أهلاً.. وسهلاً

مرحبا بكم في موقع الأستاذ الدكتور/ عبد الله هلال

مقالات علمية وسياسية - محاضرات في الكيمياء - بحوث علمية - كتب علمية في الكيمياء وتطبيقاتها - استشارات علمية (كيميائية وبيئية)















هل لديك استشارة علمية؟

الأستاذ الدكتور/ عبد الله هلال - استشاري الدراسات الكيميائية والبيئية
للاستشارات العلمية:
ناسوخ (فاكس): 0020222670296 القاهرة
جوال: 0020115811500



الصفحة الرئيسية

الثلاثاء، ٢٥ يناير ٢٠١١

* الثورة التونسية.. ثقب في جدار الاستبداد العربي

الثورة التونسية.. ثقب في جدار الاستبداد العربي

د. عبد الله هلال
المصريون 23/1/2011 - الوسط 23/1/2011
على الرغم من حالة الخمول والاستسلام والتبعية التي أصبحت عنوانا لأغلب الأقطار العربية.. لم يكن من المعقول تصوُّر أن قطار الحرية الذي طاف العالم كلّه، شرقًا وغربًا وشمالاً وجنوباً، خلال العقدين الماضيين لن يتوقف في أية محطات عربية؛ لأن هذا التصور الخاطئ ضد طبيعة الأشياء وناموس الكون. والواقع أنه كان هناك قليل من الحراك السياسي "غير المؤثر" في بعض الدول العربية.. ولكن عمليات القمع والحصار والكبت والتعتيم نجحت في قتل كل بادرة أمل في إمكانية أن يتذوق العرب طعم الحرية الحقيقية.. فسادَ الإحباط، وظن المتابعون للشأن العربي أن العرب أمة خانعة أو ميتة، وأنهم عاجزون عن تسديد مهر الحرية، التي يعرف الجميع أنها لا توهب ولكنها تُنتزع. وهكذا تجمد الموقف العربي، وسخِرت منا الأمم الحرة التي لا تزوَّر فيها الانتخابات فتستفيد من كل الثروة البشرية في تنمية وتقدم أوطانها.. وظل الأمر هكذا حتى هيأ الله تعالى لنا من يطلق الشرارة الأولى، التي كانت موجودة، ولكنها كانت حبيسة اليأس والإحباط، وليأتي طوفان الحرية من حيث لا يحتسب الطغاة.. من تونس، التي كانت سجنا حقيقيا جدرانه حدود الدولة. سبحانك ربي.. تُمْهل ولا تهمل، فمن كان يصدّق أن يفر الرئيس المتأله كالفأر المذعور تحت جنح الظلام لا يدري إلى أين يذهب، بعد أن استجدى شعبه الثائر فلم يستمع إليه أحد؟، ومن كان يظن أن ينقلب الحال بين عشية وضحاها فتفتح السجون ويعود المنفيون وتطلق حرية الصحافة وحرية تشكيل الأحزاب، وتنطلق المسيرات بلا خوفٍ وبلا قتلٍ للمتظاهرين؟. حلم هذا أم علم؟!.

إن الحرية هي أهم نعم الله على الإنسان.. وكتطبيق عملي لممارسة الإنسان لنعمة الحرية، ولكي يعطي الله سبحانه وتعالى (ولله المثل الأعلى)، لكي يعطي المثل والقدوة للطغاة والمستبدّين، فقد منح الإنسان الحرية الحقيقية بكامل أوصافها.. وإن وصل الأمر إلى الكفر بالخالق جل جلاله. وقد أثبت التطبيق العملي أن الإنسان الحر إنسان صادق، منتج، شجاع.. حتى وإن لم يكن مؤمنا. وإذا نظرنا إلى خريطة العالم وقسمنا دوله إلى قسمين، أحدهما للشعوب التي تتمتع بالحرية، والآخر للشعوب المحرومة منها، فسوف ندرك قيمة هذه النعمة العظيمة. فالحرية والتقدم (وبالتالي الرفاهية) صنوان يتقدمان معا أو يتقهقران. وأكثر الدول تقدما هي تلك التي تتمتع بالحرية.. أما الدول المتخلفة، الفقيرة، التابعة، الذليلة، فهي التي حَرمت شعوبها من الحرية. ونظرا لأن الحرية قيمة عظيمة كما أوضحنا، ولأنها سر السعادة.. فلا بد أن يكون مهرها غاليًا وعظيمًا. والشعوب التي انتزعت حريتها من بين أنياب الطغاة قدمت المهر جزءًا من أبنائها استشهدوا أو سجنوا وعذبوا من أجل أن يعيش أبناؤهم أحرارًا سعداء، بعد استرداد الحرية. هذه الأمم هي التي سبقت وقطفت الثمار.. تقدمًا وازدهارًا. وعندما تعدم أمة هذا الصنف من العظماء الشرفاء، طلائع الحرية، فقد حكمت على نفسها بالضياع والتخلف والفناء.

ونحمد الله تعالى أن أمتنا بدأت سعيها وجهادها من أجل الحرية.. وها نحن نرى طلائع العظماء الشرفاء في تونس وبعض الدول العربية مضحين بأنفسهم، بل وبأرواحهم، فداءً لشعوبهم، وقد أثبت التاريخ أن النصر في النهاية حليف الشعوب المجاهدة.. وإن تأخر. إن أهم ما يميز الثورة التونسية أنها ثورة شعبية خالصة، ذلك أن الطاغية الهارب كان قد فرّغ الوطن من القيادات والشخصيات المؤثرة، بوسائل القتل والنفي والإبعاد والسجن، وفعل مثل كل الطغاة العرب: مجلس نيابي "مسرحي" يأتمر بأوامره ولا يقدم شيئا للشعب أو الدولة، ومعارضة شكلية ليس لها دور سوى إكمال المظهر المسرحي أو الزخرفي الخادع، والحرص على عدم وجود قيادات بديلة بحيث يبدو الأمر وكأن الدولة كلها عقمت عن إنجاب مثله. وعندما بدأت الثورة ظن الطاغية- كما يعتقد كل الطغاة- أن إطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين سوف يثير الرعب ويُنهي الاحتجاجات، ولكنه كان واهما وحدث العكس، فالمظاهرات عادة ما تظل سلمية ويمكن السيطرة عليها حتى تسيل أول قطرة دم؛ فتخرج عن السيطرة، لأن الدماء تستدعي الدماء وتثير الرغبة في الثأر.. تماما مثل حالة مناضل مبتدئ يظل حذرا وخائفا من الاعتقال، فيمشي إلى جوار الحائط، حتى يعتقل للمرة الأولى فيُحصن من الخوف ولا يبالي بتكرار الاعتقالات. وعلى الرغم من غياب النخبة واستسلامها لسياسة العصا والجزرة فقد انطلقت الثورة، وحرص الثوار على قطع دابر الحزب الحاكم ورموزه وحلفائه، ولم يكفهم هروب الطاغية فاستمروا في التظاهر الواعي المنظم ليتخلصوا من أية (رائحة) باقية من هذا النظام الفاسد الذي خرب الدولة وأذل شعبها. والشيء العجيب أن طاغية تونس لم يكن حاكما مستبدا فحسب، ولكنه- مثل أغلب الطغاة- كان لصا، فلم تكفه المليارات التي نهبها وأسرته طوال فترة اغتصابه للسلطة.. ولم يشغله موضوع الهرب من تونس وتدبير مأوى له عن سرقة ما يستطيع حمله من أموال، إذ نقلت الأنباء أنه وزوجته سرقا طنا ونصف من الذهب الخالص!.. لبئس ما كانوا يفعلون.

هل تنتقل عدوى الحرية لدول عربية أخرى؟.. هذا سؤال منطقي خصوصا هذه الأيام حيث تزايد الكبت والتضييق وأغلقت منافذ التنفيس وتزايد الفراغ السياسي الذي يبحث عمّن يشغله. ومعروف أن الوضع الاقتصادي للشعب التونسي- رغم الاستبداد- يعتبر أفضل بكثير من دول عربية أخرى يخنقها الاستبداد ويجوع شعبها. ولا نبالغ إن قلنا أن ما حدث في تونس سوف يغير الكثير بدول عربية كثيرة، فما بعد تونس لن يكون كما قبلها، والشعوب تجرأت وأيقنت أن الرب واحد والعمر واحد، والطغاة يتحسسون الآن عروشهم وربما رقابهم.. ولم يعد ممكنا بعد ما حدث في تونس أن يستخدم الرصاص الحي لقتل المتظاهرين، وليس ممكنا بالطبع اعتقال عشرات الآلاف والزج بهم في السجون بعد أن شاهد الناس سجون بن علي وهي تفتح ويتحرر منها الآلاف. ولو كان الطغاة العرب لديهم ذرة من عقل لسبقوا شعوبهم- التي تترقب لحظة بداية الثورة- وقاموا بما قام به ورثة طاغية تونس من تلقاء أنفسهم.. ولكن لله سبحانه وتعالى في خلقه شئون، فمن يرضى الله عنه يهديه إلى فعل الخير، ويجعل من يستحق نزع الملك عنه حليفا للشيطان الذي يورده موارد التهلكة. لقد أحدثت الثورة التونسية ثقبا في جدار الاستبداد العربي، وسوف يتحرر العرب عما قريب، ونعتقد أن الجزائر ومصر والأردن واليمن في طريقهم للتحرر من نظام الحزب الواحد، يليهم السودان وسوريا والمغرب وموريتانيا. تحية كبيرة من شعب مصر ومن كل الشعوب العربية لشعب تونس الأبي الشجاع. وننصح الأخوة في تونس أن يتفقوا على الالتفاف حول إحدى الشخصيات المحترمة لتحمل مطالبهم وأحلامهم نيابة عنهم حتى لا يسرق تلامذة الطاغية الهارب الثورة.. ونذكر بقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: إذا كنتم ثلاثة فأمروا عليكم واحدا. كما ننصح كل الشعوب العربية التي ترغب في التحرر بالاتفاق على قائد قبل بدء الانتفاضة.

* ضحايا الأسفلت بالمئات.. أين الدولة؟

ضحايا الأســفلت بالمئات يوميا‏..‏ أين الدولة؟
بقلم د‏.‏ عبد الله هلال
المصريون 16 يناير 2011

لا نبالغ إن قلنا إن الحادث المروري على طريق بلبيس هو مذبحة حقيقية.. فكيف لم تهتز الدولة حكوميا ومجتمعيا لمقتل 37 مواطنا في لحظة واحدة ودون داع، هل هو زلزال؟، إن الزلازل في بعض الدول لا يسفر عنها مثل هذا العدد الضخم. والشيء المؤسف أن هذه الكارثة لم تحرك ساكنا، فكل ما عرفناه من ردود الفعل الحكومية هو حبس السائق المتسبب في الحادث، وكأنه هو الوحيد المسئول.. لماذا لم يحبس من وافق على أن تتحول سيارات النقل إلى سيارات ركاب تحمل السيارة الواحدة عشرات الركاب وكأنهم خراف؟، والذي ترك هذه السيارة وغيرها تمر من النقاط المرورية دون أن يوقفها؟، والذي لم يجهز البنية الأساسية للطريق لتحذر وتنبه وتكشف الرؤية أمام السائقين؟، والذي يمنح رخص قيادة لغير المؤهلين للقيادة؟ والذي جرّأ السائقين على القيادة بسرعة جنونية دون خشية من القانون؟. والأهم من ذلك أن هذه الحوادث بضحاياها الكُثر صارت "يومية".. وقد تزايدت في الآونة الأخيرة- كما وكيفا- بشكل مقلق.. وكنت قد بدأت الكتابة في هذا الموضوع ولكنني آثرت التريث في النشر حتي يجف دم ضحايا مذبحة الإسكندرية‏,‏ فقد بلغت فظاعة الحادث مبلغا تصعب معه القراءة والمتابعة‏,‏ إذ تأثر الناس بالأشلاء والدماء‏..‏ وبالتآمر الواضح على مصر‏، ثم يأتي حادث بلبيس بضحاياه الأكثر عددا من ضحايا التفجير ليثبت أن الإهمال أشد قسوة على المصريين من الإرهاب، ولكن المفزع هنا أن الإرهاب التفجيري مجهول الفاعل حتى الآن ولكن (الإرهاب الإهمالي)- إن جاز التعبير- معلوم، ولا أحد يحاسبه. ‏ وكما أوضح الأستاذ محمود سلطان في (المصريون) فإن هذه (المذبحة المرورية) على طريق بلبيس أثبتت أن هناك فرز طائفي حيث أحيل ملف قتلى بلبيس إلى أضابير الأرشيف، وكأن دماء هؤلاء الضحايا تختلف عن دماء ضحايا التفجير أو غيره. وقبل هذا الحادث بأقل من أسبوع حملت الأخبار خبرا مشابها فظيعا بتحطم (10) سيارات نقل في 3 حوادث في يوم واحد على طريق واحد (القاهرة- السويس)، وقبلها بحوالي أسبوع كانت فضيحة مصرع عدد كبير من السياح الأجانب (في حادث مروري) أيضا!.. أعداد هائلة من القتلى الذين يسعون في الأرض على أرزاقهم، وكأننا صرنا حشرات أو نمل يداس بأقدام المشاة!. ويحق لنا أن نتساءل‏:‏ ما هذا النزيف الدموي الذي لا يتوقف على الطرق المصرية؟‏!..‏ كيف تقع كل هذه الحوادث اليومية التي تنشرها الصحف ولا يتحرك أحد لبحث تلك الظاهرة المؤسفة التي تبتلع أسرا كاملة أو ركاب حافلة أو سيارة بالكامل؟‏!‏. هل كلفت أية جهة نفسها بحصر ضحايا الطرق وأسباب الحوادث، وإجراء الدراسات الاحصائية اللازمة ومقارنة أعداد القتلى والمصابين في مصر بأمثالهم في الدول الأخرى‏,‏ علما بأن ما لا ينشر من الحوادث أكثر بكثير مما ينشر؟‏!‏

وماذا فعلت الجهات المسئولة لتقليل أو منع هذه الكوارث؟ وإذا لم تكن قد فعلت وهذا هو الواقع فما الفائدة من وجودها؟. كما يحق لنا أن نتساءل‏..‏ عن شماعة القضاء والقدر التي لا نتوقف عن استخدامها‏:‏ لماذا يختارنا القضاء والقدر دون خلق الله في أغلب دول العالم؟‏,‏ ولماذا يكثر عدد الضحايا في حوادثنا‏,‏ وتتضخم الخسائر الاقتصادية بلا أي مبرر؟‏,‏ أليست هناك دلالات يمكن الاستفادة منها للعمل على تقليل الحوادث وتقليل عدد الضحايا؟‏!.‏ أفيقوا أيها النائمون‏,‏ فقد وصل الأمر إلى حد الكارثة‏,‏ ولم يقتصر على الطرق السريعة‏,‏ فلا فرق الآن بين هذه الطرق وشوارع المدن‏,‏ ومنها العاصمة‏.‏

بل لقد وصل الإهمال إلى تكرار الحوادث البشعة المتشابهة في المحافظة الواحدة‏,‏ في أيام متوالية رغم الاهتمام الرسمي والاعلامي والشعبي بالحوادث الكبيرة مما يفترض أن يدعو للانتباه واليقظة‏,‏ ولو إلى حين‏!.‏ وهذا يعني أن مشكلة الحوادث المرورية وصلت إلى مستوى مقلق لا ينبغي السكوت عنه أو تجاهل دلالاته‏,‏ كما يعني أن هناك شيئا ما خطأ لابد من البحث عنه وإيجاد السبل الكفيلة بتجاوزه‏.‏ والواقع أن هذه المشكلة تعتبر من المشكلات اليسيرة جدا التي تواجه الحكومات والادارات المحلية لو وجدت النية الصادقة لإيجاد حلول لها‏..‏ فنحن نعلم ـ على سبيل المثال ـ كيف يحصل الناس في بلادنا على رخص القيادة بسهولة غير عادية لدرجة أن بعض الدول العربية لا تعترف بالرخصة المصرية‏,‏ ونعلم ما يحدث أثناء الفحص الفني للسيارات عند تجديد رخصة السيارة,‏ ونرى بأعيننا كيف تسير السيارات بدون اضاءة خلفية وتمر على نقاط التفتيش المروري دون أن يوقفها أحد‏,‏ ونعاني من الشاحنات التي تحمل الرمل والزلط وخلافه وتقذف به على السيارات التي تسير خلفها وتصيب زجاجها بسبب إهمال تغطية الحمولة‏,‏ ونشاهد التقاطعات الخطيرة التي تحدث بها تصادمات يومية دون أن يكلف مسئول نفسه الأمر بوضع تحذير أو اشارة‏,‏ ونمر في كل مكان على المطبات والبالوعات التي تفاجئ قائدي السيارات فيضطرون إلى الانحراف المفاجئ والاصطدام بخلق الله أو بالسيارات الأخرى‏,‏ ونعاني من الشاحنات التي يصر قادتها على السير في يسار الطريق معطلين من وراءهم‏.‏

كما أن بلدنا الجميلة هي الوحيدة في العالم تقريبا التي نشاهد فيها سيارات الأجرة وقد أدمنت الوقوف لتحميل الركاب أو تفريغهم في مطالع ومنازل الجسور‏(‏الكباري‏)‏ وفي مداخل ومخارج الشوارع وفي التقاطعات الخطرة‏.‏ وهناك ظواهر الجهل التام بقواعد المرور وإهمال الصيانة الدورية للمركبات‏,‏ والسائقون المهنيون غير المؤهلين الذين لم يهتم أحد بتدريبهم وتعليمهم السلوكيات الأساسية اللازمة للتعامل مع الآخرين أثناء القيادة‏,‏ ولا حتى حمايتهم ووقايتهم من داء الشم و السكر أثناء القيادة‏..‏ فرغم أن الصحف تذكر في حوادث كثيرة أن السبب هو أن السائق كان سكرانا‏,‏ لم يحدث أي تصرف رسمي أو مجتمعي لمنع هذه الظاهرة‏.‏

المفروض أن قوانين المرور مصممة بالأساس لتعكس وتعبر عن البنية الأساسية المرورية بالطرق والشوارع‏..‏ وهذه البنية الأساسية هي الأساس الأول الذي ينبني عليه ضبط الحالة المرورية وتغريم المخالفين لقانون المرور، والطرق في مصر حالتها معروفة؛ فليس لدينا متر واحد مطابق للمواصفات‏.‏ كما أن هناك عجز خطير في وسائل الإرشاد.. فكيف يعاقب شخص مثلا لأنه توقف في مكان ممنوع دون أن تكون هناك شاخصة أو لون أصفر على الرصيف يدل على هذا المنع؟‏..‏ إننا للأسف لا نرى في بلادنا الشواخص العادية المنتشرة في أنحاء العالم والتي تحمل لافتات مثل‏:‏ قف‏,‏ أفسح الطريق‏,‏ لليمين فقط‏,‏ ممنوع الدخول‏...‏ الخ‏.‏ وعلى الرغم من أن أهم أسباب الأزمة المرورية هو كثرة السيارات المتوقفة بالشوارع بسبب النقص الحاد في أماكن الانتظار المعتمدة‏,‏ والتي تخنق الحركة وتسبب الاحتكاك بين السيارات وتكثر من المشاجرات وتعطيل الحركة‏..‏ فلم يفكر أحد في أهمية وضرورة تحديد أماكن الانتظار برسم مستطيل أبيض في الأماكن المسموح بالانتظار فيها‏,‏ وهذا يعني بالطبع أن الوقوف خارج هذه المستطيلات ممنوع ويؤدي إلى الغرامة‏.‏

ولقد غلظ القانون الجديد للمرور مثلا عقوبة السير في الاتجاه المخالف دون أن يسبق ذلك تجهيز بنية أساسية تبين بوضوح اتجاه السير رغم سهولة ذلك‏,‏ ويستطيع أي مواطن بالتالي الطعن أمام المحكمة وإلغاء العقوبة‏..‏ وقد حدث أثناء فترة دراستي بالولايات المتحدة أن أوقفني شرطي المرور وسحب الرخصة لأنني لم أهدئ السرعة في جزء من الشارع أمام مدرسة‏,‏ وعندما وجدت أن الشاخصة المكتوب عليها هدئ السرعة غير ظاهرة بسبب غصن شجرة واعترضت على هذه المخالفة استجاب الضابط على الفور وأعاد لي الرخصة‏,‏ معتبرا أن الخطأ إداري‏,‏ وأمر على الفور بتقليم الشجرة‏.‏ ومشكلتنا في مصر أن البنية الأساسية غير جاهزة بل وغير صالحة لتطبيق قوانين مرورية حازمة تستطيع أن تعيد الانضباط إلى الشارع المصري‏.‏ كما أن أفراد الشرطة المرورية غير مهيئين لفرض النظام‏,‏ فقد رأينا في كل الدول التي سافرنا إليها أن الشرطي دائما موجود ويسبق الجميع في الوصول إلي مكان العطل أو الحادث‏,‏ ولمسنا جاهزية هؤلاء الأفراد في التعامل‏ (‏تلقائيا‏)‏ مع أية أحداث طارئة يمكن أن تؤدي إلى تعطيل المرور أو وقوع حوادث‏..‏ مثل تعطل سيارة بالطريق‏,‏ أو تجمع مياه الأمطار‏,‏ أو هبوب عاصفة ترابية‏,‏ أو وجود ضباب كثيف‏,‏ أو انقطاع التيار الكهربي عن الاشارات المرورية الضوئية‏...‏ الخ‏.‏ وبالطبع فليس مطلوبا أن يوجد شرطي مروري في كل شبر من أرض المحروسة‏,‏ ولكن مطلوب أن يكون لدينا الشرطي المتحرك ‏(‏من تلقاء نفسه‏)‏ للمراقبة وتخويف المخالفين والمستهترين‏.

وهناك إجراءات كثيرة تساعد على الرقابة الذاتية وتجعل من المواطن شرطيا اعتباريا إن وجدت التعليمات الواضحة التي تفضح المخالف‏,‏ وقد سبق أن طالبنا مثلا بتحديد اتجاهات السير بالشوارع المتلاصقة ليصبح أحدها للذهاب والآخر للإياب ‏(‏بتعليمات واضحة‏),‏ وهذا من شأنه ضبط السير في هذه الشوارع دون الحاجة لوجود شرطي لأن المخطئ لن يجرؤ على المكابرة‏.‏ لن ينضبط المرور وتقل الحوادث قبل تأسيس بنية تحتيه مناسبة‏، وقبل وجود شرطي مؤهل متخصص متحرك‏.

السبت، ٨ يناير ٢٠١١

* النتيجة المأساوية.. للانسداد والفراغ السياسي في مصر

النتيجة المأساوية.. للانسداد والفراغ السياسي في مصر

بقلم د/ عبد الله هلال
القدس العربي، (ص) 8/1/2011- المصريون 7/1/2011- الوسط 5/1/2011
كيف لم يدرك أهل الحكم وأقطاب حكومة التجار والمحتكرين في مصر أن حالة الانسداد والفراغ السياسي التي وضعوا الوطن فيها يمكن أن تفتح الباب للعابثين والمتربصين بمصر لتنفيذ مخططاتهم الشيطانية وإحداث الفتنة التي لا يمكن لأحد أن ينجو منها ؟.. ألا تعلمون أيها الأذكياء أن قوانين الطبيعة قاهرة ويستحيل تجاوزها، وأن هذه القوانين تؤكد أن الانسداد يؤدي إلى الانفجار، وأن وجود فراغ في أي نظام أو مكان لا يمكن أن يدوم لأنه لا بديل عن ملء الفراغ؟. إن الذين أفقروا البلاد والعباد، وأثبتوا عدم جدارتهم لإدارة شئون وطن كبير عليهم هم الذين تجرأوا على الوطن وزيفوا الانتخابات بطريقة غبية دون أن يستتروا، ودون أن يفهموا أن الدنيا تغيرت، وأن السارق في العصر الحديث لم يعد يستطيع أن يفر بالمسروقات دون أن ينفضح أمره. وهكذا أعِد المسرح وتهيأت البيئة وانفتح الباب للمتربصين بنا، من الصهاينة وغيرهم، ليجدوا المتعصب الأعمى أو الساخط الجاهل أو الجائع المفرط أو اليائس المستعد لبيع نفسه أو وطنه لكي ينفذ عملية شيطانية ضد مواطنين أبرياء.. مذبحة بشعة تصب الزيت على النار، وتفتح الباب لإشعال نار الفتن التي يصعب إطفاؤها، دون وجود سياسات وطنية مخلصة ومقبولة من الشعب المصري كله.
إن تاريخ مصر كله يثبت أن المصريين شعب واحد مترابط، وأن الدين لم يكن يوما- على المستوى الشعبي- وسيلة للتفرقة بين مواطن وآخر، وإن وُجد بعض المتعصبين المتطرفين بين المسلمين أو المسيحيين فهم قلة معزولة لا تستجيب لها الأغلبية.. وهذا يؤكد أن حادث الإسكندرية الإجرامي ليس صناعة مصرية. وأيا كان المجرم الذي خطط أو نفذ هذه المذبحة.. فمن الواضح أن سياسة الاهتمام بالأمن السياسي على حساب الأمن الاجتماعي هي التي أوصلتنا إلى هذه الحالة المزرية. لماذا لم تتعلم حكومتنا من حكومة (إمارة) دبي التي تستخدم التقنيات الحديثة لخدمة الأمن وتوفير الأمان للمواطنين؛ وتصل إلى الجناة في لمح البصر؟!. ونحن في مصر نمتلك بالطبع كل هذه التقنيات الحديثة.. ولكن أين تزرع حكومتنا آلات التصوير والتسجيل؟: في المساجد لمراقبة المصلين، وفي مواقع المراقبة للمعارضين، ولتأمين أقطاب حزب الحكومة، وربما بالفنادق الكبرى لتأمين الأجانب. أما الميادين والأسواق المزدحمة والأماكن الحساسة فهي في نظر أولي الأمر ليست مهمة!.
وكالعادة.. تأخر أهل الحكم واضطربوا في التعامل مع هذه الأزمة الخطيرة، وتصرفوا وكأن على رأسهم بطحة!، وبدلا من أن يسرعوا لمواساة أسر الضحايا وزيارة المصابين.. ذهبوا ليكرسوا الطائفية ويواجهوا الغاضبين الذين قابلوهم بالحجارة، وهو تصرف مجنون ومرفوض، ولكن العيب على من ذهب للمكان الخطأ وفي الوقت الخطأ. مطلوب تصرف سريع للكشف عن المجرمين وتبيان الحقيقة، التي نثق أنها ستريح الجميع لأننا نعتقد أن من ارتكب هذا الجرم لا يمكن أن يكون مصريا. ويا أهل الحكم نتوسل إليكم أن تدركوا أننا في حاجة إلى حلول سياسية لا أمنية.. لا تفعلوا مثل اليمن، واحذروا الانزلاق إلى ما انزلق إليه العراق المسكين. فالأحوال في مصر يصعب التحكم فيها إن وقعت الفتنة لا قدر الله، بسبب الشيخوخة الإدارية التي تشل حركة الوطن كله.
فتش عن اليهود
ليس هناك أدنى شك أن الكيان الصهيوني لا يمكن أن يشعر بالأمان وعلى حدوده دولة كبيرة مثل مصر إن كانت عزيزة قوية.. إذ كيف ينام لص في بيت مسروق وأصحاب البيت وأقاربهم وأصدقائهم على قيد الحياة؟. هذه حقيقة مسلم بها، لذا فالعدو لا يكف عن التخطيط لتخريب مصر- وغيرها من الدول العربية، وأفضل وأرخص وسيلة للتخريب هي زرع الفتن ليتولى أهل البيت تخريبه بأيديهم. فإيقاع الفتنة بين أي طرفين يجعلهما مثل شخصين كفيفين، فإذا قام شخص ثالث بصفع أحدهما ظن أن قرينه الكفيف هو الذي صفعه؛ فيرد الصفعة وتنشأ معركة دموية (بين عميان) بلا داع. وهذا ما حدث في العراق عندما أشعل الموساد الصهيوني فتيل الفتنة بعملية شبيهة بمذبحة الإسكندرية، ليرد الطرف الآخر بعشوائية رد الفعل المتعجل بلا روية أو تدبر، ويصعب بالتالي وقف هذا التفاعل المتسلسل الذي يشبه الانفجار النووي. والحمد لله أن المصريين أثبتوا أنهم أعقل وأكبر بكثير من هذه الفتن السوداء، ولكن ينبغي الحذر من اليهود الصهاينة ومؤامراتهم ودسائسهم.
مواد التفجير.. مَشاع
لاشك أن منافذ الدولة مراقبة جيدا لمنع دخول متفجرات من الخارج، ولكن ماذا عن تصنيعها بالداخل؟. كان ينبغي على الحكومة أن تقطع الطريق على المجرمين القتلة الذين يحصلون على الكيماويات بسهولة ويصنعوا منها المتفجرات التي تحدث الدمار والخراب والقتل والفتن، وذلك بإقرار قانون مزاولة المهن الكيميائية الذي قدمته نقابة المهن العلمية مرارا، ولم تستجب الحكومة.. وتظل الكيماويات الخطرة بما فيها من سام وحارق ومتفجر ومشع.. الخ، مشاعا متاحا لمن يريد التخريب، فضلا عن خطورة تداولها بأيدي غير المتخصصين. هل يعقل أن يعطل إصدار قانون يعالج مشكلة خطيرة تخص تداول مواد خطرة.. ثم نبكي على اللبن المسكوب بعد فوات الأوان؟. من المسئول عن هذه الفوضى؟!. هل هناك دولة في الدنيا تترك المواد الخطرة للتداول بأيدي تجار أميين دون وضع قانون ينظمها ويضبط تداولها؟.
مطلوب تحكيم العقل
قد نلتمس العذر لمن صُدموا وفجعوا نتيجة لهذه المذبحة البشعة في ردود الفعل المتشنجة، فنحن بشر.. ولكن المبالغة في رد الفعل تزيد من التعصب الأعمى وتثير الغبار وتحجب الرؤية والعقل عن التفكير الهادئ الذي يضع الحلول الجذرية للخلل الذي يعاني منه المصريون جميعا. ويجب الحرص على عدم توجيه رد الفعل إلى المكان الخطأ، أو محاولة استثمار مناسبة سيئة لتحقيق مكاسب أو امتيازات يراها البعض حسنة.. فهذا يوجه القضية إلى الاتجاه الخاطئ ويمَكّن المجرمين من الفرار والتغطية على جريمتهم. إن إثارة المواطنين ودعوة قيادات دينية أتباعهم للتظاهر في هذا التوقيت الخاطئ للحصول على مكاسب طائفية ليست لهذا علاقة بالحادث الآثم الذي هز مصر كلها.. سوف يشوش على المشكلة الأصلية ويدعم الرأي القائل باحتمال تورط متعصبون بالمهجر في التخطيط لهذه الجريمة. والحقيقة التي تدعوا للفخر والاحترام أن الشعب المصري كله لم يقصر في إدانة هذه المذبحة والتنديد بمرتكبيها والمتسببين فيها، وظهرت على السطح ظاهرة فريدة من التماسك الاجتماعي والتساند والتكاتف الذي تحسدنا عليه دول كثيرة، فهذه هي مصر الحقيقية التي تبرز محاسنها ومزاياها في الشدائد والمحن. فالمصريون لم يألفوا هذا النوع من الجرائم غير الإنسانية، وهذا بلا شك لأنهم شعب متدين بطبعه، بصرف النظر عن الدين. فهلا وظفنا هذه المزايا لمحاصرة الفتن واستثمار ظاهرة التماسك الاجتماعي لخير الوطن والمواطنين؟.. مطلوب حكومة "ذكية" للقيام بهذا الواجب المقدس.

abdallah_helal@hotmail.com
http://abdallahhelal.blogspot.com

* البرنامج النووي.. لمواجهة التهديد المائي

البرنامج النووي.. لمواجهة التهديد المائي

بقلم د. عبد الله هلال

المصريون 30/12/2010 - الوسط 29/12/2010
لا يختلف اثنان على أهمية توافر المياه العذبة، وعلى أن الحضارات التي نشأت على ضفاف الأنهار لم تكن لتنشأ أو تنطلق وتمتد زمانا ومكانا لولا نعمة المياه، التي لا حياة أصلا بدونها. ولقد أنعم الله تعالى علينا بمياه النيل، فاستمتعت مصر بهذه الهبة الربانية لآلاف السنين.. فهل الظروف الحالية تسمح باستمرار هذا الخير وتلك النعمة التي لا شك أننا قصرنا في الحفاظ عليها؟. ولا نقصد في الإشارة إلى التقصير عدم حماية النيل من التلوث فحسب، ولكننا لم نفكر يوما في ترشيد استهلاك المياه، خصوصا مع الزيادة السكانية، وأهملنا مسألة التوزيع العادل للمياه بحيث تكون الأولوية لإنتاج الغذاء، ولم نجتهد في العمل على زيادة موارد مياه النيل (قناة جونجلي مثلا)، ولم نهتم بالبحث عن مصادر جديدة للمياه.. والأخطر أننا أهملنا العمق الأفريقي وهيأنا الفرصة للعدو الصهيوني لكي يعبث في منابع النيل ويهدد حياتنا. وعلى الرغم من أن النيل لا يزال يواصل عطاءه، ولم نصل بعد إلى خطر الحرمان من بعض حصتنا- وهذا للأسف أصبح الآن احتمالا واردا.. فالمشكلة بدأت تطل برأسها؛ حيث نرى الآن شبكة الري التاريخية وقد تضاءلت، ونجد الكثير من الترع والقنوات وقد جفت واندثرت، ونشاهد المزارعين وهم يستخدمون مياه الصرف الملوثة والخطرة في ري المحاصيل التي نتغذى عليها!. وليت الأمر يقتصر على ذلك؛ فالأخطر هو ما يهدد العالم- ويهددنا بالطبع- من تغيرات مناخية يمكن أن تعمل على رفع درجة الحرارة وتوسيع رقعة الجفاف وما يترتب عليه من كوارث.. وقد جربنا ورأينا رأي العين أحوالنا المتردية مع الارتفاع الطفيف في درجة حرارة الصيف الماضي.
فهل سوف نظل غافلين، ننظر تحت أقدامنا، وننتظر اليوم الذي نبكي فيه على حالنا ونقول (النيل ما جاش)؟!. إن قضية توفير المياه مسألة حياة أو موت، والتخطيط العاقل والرشيد لمستقبل المياه لا يقتصر على خطط خمسية أو عشرية، ولكن لمئة سنة قادمة على الأقل. ولا شك أن الواقع الحالي في ظل العبث الصهيوني بدول منابع النيل وبدء تمرد هذه الدول علينا، وفي ظل كارثة انفصال جنوب السودان، ومع التزايد الطبيعي لعدد السكان.. هذا الواقع يحتم علينا إعادة النظر في أولوياتنا ووضع قضية توفير المياه على رأس القائمة. وأول ما ينبغي الاهتمام به هو العمل على الاستثمار الأمثل لما بين أيدينا من مياه بترشيد استهلاك مياه النيل، ووضع خطط واضحة ومفهومة للاستفادة من المياه الجوفية.. ثم نبدأ فورا في البحث عن مصادر إضافية.
وقد بات واضحا أن هناك نية لعودة البرنامج النووي المصري بعد انتظار دام أكثر من خمسين عاما، مع الإعلان عن إعداد وزارة الكهرباء لطرح مناقصة لتصميم وبناء وتشغيل المحطة النووية الأولى بطاقة تقريبية تصل إلى 1200 ميجاوات، على أن تبدأ العمل عام 2019؛ كما أعلن السيد وزير الكهرباء.. وهذا جيد، ولكنه غير كاف. فإذا كانت الدوافع الأصلية لإنشاء محطة نووية هي توفير الطاقة الكهربية الرخيصة، وهذا مطلوب بالطبع.. فالواجب الآن توسيع المجال والتخطيط لزيادة عدد المحطات للاستفادة منها في تحلية مياه البحر. ويجب أن ينتبه المخططون وصناع القرار إلى أن الحاجة للمياه أكثر إلحاحا من الحاجة للكهرباء.. فإذا كانت بضعة محطات نووية- على المدى البعيد- تكفينا (كهربيا) فإنها لن تكفينا (مائيا) وينبغي السعي لمضاعفتها، كما ينبغي الاطمئنان إلى والتأكيد على أن المحطات النووية المصرية مصممة لتوليد الكهرباء وتحلية مياه البحر في آن معا، وهذا أمر يسير كما هو معلوم، ولكن لا شك أنه سيكون مطلوبا- في حالة الحرص على تحلية المياه- تجهيز البنية الأساسية اللازمة لذلك مثل سُبل تخزين المياه، ووسائل توزيعها على شبكات مياه الشرب أو نقلها إلى شبكات الري. نتمنى أن تكون المناقصة شاملة، ومتضمنة لمتطلبات تحلية المياه وتوزيعها؛ فموضوع الحاجة إلى المياه لا يختلف عليه اثنان. وبالإضافة إلى ما أسلفنا من توقع حدوث أزمات مائية.. فمصر تقع على بحرين كبيرين وتمتلك في الوقت نفسه صحراء شاسعة قابلة للاستصلاح إن توافرت المياه. فالصحراء المصرية تتميز بأنها مسطحة ومستوية في أغلبها، والطقس فيها معتدل (وليس حارا جدا مثل الإمارات مثلا- التي تزرع الصحراء رغم شُح المياه). وعندما تتوافر المياه الرخيصة (من المحطات النووية) فلن يكون هناك ما يمنع من زراعة الصحراء المصرية وتغيير الواقع الاقتصادي تغييرا جذريا، فلدينا الخبرة الزراعية التاريخية، والطقس المعتدل، والصحراء الواسعة.. ولا تنقصنا سوى المياه. كما أن هناك إمكانية كبيرة لتحويل الأراضي الصحراوية إلى أراضٍ زراعية لا تقل جودة وإنتاجا عن أراضي الدلتا بنقل طمي النيل من المخزون الهائل ببحيرة السد العالي إليها.. ولا شك أن مشروعا كهذا سوف يضع مصر في مصاف الدول الزراعية الغنية. ونذكر أهل الحكم أن المجلس القومي للإنتاج والشئون الاقتصادية، التابع للمجالس القومية المتخصصة رسم صورة "مفزعة" لمستقبل مصر الغذائي.. حيث ذكر أنه في عام 2029 سيتم توجيه دخل مصر كله لاستيراد الأغذية من الخارج!.
وينبغي التأكيد أيضا على أن التقانة النووية لم تفقد بريقها رغم الحملة المضادة لها في بعض الدول التي لا تعاني من نقص المياه أو الطاقة، فالمحطات النووية تعمل بلا توقف في أنحاء العالم، وهناك العديد تحت الإنشاء، وها هي الإمارات تسابق الزمن لبدء العمل في محطتها النووية الأولى عام 2017 ضمن أربعة محطات تدخل الخدمة عام 2020، كما أن إيران على وشك تشغيل محطتها رغم الحصار والتهديد والوعيد، وها هي تركيا أيضا تلحق بالقطار النووي. وبالنسبة لنا فمن الفوائد المهمة أيضا، والتي لا يضعها الكثيرون في الاعتبار رفع المستوى العلمي والتقني لمصر.. فالتقانة النووية تتميز بحتمية الدقة الفائقة، والحرص الزائد عن الحد، والتنوع والتكامل الواسع بين التخصصات.. والمرافق النووية تكون الميدان الأكبر والأول لتدريب الكفاءات العلمية والتقنية، والتي يمكن الاستفادة منها في كافة الميادين، مما يسهم في إحداث طفرة تنموية غير مسبوقة.
وينقلنا الحديث هنا إلى موضوع العناصر البشرية المؤهلة التي من المفروض أن تدير برنامجنا النووي السلمي؛ فإذا كانت دولة مثل الإمارات مضطرة للتعاقد مع الشركات المنفذة بنظام "تسليم المفتاح" فهذا لأنها دخلت الميدان حديثا، وليست لديها الخبرة أو القيادات المؤهلة نوويا لإدارة مشروعها.. ولكن ماذا عن مصر التي بدأت المسيرة النووية منذ أكثر من نصف قرن؟!. إن الظروف التي أحاطت بالبرنامج النووي المصري وكثرة الكمون سببت بلا شك مشكلات كثيرة وهجرة غير مقننة للعلماء المصريين... وهذا الموضوع يحتاج إلى شيء من التفصيل والصراحة، والنقد الذاتي لكي نضع أقدامنا على أرض ثابتة. فواقع الأمر أن الدولة لم تهمل فكرة إعداد الخبرات البشرية منذ أن فكرت في اقتحام ميدان الطاقة النووية، ولم يخيب الشباب المصري- الذي وقع عليه الاختيار وقتها- أمل الأمة فيه، واجتهد في اكتساب الخبرة النووية، وحفلت المجلات العلمية العالمية بالبحوث المصرية المبتكرة التي نافست دول العالم المتقدم، لدرجة أن مصر صُنّفت سريعا ضمن الدول القادرة على إنتاج سلاح نووي، رغم عدم امتلاكنا لأية مفاعلات قـُوى حتى الآن. وعلى الرغم من الهجرة غير المقننة، ومن حالة اليأس التي صاحبت فترة انعدام الأمل في بدء البرنامج النووي المصري، وما نتج عنه من ضبابية واعتكاف وكمون إجباري لكثير من العلماء الجادين المبدعين عندما تم إسناد الأمور لغير أهلها أحيانا، بسبب أعراض الشيخوخة الإدارية التي أصابت العديد من مؤسساتنا.. إلا أن ذلك لا يعني خلو مصر من القيادات الشابة المدربة التي يمكننا الاعتماد عليها. مطلوب فقط إعادة تهيئة المناخ العلمي وبث الثقة في نفوس أهل العلم والخبرة؛ وهذا سيوفر لنا الكثير بدلا من البدء من نقطة الصفر. لسنا في حاجة أبدا لنظام تسليم المفتاح، فالتقدم العلمي والتقني لا يمكن أن يتحقق دون ممارسة ميدانية ودون اعتماد حقيقي على النفس.
وينبغي ألا يغيب عن البال أيضا أن الإعداد الجيد للبرنامج النووي الطموح الذي نحن بصدده يُحتم إيجاد صيغة مناسبة لدعم أسس التعاون والتنسيق والتكامل بين الهيئات النووية المتعددة التي نملكها حاليا.. فلدينا الهيئة الأم وهي هيئة الطاقة الذرية؛ المسئولة عن إعداد العناصر البشرية، وهيئة المواد النووية؛ المسئولة عن التنقيب والبحث عن الخامات النووية المطلوبة لتجهيز الوقود النووي، بالإضافة إلى هيئة المحطات النووية؛ التي تتولى مسئولية إعداد الدراسات الخاصة بإنشاء المحطات النووية، ومواصفاتها وقدراتها ... الخ، وقد تظهر هيئة رابعة بتحويل جهاز الأمان النووي إلى هيئة مستقلة!. وتصعب المطالبة الآن بإعادة دمج هذه الهيئات، فلكل واحدة كيانها وهيكلها ومواقعها؛ و(كل حزب بما لديهم فرحون)، ولكن ينبغي إيجاد مظلة واحدة تسهل التعاون بينها، وتدفع بالعمل المشترك المنظم إلى الأمام. لذا نقترح إنشاء أكاديمية للعلوم النووية، على غرار أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا، بحيث تتبعها الهيئات النووية كلها. في هذه الحالة سوف تكون هناك جهة واحدة متخصصة؛ مسئولة عن تصميم وتنفيذ وإدارة البرنامج النووي.. ومسئولة أيضا- وهذا هو الأهم- عن دعم وتوجيه البحوث العلمية التي سوف تخدم الهدف النهائي، وهو الاستفادة من الطاقة النووية لإحداث طفرة تنموية نحن في أمس الحاجة إليها. كما يتطلب الأمر وضع خطة بحثية جديدة تناسب التوجه الجديد لاستخدام الطاقة النووية، فالهدف الأساسي للبحث العلمي هو تذليل العقبات التي تواجه عمليات التنمية، وإذا كنا بصدد إنشاء محطات نووية فينبغي البدء فورا- وقبل الشروع في تنفيذها- في تجنيد الباحثين لتوجيه بحوثهم لخدمة هذا الهدف.. وهذه ضريبة وطنية حتمية ولا تتعارض مع حرية الإبداع العلمي. لا يجوز أن يظل كل شيء على حاله حتى نبدأ في مشروعاتنا الكبيرة الطموحة، فالتخطيط السليم والإعداد الجيد يتطلبان وضع خطة بحثية ترتبط بالخطة العامة للدولة، وتخدمها. إن غياب الخطة البحثية التي ينبغي أن تُخدِّم على المشروعات الكبرى التي ستكلفنا الكثير والكثير، وغياب المشاركة الوطنية الواسعة لخبرائنا وشبابنا يمكن أن يؤدي إلى الوقوع في مصيدة الاحتكار للشركات المنفذة.. فنقيم مشروعات ضخمة تستنزف جانبا كبيرا من اقتصادنا دون أن ننجح في توظيفها لتوفير فرص العمل والاعتماد الحقيقي على النفس.
ولا ندري لماذا لا يفكر العرب في العمل المشترك بالمجال النووي الذي يمكن أن يخدم التنمية الاقتصادية العربية دون أية خسائر سياسية للدول المنفردة؟.. فالمحطات النووية مكلفة لكل دولة على حدة، ولكنها لا شيء إن اشتركت فيها عدة دول، وعائدها كبير ومثمر إن صممت لتخدم عددا من الدول العربية. والعرب هم أكثر الشعوب حاجة إلى المياه العذبة، وأكثرهم عرضة للتهديد بحروب المياه المتوقعة.. فلماذا لا تنشأ محطات نووية عربية لتحلية المياه وتوليد الكهرباء على البحار العربية مثل البحر الأحمر لمصر والسعودية والأردن والسودان، وعلى البحر المتوسط لمصر وليبيا وتونس، وعلى الخليج العربي للدول الواقعة عليه، وهكذا؟. متى يفهم العرب أن تعاونهم وتكاتفهم هو الطريق الوحيد للتقدم وشطب دولهم من قوائم الدول المتخلفة؟!.

abdallah_helal@hotmail.com
http://abdallahhelal.blogspot.com

* أحمد حشاد.. نموذج للعلماء المجاهدين

أحمد حشاد.. نموذج للعلماء المجاهدين

بقلم د. عبد الله هلال

المصريون 21/12/2010

قضى الله ولا راد لقضائه أن يختار إلى جواره الأستاذ الدكتور أحمد حشاد.. فاضت روحه إلى بارئها العظيم بعد معاناة مع المرض، ليُفجع المصريون والعرب في عَلم من الأعلام الذين لا عوض عنهم، والذين اشتهروا بعفاف أهل العلم، وبالترفع عن الدنيا وزينتها، وعن سفاسف الأمور. عرفت الأستاذ الدكتور/ أحمد حشاد كعلم من علماء علوم الأرض والمواد النووية، ثم التقينا لأول مرة في عام 1992 بنقابة العلميين بادئين معا- ومع باقي الزملاء- رحلة تطوير العمل النقابي، وكنت وقتها شابا إلى جانب شيخ جليل، وعالم مشهور، ولأجد نفسي أمام كنز ثمين يذخر بالعلم والدين والأدب.. لم يعرف تكلـُّفا، ولا تكبرًا، ولا استهتارا بشيء ولا إضاعة للوقت، ولم أصادفه يجلس يوما دون أن يُفيد أو يستفيد. كان عاشقًا للعلم ولكتاب الله تعالى، وكان ممن يحسنون فهم القرآن الكريم وما جاء به من إعجاز علمي. لم يكن يفوت مناسبة علمية إلا وجدته وقد سبق الجميع حاضرا ومشاركا. وتمر السنين ليرسِّخ الشيخ العالم حبّه في قلوب كل من يعملون معه، وفي قلوب قرائه حيث كان يسهم ببعض المقالات في الصحف ومجلة (العلميون) التي كان يرأس تحريرها. كان متواضعـًا- ولا نزكيه على الله تعالى- لدرجة محرجة لمن أمامه.. فقد كان في كثير من الأحيان، ينادي بعض الشباب الذين لا وزن لهم تقريبًا بـ (يا أستاذي)!.
على بشاشة وجهه، ورقة نفسه، ولطف طبيعته، كان صقرًا من صقور الكُتاب والمفكرين العلميين؛ لا يرضى لدينه بالدنيّة، بل يناضل ويبذل الجهد لتعلو كلمة الحق؛ عبر المنابر الإعلامية والنقابية والعلمية، وكانت له صولاته وجولاته في القضايا التي تتصل بحقوق العلميين. كان لآخر لحظة في حياته يعطي- بسلوكه وخلقه- الدرس تلو الدرس لنا جميعا: النهم في طلب العلم والبحث عنه حيث يكون، مع التواضع الذي يليق بالعلماء. وعلى الرغم من اعتلال صحته، ورغم المحن التي تعرض لها في شبابه؛ كان يملك قلب أسد، ولم يكن يخشى في الله لومة لائم، يقول كلمة الحق في كل المناسبات دون أي تفكير في العواقب. كان بعض المتحمسين من شباب العلميين يجابهونه أحيانـًا، ويجهلون عليه، فيبتسم بلطف وود، ويرد عليهم بمنتهى الهدوء، ولا ينفرهم. عرفته طالبا للعلم وصولاً متواضعًا، شديد التواضع.. لا يترك محاضرة ولا مؤتمرا إلا حضر واستمع بتركيز، كأنما يستمع لأول مرة، فإذا انتهى المحاضر تقدم ليعلق ويعلم ويرشد؛ إن احتاج الأمر للتعليق، دون مجاملة، أو يثنى على المحاضر إن كان يستحق الثناء، ويمضى إلى نشاط آخر أو مناسبة أخرى.
مات الدكتور أحمد حشاد، ولم يعلم بفراقه لدنيانا أغلب الناس.. هكذا يموت العلماء والمصلحون ولا يكاد أحد يسمع لهم ذكرًا. ولكن الآخرين من أهل الطرب والتمثيل ولعب الكرة، بل وكثير من المنافقين في مجالات السياسة والإعلام، هم نجوم مجتمعنا المقلوب حاله؛ إذا حدث لأحدهم أن شاكته إبرة تتسابق الصحف في التحدث عنه وتصدعنا بسيرته وسائل الإعلام، وإذا مات انقلبت الدنيا- المقلوبة أصلا- لدرجة أن بعض المغفلين من الشباب ينتحرون بسبب الضجة الإعلامية التي تصاحب هؤلاء الذين ربما لا يستحق بعضهم أي ذكر. فهذا عصر يصنع فيه الإعلام الأذواق والميول والأفكار، وإعلامنا للأسف لا يرتبط بقيمنا ولا بعقيدتنا وشريعتنا. رحم الله الدكتور أحمد حشاد، وأكرمه بكرامة العلماء الصالحين وقبِله عنده مع العلماء المؤمنين الذين أوتوا العلم ورفعهم الله بعلمهم درجات.. اللهم آمين.


abdallah_helal@hotmail.com
http://abdallahhelal.blogspot.com

* كأس العالم.. في ديار العرب!

كأس العالم.. في ديار العرب!

بقلم د. عبد الله هلال
المصريون 15/12/2010 - الوسط 14/12/2010
أن تنجح دولة عربية صغيرة مثل قطر في تحقيق متطلبات تنظيم مسابقة عالمية كبرى مثل كأس العالم .. فهذا بلا شك إنجاز كبير ومتميز، ليس فقط لأن دولا كبرى- عربية وأعجمية- فشلت في ذلك، ومنها من أحرز صفرا كبيرا؛ ولكن لأن القطريين أثبتوا أن العرب مازالوا على قيد الحياة، أي لا زالت فيهم الروح. وتكمن أهمية هذا الحدث في فتح الباب لجذب أنظار العالم إلى حقيقة منطقتنا العربية المضطربة، والتي لا تخرج منها للأسف سوى الأخبار المزعجة وأحيانا المخجلة مثل تزوير الانتخابات، وغياب الحريات، والنفاق السياسي الواسع بمخالفة الأفعال للأقوال، وضرب نواب الشعب، والاستسلام أمام الأنظمة المستبدة، والتآمر على الجانب المضيء الوحيد في حياتنا وهو مقاومة الاحتلال.. الخ. فحضور العالم إلى قطر وما حولها من الدول العربية سوف يبرز أهمية الوطن العربي بموقعه الفريد، وبتراثه الحضاري الأكثر ثراء في العالم، وبثقافته المتميزة، وبكرم أهله.. كما سوف يسهم في تغيير الصورة النمطية للعرب عند الكثيرين في أنحاء العالم؛ كبدو يعيشون في الخيام ويرعون الإبل ويصدرون ما يسمى الإرهاب. وينبغي أن يدرك العرب أجمعين أن قطر هي الممثل لهم، وأن العالم سوف يتعامل معنا على أساس أن (العرب) ينظمون المسابقة ويستضيفون كأس العالم.. وأن النجاح أو الفشل- لا قدر الله- سوف ينسب للعرب، وليس لقطر وحدها.
ولكن هل يعقل أن الإنجاز الكبير وغير المسبوق يقتصر على مجرد (استضافة) مسابقة؟.. إذا كان الأمر كذلك فإن صورتنا أمام العالم سوف تكون مضحكة، لأننا سنكون بمثابة خدم الفنادق، حيث نقوم بخدمة الضيوف وإكرامهم وإسعادهم بكرم الضيافة وحسن التنظيم، ثم نجلس نتفرج بحسرة على إبداعاتهم الكروية دون أن نشارك فيها. ويذكرني هذا بصورة نشرت للقوات الأمريكية في أوائل أيام احتلالها للخليج قبيل حرب تحرير الكويت، حيث انهمك الجنود الأمريكيون في تجهيز الطائرات وقد وقف إلى جوارهم مجموعة من العرب بزيهم الخليجي مكتوفي الأيدي؛ يتفرجون.. وكانت لقطة محرجة، ولكن معبرة!. وعلى الرغم من أهمية وضع أولويات للعمل الوطني الهادف إلى تنمية بلادنا والنهوض بها.. وليست كرة القدم بالطبع من أولويات النهوض، إلا أننا أصبحنا أمام أمر واقع يجب أن نستثمره بطريقة ذكية. لذا فالأمر يتطلب- وبصفة عاجلة- وضع الخطط الكفيلة برفع المستوى الرياضي عموما والكروي خصوصا لكي يشارك العرب في هذا المهرجان العالمي كلاعبين ينافسون فرق الدول المشاركة وليس فقط مشاهدين ومنظمين، فالمثل الشعبي يقول (طاهي السم.. يتذوقه). والوقت لا زال مبكرا، ويكفي- وزيادة- لتربية جيل من اللاعبين المتميزين الذين يستطيعون عبور التصفيات والمشاركة في نهائيات كأس العالم، بل والمنافسة عليه. وأمامنا مسابقتين قبل مسابقة قطر، يجب ألا تفوت العرب فرصة المشاركة في نهائيات كل واحدة منهما، بفريقين؛ آسيوي وأفريقي.. وهذا أمر لا يجوز أن يُترك للمصادفة، فالتخطيط والتعاون العربي مطلوبان. أما قطر نفسها فعليها مسئولية مضاعفة، ويجب عليها السعي من الآن لكي يكون فريقها حاضرا في المسابقات الثلاث القادمة، سواء انتبه العرب لانتهاز هذه الفرصة أو لم ينتبهوا.. فالعرب عادة ما يضيعون الفرص، وليس للعروبة دولة!.
ولا يفوتنا في هذه المناسبة أن ننبه وبكل أسى إلى وجه من وجوه الخلل العربي العجيب، حتى وإن كان فيه نقد للدولة صاحبة هذا الإنجاز الكبير؛ قطر. فليس معقولا أن تكون ضريبة الفوز بأية جائزة أو مناسبة دولية هي حتمية المسح على رأس الكيان الصهيوني الغاصب، وتقبيل يديه، ودعم احتلاله لأرضنا ومقدساتنا بمغازلته أو حتى مصافحته.. فالقدس أعز وأغلى من كل متاع الدنيا. ونخشى أن تكون هناك خطة لإشراك العدو الصهيوني في كأس العالم بطريقة أو أخرى، وتكون البداية على أرض عربية لكي يكون التطبيع في أوجه.. وبمباركة عربية، ومشاركة شعبية. ويكون العدو بالتالي قد نجح في التسلل إلى الشعوب العربية التي قاومت التطبيع وأفشلت كل الخطط الرسمية لفرضه عليها. ندعو الله تبارك وتعالى أن يعجل بوعده للمؤمنين: (فَإِذَا جَاء وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوؤُواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْاْ تَتْبِيرًا).. وألا يكون الكيان الصهيوني موجودا عام 2022.

abdallah_helal@hotmail.com
http://abdallahhelal.blogspot.com