صحوة عربية.. حذار من الحلف الصهيوأمريكي!
بقلم د. عبد الله هلال
المصريون 4/2/2011
حُلْم هذا.. أم علم؟!. نحمد الله تبارك وتعالى على نعمة نزع الوهن والخوف عن كاهل المواطن العربي لكي يلحق بركب الأمم المتقدمة. فكما توقعنا في مقال الأسبوع الماضي؛ توسع الثقب الذي أحدثته الثورة التونسية في جدار الاستبداد العربي، وها نحن نعيش بحول الله حتى نرى نذر الثورة تنتقل من عاصمة عربية إلى أخرى. ولا شك أن انتفاضة المصريين التي بدأت 25 يناير لها طعمها وتميزها بحكم الحجم والموقع والتاريخ والعمق الحضاري والتأثير في محيطها، على الرغم من سبق الثورة التونسية. وكما شهد الأسبوعين الماضيين جرحا مؤلما ولطمة مؤثرة على الخد العربي بالتسليم باقتطاع جزء من الوطن العربي جنوب السودان بتآمر واضح للحلف الصهيوأمريكي مع أطراف عربية آثمة، فقد شهدا أيضا حراكا جماهيريا في عدد من العواصم العربية ينبئ بتلاشي حالة الوهن العربي التي استمرت لعقود طويلة، دون أي داع.. وكأن هذه مقابل تلك والحمد لله. وقد توالت الأحداث التي تضع الحلف الصهيوأمريكي في مأزق، ولكنها تشع أنوار عودة الوعي العربي وتراجع عملاء هذا الحلف. ونستطيع أن نرصد الآن أربعة أحداث كبرى تصب في خانة الصحوة العربية التي انطلقت في أوقات متقاربة بعد مخاض عسير وطويل، هي: الثورة التونسية، وانهيار التحالف الصهيوأمريكي في لبنان، وفضح التآمر الوقح للسلطة الفلسطينية مع العدو الصهيوني ضد المقاومة، وأخيرا وليس آخرا إن شاء الله الانتفاضة المصرية المباركة. وقد تزامنت هذه الأحداث أيضا مع نشر تسريبات ويكيليكس وحالة الرعب التي سيطرت على الكثيرين من حكام العرب خشية فضح ممارساتهم وأرصدتهم، مع ما يصاحب ذلك من فضح للإدارة الأمريكية المتحالفة علنا مع العدو الصهيوني ومع الأنظمة العميلة لها ضد الإنسان العربي.
تحية للشعب التونسي
التحية والإكبار واجبان للشعب العربي التونسي الأبي الذي صبر طويلا على الطاغية الهارب، وتحمل ما لا يتحمله بشر حتى فاض الكيل فانفجر غير آبه بالرصاص الحي لزبانية الطاغية. وقد نال هذا الشعب احترام الجميع بإدارته لاحتجاجات سلمية متحضرة، وبإصراره على خلع كل أعوان الطاغية لتكون الثورة ثورة حقيقية ضد الطغيان بكل صوره، فلم يفرحوا بهروب الطاغية المتوحش ويكتفوا بهذا النصر، ولكنهم أثبتوا وعيهم وتميزهم برفض عودة الطغيان من النافذة تحت مسمى آخر زائف.. فاستمرت الثورة لتؤكد أن من كانوا عونا للطاغية وذراعه اليمنى المعتدية على الشعب لا يمكن أن يكونوا رسل الحرية، ومصداقا لقول الحق تبارك وتعالى (إن الله لا يصلح عمل المفسدين). وقد فوجئ الحلف الصهيوأمريكي بهذه الثورة المباركة التي أخذته على غرة، وشعر بالخطر خصوصا إن امتدت عدواها إلى دول عربية أخرى، لأنهم يعلمون جيدا ألا مكان لهم ولا مكانة بالمنطقة العربية إلا في حماية الاستبداد الرسمي العربي. وقد أسرع أوباما بإيفاد مساعد وزيرة الخارجية لشئون الشرق العربي كمبعوث رسمي، بصفة عاجلة إلى تونس؛ للتأكيد على والتأكد من عدم وصول الإسلاميين أو أية حركة أو حزب مستقل إلى السلطة، ولكن (ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين).. فالشعب التونسي برهن على وعيه وحرصه على ثورته، وإن شاء الله ينتصر الشعب الحر وتكون تونس أول دولة عربية تستمتع بالديمقراطية الحقيقية.
تراجع عملاء الحلف الصهيوأمريكي بلبنان
في ظل تآمر بعض الأطراف اللبنانية مع الحلف الصهيوأمريكي للقضاء على المقاومة بحجة اغتيال الحريري- الذي قام به الموساد لإبعاد سوريا عن لبنان والقضاء على المقاومة اللبنانية- نشط الحلف مع المحكمة الدولية لتلبيس التهمة لحزب الله.. وفجأة انقلب السحر على الساحر وصارت الأغلبية أقلية، وبدأ لبنان فصلا جديدا أربك الحلف إياه، وظهرت على السطح سياسات جديدة تشجع المقاومة وتحبط التآمر والمتآمرين عليها، سبحان مغير الأحوال. ومعنى ذلك أن لبنان سيظل مقاوما، وسوف يصعب استدراجه إلى معاهدات استسلامية مثل أغلب الدول المجاورة لفلسطين المحتلة. وقد بدا الاضطراب والتناقض على المسئولين الأمريكيين والصهاينة، وعادوا للتآمر سعيا لتهييج الشارع اللبناني ضد حكومة نجيب ميقاتي، فالشارع مطلوب في لبنان ولكنه غير مرغوب فيه في بقية الدول العربية.
حان وقت الانتفاضة الفلسطينية الثالثة
شعرت بالألم والغيظ وأنا أتابع ما نشرته قناة الجزيرة من وثائق المفاوضات الفلسطينية مع العدو الصهيوني.. لم يقدر ذهني على تصور أن يقوم مناضلون أرضهم محتلة بالتعاون مع المحتل ضد إخوانهم وأهلهم، هل يمكن لإنسان عاقل أن يفعل ما فعله مسئولو السلطة الفلسطينية؟، ألم يسمعوا المثل الشعبي (أنا وأخي على ابن عمي، وأنا وابن عمي على الغريب)؟!. هذا أمر غير طبيعي.. فهؤلاء إما مجانين وإما عملاء من نوع خاص استطاع العدو أن يورطهم في أفعال يهددهم بها ويمسك بها ذِلة لهم لكي لا يستطيعون التراجع عن الخيانة. ولا نظن أن العدو نفسه يمكن أن يحترمهم أو أن يمنحهم شيئا سوى أموال الرشا، ولذلك فهو يتلاعب بهم ويأخذ ولا يعطي. والحمد لله تعالى أن فضحهم في هذا الوقت الذي يشهد صحوة عربية، لن تكون بعيدة عن فلسطين، بل إن هذه الصحوة- عندما تؤتي أكُلها- سوف تبدأ بالدعوة لتحرير فلسطين. وقد جاء الوقت لكي يتدخل الشعب الفلسطيني بنفسه لوقف هذه الخيانة والمهانة التي تؤخر يوم التحرير، ببدء الانتفاضة الثالثة. وليعلم أهلنا المجاهدون في فلسطين بأن حل القضية في أيديهم هم وليس في أيدي أمريكا ولا العرب أو غيرهم. لقد سقط عباس وجماعته عندما فازت حماس بالانتخابات التشريعية، واستعان بالعدو وبعض الخونة العرب لعدم تمكين حماس من إثبات قدرتها على الحكم، وسقط عندما انتهت مدة ولايته واستمر في الحكم بمعاونة العدو وعملائه، وسقط مرارا عندما فضحت أسرار سلطته وعلاقات الأبناء (التجار) مع العدو... الخ، وفي كل مرة نتوقع أن يستقيل حفظا لماء الوجه، ولكنه لا يفعل. لقد حان وقت الانتفاضة الثالثة لخلع هذه السلطة المضيعة للوقت لتمكين العدو من فرض أمر واقع يمنع عودة الأراضي المحتلة، والعودة إلى المقاومة. ونعتقد أن ما كشفته الجزيرة حتى الآن يكفي لإسقاط جبل، فما بالكم بسلطة منزوعة السلطة إلا على شعبها. ألم يتنازل عباس عن دماء أهل غزة (تقرير جولدستون) مقابل "العودة لعبث المفاوضات"؟!!. إن الطرف الوحيد الذي بيده حل القضية الفلسطينية هو الشعب الفلسطيني وعمقه العربي ’المتحرر’، فلنبدأ متوكلين على الله.
الانتفاضة المصرية.. ما أشبه عام 2011 بعام 1951
هل يعيد التاريخ نفسه؟.. هل ترفض السلطة الإفراج عن المناضل مجدي أحمد حسين رغم الحكم القضائي لكي تتحرر مصر من طغيان الحزب الواحد وهو محبوس مثل أبيه الزعيم أحمد حسين عام 1951؟.. إن أهل الحكم في مصر ينظرون دائما تحت أقدامهم، وعادة ما يتصرفون ببطء وتردد، فقد ظنوا أن التحكم في عملية تكوين الأحزاب وإصدار الصحف والقنوات التلفازية سوف يمكنهم من التحكم في الشعب كله، ويضمنون بالتالي منع وجود أي بديل وإقناع الشعب بأن الأحزاب (الشرعية!) الموجودة هي أحزاب ورقية لا تسمن ولا تغني من جوع.. وأنهم هم الوحيدون القادرون على قيادة الوطن وأن البديل لهم هو الضياع. وقد أدى هذا المفهوم العجيب إلى الجرأة على الشعب وتزوير الانتخابات بطريقة فجة دون أن يستتروا.. ناسين أن الدنيا تغيرت وأن هناك قوى شبابية جديدة لديها من الوسائل الحديثة والطاقة ما يمكنها من فعل ما لم تستطع فعله الأحزاب التي تتعامل معها الحكومة بمنطق العصا والجزرة. وهذا الأمر جد خطير؛ فلا الدولة تعترف بهذه القوى الجديدة، ولا الشباب والمثقفون يعترفون بالحزب الحاكم ومجلسه المزور. لذا فليس غريبا أن ينفجر الغضب المصري بهذه القوة التي شهدناها يومي 25، 26 يناير.. فالشعب لم يعد قادرا على تحمل أعباء الحياة، والجهاز الإداري للدولة شبه متوقف، والجوع والفقر والبطالة والتلوث وانهيار التعليم وانعدام الرعاية الصحية كلها عوامل تدعو للانفجار. لذا فقد فوجئت الحكومة بثورة من لم ولن تستطع التحكم فيهم ولا في الوسائل التي يتواصلون من خلالها. وعلى الرغم من تحذيرات العقلاء لهم بعدم استخدام الرصاص وقتل المتظاهرين الذي عجل بانتصار الانتفاضة التونسية وتحولها إلى ثورة خلعت طاغية تونس.. فقد وقعوا في الخطأ نفسه لأنهم صاروا أسرى لسياسة التعامل الأمني مع كل الشئون الداخلية. لقد حدث تحول كبير في نفسية الشعب المصري، وتلاشى الخوف من الشرطة، وأصبح الموت في نظر الكثيرين أفضل من حياة الذل والجوع والمهانة، وكما قلنا سابقا فالمظاهرات عادة ما تظل سلمية ويمكن السيطرة عليها حتى تسيل أول قطرة دم؛ فتخرج عن السيطرة، لأن الدماء تستدعي الدماء وتثير الرغبة في الثأر.. تماما مثل حالة مناضل مبتدئ يظل حذرا وخائفا من الاعتقال، فيمشي إلى جوار الحائط، حتى يعتقل للمرة الأولى فيُحصّن من الخوف ولا يبالي بتكرار الاعتقالات. وبالعودة إلى موضوعنا حول موقف الحلف الصهيوأمريكي من الصحوة العربية، فقد بدا عليهم الاضطراب رغم التشدق بنشر الحريات والديمقراطية، فطمأنت هنري كلنتون نفسها وحلفها بأن النظام في مصر "مستقر"!. لو حدث في مصر ما حدث في تونس فسوف يبدأ العد التنازلي لخلع كل الطغاة العرب.. ولكن علينا الانتباه والحذر من الحلف الصهيوأمريكي، وينبغي ألا نصدق معسول الكلام، فما يهمنا هو الفعل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق