بعد محاولات الإبادة الجماعية في غزة
بـِتُّ أخجل من عروبتي!
بقلم د. عبد الله هلال
العرب نيوز 29 يناير 2008
ماذا حدث للعرب?.. هل ماتت الشهامة والمروءة?.. أم هل مات العرب ولم يعد لهم وجود?!. إن الأحوال المأساوية في غزة تجعل الحجر ينطق والجبل يبكي, فلماذا لم نعد نتأثر بدموع الثكالى واستغاثات الأرامل واليتامى?.. لماذا نتصنع العمى والصمم والخرس؟.
إننا نري بأعيننا كيف تسهر الدولة العبرية المغتصبة لأرضنا على تأمين حياة أي يهودي في أي مكان في العالم.. نراهم يهرعون لنجدة من تواجه دولته ضائقة اقتصادية, ونراهم يحتجون ويهددون إذا ما تعرض أي خنزير منهم لأذى حتى وإن كان لا يحمل جنسية الدولة العبرية, ونرى العالم يتفهم ذلك ويتقبله.. فلماذا لا نفعل ذلك?.. وإذا كانت الشهامة والمروءة العربية قد أصبحت تراثا وتاريخا, فماذا عن اتفاقية الدفاع العربي المشترك التي أيقظها بوش الأب في الكويت وقتلها بوش الابن في فلسطين والعراق ولبنان؟.
لقد بلغ السيل الزبى ووصل الإجرام الصهيوني إلى ما لم يصل إليه عتاة المجرمين من قبل.. إذ لم يشهد التاريخ جيشا مسلحا بأحدث الترسانات العسكرية يقصف بالطائرات شعبا أعزل ويهدم البيوت ويدمر سيارات الإسعاف والنجدة، ويسجن مليونا ونصف من البشر.. والعالم كله يشهد الجريمة ويصمت صمت القبور, لو حدث هذا في أي مكان آخر بالعالم لما شهدنا ذلك الصمت المريب.. ألم يُحاصر العراق (ويحاكم نظامه) بحجة ضرب المدنيين من الشيعة والأكراد?.. ألم يُمنع بالقوة من تحليق طائراته في الشمال والجنوب بهذه الحجة؟.. ألم يتدخل الغرب ضد يوغوسلافيا لمنع قتل المدنيين العزل (رغم عدم التعاطف معهم؛ لأنهم مسلمون), ولكن العقلاء لا يتركون النار تشتعل بجوار مساكنهم?!.. ألم يتدخل العالم ضد إندونيسيا ويرغمها على انفصال تيمور الشرقية?..ألم تتدخل الأمم المتحدة في شئون السودان بحجة حماية شعب دارفور؟، وهل ما يحدث في دارفور أكثر مما يحدث في فلسطين؟. لماذا إذًا لا يتدخل العرب لحماية الشعب الفلسطيني, وهو ليس مجرد جار ولكنه جزء منا ويدافع عن كرامتنا?، الواجب والطبيعي جدا أن الرد العملي على استخدام العدو للطائرات والصواريخ ضد المدنيين من أبناء جلدتنا, هو تدخل الجيوش العربية لحماية هذا الشعب الأعزل.. قصفا بقصف وصواريخ بصواريخ, ولو حدث ذلك فلن يلومنا أحد. ولكننا وللأسف لا نملك (ترف) أن نطلب منهم ذلك.. إننا الآن نطالب (فقط!) بفك الحصار عن الشعب العربي المسلم المحاصر (عربيا- للأسف!) في غزة.
للأسف الشديد لم تجرؤ أية حكومة عربية على مجرد التفكير في هذا الحق الطبيعي والواجب الذي لا يسقط عن عاتقنا لأي سبب.. وكيف ذلك وهم لا يجرؤون على مجرد قطع العلاقات وإلغاء الاعتراف بالعدو أو حتى مقاطعته?!.. بل وصل الانهيار إلى الصمت التام وعدم الاحتجاج والإدانة ولو دبلوماسيا!، وأصبح الواقع المر الآن هو استرضاء العدو ورشوته بالتنازل عن الأرض المقدسة والاعتراف به والتطبيع الذليل معه وبشروطه مقابل وقف عدوانه, وهم يعلمون أنه سوف يستثمر هذا الاعتراف ويرسخ أقدامه أكثر دون أن يعطيهم شيئًا كما حدث من قبل.
لقد ظل العرب يخدعون الشعب الفلسطيني لخمسين سنة حتى اكتشف هذا الشعب الجسور أنه لن يحرر فلسطين إلا الفلسطينيون, وبدأ مشوار الجهاد الطويل وأذهل العالم ببطولاته.. معتمدا على نفسه لدرجة امتلاك الصواريخ (محلية الصنع) التي لا يجرؤ العرب على التفكير في تصنيعها أو الإعلان عن امتلاكها, وعندما وجد العدو أنه أمام شعب لا يقبل الهزيمة.. لجأ إلى العرب - الذين يقبلون الهزيمة - لكي يعيدوا خداع الشعب الفلسطيني!, ولكن العرب يضعون البيض كله في السلة الأمريكية ولا يفكرون في الاعتماد على النفس.. لم نتعلم شيئا من بطولات أطفال فلسطين, ولم ندرك حكمة الاعتماد على النفس ولو أدركناها لتغير الموقف تماما.. فالشعب الفلسطيني قدم أقصى ما يمكن تقديمه ونجح في إذلال الصهاينة, ولو انضم العرب إلى المسيرة الظافرة لهذا الشعب الصامد فسوف يمكـّنه من النصر وتحرير كل فلسطين.
والسؤال الآن وفي ظل حملة الإبادة الجماعية التي يمارسها العدو ضد أهلنا في فلسطين هو عن الضمير العالمي المتعامي عما يحدث هناك.. أين منظمات حقوق الإنسان التي تثور من أجل قطة أو كلب؟!، أين شعوب العالم الحر؟ أين الذين تظاهروا في أمريكا وأوربا من أجل شعب دارفور؟ أين الأمم المتحدة؟ أين؟ أين؟.. هل هؤلاء سعداء بما يحدث في غزة؟، الواقع أن أية أمة أخرى لن تكون عربية أكثر من العرب.. لقد خرس العرب فخرس العالم الحر وخرس الضمير العالمي!، إن الصمت العربي يجعل العالم يظن أن الصهاينة يدافعون عن أنفسهم ضد الإرهابيين.
ونسأل الحكومات العربية الخرساء العمياء الصماء: هل شعوبكم العربية راضية عما يحدث؟.. بالطبع لا وكلها تغلي وتتمنى الخلاص منكم لتستطيع الجهاد في فلسطين. فمن تمثلون إذاً؟، شعوبكم لا تريد هذا الصمت المخزي فهل تمثلون اليهود أم تمثلون شعوبكم المقهورة؟، مالكم كيف تحكمون؟.. هل إلى هذا الحد بيوتكم من زجاج وترتعدون من العدو الصهيوني الأمريكي؟ أم أنكم سعداء بالإبادة الجماعية؟؟.
إن الصمت الرسمي المخزي عما يحدث في غزة جعلني أشعر بالعار لكوني عربيا، ألم يعد في أرض العروبة رجال؟!، إذا كان هناك رجل حقيقي (أو زلمة أو زول) فليخرج عن هذا الصمت المخزي ويقول- بالفعل لا القول (أنا رجل).. وأتحدى أن يفعلها أحد!!!. ألم نقل مرارا (إن الشرفاء فقط هم الذين لا يخشون من ذلك اليوم الذي يغادرون فيه مواقع السلطة)؟!.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق