أهلاً.. وسهلاً

مرحبا بكم في موقع الأستاذ الدكتور/ عبد الله هلال

مقالات علمية وسياسية - محاضرات في الكيمياء - بحوث علمية - كتب علمية في الكيمياء وتطبيقاتها - استشارات علمية (كيميائية وبيئية)















هل لديك استشارة علمية؟

الأستاذ الدكتور/ عبد الله هلال - استشاري الدراسات الكيميائية والبيئية
للاستشارات العلمية:
ناسوخ (فاكس): 0020222670296 القاهرة
جوال: 0020115811500



الصفحة الرئيسية

الخميس، ١٧ مارس ٢٠١١

* سياسة الترقيع.. لا تناسب الثورات

سياسة الترقيع.. لا تناسب الثورات
بقلم د. عبد الله هلال
المصريون26/2/2022 - الوسط 25/2/2011

روح الثورة تتغلغل بين كل أفراد الشعب المصري.. ولكنها عصيَّة على بقايا النظام المخلوع، إذ يستمر رئيس الحكومة في ممارسة هواية القص واللصق، للوصول إلى حكومة يقبل بها الشعب الثائر!. ألا يدرك هؤلاء البائسين أن الثورات لا يمكن أن يُجدي معها أسلوب الترقيع؟.. وهل سياسة الترقيع الوزاري يمكن أن تنطلي على الثوار الذين فجروا أعظم ثورة عرفها التاريخ البشري؟.. لماذا تصرون على سرقة الفرح من قلوب المصريين الذين فرحوا لأول مرة منذ عشرات السنين، بعد عقود من الكآبة والحزن؟. يستحيل أن تقوم ثورة شعبية يشارك فيها الملايين ويشهد العالم كله بعظمتها وتميزها وريادتها.. ثم يتمخض جبل النظام العتيق فلا يلد إلا فأرا.

لقد ظن البعض خطأ أن روح الثورة يمكن أن تصيب بعض بقايا النظام فتغيرهم إلى الأفضل.. فيتصرفون بما يناسب الحالة الثورية التي تسري في أوصال المجتمع كله. ولكن من الواضح أن هذا الظن بعيد عن الواقع.. فرئيس الحكومة- في محاولاته لإنجاب حكومة يقبل بها الشعب (لينصرف عن الثوار!)- برهن على أن روح الثورة لم تصبه ومن معه؛ فتوجه إلى الأحزاب الهلامية التي أسقطتها الثورة مع النظام الهالك لأنها كانت جزءًا لا يتجزأ منه، سواء بالتحالف المشين معه أو بالخضوع له والخوف منه، وهذا يدل على أن هناك إصرار على التحايل لإبقاء الهيكل الأساسي للنظام. ماذا فعلت هذه الأحزاب لعشرات السنين سوى خداع الشعب بإكمال الشكل الزخرفي للديمقراطية التي كان يتشدق بها النظام المخلوع؟.. وكيف تحصد هذه الأحزاب الورقية ثمرة الثورة التي فوجئت بها ولم تسهم فيها؟.. هل نسيتم أن الحزب (الوحيد) الذي مارس المعارضة السياسية الحقيقية (حزب العمل) تم تجميده بمباركة أو صمت باقي الأحزاب، وصودرت صحيفته (الشعب)، واعتقل أغلب قادته؟.. ألا ينبغي أن تلحق هذه الأحزاب الشكلية العميلة أو الخائبة- في أحسن الأحوال- بالنظام المخلوع؟.

والشيء المؤسف أن أغلب أركان النظام المخلوع وأفراد حزبه لا زالوا جاثمين على أنفاسنا.. فكيف تقوم ثورة ولا يتم اقتلاع رؤساء الصحف والقنوات الإذاعية والتلفازية الذين خدعوا الشعب وضللوه وساهموا في إطالة عمر النظام الفاسد، ولا تلغى المجالس المحلية الغارقة في الفساد، ولا يتم تغيير المحافظين الذين كانوا ذراع النظام وحزبه في تزييف إرادة الشعب، ويظل رؤساء الجامعات الذين جاء بهم الأمن وزيفوا انتخابات الاتحادات الطلابية وحولوا الجامعات (المستقلة قانونا) إلى فروع للحزب الهالك، وكذلك عمداء الكليات الخاضعين كليا لعمداء الشرطة.. وهكذا كل القيادات في جميع المستويات؛ وهل خربت مصر وثار شعبها إلا نتيجة لعدم كفاءة وانحراف هذه القيادات؟. ولقد وصل التغلغل العجيب لهذا الصنف من القيادات إلى أوسع دائرة وصولا إلى المستويات الدنيا، ولنضرب مثالا بعمدة القرية الذي كان بالانتخاب رجلا وقورا صالحا مضيافا: فبعد إلغاء نظام الانتخاب واستبدال نظام التعيين به؛ لا ندري كيف استطاع جهاز أمن الدولة الذي اختار هؤلاء العمد أن يوفر هذا العدد الضخم (في مصر أربعة آلاف قرية) من المفسدين (في أغلبهم) لدرجة أنهم أفسدوا قراهم ونشروا فيها الرذائل والصراعات والرشا.. وقد تصادف أن أقر نظام التخطيط المعماري ورخص البناء في القرى بعد تطبيق أسلوب التعيين، وهذا النظام يُلزم من يقوم بالبناء بترك مساحة لتوسيع الشارع، فقام أغلب العمد بإفساد هذا النظام بالحصول على قيمة رسوم الترخيص كرشوة مع ترك من يقوم بالبناء ليفعل ما يشاء دون ترخيص، ناهيك عن البناء في الأراضي الزراعية وخلافه.

ويرى البعض- خطأ- ألا وجه للاستعجال بتحقيق كل مطالب الثورة لأن الإدارة الحالية للدولة مؤقتة، وينبغي تأجيل عملية التغيير الشامل لحين انتخاب إدارة جديدة.. وهذا التصور بعيد تماما عن الصواب، لأن ستة شهور تكفي وزيادة لإعادة تنظيم فلول النظام المخلوع والسيطرة على الأوضاع، خصوصا وأنهم يملكون الكثير من الأموال المنهوبة التي تمكنهم من شراء الأصوات والذمم. وإذا كان أغلب من خُلعوا حتى الآن ثبت فسادهم، ويتم التحقيق معهم.. فما الذي يضمن أن الباقين شرفاء، أو أنهم لن يستغلوا مواقعهم في التغطية على الجرائم أو المفاسد التي اقترفوها؟.

ملاحظات:

• بارك الله في شباب الثورة الذين انطلقوا في كل مكان يزيلون القذارة- التي نشرها النظام المخلوع- من على وجه مصر.. وكما قلنا سابقا فهذه هي أخلاق الثوار، والثورات تغسل الناس وتزيل الصدأ ليعود المعدن الأصلي للشعب، ولو كانت الإدارة الحكومية ثورية هي الأخرى لتضافرت الجهود وأمكن إصلاح الخراب الذي يعم البلاد في بنيتها الأساسية خصوصا، ولكن صبرا أيها الأحرار فالتغيير الحقيقي قادم لا محالة.

• اسوأ ما أنجزه النظام المخلوع هو عملية المسخ التي استطاع أن يصبغ بها حياتنا لعقود، لدرجة التفريط في اللغة الوطنية وإهمالها.. فانتشرت الكتابة بالعامية على جميع المستويات، والواجب الآن بعد انتصار الثورة أن نعود إلى لغتنا الجميلة ونرفض الكتابة بالعامية، وعلى شباب الثورة البدء بأنفسهم لتكون بالفعل ثورة على كل الأوضاع البالية.

• كان من المتوقع أن يكون للزلزال الثوري الذي هز مصر كلها توابع؛ تتمثل في انتشار الاعتصامات والإضرابات في أغلب المرافق للتعبير عن الظلم الذي عانى منه المصريون طويلا.. ولا نستطيع أن نلوم المظلوم عندما يصرخ من الظلم، ولكن الحل الأمثل ليس في محاولة منع هذه الظواهر الطبيعية على أساس أن الوقت غير مناسب، فالأفضل بث الطمأنينة في قلوب الشعب الذي عادة لا يشعر بالأمان من كثرة المعاناة، وخير وسيلة هي سرعة إحداث التغيير الذي طالبت به الثورة ليجد المنتفضون من يثقون به عندما يضع لهم جدولا زمنيا لتحقيق المطالب المشروعة التي ينادون بها.

ليست هناك تعليقات: