مطلوب تحقيق.. يا محافظ الجيزة!
لاشك أن مياه الشرب النقية هي أهم حقوق المواطنين، وهي تعتبر من الأولويات التي يجب توفيرها لكل الناس دون حاجة إلى مطالباتهم وشكاواهم.. لأن الماء هو أساس الحياة (وجعلنا من الماء كل شيء حي).
وإهمال الدولة في توفير المياه النقية سوف يدفع الناس دفعًا إلى استخدام المياه المتاحة حتى وإن كانت غير نقية أو ملوثة، مما يؤدي إلى انتشار الأمراض.. وبدلاً من الإنفاق على توفير المياه النقية سوف تضطر الدولة إلى الإنفاق على مراكز الغسيل الكلوي والمستشفيات أكثر مما ينبغي.. وهذا يدل على السفه وانعدام التخطيط.
والواقع أن الدولة تنفق الكثير من المال الآن على تحسين المرافق وتدعيم البنية الأساسية ومنها محطات تنقية المياه وشبكات توزيعها.. ولكن هل هناك من يراقب هذه المشروعات للتأكد من أنها تسير طبقًا لما هو مخطط لها، وأن الأموال التي أنفقت عليها ليس فيها إهدار أو إهمال؟.. هل هناك خطة زمنية للانتهاء من هذه المشروعات في الوقت المناسب والاتجاه إلى مشروعات أخرى؟.. هل توجد آلية للثواب والعقاب والمكافأة لمن ينجز الخطة بكفاءة ونجاح، ومعاقبة من يهمل ويهدر المال العام؟!.
للأسف الشديد.. يبدو أن الأمور متروكة للعشوائية والفهلوة التي أصبحت جزءًا من حياتنا، ولدينا مثال عجيب من محافظة الجيزة ، إذ أنفقت الدولة ملايين الجنيهات لإنشاء شبكة مياه بقرية أبو عريضة مركز الصف.. ومضت عشر سنوات كاملة على «دفن» الشبكة ودفن المال العام معها في جوف شوارع القرية، ولم تعمل هذه الشبكة، بل لم يتم اختبارها حتى الآن.. ومازال الناس بالقرية يستخدمون المياه الجوفية غير الصالحة للشرب.
والسؤال الآن للسيد محافظ الجيزة: ما قصة هذه الشبكة؟، ولماذا لم يتم تسليمها وتشغيلها؟.. وإذا كانت لا تصلح للعمل فلماذا لم يتم تحويل المسئولين إلى النيابة؟ أليست هذه أسئلة وجيهة؟!!
د. عبد اللّه هلال
العدد 507 الخميس 23من صفر 1422هـ 17 من مايو 2001م
_________________________________
ملايين الحكومة.. وأزمة النقابات المهنية
معروف ما فعلته الحكومة في النقابات المهنية من حصار مالي وتجميد أنشطة ووقف انتخابات وحراسة.. لدرجة أن هناك نقابات أوقفت صرف المعاشات لأعضائها وقلصت مشروعاتها ومنشآتها.. بل وصل الأمر إلى إلغاء مشروعات صنأدىق التكافل الاجتماعي التي ابتكرتها النقابات لخدمة أعضائها بعد أن تدخلت الحكومة وأطلت برأسها في هذه الصنأدىق من خلال وزارة الاقتصاد، دون أن يطلب منها أحد من أعضاء هذه النقابات شيئا.
ووسط هذا الجو الكئيب والحزين، نفاجأ بأن الحكومة التي تدعي الفقر والفاقة تفتح أبواب خزائنها بلا حساب لنقابات معينة عندما تكون هناك منافسة انتخابية يمكن أن تحرج الحكومة وتكشف انصراف الشارع المصري عنها إذا ما سقط مرشحها. والعجيب أن الحكومة لا تتحرج من إبراز هذه الحقيقة وتبيان الأمر على أنه «رشوة انتخابية».. فهي تتسلح بالبخل والتقتير طول الوقت، حتى إذا جاءت «الزنقة الانتخابية».. نسيت نفسها وركبتها موجة كرم حاتمي- مؤقتة بالطبع- وقد أدى ترشيح مجدي أحمد حسين لمنصب نقيب الصحفيين إلى تشنج حزب الحكومة وإصابته بالفزع لدرجة أن جريدة الأهرام صارت شبه متفرغة في الأيام الأخيرة للدعاية لمرشح الحكومة، ومن علامات هذا الفزع أن الحكومة والصحيفة نسيا نفسيهما عندما نشرت الأهرام بالصفحة الخامسة عشرة يوم 30 يونيو خبرا بعنوان: «نصف مليون جنيه لدعم التدريب على الكمبيوتر للصحفيين» وجاءت تفاصيل الخبر العجيب كالتالي:
»حصل الأستاذ إبراهيم نافع نقيب الصحفيين على مبلغ نصف مليون جنيه لدعم مشروع التدريب على الكمبيوتر بالنقابة، وصرح ممدوح الولي أمين الصندوق بأنه تقرر قبول طلبات صرف مبلغ 1200 جنيه لمن اجتازوا بنجاح دورات الكمبيوتر التي تم عقدها بالنقابة ويبدأ تقديم الطلبات اليوم«.
وبداية فلسنا ضد حصول الصحفيين أو غيرهم على جزء من ميزانية الدولة، فهذا حق لكل مواطن.. ولكن الغريب في هذا الخبر أنه لم يوضح من أين حصل النقيب على هذا المبلغ؟.. ولماذا في هذا الوقت بالذات وقبل الانتخابات بثلاثة أيام؟.. ولماذا لم يحصل الصحفيون على هذه الهبة الحكومية طوال السنوات الماضية؟.. وما حكاية صرف 1200 جنيه لكل من حصل على دورة في الحاسوب، هل هذه مكافأة لمن تعلم واستفاد أم ماذا؟!!، وهل يستحق أعضاء النقابات الأخرى مثل هذا المبلغ، ومن أين يحصلون عليه؟!.
والاستجواب الذي نوجهه للحكومة يتعلق بالبند الذي تم منه صرف مبلغ النصف مليون جنيه.. هل الملايين موضوعة في «جوال» تنتظر من يمد يده ويلتقطها، أم أن هناك خطة وميزانية؟. وإذا كانت الموازنة خالية من حكاية انتخاب النقيب.. فمن أين اقتُطع هذا المبلغ؟.. هل من مدرسة أم من مستشفى أم ماذا؟ وماذا لو تقدمت نقابة أخرى لطلب صرف دعم للتدريب على الكمبيوتر.. هل توافق الحكومة؟، وهل يمكن مثلا أن تحصل نقابة العلميين على ميزانية لاستكمال المبنى المتوقف بمدينة نصر؟!. إنني أطالب كافة النقابات المهنية والعمالية برفع دعاوي قضائية على الحكومة للحصول على دعم مماثل لما حصل عليه نقيب الصحفيين سواء لإنشاء مبنى النقابة أو للدعاية الانتخابية التي لصقوها بالكمبيوتر والتدريب عليه.. وإذا لم تفعل النقابات ذلك فهي تكون مقصرة في حق أعضائها.
د. عبدالله هلال
العدد 514 الخميس 14من ربيع الاخر 1422 هـ الموافق5 من يوليو 2001م
_________________________________
مَنْ للعرب والمسلمين في بلاد الغرب؟!
على الرغم من التصريحات «الدبلوماسية» الكثيرة التي بدأ زعماء العرب يطلقونها للحفاظ على التحالف الهش الذي تقوده أمريكا ضد الشعب الأفغاني لتحقيق ولو نصرًا معنويًا لإرضاء الشعب الأمريكي.. ونقصد بها الغزل غير المعهود في الدين الإسلامي وسماحته وحرصه على نشر مبادئ وقيم السلام والمحبة بين الشعوب.. أقول: على الرغم من كل ذلك فقد ظهر الغرب على حقيقته من خلال الأفعال- لا الأقوال- التي يمارسونها ضد العرب والمسلمين في بلادهم.. فالمساجد تحرق، والمسلمون والعرب يُقتلون ويُعتقلون ويُضطهدون دون ذنب أو جريرة. والمتابع لما يجري في أوربا مثلاً يدرك بسهولة حقيقة النوايا الغربية تجاه المسلمين.. فالدول الأوربية لم تتعرض لأي هجوم، والمسلمون فيها لم يقترفوا ذنبًا لا ضد أوربا ولا ضد أمريكا، ورغم ذلك.. ورغم أن الإسلام الذي يتمسحون الآن فيه يدعو إلى «ألا تزر وازرة وزر أخرى«، فقد واجه العرب والمسلمون في أوربا أكثر مما يواجهه أقرانهم في أمريكا نفسها!.
والشيء المثير للحيرة والاشمئزاز أن الحكومات العربية لم تنتفض للدفاع عن رعاياها، ولم تهدد أي دولة- مثلاً- بأنها سوف تنسحب من التحالف العجيب إذا لم تتوقف هذه الممارسات العنصرية.. بل لقد وصل الأمر إلى حد السكوت المذهل عن التحقيقات والاعتقالات التي تجرى ضد المواطنين العرب هناك، فلم تطلب دولة عربية إطلاعها على التحقيقات الخاصة برعاياها للاطمئنان على عدم وجود ظلم أو تلفيق للتهم.. ولا ندري (بل ندري في الحقيقة) ماذا كان يكون الموقف لو أن التحقيقات والاعتقالات كانت بحق مواطنين غربيين في إحدى الدول العربية، حيث التدخل في التحقيقات مع ما يصاحبه من تهديد ووعيد ومطالبات بالإفراج الفوري، حتى وإن كان المتهمون قتلة أو جواسيس!.
كان الواجب أن تكون هناك وقفة عربية وإسلامية حاسمة وقوية لصد هذه الهجمة النازية على العرب والمسلمين.. ولكن للأسف فبعض الحكومات المعنية تزايد على أمريكا لتثبت أنها أمريكية أكثر منها. فالإعلام في مصر مثلاً يعرض للحرب الإجرامية ضد الشعب الأفغاني بطريقة يُفهم منها أنه إعلام أمريكي وليس مصريًا.. حيث الإصرار على أنها حرب ضد الإرهاب، وتذكر هذه العبارة بإسراف عجيب بل وبغباء يفُهم منه أننا نتشفى في الشعب الأفغاني، مثل قولهم أمريكا »تدك معاقل الإرهاب».. «التحالف الشمالي يستعد لهجوم «كاسح» ضد مواقع الإرهاب». إلخ!. وقد لاحظت مثلاً أن إذاعة لندن المعروفة بتوجهاتها وأهدافها لا تستخدم هذا الأسلوب ولا تلك الألفاظ، لأن أمريكا نفسها لم تقل إن لديها أي دليل على إدانة أفغانستان أو حتى بن لادن.
إن الخضوع للإرهاب الأمريكي ومسايرة الغرب في هذه الأزمة الحرجة سوف يضر بالعرب والمسلمين على المدي القصير والبعيد.. وها هم قد بدأوا «مسرحية« إقامة دولة فلسطينية للخداع والتمويه حتى تتحقق أغراضهم الخبيئة والخبيثة!.
د. عبد الله هلال
العدد 534 الخميس 7 من رمضان 1422 هـ 22 من نوفمبر 2001 م
_________________________________
هل يجد شارون «خائنًا» يجلس معه؟!
بعد النكبة الجديدة، وتكرار مذابح دير ياسين وكفر قاسم وصابرا وشاتيلا دون أن تهتز شعرة للمتباكين على الإنسانية وحقوق الإنسان.. اطمأن السفاح «شارون» وتابعه «بوش» إلى أن الحكومات العربية ليس لديها مانع من ذبح القضية الفلسطينية وفرض شروطه الاستسلامية لتحقيق التسوية التي تروق له وتخدم مشروعه الصهيوني، فانتفش ريشه وأخذ يلقي بالتصريحات العنجهية متصورا أنه انتصر بدباباته وطائراته وصواريخه على الشعب الأعزل إلا من إيمانه.. فلم يلق بالا للمعاهدات والاتفاقات السابقة ولا للعرب المطبعين الذين وضعهم في موقف مخزي، وأعلن السفاح الخنزير أنه لا عودة إلى الوراء وأنه سوف يتعامل مع الفلسطينيين والعرب بناء على الوضع الحالي، ولم يتردد في الإعلان عن نواياه الإجرامية بعدم العودة إلى حدود 1967 وعدم الموافقة على عودة اللاجئين.. ووصلت البجاحة والتحدي للحكام العرب إلى حدّ تحديد من الذين «ينال شرف» الجلوس معه من الحكام العرب، فأعلن أنه لا مباحثات مع عرفات ولا السلطة الفلسطينية، وإنما فقط مع من أسماهم «الحكام المعتدلين «!
إلى هذا الحد وصل الغرور والثقة بالنفس لهذا الجزار المجرم؟..هل هو مطمئن إلى هذه الدرجة إلى أنه سوف يجد من يغامر بسمعته وبشرفه ومستقبله السياسي، ويقبل بشروطه المتعالية ويجلس معه وهو ملطخ بدماء الأبرياء؟!.. ترى من الذي سوف يكمل مهمة شارون بالاجهاز على الشعب الفلسطيني وسحق ثورته وانتفاضته؟!.. هل يحلم شارون بالمستحيل، أم أنه واثق من السر الباتع لبوش ومخابراته مع الحكومات العربية؟!. لو حدث هذا (لا قدر الله) فنظن أنه سوف يكون المسمار الأخير في نعش النظام العربي المستسلم الذي كشفته المذابح الأخيرة، بعد أن استيقظت الجماهير العربية وأدركت عمق التبعية والخيانة.
إن الأحداث كلها تثبت أن نكبة 1948 تتكرر بطريقة مشابهة مع استبدال السياسات الفاسدة 2002 بالأسلحة الفاسدة 1948، ولا ندري كيف يوهمنا الحكام العرب بأننا أضعف من العدو الصهيوني وأننا لا نستطيع الدفاع عن الشعب الفلسطيني لأن معنى ذلك هو دخول الحرب!. ومع أن الحرب فُرضت علينا ولم نسع إليها.. ومع أننا بالفعل وبالحسابات الاستراتيجية المتكاملة أقوى من العدو بمراحل.. ومع أن الشعوب العربية لم تبخل على حكامها بالمال والنفس لكي تكون مستعدة لأية حروب تفرض علينا.. ومع أن الأسلحة مكدسة في المخازن العربية تعاني الصدأ والفراغ.. إلخ، فمن الذي قال إن الحرب وحدها هي الحل؟!.. أين العمل السياسي والدبلوماسي والإعلامي والضغوط والتحالفات يا من تدّعون أنكم أهل سياسة ولستم أهلا للحرب؟
- لماذا لا تعلن الحكومات العربية المقاطعة الاقتصادية لكل من يدعم العدو أو يؤيده؟ .. هل تستطيع أمريكا مثلا أن تتحمل وقف الإنتاج في مصانعها لشهر واحد؟.. هل نسيتم ما حدث بعد 11 سبتمبر عندما تم تسريح مئات الآلاف من العمال بسبب حادث بسيط يجب ألا يؤثر في اقتصاد دولة كبرى؟
- لماذا لا تهدد الدول العربية مجلس الأمن باسقاط العقوبات عن العراق وتجميد عضويتها بالأمم المتحدة إن لم تقم الأخيرة بحماية الشعب الفلسطيني وتطبيق الباب السابع (الذي طبق على العراق) على العدو؟
- إن لم يستخدم سلاح النفط في هذه الظروف التي تهدد العرب جميعا بالفناء بعد انكشاف ضعف ووهن وتخاذل حكوماتهم.. فمتى يُستخدم؟.
- بعد أن مزق العدو عمليا اتفاقية اوسلو.. إلى متى يقف العرب المطبعون عاجزين عن المساس بعلاقاتهم الآثمة مع العدو؟.. هل للعدو وحده الحق في نقض العهود والمعاهدات ونظل نحن عاجزين؟.. ولماذا لم تعلن السلطة الفلسطينية سقوط اوسلو وبالتالي سحب الاعتراف بالعدو؟!.
- متى تعترف الحكومات العربية بأن أمريكا هي العدو الأول لنا.. متى؟!!
العدد 553 الخميس 5 من صفر 1423هـ 18 من ابريل 2002م
_________________________________
هل هناك تحالف (عربي- صهيوني)؟!!
انتهينا في المقال السابق إلى أن الفاشلين في ميدان الحرب والجهاد الذين يعلنون عن عجزهم وهوانهم ووهنهم، لا يمكن إلا أن يكونوا فاشلين أيضًا في ميادين السياسة والإدارة بصفة عامة.. وقد تجلي ذلك في الإفلاس السياسي العربي الذي صاحب حملة الإبادة الصهيونية للشعب الفلسطيني، والذي تسبب في بروز المصطلح الجديد الذي أضافته الحكومات العربية إلى القاموس السياسي.. ألا وهو «التسوَّل السياسي»، نعم تسوُّلُ بكل ما تعني الكلمة من فقر وجوع وهوان!. ذلك أن الجماهير العربية الغاضبة- التي كادت تزلزل العروش وتهز جبال الصمت- قد أجبرت الحكومات الفاشلة العاجزة على فعل «شيء ما» لنفاق هذه الجماهير.. وبالطبع فلم يكن بوسع هذه الأنظمة أن تفعل شيئًا مؤثرًا في ظل الوهن الذي يسيطر عليها.. فأخذت تتسول على أعتاب أمريكا، متجاهلة أنها هي العدو الأصلي الذي يجب جهاده أولا حتى لا نخدع أنفسنا.. وعندما وجدت أمريكا أن مصالحها في الحفظ والصون مهما فعلت، لم تتردد في إعلان الحرب علينا، ولم تعد تهتم بإخفاء نواياها أو نفاقنا. وقد تسبب ذلك في حرج كبير للأنظمة العربية، خصوصًا تلك التي تتعامل مع أمريكا كإله (من دون اللّه) ولا تخجل من الطواف ليل نهار حول البيت الأبيض.. فاندفعوا إلى إلههم القديم في أوربا، يتسولون على أعتابه، ولكن الأوربيين أحرجوهم ونهروهم قائلين: ولماذا لم تبدأوا بأنفسكم وتفعلوا أنتم ما تطلبون منا فعله؟.. هل يجب أن تكون أوربا أكثر عروبة من العرب الفاشلين؟!!.
إن الذين يخدعون الجماهير العربية ويوهمونها بأن العلاقات (السمن على عسل!( مع الحلف الصهيوني الأمريكي هي لصالح القضية الفلسطينية، وأن قطع هذه العلاقات أو تجميدها سوف «يضر» بالفلسطينيين.. هؤلاء المخادعون لم يفلحوا في فك الحصار عن ياسر عرفات، ولم يفلحوا في وقف الجرائم الهمجية الصهيونية، بل ولم يفلحوا في دفن موتانا الذين راحوا ضحية العجز العربي وتركوا العدو المجرم يجرفهم بالجرافات ويلقي بهم في المجاري.. فهل هناك جرائم أخرى لم يرتكبها العدو لكي نبقي على علاقة معه لمنعها؟!!.. أليست مذابح اليوم هي هي مذابح الأمس في دير ياسين وكفر قاسم وقانا وصابرا وشاتيلا وبحر البقر.. إلخ إلخ؟!.. هل غيَّر العدو من سلوكه (إلاَّ إلى الأسوأ)؟!.. هل سبق للعدو أن التزم بأية معاهدات أو اتفاقات؟!.. هل لديكم شك في أن الغد أيضًا سوف يشهد مذابح مشابهة، وعلى كافة الجبهات؟!
للأسف الشديد، هناك ما يشبه «التحالف العربي (الرسمي)- الصهيوني».. إذ إن أعداء الحلف الصهيوني الأمريكي يواجهون في أغلب الدول الإسلامية ما يواجهه المجاهدون في فلسطين وفي لبنان (حزب اللّه).. فالسجون مازالت ملأى بالإسلاميين المتهمين «بالإرهاب»، أو بمقاومة التطبيع، أو بتعكير العلاقات »مع دولة صديقة!»، أو بمعاداة الحلف الصهيوني الأمريكي.. ولم تفكر دولة واحدة في الإفراج عن هؤلاء المظلومين كرسالة احتجاج على المجزرة الصهيونية الأمريكية.. فكيف يمكن أن نجد مسمًّى آخر لهذه السياسة غير (التحالف العربي- الصهيوني)؟!.
إننا يمكن أن نفهم سر عدم ترحيب العدو (الصهيوأمريكي) بإقامة دولة فلسطينية.. ذلك أنهم يعلمون علم اليقين أن وجود دولة مستقلة معتمدة على نفسها (وليس على العرب العاجزين) سوف ينتهي بتحرير هذه الدولة لباقي التراب الفلسطيني.. ولكن لا نفهم سر عدم ترحيب العرب (عمليًا) بهذه الدولة، هل لأن الشعب الفلسطيني قد انصهر في أتون المذابح وأصبح أهلاً للانتصار أم لأن هذا الشعب لديه من الإمكانات المؤهلة للتقدم العلمي والتفوق على الدول العربية الأخرى؟، أم لأنه لا يعاني الأمراض التي أورثتها الأنظمة للدول العربية مثل الجهل والأمية؟.. وإذا كان الأمر كذلك، أليس وجود دولة عربية قوية في فلسطين يمثل ذخرًا للعرب أجمعين؟!
- ما لكم.. كيف تحكمون؟!!
العدد 554 الخميس 12 من صفر 1423هـ 25 من أبريل 2002م
_________________________________
هل يدلل العدو عاقل؟!
تُري كيف ينظر العالم إلى العرب في هذه الأيام؟، لا شك أن الأحداث الجارية تجعل كل ذي عقل ينظر إلينا باحتقار شديد، فالحرب الشرسة تدور ليل نهار ونحن جالسون كالتنابلة.. لم نصل إلى مستوى القطة التي تثور وتخربش إذا تعرضت للظلم أو الاستفزاز!. العدو يضرب أهلنا من البر والبحر والجو، ونحن نقول: مهما فعلوا فلن ننجرّ إلى الحرب، والسلام خيارنا الوحيد!.
التهديدات والشتائم واللعنات تنهال فوق رءوسنا من السفاح شارون وعصابته، ونحن متمسكون بالعلاقات الآثمة ومنصاعون إلى التطبيع وعاجزون عن مقاطعة العدو أو حتى التكشير في وجهه!. أمريكا تقولها صراحة إنها تقف وسوف تقف مع الظلم والبغي الصهيوني ضدنا، وإنها لن تقبل مجرد توجيه اللوم له.. ونحن نسمع ونرى مواقفها ونظل جالسين على أعتابها كالمتسولين، لاعقين أحذيتها كالمعتوهين وكأننا سعداء بمواقفها!. مجلس «الظلم» المسمى زوراً (الأمن) يعجز عن حماية الشعب الفلسطيني المعرض للإبادة والتمييز العنصري العرقي (ولو بالكلام!).. ونحن خاضعون له، منفذون لقراراته الظالمة ضد أشقائنا، متناسين ما حدث في تيمور الشرقية، ويحدث في العراق بحجة حماية الأكراد!. وهكذا أصبحنا ألعوبة الشياطين.. أضحوكة الأمم.. والدابة المسخوطة لمن يريد أن يمتطي!.
لقد أثبتت الأحداث الملتهبة في فلسطين السليبة أن النظام العربي قد سقط، بل مات وشبع موتاً، وأنه لن تقوم له قائمة إلا إذا حدثت المعجزة واستردت الشعوب العربية حريتها وأقامت نظاماً جديداً يستطيع أن يبرهن للعدو أن اللحم العربي في حقيقته مُر.. لأنه منذ أن اكتشف العدو أن هذا اللحم طري ومصاب بالوهن بعدما ضربوا في بغداد وبيروت وتونس وغيرها، وقتلوا المشد وأبو جهاد وغيرهما.. عندما حدثت كل هذه المآسي ولم يعاقَب العدو فأخذ يبرطع في كل مكان وزمان وهو يعلم أن سلاحنا الوحيد هو الشجب.. فما الذي يمنعه من ارتكاب المذابح وهدم البيوت وانتهاك المقدسات وضـرب المدنيـين بالـ (إف 16)؟!.
إن الشيء المذهل هو حجم التدليل الذي ينهال على العدو من جانب الحكومات العربية التي لا تجد غضاضة في الجلوس معه ومسايرة خططه الشيطانية لدرجة أننا ننساق وراءه ونسمي المقاومة الوطنية الشرعية عنفاً يوازي ما يقوم به من حرب شاملة!!، كما نتمسك بمسميات العدو فنقول مشكلة الشرق الأوسط بدلاً من قضية فلسطين، ومنطقة الشرق الأوسط بدلاً من المنطقة العربية.. ومازلنا نردد العبارة الخادعة «عملية السلام!»، وأصبحت أقصى أمنياتنا ومطلبنا المقابلة لكل ما أهُدر من دماء هي العودة إلى مائدة المفاوضات وليس انسحاب العدو أو عودة اللاجئين!. ألا يستحق النظام العربي بعد هذا الأداء أن يوضع تحت الحجر؟!.
أما الشعوب العربية المقهورة والممنوعة حتى من الاحتجاج والصراخ فليس أمامها إلا نصيحة الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود بأن نكفهر في وجوه الأعداء مادمنا لا نستطيع جهادهم. ولكن نظراً للفارق الكبير بين الكفار أيام ابن مسعود والعدو الصهيوني الذي تفوق على كفار الجاهلية وعلى مجرمي النازية، وعلى كل شياطين الإنس والجن.. فلا يكفي أن نكفهر في وجوههم.. ويجب على كل وطني مخلص إذا قابل صهيونيا (إسرائيليا أو أمريكياً) أن يبصق في وجهه.
- حكمة: الفرق بيننا وبين العدو الصهيوني.. هو الفرق بين حكوماتنا وحكوماتهم!
العدد 508 الخميس 1ربيع الأول 1422هـ 24 من مايو 2001م
_________________________________
هولندا.. جنة ربانية وشعب متعصب!
سافرت إلى هولندا للإشراف على الفريق المصري في مسابقة الأولمبياد الدولي في الكيمياء.. وكان لابد أن أبدأ من سفارتهم بالقاهرة حيث يعامل المصريون معاملة جافة وكأن كل مصري يفكر في السفر ذاهب للبحث عن العمل أو للجوء السياسي، ولم يفلح خطاب وزارة الخارجية الموجه إلى السفارة وجواز السفر الخاص في تغيير هذه المعاملة أو في الوصول إلى أحد المسئولين.. إذ يُمنع مجرد الاقتراب من باب السفارة. وتعجبت من سكوت الحكومة المصرية على هذه المعاملة السيئة التي يواجهها المصري في سفارات عديدة، وكأنها سعيدة بهذا التأديب لكل من يفكر في السفر.. بل إنها للأسف ترد على ذلك بطريقة عكسية، إذ تفتح الباب لمواطني هذه الدول للدخول دون تأشيرة، بل وبالبطاقة الشخصية «وكأن البلد بلد أبوهم«!!.
أما في هولندا، التي رزقها الله تعالى بالماء الوفير والأرض الخضراء التي لا ترى لها أول من آخر، فإن الزائر لها يندهش من وجود دولة متقدمة صناعيا ولكنها تعتمد أساسا على الزراعة، وتفخر بأنها دولة زراعية ناجحة وقوة اقتصادية تعتمد على الماء والأرض في استثمار ذكي للموارد الطبيعية.. وتذكرت المقولة الخائبة التي ترددت قبل ذلك بأن مصر ليست دولة زراعية وأنها تسعى لتصبح قوة صناعية تصنع كل شيء من الإبرة إلى الصاروخ!، فصرنا كمن رقصت على السلم بإهمال الزراعة واحتقارها رغم أنها حرفتنا الأساسية التي ارتكزت عليها حضارتنا التي نتغنى بها، والفشل في اللحاق بالثورة الصناعية.
وفي هولندا يستثمرون كل شبر من أرضهم الخضراء.. وإذا نظرت يمينا أو يسارا تجد المراعي الطبيعية المليئة بالأبقار والأغنام والخيول، وتجد حقول المحاصيل والزهور والفاكهة، وتجد القنوات والبحيرات وقد امتلأت بالأسماك والبط، وتجد مزارع النحل وإنتاج العسل، كما تجد مولدات الكهرباء من الرياح.. وارتكزت صناعتهم بالتالي على هذه الثروة الزراعية حيث اشتهرت هولندا بتصدير اللحوم ومنتجات الألبان والعسل والسمك، لذلك فأول ما يقابلك في مطار امستردام تمثالان لبقرتين وبينهما منفذ لبيع الأنواع المختلفة من الجبن.
ويهتم الهولنديون بالبيئة ونقائها، ويحرصون على استخدام الأسمدة الطبيعية وعلى تجنب استعمال المبيدات الكيميائية السامة.. لذلك تجد للطعام عندهم الطعم والرائحة والنكهة التي كنا نعرفها أيام زمان قبل أن نصاب بآفات التلوث، وتجد كل شيء يتمتع بصحة جيدة.. فالبقرة الهولندية تساوي ثلاث بقرات مصريات، والخروف الهولندي يقترب حجمه من العجل في مصر، إلا أن الإنسان هناك لا تظهر على وجهه وجسمه هذه الأمارات للصحة الجيدة بسبب الإسراف في الخمر والجنس والتدخين والمخدرات. ونظرا لكثرة الأشجار والغابات هناك فقد حرص الهولنديون على الاستفادة القصوى من كل شجرة وكأنها إنسان يتفرغ والديه لرعايته.. إذ تحظى كل شجرة بدعامتين ثابتتين ورباط مطاطي لتثبيتها، لذلك فكل شجرة مستقيمة كالمسطرة، وكل الأشجار متساوية في الطول والقطر.. مما يعطي منظرا خلابا وثروة خشبية دون إهدار لبعض الأشجار.. على عكس بلادنا حيث ُتزرع الشجرة وتُترك لمصيرها تتقاذفها الرياح وتنمو مائلة أو منحنية أو نائمة على الأرض!. ولا يعيب هولندا، هذه الجنة الربانية، سوي تعصب شعبها وكراهيته الظاهرة للأجانب لدرجة إحساس الأجنبي بقلة الذوق لدى الكثيرين من الهولنديين.. وربما ساهم اليهود- الذين يشكلون 9% من السكان- في زيادة هذا التعصب.
ولا يفوتني أن أذكر السفارة المصرية في هولندا.. وخبرتي تجاه سفاراتنا في الخارج ليست سارة، وكنا قد أخطرنا السفارة عن طريق وزارة الخارجية بمشاركة مصر في هذا الحدث الدولي.. وفي حفل الافتتاح جاءت فتاة من السفارة تتدلى من رقبتها نجمة داود، وأعطتنا رقم هاتف السفارة ورحبت بنا متعجلة وانصرفت بعد أقل من خمس دقائق واعدة إيانا بحضور زميل لها يوم الختام. وعندما مرض أحد الطلبة وسأل الهولنديون عن التأمين الصحي (غير الموجود) حاولت الاتصال بالسفارة في أوقات مختلفة فلم يرد أحد (مثل مكتب مصر للطيران تماما).. وفي يوم الختام جاء موظف من السفارة متعجلا أيضا لمجرد إثبات الحضور، وعندما عاتبته على عدم الرد على الهاتف وعرف بمرض أحد الطلبة تجاهل هذا الأمر الخطير وغيّر الموضوع هربا من المسئولية وأخذ ينظر في الساعة معتذرا عن اضطراره للانصراف السريع لأن السفارة بعيدة (في لاهاي).. ولا ندري ما هو دور سفاراتنا في الخارج، وكيف يتم اختيار هؤلاء، وماذا يفعلون بالضبط؟!
د. عبد الله هلال
العدد 567 الخميس 15 من جمادى الاولى 1423هـ 25 من يوليو 2002 م
_________________________________
وإذا بطشتم بطشتم جبارين!
منذ أن بدأت الهجمة الصليبية الثانية على العالم الإسلامي في عام 1948 بتسليم فلسطين الغالية لأحفاد القردة والخنازير.. لم تتوقف الحرب يوما واحدا. وقد تراوحت المؤامرات الغربية علينا بين الحرب المباشرة كل عشر سنوات تقريبا- بانتظام شديد- وتدبير الانقلابات والحروب الأهلية والإقليمية، والاغتيالات. وها هم رعاة البقر يفرغون كل مخزون الغل والحقد على كل ما هو إسلامي في الشعب الأفغاني المسكين الذي لا ناقة له ولا جمل فيما حدث أو يحدث. فالأسلحة الفتاكة التي لم تستخدم من قبل تُجرب الآن في أجساد الجوعي والعراة الذين أنهكتهم الحرب التي بدأها الدب الشيوعي الهالك في إطار الحملة الصليبية نفسها.
ولا ندري هل الشعب الأمريكي سعيد بهذه الحرب؟!.. هل يشفي غليلهم ويعيد إليهم الشعور بالأمان قتل أفقر وأضعف شعب باستخدام كل أسلحة الدمار والهلاك، ولمجرد إثبات أن الطاغية الأمريكي لابد أن ينتقم في الحال؟.. ألا ينطبق عليهم المثل الشعبي «ما قدرش على الحمار.. اتشطر على البردعة»؟!. إنه لأمر مؤسف أن تُشَن حرب بهذه القذارة على شعب أعزل بحجج واهية، ودون أي دليل على اقترافه أي ذنب يعاقب عليه بكل هذا البطش، وكأنهم «أي رعاة البقر «كانوا يبحثون عن حرب أو عن دولة لا حول لها ولا قوة لكي يجربوا فيها أسلحتهم ويفرغوا مخزون الكراهية للمسلمين في أهلها. وصدق الحق تبارك وتعالي في وصف بطش الطغاة السابقين من أمثال أمريكا: (وإذا بطشتم بطشتم جبارين( [الشعراء: 031].. وقد أهلك سبحانه قوم عاد بسبب هذا البطش، وسوف تسري سنة الله وقدرته على «إرم ذات العماد» الحديثة كما سرت على عاد الأولى.
والشيء المحزن أن يوجد من بيننا من يبرر هذه الحرب غير المعقولة ويصفق لها ، بل ويدعونا إلى الالتحاق بها والمشاركة في قتل الشعب الأعزل الذي لم يقترف ذنبا لا ضدنا ولا حتى ضد الطاغية الأمريكي المهووس بالحرب والقتل وسفك الدماء. فالصحف المصرية والعربية مازالت تنشر آراء المتغربين الذين لا تهمهم مصالح الأمة ولا مستقبلها، بل يعتقدون أن المستقبل المضمون هو في اللحاق بالقطار الأمريكي ونحن معصوبي الأعين!، دون أن نعرف إلى أين يتجه ولا متى يصل إلى أهدافه الغامضة!. والأمر المريب أن هؤلاء المتأمركين لم يطالبوا يوما بمعاقبة العصابة الصهيونية على ما تقترفه من إجرام ومذابح في حق الشعب الفلسطيني، وكأن الدماء الأمريكية أغلى وأنقى من الدماء الفلسطينية!. حقا.. إذا لم تستح فاكتب ما شئت.
د. عبد الله هلال
العدد 530 الخميس 8 من شعبان 1422هـ 25 من اكتوبر 2001م
_________________________________
الحقٌ المر.. يا وزير الاتصالات!
كنتيجة للإهمال الحكومي التاريخي للقري المصرية برزت شهامة الفلاح في أغلب القرى بالاعتماد على النفس وإنشاء المؤسسات الخدمية مثل المساجد والمعاهد والمدارس بالجهود الذاتية.. فقد كان ذلك هو الحل الوحيد لكي تستمر الحياة في هذه القرى!. ورغم بساطة هؤلاء المزارعين الكرماء فهم لم يهملوا قضية اللحاق بالعصر والاستفادة من ثورة الاتصال واضطروا إلى تنفيذ اشتراطات هيئة المواصلات وقتها بالتبرع بمبنى لاستخدامه كمركز اتصال (سنترال) من أجل فك عزلتهم عن العالم وتوفير الخدمة الهاتفية لهم. وعندما تمت الخصخصة وتحولت الهيئة إلى شركة لها أصحابها وأرباحها.. فقد آلت كل المرافق إلى الشركة الجديدة بما فيها تلك التي من المفروض أن ملكيتها الأصلية تعود إلى أصحابها الذين تبرعوا بها للحكومة مقابل توفير خدمة (مدعومة!).
وقد قامت الشركة الجديدة بتأجير هذه المرافق للقطاع الخاص الذي لم يعد يلتزم بالأسعار القديمة وتحولت الخدمة الهاتفية بالقرى إلى مشروع تجاري هدفه الربح في المقام الأول.. وهذا حقه، ولكن لماذا تستولي الشركة المصرية للاتصالات على إيجار هذه المراكز وهي ليست المالك الأصلي لها؟!.. المفروض- طالما أن الأمر تجارة وشطارة- أن تتعاقد الشركة من جديد مع الجهات المتبرعة وأن تستأجر أو تشتري هذه المنشآت قبل أن تقوم بتأجيرها.. أو أن تردها إلى أصحابها للاستفادة منها في خدمة جديدة، ويستطيع القطاع الخاص أن يدبر لنفسه المكان المناسب. ترى هل يقتنع السيد وزير الاتصالات بهذا الكلام، أم أن الحل الوحيد هو اللجوء إلى القضاء؟!. نرجو ألا يكون ذلك هو »الحق المر»، فالحق أحق أن يتبع.. وما ضاع حق وراءه مطالب ورحم الله وزيرا عرف الحق فاتبعه من تلقاء نفسه.
د. عبد الله هلال
العدد 520 الخميس 26 من جمادى الاولى1422هـ 16 من اغسطس 2001 م
_________________________________
أعتذر للسادة القراء!
لست متشائمًا ولا يائسًا، ولا أحب اليأس ولا أنصح به.. ولكن الأحوال التي وصلنا إليها في جميع المجالات تدفعني للتفكير كثيرًا في أسباب هذا الانهيار الشامل والشلل السياسي الداخلي والخارجي.. والأسوأ من ذلك هو الاستسلام (القهري) لأغلب الناس أمام هذا الوضع الذي لم تصل مصر إلى مستواه في تاريخها البعيد والقريب. فقد غابت الحكومة تمامًا وتركت الناس يديرون شئونهم بأنفسهم في كل شيء، وصار الشعار السائد «افعل ما شئت وقتما شئت وخالف القانون إن شئت، إن كان ذلك مع غيرك من المواطنين.. أما فيما يتعلق بأهل الحكم فياويلك إن اقتربت منهم بما يهدد استقرارهم في السلطة حتى وإن لم تخالف القانون!.
وعلى الرغم من الانسداد السياسي وتجميد الأحزاب والنقابات التي تدب فيها الروح، ومصادرة الصحف، والاستئناس العلني لأحزاب وصحف أخرى.. وعلى الرغم من الحرائق التي تحيط بنا وتهدد الأمن القومي لمصر في الشمال والشرق والجنوب.. وعلى الرغم من الضيق الشديد للمواطنين أينما وُجدوا بالشارع أو المصالح الحكومية أو حتى بمنازلهم.. رغم كل هذه المآسي والاستخفاف بالشعب علناً، فقد تجمدت الحركة السياسية واستسلم الناس لمصيرهم!.
فهل نساهم بما نكتب في هذا الوضع؟ .. هل نعاون الحكومة دون أن ندري في شل حركة الشارع وتخدير الناس ومنعهم من الانتفاض والاحتجاج على ما يواجهونه من مصاعب ومتاعب؟.. يبدو أن ما نكتبه يساعد على تفريغ شحنة الغضب لدى المواطن على اعتبار أن هناك من يحتج ويفضح المآسي اليومية. لذلك فقد اعتمدت على الله وقررت التوقف عن الكتابة لعلنا لا نكون سببًا في استمرار هذا الشلل، وعذرا للسادة القراء.
د. عبد اللّّه هلال
العدد 576 الخميس 19 من رجب 1423هـ 26 من سبتمبر 2002م