أهلاً.. وسهلاً

مرحبا بكم في موقع الأستاذ الدكتور/ عبد الله هلال

مقالات علمية وسياسية - محاضرات في الكيمياء - بحوث علمية - كتب علمية في الكيمياء وتطبيقاتها - استشارات علمية (كيميائية وبيئية)















هل لديك استشارة علمية؟

الأستاذ الدكتور/ عبد الله هلال - استشاري الدراسات الكيميائية والبيئية
للاستشارات العلمية:
ناسوخ (فاكس): 0020222670296 القاهرة
جوال: 0020115811500



الصفحة الرئيسية

الخميس، ١٧ مارس ٢٠١١

* لماذا نقول (نعم) للتعديلات الدستورية؟

لماذا نقول (نعم) للتعديلات الدستورية؟
بقلم د. عبد الله هلال
المصريون 17/03/2011

الدستور هو أبو القوانين.. وعادة ما تناضل الشعوب من أجل دستور جيد ضمانا للحريات وتأكيدا على الحقوق والواجبات للأفراد والمؤسسات. وكما يعرفه الفقه الدستوري؛ فهو القانون الأساسي الذى يبين شكل الدولة ونظام الحكم فيها وينظم السلطات العامة من حيث تكوينها واختصاصاتها وعلاقاتها بعضها ببعض، ويقرر حقوق الأفراد وحرياتهم ويضع الضمانات الأساسية لهذه الحقوق والحريات. والدستور هو الذي يسهر على كل السلطات في الدولة، ومن ثم كان طبيعيا أن تظهر قاعدة دستورية القوانين التي تقضى بألا يصدر قانون على خلاف الدستور وإلا كان ذلك قانونا باطلا يتعين على القضاء الامتناع عن تطبيقه. وبمطالعة تاريخ مصر مع الدستور نجد أنه قد مر بمراحل متعددة كافح فيها الشعب المصري كفاحا مشرفا من أجل الدستور، وصمد فيها أمام سلطات الاحتلال الإنجليزي التي قاومته بشتى الوسائل والطرق. ففي الفترة ما بين 1882- 1805 شهدت البلاد نضالا مريرا للشعب المصري انتهى بإصدار دستور سنة 1882، ثم ما لبثت سلطات الاحتلال الإنجليزي أن ألغته، ولكن الشعب واصل كفاحه ولم يتوقف جهاده في سبيل الدستور إلى أن صدر في 19 أبريل سنة 1923 دستور سنة 1923، ووفقا لهذا الدستور انعقد أول برلمان مصري في 15 مارس سنة 1924.

ونحن بلا شك في حاجة ماسة إلى دستور جديد يتناغم مع أوضاع ما بعد الثورة، ويفتح الباب لانطلاقة تنموية وحضارية تناسب شعب مصر الذي فجر أعظم ثورة في التاريخ. وقد جاءت التعديلات الدستورية المطروحة للاستفتاء لتفتح الباب لاستقرار الأوضاع أولا بوجود حكومة منتخبة من الشعب لأول مرة، ثم البدء في إعداد الدستور الجديد مع تذوق الشعب لطعم الحرية والتفكير بهدوء وروية في وضع أفضل دستور عصري. وللأسف فقد تزايد الجدل حول قبول أو رفض التعديلات الدستورية، على الرغم من النص صراحة بالمادة 189 مكرر من هذه التعديلات على: )يجتمع الأعضاء غير المعينين لأول مجلسي شعب وشورى تاليين لإعلان نتيجة الاستفتاء على تعديل الدستور لاختيار الجمعية التأسيسية المنوط بها إعداد مشروع الدستور الجديد خلال ستة أشهر من انتخابهم، وذلك كله وفقا لأحكام الفقرة الأخيرة من المادة 189). وهذه الفقرة الأخيرة تنص على: (وتتولى جمعية تأسيسية من مئة عضو، ينتخبهم أغلبية أعضاء المجلسين من غير المعينين في اجتماع مشترك، إعداد مشروع الدستور في موعد غايته ستة أشهر من تاريخ تشكيلها، ويعرض رئيس الجمهورية المشروع، خلال خمسة عشر يوما من إعداده، على الشعب لاستفتائه في شأنه، ويُعمل بالدستور من تاريخ إعلان موافقة الشعب عليه في الاستفتاء).. وهذا يبين بوضوح السعي الصادق لإصدار دستور جديد. وعلى الرغم من حُسن نية أغلب المترددين والمرتابين خصوصا من بعض الشباب المغرر بهم، حيث تتاح الفرصة لأول مرة للتعبير الحر عن الرأي دون غش أو تزوير، وربما تدفع بعضهم الرغبة في مجرد الاستمتاع بحرية قول (لا) التي كانت ممنوعة في الماضي.. إلا أن هناك الكثيرين الذين يدفعهم سوء النية. فالأحزاب الهلامية (الشرعية!) التي كانت مستسلمة للنظام المخلوع بعصاه وجزرته؛ تسعى لرفض التعديلات الدستورية.. لا لأنها غير مناسبة، ولا لأنها لن تؤدي إلى دستور جديد، ولكن لأن هذه الأحزاب تريد إيقاف عجلة الثورة بتعطيل إجراء الانتخابات النيابية، وقد قال بعضهم صراحة إنهم في حاجة إلى وقت لإعداد أنفسهم للانتخابات!، تماما مثل التلميذ الخائب الذي يتمنى تأجيل الامتحان أو إلغائه. ولو جاءت هذه الرغبة من قوى الثورة- الجديدة على العمل السياسي، أو من الأحزاب الناشئة بعد الثورة، أو من القوى التي كان النظام المخلوع يضطهدها ويمنعها من التحرك بين الجماهير على أساس أنها غير شرعية لالتمسنا لهم العذر.. أما الأحزاب الموجودة في الساحة منذ عشرات السنين؛ فما عذرها؟، لقد كانت حجتهم في الماضي أن النظام الهالك يزور الانتخابات ضدهم، أما الآن فقد سقطت هذه الحجة، وسوف يظهر الحجم الحقيقي لكل حزب، وهذا ما يرعبهم ويدفعهم لتعطيل المسيرة بحجة الدستور الجديد، أو بحجة أن بقايا الحزب المسمى بالوطني سوف تستولي على مقاعد مجلس الشعب. والكل يعلم أن الحجة الأخيرة باطلة تماما لأنه لا يوجد كيان حقيقي لهذا الحزب المخلوع.. اللهم إلا مجموعة من المتسلقين والمنافقين المنتفعين الذين لا يفهمون أصلا ما معنى الانتماء الحزبي، وقد رأينا في كل الانتخابات السابقة انصراف الرأي العام عنهم، ويعلم كل من يمارس العمل السياسي أن نسبة قليلة من نزاهة الانتخابات كانت كفيلة بإقصائهم تماما عن الساحة، كما حدث في المرحلة الأولى لأول انتخابات تحت الإشراف القضائي، فما بالك وقد فتحت الثورة آفاق الحرية والشفافية والرقابة الحرة على الانتخابات؟، صدقوني لا يوجد حزب اسمه الوطني.

لنحسب معا المكاسب والخسائر التي تعود على مصر من نتيجة الاستفتاء على التعديلات الدستورية؛ ففي حالة الموافقة عليها سوف يفتح الباب لأول انتخابات نيابية حرة، وسوف تشكل حكومة منتخبة لأول مرة، ثم نبدأ بهدوء في الإعداد لدستور جديد (بعد استقرار أحوال البلاد) يرسي دعائم النظام البرلماني ويقلل من الصلاحيات غير المحدودة لرئيس الدولة، ثم يُفتح الباب لانتخاب رئيس جديد بعد إقرار الدستور حتى لا يقاوم الرئيس القادم- من خلال منصبه- التعديلات التي تقلل من صلاحياته؛ إن انتخب قبل إصدار الدستور الجديد.

وفي حالة رفض التعديلات الدستورية فسوف تكون هذه دعوة شعبية للجيش ليستمر في إدارة البلاد مؤقتا لفترات طويلة، تتبدد فيها الطاقة الثورية، وتضيع علينا فرصة استثمار روح الثورة في إصلاح الخرائب التي تركها لنا النظام المخلوع.. وتكون هذه أول مرة في التاريخ نرى الجيش يريد تسليم السلطة للمدنيين، وبعض المثقفين والسياسيين يرفضون!. والنتيجة سوف تكون إعلان دستوري يصدره الجيش لن يكون بأي حال أفضل من الدستور الحالي بعد تعديله، ثم فتح الباب للجدل الواسع حول من يحق له وضع الدستور الجديد، وتهيئة الفرصة- في هذا الوقت المضطرب- للمتربصين بالمادة الثانية من الدستور لإثارة القلاقل وبذر بذور الشقاق والفتنة.. ويعلم الله وحده إلى أي مدى يمكن أن يستمر الجدل والشد والجذب في مرحلة خطرة الدولة فيها مضطربة والاقتصاد شبه متوقف. اتقوا الله في مصر.


ليست هناك تعليقات: