لها.. وأخشى ما نخشاه ألا ننجح في سرعة استثمار هذه الطاقة الثورية الهائلة وحالة الفرح غير المسبوق لشعبنا الصابر، لتعويض ما فاتنا والانتقال بمصر إلى مكانتها الحضارية التي تستحقها، فلقد جاء دورنا في قيادة العالم؛ بلا أية مبالغة. وإذا انتبهنا إلى ردود الأفعال بالعالم- المبهور بثورتنا، التي أضاءت الطريق وفتحت باب الأمل لكل الشعوب المقهورة، فسوف ندرك أهمية الكنز الثمين الذي أصبح بين أيدينا. فمما قاله زعماء العالم المتحضر عن الثورة المصرية: (يـجب أن نربي أبـناءنا ليصبحوا كشباب مصر- لا جديد في مصر، فقد صنع المصريون التاريخ كالعادة- اليوم كلنا مصريون- شعب مصر أعظم شعوب الأرض و يستحق جائزة نوبل للسلام- لأول مرة نرى شعبا يقوم بثورة ثم ينظف الشوارع بعدها- يجب أن نُدَرّس الثورة المصرية في المدارس- شعب مصر قدم درسا عبقريا في النضج السياسي والديمقراطي، .....).

ولكي ندرك حجم المسئولية التي وضعتها الثورة على أكتافنا، لابد أن نقرأ تاريخ الثورات العالمية السابقة لنكتشف بلا أية مبالغة أن ثورتنا هي الأعظم وأنها هي الأولى في العالم الحديث والقديم. وكما حدث في كل الثورات فمن المتوقع أن مصرنا الجديدة التي تولد الآن مع الثورة سوف تكون مختلفة تماما عن مصرنا الحالية التي استطاع الطغاة مسخها ومنعها من اللحاق بالعالم المتقدم.. وكما كانت حضارتنا القديمة هي الأولى والأقوى والأعظم، فإن حضارتنا المرتقبة سوف تكون كذلك وسوف تغير وجه العالم بإذن الله. ولكن لكي يحدث ذلك، ولكي نجني ثمار الثورة.. فلا يجوز أن نطلب من الثوار أن يعودوا إلى بيوتهم ويتركوا الأمر لمن يتولى زمام الأمور، حتى وإن كانوا أكثر ثورية من الثوار. فالثورة كوسيلة للتغيير إلى الأفضل تختلف كثيرا عن وسائل التغيير الأخرى مثل الانقلابات والانتخابات الحرة، فالانقلابات لا يشارك فيها الشعب عادة، حتى وإن رحب بها.. ولا يرافقها الحماس والوعي الثوري الذي تكتسبه الشعوب من الثورات، والانتخابات الحرة تكون رغم أهميتها وسيلة رتيبة ينطفئ حماسها سريعا لوجود الفائز والخاسر. ولذلك يصعب تغيير العادات السيئة مثل انتشار الرشا والسلبية وتدني الإنتاج والتهرب من الضرائب إلا في حالة الثورات. وها نحن نشهد الآن انتشار الدعوات بين المصريين للعودة إلى الأخلاق الحميدة بالامتناع عن دفع الرشا والحفاظ على النظافة، ...الخ. والمقصود بعدم ذهاب الثوار إلى بيوتهم أن يكون أولي الأمر من الفطنة بحيث يتم توظيف هذه الطاقة الثورية للبدء في تأسيس دولة جديدة في كل شيء.. فالشعب المصري الآن على استعداد لبذل الجهد والمبادرة بفعل الخير لوجه الله والوطن. ولقد بدأ الناس من تلقاء أنفسهم، ولكن أليس من الأفضل تنظيم هذا الأمر مركزيا بحيث نحصل على أقصى ما نستطيع من فوائد؟.

لذا نتوجه إلى السيد المشير طنطاوي بالرجاء لسرعة استغلال الطاقة الثورية وسرعة الاستفادة من حالة النقاء والوعي الثوري للبدء في تغيير الواقع المتردي.. فالانتظار إلى ما بعد الفترة الانتقالية سوف يؤدي إلى تبديد هذه الطاقة. نستطيع الآن أن نجند الشباب لتنظيف وتنظيم وتشجير المدن والقرى، ولنشر الثقافة والوعي ومحو الأمية، والمساهمة في رفع مستوى التعليم أهليا للخلاص من آفة الدروس الخصوصية، وإجراء مسح طبي لحصر الأمراض التي تفتك بالشعب ووضع خطة للتخلص منها.. وغير ذلك الكثير مما نحتاج إليه بسرعة لبدء عملية النهضة. والشعب المصري شعب كريم وسوف يسهم بجهوده الذاتية التي اعتدناها منه في تغيير الحال إلى الأفضل. والحقيقة أن هناك حالة من البطء الشديد في التصرف في الأمور، وربما يرى البعض أن هذا هو الفرق بين استعجال الشباب الثائر وحكمة الشيوخ وانضباط الجيش.. ولكن ينبغي أن ندرك أن الثورة عبارة عن عجلة سريعة الدوران، ينبغي الاستفادة من الطاقة المتولدة عنها بدلا من محاولة تبطيئها، فهذا شيء خطر. لابد من تحقيق أهداف الثورة التي قدمت الشهداء وشهد لها العالم، بالسرعة الكافية وبالشمول أيضا. لا يجوز أن نتباطأ في مسح كل ما يذكرنا بالماضي المؤلم الذي أدى إلى الثورة، ولا يجوز أن يبقى أحد من رموز النظام البائد لأن معنى ذلك أن هذه ليست ثورة، فالثورات عادة تؤدي إلى التغيير الجذري بدءا من الصفر. ولا يقتصر الأمر على ضرورة تغيير الوزراء والمسئولين الكبار، ولكن هناك جيش من المسئولين عديمي الكفاءة الذين وصلوا إلى مواقعهم بوسائل التسلق والرشا والمحسوبية وسياسة تفضيل أهل الثقة على أهل الخبرة، فهؤلاء عالة على الوطن وعقبة في طريق التنمية. والمسألة ليست تصفية حسابات.. ولكن بقاء هؤلاء سوف يعطل ويعرقل عملية التغيير الثوري، ولا شك أن من حق الثوار بتميزهم وطاقتهم الثورية أن يتسلموا قيادة هذه المواقع التي تنتشر في طول البلاد وعرضها، بناء على نظام دقيق للاختيار.

أقترح على المجلس الأعلى للقوات المسلحة، إن كان يرى ترحيل عمليات التغيير المرتقبة إلى الحكومة المنتخبة، ونرجو ألا يكون الأمر كذلك، ألا يضيع فرصة الاستفادة من الطاقة الثورية قبل أن تخبو.. ولو بتعيين وزير لشباب الثورة بالحكومة المؤقتة للبدء فورا في تجنيد الشباب وإقامة المعسكرات لإصلاح شئون البلاد، فهناك الكثير جدا من الإصلاحات التي حان وقتها وتعجز الهيئات الحكومية عن إنجازها بالسرعة المطلوبة.

الخميس، ١٧ فبراير ٢٠١١

* أخلاق الثورة: هيا نتصالح مع مصر

أخلاق الثورة: هيا نتصالح مع مصر
بقلم د. عبد الله هلال
المصريون 14/2/2011 ، الوسط 13/2/2010

نسجد لله تعالى حمدًا وشكرًا على نعمته وفضله ونصره، ونهنئ شعب مصر وكل الشعوب المحبة له بانتصار ثورة الصابرين المحتسبين. هذا حدث تاريخي غير مسبوق.. وهذه هي مصر الحقيقية التي أعادها ثوارها إلينا بعد طول غياب. لقد سدد الشعب المصري الكريم فاتورة الحرية ومهرها الغالي من دماء شهدائه، فصدق فيه قول الحق تبارك وتعالى (وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ)- الحج 40، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ)- محمد 7.. وأشرقت شمس الحرية على أرض الكنانة.

لقد برهن التاريخ على أن حصاد وثمرات الثورات الشعبية الناجحة لا يقتصر على الجانب السياسي ومجرد تغيير نظم الحكم.. ولكنها تكون ثورات شاملة تشمل كل جوانب الحياة. فالثورة تثير في الإنسان كل جوانب الخير وتوقظ الضمائر وتدفع اليأس وتغذي الشعور بالانتماء. وكما قلنا سابقا فأهم ما في الثورات العظيمة أنها تنجب شعبا مختلفا عن ذلك الذي كان قبل الثورة، فهي ثورة في جميع المجالات والميادين.. لذا فالدول والأنظمة التي جاءت بها ثورة شعبية تنجح في إدارة عمليات واسعة وسريعة للتنمية والتقدم، لأن النظام الناجح هو الذي يمثل شعبا يحبه وبالتالي يطيعه، فنجد أن الشعب كله مع حكومته على قلب رجل واحد.. وليس هناك أفضل من الثورات وما تحدثه من شحن معنوي لتحقيق هذا التناغم بين الشعب وقادته. إن الشعب المصري الآن في قمة الحماس والوعي والنضج، وهذه هي اللحظة المناسبة لاستثمار حالة النقاء والصدق الثوري لتجنيد كل الطاقات الشعبية المصرية لتغيير حياتنا إلى الأفضل والتخلص من كل رواسب الاستبداد والطغيان. لقد حان الوقت للتصالح مع مصر بالعودة إلى حضنها والخوف عليها والبدء في إصلاح كل ما أفسده الطغيان. وحان الوقت للتخلق بأخلاق الثوار.. لنتصافح جميعا ونتسامح ويحب بعضنا البعض.. لنرمي وراء ظهورنا حالات اليأس من الإصلاح التي أدت إلى إضراب غير معلن عن العمل. كان الكثيرون يعتقدون أن العمل المخلص وزيادة الإنتاج لا يعود بالنفع عليهم ولا على الوطن ولكن يعود على اللصوص، وكان كل من يستطيع التهرب من تسديد الضرائب يقنع نفسه بأنه يفعل الخير لأن أغلب الميزانية كان يخصص لأجهزة الأمن التي تؤذي الشعب وأجهزة الإعلام التي تخدع الشعب. الآن وبعد انتصار الثورة؛ حان الوقت لتغيير هذا الوضع، هيا نعمل معا بصدق وإخلاص لنعوّض عقودا من التخلف كادت أن تقضي على مصرنا الحبيبة. لقد أثبتت تجارب الشعوب المتقدمة أن الإنسان الحر إنسان صادق، منتج، شجاع.. وقد حان الوقت بعد أن منّ الله تعالى علينا بالحرية أن نتخلق بأخلاق الثوار والأحرار، وأن نبدأ فورا في إزالة رواسب الطغيان من على وجه مصر.

وليعلم شباب مصر وثوارها أن الثورة مستمرة، ولم تنته برحيل الطاغية.. لا زال أمامنا الكثير كقادة ثوريين لنقدمه لمصر وشعبها استثمارا لحالة الفوران الثوري التي عادة لا تخمد بسهولة أو سرعة. لنستمر في تطوير عمل اللجان الشعبية، ولنبدأ بأسوأ مظهر يسيء إلينا ويحرجنا أمام السياح والضيوف وأمام أنفسنا؛ وهو حالة النظافة. لا يمكن أن نرضى لأنفسنا ولمصرنا الغالية هذا الوضع المخجل، ولنبدأ في تنظيم معسكرات شبابية في كل حي للقيام بعمليات شاملة للنظافة والترتيب والتنظيم التي غابت عن حياتنا طوال فترة الطغيان. ولا تقتصر النظافة على مجرد رفع القمامة ووضع نظام متحضر لجمعها والتخلص (بل والاستفادة) منها.. ولكننا في حاجة لتقليم الأشجار وضبط وترميم الأرصفة والبالوعات وأماكن انتظار السيارات، ومناور العمارات، وفي حاجة ماسة للإزالة الفورية للإعلانات الهمجية التي تشوه حوائط وأسوار كل المباني في مصر... الخ. ويتطلب التصالح مع مصر سرعة التصالح مع لغتنا القومية التي أهملها وشوهها الطغاة بالانتشار الواسع للإعلانات والكتابات العامية والأجنبية بحروف عربية.. لقد كنا في غيبوبة وكادت لغتنا الجميلة أن تفلت من أيدينا، فلنكف عن الكتابة بالعامية، ولنبدأ- في إطار عملية التنظيف الشاملة- بإزالة الكتابات العامية والأعجمية ونشر العربية البسيطة المفهومة. كما يتطلب التصالح مع مصر العمل الجماعي والفوري على وقف ظاهرة الرشا التي انتشرت انتشارا مرضيا في كل مرافقنا، ليمتنع كل فرد منا عن تلويث يده بهذه العادة الخبيثة.. ونعتقد أن من كانوا يرضون لأنفسهم مد اليد والقبول بالمال الحرام سوف تصيبهم عدوى الثورة وسيحاولون التخلص من هذه العادة الكريهة والجالبة للعار. ونطمئن الجميع بأن أخلاق الثورة كانت سائدة طوال أيام الثورة فلم نجد موظفا يؤخر مصلحة، ولم نجد أزمة في أية سلعة، ولم يحاول أحد استغلال حظر التجوال لزيادة الأسعار، ولم نجد حوادث أمنية رغم غياب الشرطة.. إنها فعلا أخلاق الثوار وأجواء التصالح مع الوطن.

وليعلم الحكام الجدد أن أهم وأغلى ثروات مصر هي الثروة البشرية.. لدينا أعظم ثروة بشرية، ولكنها لم تجد من يستثمرها ويستفيد منها. إن الطاقة الإنسانية هي أهم الطاقات، ولكن الطغاة كانوا ينظرون إلى ثروتنا البشرية على أنها مجرد أفواه تأكل وليست سواعد تنتج. لذا ينبغي البدء بعملية التنمية البشرية التي أهملت وشُوهت وأدى تجاهلها إلى تخلفنا في جميع المجالات. هذه قضية عاجلة لا تحتمل الانتظار لما بعد الفترة الانتقالية.. وكانت بداية الانحدار هي شيوع ظاهرة تفضيل أهل الثقة على أهل الخبرة، وتجلّت في إلغاء مبدأ الانتخاب واستبدال التعيين به؛ بدءا من عمدة القرية.. إلى عميد الكلية!. فالطاغية عندما يجد أن مقاس الوطن كبير عليه وعلى حاشيته.. فهو لا يحاول أن يرتفع لمستوى هذا الوطن الكبير لانعدام الثقة في النفس، ويعمل على تقزيم الوطن ليناسب مقاسه ومقاس رجاله. وهذا ما حدث لمصر التي تدار في أغلبها منذ فترة طويلة بأنصاف وأرباع الرجال.. وهناك مثل شعبي يقول: نصف الرجل لا يستعين إلا بأرباع الرجال!. وهذا هو السبب في تقهقرنا في جميع المجالات. فإذا كنا حريصين على الاستفادة القصوى من الطاقة الثورية الهائلة التي ولدتها ثورة 25 يناير، فلابد من إعادة النظر وبسرعة في كل القيادات التي جاءت بالتعيين.. على الأقل بإعادة نظام الانتخاب. وإذا كنا ندعوا للتسامح ونُبشّر بالأخلاق الثورية.. فهذا لا ينطبق على من أفسدوا الحياة السياسية وسرقوا ونهبوا (من أهل الحكم)؛ فهؤلاء لابد أن يكونوا عبرة لمنع تكرار ما حدث.

* عاجل.. لمنع اختطاف الثورة

عاجل.. لمنع اختطاف الثورة
بقلم د. عبد الله هلال
المصريون 12/2/2010 الوسط 10/2/2010
الثورة المباركة تتصاعد وتتوسع أفقيا ورأسيا.. والشعب المصري الأصيل يثبت لحظة بعد لحظة أنه شعب واعٍ، وأن محاولات النظام لتجاهل الثورة أو اختطافها تبوء بالفشل. يا له من شعب عظيم، شعب قنوع صبور.. تحمّل بقناعته وكرمه شظف العيش وسوء أحوال المعيشة على أمل أن تتحسن ظروف البلاد للأبناء والأحفاد، وصبر على الفراعنة الطغاة صبر أيوب، وتحمل ما لا يتحمله بشر من معاملة قاسية وقتل واعتقال وتعذيب وإهمال حكومي لكل شيء حتى ظن بعض اليائسين أنه شعب واهن ليس فيه أمل. والأخطر من ذلك أن الطغاة أنفسهم استقر في يقينهم هذا الظن السيء، وتعاملوا مع الشعب على أنه مجموعة من العبيد تفرقهم العصا وتجمعهم الجزرة، فطغوا وبغوا وتجبروا، واجتاحوا البلاد والعباد وكأنهم قوات احتلال، ولم يدر بخلدهم لحظة أن هناك يوم للحساب؛ لا في الدنيا ولا في الآخرة!. لم يفهم الطغاة أن الشعب الصبور لا يمكن أن يكون ميتا، وأن نفاد الصبر هو الزلزال أو الطوفان الذي لا قِبل لأحد به.. ولقد نبهناهم كثيرا إلى هذه النقطة، ولكن مَن نحن لكي يستمعوا إلينا؟!. وسبحان من يمهل ولا يهمل، فقد استيقظ المارد وانفجر البركان، وتملك الرعب والفزع الطغاة واللصوص.. كل يبحث عن مهرب أو جبل يعصمه من الطوفان، ولكن لا عاصم اليوم من أمر الله.

لم يفهم النظام المترنح أنه فقد شرعيته بانطلاق الثورة وترسيخ الشرعية الثورية.. كل هذه الملايين الثائرة ليس لها اعتبار لدى النظام!. ونقول لهؤلاء البؤساء الواهمين إن عقارب الساعة لا يمكن أن تعود إلى الوراء، وأن ما انكسر يستحيل جبره أو ترميمه، وأن تلك (التناحة) ومحاولات البقاء رغم هذه الثورة غير المسبوقة في التاريخ البشري لن تزيد الثورة إلا اشتعالا. وبالطبع لن ينطلي على أحد أن هذه المقاومة للثورة والاستموات في السلطة هو من أجل مصر!.. فلو كانت مصر في بالهم يوما لما حدث ما حدث، ولما كان هناك داعٍ للثورة أصلا، ولكن الجميع يفهم أن التشبث بالحكم الآن- رغم الثورة التي أتت على شرعيتهم المزعومة- ما هو إلا تمترس خلف متاريس السلطة لحماية كل مَن على رأسه ‘بطحة‘- وهم كُثُر- من المحاسبة، حتى وإن خربت مصر، ولسان حال هؤلاء الآن هو (أنا ومن بعدي الطوفان).

لابد للثورة من قائد

إن الثورة ماضية بعون الله وقدرته.. وعلى الثوار وأهل الفكر والرأي والحكمة الاستعداد فورًا لاحتمال أن يفقد (الذين على رؤوسهم بطحة) رشدهم ويلجأوا إلى الخيار (شمشون). نعلم أن المصريين جميعا عرفوا طريقهم وقرروا راضين محتسبين دفع مهر الحرية وأنهم لن يعودوا إلى الوراء، ولكن ينبغي السعي لتقليل الخسائر.. ويكفي ما قدمته مصر من شهداء ومصابين. مطلوب تنظيم الصفوف والتجهيز ليوم انتصار الثورة.. لابد من توافر البديل من الآن حتى لا يحدث فراغ أو اختلاف بين الثوار. ونعتقد أنه من الواجب الآن وفورا الاتفاق على قائد للمرحلة القادمة.. ونذَكّر بقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: إذا كنتم ثلاثة فأمروا عليكم واحدا. وهذه الثورة العظيمة لها في الميدان بالطبع قادتها المبدعون الذين نجحوا في تفجير هذا البركان الثوري، وهم يستحقون- وقادرون- على أن يقودوا دولا، وليس دولة واحدة. ولكن لابد من وجود (رئيس مؤقت) لتنظيم الصفوف واستلام الحكم عند انتصار الثورة. وإذا كانت الثورة قد نزعت الشرعية عن رأس النظام فهي لم تمنحها لغيره، مما يعطيه الحجة للبقاء بادعاء منع الفوضى!.

ولا شك أن التوافق على شخصية لقيادة هذه المرحلة مشكلة كبيرة، إذ يستحيل إجماع الآراء، والاختلاف وارد. ولكن من قال إن الدنيا لا بد أن تسير بالإجماع؟.. إن الدول الحرة التي سبقتنا بالاستمتاع بالحرية تدار بقيادات تحصل بالكاد على 51%، لذا فليس مطلوبا إجماع الآراء. ولو تم الاتفاق على شخصية معينة بأغلبية معقولة ولم تعجب البعض فعزاء الرافضين أنها فترة انتقالية، وأن الفرصة سوف تأتي بعد ستة أشهر مثلا لاختيار من نشاء. لذا أقترح الاتفاق بسرعة على إحدى الشخصيات الموجودة بالساحة والمستعدة للقبول بهذه المهمة الفدائية (البرادعي، عمرو موسى، أيمن نور.... الخ)، أو إحدى الشخصيات القانونية (المستشار طارق البشري، .... الخ)، لكي يتقدم الصفوف ويرفع المتظاهرون صورته ويضعوا النظام الفاقد للشرعية أمام الأمر الواقع، ويمكن تنصيبه بأداء اليمين في ميدان التحرير أمام الملايين الثائرة.

استفتاء على الثورة

ليس مطلوبا بالطبع أن يخرج الثمانون مليون مصري في مسيرة واحدة لكي يقتنع النظام البائد بأن الشعب سحب الشرعية منه، فأغلب الثورات انتصرت بأقل من مليون متظاهر.. ولكنهم لا يخجلون ويقولون إن المتظاهرين لا يمثلون أغلبية الشعب المصري!. وهم يعلمون جيدا أن الشعب كله قد لفظهم باستثناء القلة الفاسدة المنتفعة من النظام.. ولكن لا بأس من دعوة الشعب الثائر بأسره للتعبير عن رفضه للنظام بالأساليب البسيطة الممكنة التي يستطيع كل الناس فعلها، مثل اختيار يوم (وليكن يوم إجازة المولد النبوي الشريف- الثلاثاء القادم) لرفع علم مصر (أو راية بيضاء لمن لا يتوفر له العلم) على الشرفات والنوافذ في مصر كلها، ولبس ملابس بيضاء مثلا طوال هذا اليوم. وهناك أساليب كثيرة يمكن إحصاؤها وإبرازها بواسطة وسائل الإعلام مثل تحديد يوم للامتناع عن شراء صحف الحكومة.

وهناك نقطة أخرى مهمة: إننا نثق ثقة كاملة في وطنية كل أفراد الجيش المصري وأنهم لن ينحازوا إلا إلى الشعب، ولكن في ظل تصاعد التهديدات بانقلاب عسكري فهناك احتمال لمحاولة لجوء النظام البائد إلى الإيقاع بين الجيش والشعب الثائر.. لذا نقترح في حالة الاضطرار للزحف إلى القصر الجمهوري، أو ما شابه؛ دعوة أشقاء وأبناء وأسر ضباط وجنود القوات المسلحة للتواجد بالمسيرة والإحاطة بجموع المتظاهرين لكي نوفر لهم الفرصة لرفض إطلاق النار على أهليهم.

الأربعاء، ٩ فبراير ٢٠١١

* الثورات العظيمة.. لا يمكن سرقتها

ثورة 25 يناير.. لن تسرق
بقلم د/ عبد الله هلال
الوسط - المصريون: 08 فبراير 2011

الثورة هي التغيير الذي يحدثه الشعب الثائر ويؤدي إلى تحولات سياسية واجتماعية كبرى في المجتمع. والثورات الشعبية عادة ما تعكس وتعبر عن القيم النبيلة التي يتحلى بها الشعب الثائر. والثورة الحقيقية هي حدث عظيم نادر الحدوث، فلم يشهد التاريخ الحديث أو القديم الكثير من الثورات الحقيقية على الرغم من كثرة المظالم التي من المفروض أن تدفع الشعوب إلى الثورة.. ولذلك فالثورات لا تتكرر كثيرا بواسطة أي شعب، ولو كل بضعة قرون. وأهم ما في الثورات العظيمة أنها تنجب شعبا مختلفا عن ذلك الذي كان قبل الثورة، فهي ثورة في جميع المجالات والميادين.. ولذلك نجد أن الدول والأنظمة التي جاءت بها ثورة شعبية تنجح في إدارة عمليات واسعة للتنمية والتقدم، لأن النظام الناجح هو الذي يمثل شعبا يحبه وبالتالي يطيعه، فنجد أن الشعب كله مع حكومته على قلب رجل واحد.. وليس هناك أفضل من الثورات وما تحدثه من شحن معنوي لتحقيق هذا التناغم بين الشعب وقادته. ولا شك أن الثورة المصرية الراهنة ثورة عظيمة من جميع الوجوه، وأعظم ما فيها قادتها ومفجروها الشباب الذين أثبتوا بإدارتهم الواعية لملايين المتظاهرين أنهم قادة مبدعون، وأنهم يستحقون أن يقودوا هذا الوطن؛ بعد نجاح الثورة.

فالحمد لله أن نزع من قلوبنا الخوف والوهن وأمدنا بهذه الطاقة العظيمة التي يمكن أن تمكننا من خلع أعتى الطغاة والفراعنة.. فهذه هي مصر الحقيقية التي ظن الكثيرون خطأ أنها صارت واهنة وأن الجيل الجديد جيل سطحي استطاع الطغاة وأعوانهم أن يمسخوه وأن ينزعوا منه الانتماء إلى هذا الوطن، فإذا بهذا الجيل نفسه يثبت أنه أكثر انتماء من الجميع، وإذا به يقدم أرواحه الطاهرة وقودا لهذه الثورة العظيمة الواعية التي سوف تسطر حقبة جديدة تغير كل الحسابات، وتعيد ترتيب كل الأولويات، وتعيد إلى مصر مكانها ومكانتها، وللعرب وحدتهم. لقد كشفت الثورة المصرية معدن جماهير الشعب المصري في مقابل معدن المتحكمين فيه من أركان النظام الفاسد البائد، الذين يدهسون المواطنين بالسيارات، ولا يجدون في قاموسهم المتخلف سوى استخدام (الخيل والبغال والحمير) والاستعانة بالبلطجية للقتل والترويع. ولكن هل يمكن أن تُسرق الثورات؟.. هذا وارد بالطبع، والأسوأ أن تُسرق بواسطة النظام الذي تمت الثورة عليه، فعندما يركب العناد الطاغية، وتأخذه العزة بالإثم، تزداد الثورة اشتعالا، فيبدأ بالتنازل قطعة قطعة سعيا لكسب الوقت والالتفاف على الثورة، ويظل يقاوم ويقاوم محتميا بالجيش، أو ما شابه، سعيا لإحداث الملل بين جماهير الشعب الثائر، حتى تطول مدة الثورة ويظن أنه قد حان الوقت لاختطافها، فينسحب وحده بعد الاتفاق مع باقي أركان النظام.. وتظن الجماهير أنها انتصرت بخلع الطاغية، فيذهب الطاغية ولكن يبقى الطغيان. وعادة.. عندما يثور الشعب ولا يجد الطاغية مخرجا فإنه يتنحى إن كان شريفا أو يهرب أو يظل يقاوم غير عابئ بالخسائر البشرية والمادية إن كان غير شريف.. ألم نقل مئة مرة أن الشرفاء فقط هم الذين لا يخافون من ذلك اليوم الذي يغادرون فيه مواقع السلطة؟!. وعلى الرغم من كل ما يدور في كواليس النظام من مكر ومحاولات للالتفاف على الثورة؛ فإننا على ثقة كاملة بأن هذه الثورة المباركة لن تُسرق.. إذ كيف يستطيع أيا من كان أن يسرق الملايين الثائرة في وقت واحد؟.

إن المتابع لتاريخ الثورات الكبرى لابد أن يدرك أهمية وحتمية بلوغ الثورات الشعبية أهدافها، فما دامت الثورة قد اشتعلت ونجحت في إحداث التغيير المنشود، فإن كل وطني حقيقي لابد أن يفرح وينخرط مع الثوار في إحداث نقلة نوعية للوطن. ولا يختلف اثنان على أن الثورة المصرية- بنوعية مفجريها وإمكاناتهم البسيطة وحجم التعبئة والتأييد الشعبي لهم- هي ثورة عظيمة لا سابق لها في العصر الحديث أو حتى القديم. وقد أعجبْتُ بحجم الإبداع في إدارة فعاليات الثورة، إذ نفاجأ كل يوم بالجديد مما يعطي زخما للثورة ويمنع التكرارية والملل. وقد نجح شبابنا وأذهلونا في إدارة فعاليات جمعة الغضب والمظاهرة المليونية وجمعة الرحيل ويوم الشهداء.. وأقترح عليهم مناسبات أخرى للأيام القادمة لإشراك فئات جديدة كل يوم، وللمساهمة في نشر وترسيخ القيم الثورية التي سوف تغير مصر تغييرا جذريا بعد نجاح الثورة، ومن هذه الأيام: يوم للاحتجاج على البطالة يدعى إليه المتعطلون وهم بالملايين- ويوم للمعتقلين يدعى إليه المعتقلون السابقون وأسر المعتقلين الحاليين- ويوم لسكان العشوائيات والمقابر والمطالبة بمسكن آدمي لكل مواطن- ويوم للقرية المصرية للاحتجاج على الإهمال التاريخي للقرى- ويوم للأمية للاحتجاج على انهيار التعليم- ويوم للاحتجاج على ظاهرة الدروس الخصوصية (من الحضانة إلى الجامعة)- ويوم لمرضى الالتهاب الكبدي والفشل الكلوي- ويوم لرفض انتشار الرشا في كل أركان الدولة- ويوم لضحايا الحوادث المرورية- ويوم لفضح المحسوبية وتوريث الوظائف الذي تغلغل خلال العقد الأخير- ويوم للاحتجاج على ظاهرة تزوير الانتخابات- ويوم لرفض انتشار الغش في حياتنا وامتحاناتنا- ويوم للغة العربية والاحتجاج على إهمالها- ويوم للقدس والاحتجاج على حصار غزة.... الخ.

ملاحظات سريعة:

• الحوار البائس الذي دار بين النظام الحاكم ومن سماهم المعارضة أثبت أن هناك محاولات للالتفاف على الثورة وسرقتها.. فالنظام يحاور نفسه بالإصرار على إشراك الأحزاب الورقية (التي يسميها ‘شرعية‘) وأغلبها كما هو معروف صناعة أمنية. ونتائج الحوار بائسة.. فمثلا رغم الاعتراف بتزوير انتخابات مجلس الشعب ووجوب حله، إلا أن النظام يفضل ترقيعه ويعتبر أن تنفيذ أحكام محكمة النقض كافٍ!. وهناك لف ودوران وتعلل بضيق الوقت وبالشرعية الدستورية التي جاءت كلها نتيجة استفتاءات شكلية وانتخابات مزورة.. والواقع أن الشرعية الثورية الراهنة هي الشرعية الوحيدة الواقعية والواجبة.
• هل يمكن لنظامٍ بالٍ ضيع الوطن وفرض عليه التخلف ودفع الشعب إلى الثورة عليه أن يكون هو نفسه الذي يشرف على تنفيذ الإصلاحات التي قامت من أجلها الثورة، حتى وإن كان الأمر بيد قلة من الشرفاء؟!.. إن دائرة الفساد التي أحاطت بالنظام وتوسعت خلال ثلاثة عقود تضم مئات الآلاف من المفسدين، وهؤلاء لا همّ لهم سوى النجاة أو التغطية على جرائمهم؛ لأن المطالبين بالثأر من النظام المتحجر بالملايين. ولماذا نذهب بعيدا؟.. لقد قال الله تعالى في محكم التنزيل: (...إِنَّ اللّهَ لاَ يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ)- يونس81.
• لن يرحب بالثورة من أركان النظام الفاسد سوى الشرفاء- إن وجد- لأن المفسدين في الأرض الذين استغلوا صلتهم بالطغيان أسوأ استغلال مهددون بسلب ما نهبوا وبمواجهة من نُهبوا وليس بعيدا أن يحاكموا ويفضحوا، ولذلك فهذا الصنف من البشر الذي استمتع بالمال الحرام سوف يسعى بكل ما أوتي من قوة ومن وسائل غير شريفة لوقف الثورة بل ووأدها، ولكن هيهات؛ فالثوار الشرفاء لا يتراجعون وإن واجهوا الموت.
• كنت قد ‘طلّقت‘ إذاعة لندن وهيئة الإذاعة البريطانية منذ بدء إرسال قناة الجزيرة، ولكن النظام المتخبط أجبرنا على العودة إلى الـ (BBC) لبضعة أيام بعبثه الطفولي ضد قناة الجزيرة لأكتشف أن هذه القناة البريطانية مازالت على تحيزها ضدنا.. فالثورة غير المسبوقة مجرد (أزمة مصرية)، والمراسلون الإضافيون من الصحفيين الذين يتم الاتصال بهم من صحيفتين معينتين لا ثالث لهما، وأغلب الضيوف من طبالي وزماري الحكومة بالإعلام المصري.
• الغباء وبطء البديهة وتخبط النظام الحاكم كان من أهم العوامل التي عجلت بالثورة، فالنظام المتشبث بالسلطة ترك الدولة في أيدي مجموعة من الصبية والغلمان عديمي الخبرة الذين تصرفوا في شئون دولة كبيرة بحجم مصر وكأنها عزبة خاصة.. وكما زوروا الانتخابات الأخيرة بطريقة غبية فجرت الثورة فقد استخدموا الطريقة الغبية والوسائل الإجرامية نفسها في محاولة لإنهاء الثورة.. فهم لا يملكون سوى البلطجية، وظنوا "بذكائهم" منقطع النظير أن الثورة التي قدمت مئات الشهداء يمكن وقفها بأساليب البلطجة إياها!، إنني لا أجد وصفا يصلح لهؤلاء الصبية سوى أنهم متخلفون عقليا، ولا مكان لهم سوى مستشفى العباسية، الذي حاولوا من قبل سرقة أرضه ونقله إلى الصحراء.
• يظن الكثيرون من السذج أن ترقيع النظام الفاسد ممكن.. ولذلك فالنظام- أسير العناد- يحاول كلما زاد التضييق عليه أن يلقي للشعب الثائر بقليل من الفتات من حين لآخر ويعتبر ذلك تنازلا، فلم يلغِ حالة الطوارئ، وعندما قبل إعادة ترقيع الدستور لم يتطرق إلى المادة 88 التي مكنت بلطجيته من تزوير الانتخابات، والمادة 93 التي تقنن التزوير، وواضح أن كل محاولات بقايا النظام لسرقة الثورة- بتقديم بعض التنازلات الشكلية- يتجنبون إمكانية تنظيم انتخابات حرة تحت إشراف قضائي؛ لأنهم يعلمون أن هذه هي النهاية الحقيقية للنظام.. الذي لا وجود له دون تزوير.




* صحوة عربية.. حذار من الحلف الصهيوأمريكي!

صحوة عربية.. حذار من الحلف الصهيوأمريكي!
بقلم د. عبد الله هلال

حُلْم هذا.. أم علم؟!. نحمد الله تبارك وتعالى على نعمة نزع الوهن والخوف عن كاهل المواطن العربي لكي يلحق بركب الأمم المتقدمة. فكما توقعنا في مقال الأسبوع الماضي؛ توسع الثقب الذي أحدثته الثورة التونسية في جدار الاستبداد العربي، وها نحن نعيش بحول الله حتى نرى نذر الثورة تنتقل من عاصمة عربية إلى أخرى. ولا شك أن انتفاضة المصريين التي بدأت 25 يناير لها طعمها وتميزها بحكم الحجم والموقع والتاريخ والعمق الحضاري والتأثير في محيطها، على الرغم من سبق الثورة التونسية. وكما شهد الأسبوعين الماضيين جرحا مؤلما ولطمة مؤثرة على الخد العربي بالتسليم باقتطاع جزء من الوطن العربي جنوب السودان بتآمر واضح للحلف الصهيوأمريكي مع أطراف عربية آثمة، فقد شهدا أيضا حراكا جماهيريا في عدد من العواصم العربية ينبئ بتلاشي حالة الوهن العربي التي استمرت لعقود طويلة، دون أي داع.. وكأن هذه مقابل تلك والحمد لله. وقد توالت الأحداث التي تضع الحلف الصهيوأمريكي في مأزق، ولكنها تشع أنوار عودة الوعي العربي وتراجع عملاء هذا الحلف. ونستطيع أن نرصد الآن أربعة أحداث كبرى تصب في خانة الصحوة العربية التي انطلقت في أوقات متقاربة بعد مخاض عسير وطويل، هي: الثورة التونسية، وانهيار التحالف الصهيوأمريكي في لبنان، وفضح التآمر الوقح للسلطة الفلسطينية مع العدو الصهيوني ضد المقاومة، وأخيرا وليس آخرا إن شاء الله الانتفاضة المصرية المباركة. وقد تزامنت هذه الأحداث أيضا مع نشر تسريبات ويكيليكس وحالة الرعب التي سيطرت على الكثيرين من حكام العرب خشية فضح ممارساتهم وأرصدتهم، مع ما يصاحب ذلك من فضح للإدارة الأمريكية المتحالفة علنا مع العدو الصهيوني ومع الأنظمة العميلة لها ضد الإنسان العربي.

تحية للشعب التونسي

التحية والإكبار واجبان للشعب العربي التونسي الأبي الذي صبر طويلا على الطاغية الهارب، وتحمل ما لا يتحمله بشر حتى فاض الكيل فانفجر غير آبه بالرصاص الحي لزبانية الطاغية. وقد نال هذا الشعب احترام الجميع بإدارته لاحتجاجات سلمية متحضرة، وبإصراره على خلع كل أعوان الطاغية لتكون الثورة ثورة حقيقية ضد الطغيان بكل صوره، فلم يفرحوا بهروب الطاغية المتوحش ويكتفوا بهذا النصر، ولكنهم أثبتوا وعيهم وتميزهم برفض عودة الطغيان من النافذة تحت مسمى آخر زائف.. فاستمرت الثورة لتؤكد أن من كانوا عونا للطاغية وذراعه اليمنى المعتدية على الشعب لا يمكن أن يكونوا رسل الحرية، ومصداقا لقول الحق تبارك وتعالى (إن الله لا يصلح عمل المفسدين). وقد فوجئ الحلف الصهيوأمريكي بهذه الثورة المباركة التي أخذته على غرة، وشعر بالخطر خصوصا إن امتدت عدواها إلى دول عربية أخرى، لأنهم يعلمون جيدا ألا مكان لهم ولا مكانة بالمنطقة العربية إلا في حماية الاستبداد الرسمي العربي. وقد أسرع أوباما بإيفاد مساعد وزيرة الخارجية لشئون الشرق العربي كمبعوث رسمي، بصفة عاجلة إلى تونس؛ للتأكيد على والتأكد من عدم وصول الإسلاميين أو أية حركة أو حزب مستقل إلى السلطة، ولكن (ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين).. فالشعب التونسي برهن على وعيه وحرصه على ثورته، وإن شاء الله ينتصر الشعب الحر وتكون تونس أول دولة عربية تستمتع بالديمقراطية الحقيقية.

تراجع عملاء الحلف الصهيوأمريكي بلبنان

في ظل تآمر بعض الأطراف اللبنانية مع الحلف الصهيوأمريكي للقضاء على المقاومة بحجة اغتيال الحريري- الذي قام به الموساد لإبعاد سوريا عن لبنان والقضاء على المقاومة اللبنانية- نشط الحلف مع المحكمة الدولية لتلبيس التهمة لحزب الله.. وفجأة انقلب السحر على الساحر وصارت الأغلبية أقلية، وبدأ لبنان فصلا جديدا أربك الحلف إياه، وظهرت على السطح سياسات جديدة تشجع المقاومة وتحبط التآمر والمتآمرين عليها، سبحان مغير الأحوال. ومعنى ذلك أن لبنان سيظل مقاوما، وسوف يصعب استدراجه إلى معاهدات استسلامية مثل أغلب الدول المجاورة لفلسطين المحتلة. وقد بدا الاضطراب والتناقض على المسئولين الأمريكيين والصهاينة، وعادوا للتآمر سعيا لتهييج الشارع اللبناني ضد حكومة نجيب ميقاتي، فالشارع مطلوب في لبنان ولكنه غير مرغوب فيه في بقية الدول العربية.

حان وقت الانتفاضة الفلسطينية الثالثة

شعرت بالألم والغيظ وأنا أتابع ما نشرته قناة الجزيرة من وثائق المفاوضات الفلسطينية مع العدو الصهيوني.. لم يقدر ذهني على تصور أن يقوم مناضلون أرضهم محتلة بالتعاون مع المحتل ضد إخوانهم وأهلهم، هل يمكن لإنسان عاقل أن يفعل ما فعله مسئولو السلطة الفلسطينية؟، ألم يسمعوا المثل الشعبي (أنا وأخي على ابن عمي، وأنا وابن عمي على الغريب)؟!. هذا أمر غير طبيعي.. فهؤلاء إما مجانين وإما عملاء من نوع خاص استطاع العدو أن يورطهم في أفعال يهددهم بها ويمسك بها ذِلة لهم لكي لا يستطيعون التراجع عن الخيانة. ولا نظن أن العدو نفسه يمكن أن يحترمهم أو أن يمنحهم شيئا سوى أموال الرشا، ولذلك فهو يتلاعب بهم ويأخذ ولا يعطي. والحمد لله تعالى أن فضحهم في هذا الوقت الذي يشهد صحوة عربية، لن تكون بعيدة عن فلسطين، بل إن هذه الصحوة- عندما تؤتي أكُلها- سوف تبدأ بالدعوة لتحرير فلسطين. وقد جاء الوقت لكي يتدخل الشعب الفلسطيني بنفسه لوقف هذه الخيانة والمهانة التي تؤخر يوم التحرير، ببدء الانتفاضة الثالثة. وليعلم أهلنا المجاهدون في فلسطين بأن حل القضية في أيديهم هم وليس في أيدي أمريكا ولا العرب أو غيرهم. لقد سقط عباس وجماعته عندما فازت حماس بالانتخابات التشريعية، واستعان بالعدو وبعض الخونة العرب لعدم تمكين حماس من إثبات قدرتها على الحكم، وسقط عندما انتهت مدة ولايته واستمر في الحكم بمعاونة العدو وعملائه، وسقط مرارا عندما فضحت أسرار سلطته وعلاقات الأبناء (التجار) مع العدو... الخ، وفي كل مرة نتوقع أن يستقيل حفظا لماء الوجه، ولكنه لا يفعل. لقد حان وقت الانتفاضة الثالثة لخلع هذه السلطة المضيعة للوقت لتمكين العدو من فرض أمر واقع يمنع عودة الأراضي المحتلة، والعودة إلى المقاومة. ونعتقد أن ما كشفته الجزيرة حتى الآن يكفي لإسقاط جبل، فما بالكم بسلطة منزوعة السلطة إلا على شعبها. ألم يتنازل عباس عن دماء أهل غزة (تقرير جولدستون) مقابل "العودة لعبث المفاوضات"؟!!. إن الطرف الوحيد الذي بيده حل القضية الفلسطينية هو الشعب الفلسطيني وعمقه العربي ’المتحرر’، فلنبدأ متوكلين على الله.

الانتفاضة المصرية.. ما أشبه عام 2011 بعام 1951

هل يعيد التاريخ نفسه؟.. هل ترفض السلطة الإفراج عن المناضل مجدي أحمد حسين رغم الحكم القضائي لكي تتحرر مصر من طغيان الحزب الواحد وهو محبوس مثل أبيه الزعيم أحمد حسين عام 1951؟.. إن أهل الحكم في مصر ينظرون دائما تحت أقدامهم، وعادة ما يتصرفون ببطء وتردد، فقد ظنوا أن التحكم في عملية تكوين الأحزاب وإصدار الصحف والقنوات التلفازية سوف يمكنهم من التحكم في الشعب كله، ويضمنون بالتالي منع وجود أي بديل وإقناع الشعب بأن الأحزاب (الشرعية!) الموجودة هي أحزاب ورقية لا تسمن ولا تغني من جوع.. وأنهم هم الوحيدون القادرون على قيادة الوطن وأن البديل لهم هو الضياع. وقد أدى هذا المفهوم العجيب إلى الجرأة على الشعب وتزوير الانتخابات بطريقة فجة دون أن يستتروا.. ناسين أن الدنيا تغيرت وأن هناك قوى شبابية جديدة لديها من الوسائل الحديثة والطاقة ما يمكنها من فعل ما لم تستطع فعله الأحزاب التي تتعامل معها الحكومة بمنطق العصا والجزرة. وهذا الأمر جد خطير؛ فلا الدولة تعترف بهذه القوى الجديدة، ولا الشباب والمثقفون يعترفون بالحزب الحاكم ومجلسه المزور. لذا فليس غريبا أن ينفجر الغضب المصري بهذه القوة التي شهدناها يومي 25، 26 يناير.. فالشعب لم يعد قادرا على تحمل أعباء الحياة، والجهاز الإداري للدولة شبه متوقف، والجوع والفقر والبطالة والتلوث وانهيار التعليم وانعدام الرعاية الصحية كلها عوامل تدعو للانفجار. لذا فقد فوجئت الحكومة بثورة من لم ولن تستطع التحكم فيهم ولا في الوسائل التي يتواصلون من خلالها. وعلى الرغم من تحذيرات العقلاء لهم بعدم استخدام الرصاص وقتل المتظاهرين الذي عجل بانتصار الانتفاضة التونسية وتحولها إلى ثورة خلعت طاغية تونس.. فقد وقعوا في الخطأ نفسه لأنهم صاروا أسرى لسياسة التعامل الأمني مع كل الشئون الداخلية. لقد حدث تحول كبير في نفسية الشعب المصري، وتلاشى الخوف من الشرطة، وأصبح الموت في نظر الكثيرين أفضل من حياة الذل والجوع والمهانة، وكما قلنا سابقا فالمظاهرات عادة ما تظل سلمية ويمكن السيطرة عليها حتى تسيل أول قطرة دم؛ فتخرج عن السيطرة، لأن الدماء تستدعي الدماء وتثير الرغبة في الثأر.. تماما مثل حالة مناضل مبتدئ يظل حذرا وخائفا من الاعتقال، فيمشي إلى جوار الحائط، حتى يعتقل للمرة الأولى فيُحصّن من الخوف ولا يبالي بتكرار الاعتقالات. وبالعودة إلى موضوعنا حول موقف الحلف الصهيوأمريكي من الصحوة العربية، فقد بدا عليهم الاضطراب رغم التشدق بنشر الحريات والديمقراطية، فطمأنت هنري كلنتون نفسها وحلفها بأن النظام في مصر "مستقر"!. لو حدث في مصر ما حدث في تونس فسوف يبدأ العد التنازلي لخلع كل الطغاة العرب.. ولكن علينا الانتباه والحذر من الحلف الصهيوأمريكي، وينبغي ألا نصدق معسول الكلام، فما يهمنا هو الفعل.