أهلاً.. وسهلاً

مرحبا بكم في موقع الأستاذ الدكتور/ عبد الله هلال

مقالات علمية وسياسية - محاضرات في الكيمياء - بحوث علمية - كتب علمية في الكيمياء وتطبيقاتها - استشارات علمية (كيميائية وبيئية)















هل لديك استشارة علمية؟

الأستاذ الدكتور/ عبد الله هلال - استشاري الدراسات الكيميائية والبيئية
للاستشارات العلمية:
ناسوخ (فاكس): 0020222670296 القاهرة
جوال: 0020115811500



الصفحة الرئيسية

الثلاثاء، ٣٠ مارس ٢٠١٠

* آفاق عربية (7)

مطلوب تحقيق.. يا محافظ الجيزة!

لاشك أن مياه الشرب النقية هي أهم حقوق المواطنين، وهي تعتبر من الأولويات التي يجب توفيرها لكل الناس دون حاجة إلى مطالباتهم وشكاواهم.. لأن الماء هو أساس الحياة (وجعلنا من الماء كل شيء حي).
وإهمال الدولة في توفير المياه النقية سوف يدفع الناس دفعًا إلى استخدام المياه المتاحة حتى وإن كانت غير نقية أو ملوثة، مما يؤدي إلى انتشار الأمراض.. وبدلاً من الإنفاق على توفير المياه النقية سوف تضطر الدولة إلى الإنفاق على مراكز الغسيل الكلوي والمستشفيات أكثر مما ينبغي.. وهذا يدل على السفه وانعدام التخطيط.
والواقع أن الدولة تنفق الكثير من المال الآن على تحسين المرافق وتدعيم البنية الأساسية ومنها محطات تنقية المياه وشبكات توزيعها.. ولكن هل هناك من يراقب هذه المشروعات للتأكد من أنها تسير طبقًا لما هو مخطط لها، وأن الأموال التي أنفقت عليها ليس فيها إهدار أو إهمال؟.. هل هناك خطة زمنية للانتهاء من هذه المشروعات في الوقت المناسب والاتجاه إلى مشروعات أخرى؟.. هل توجد آلية للثواب والعقاب والمكافأة لمن ينجز الخطة بكفاءة ونجاح، ومعاقبة من يهمل ويهدر المال العام؟!.
للأسف الشديد.. يبدو أن الأمور متروكة للعشوائية والفهلوة التي أصبحت جزءًا من حياتنا، ولدينا مثال عجيب من محافظة الجيزة ، إذ أنفقت الدولة ملايين الجنيهات لإنشاء شبكة مياه بقرية أبو عريضة مركز الصف.. ومضت عشر سنوات كاملة على «دفن» الشبكة ودفن المال العام معها في جوف شوارع القرية، ولم تعمل هذه الشبكة، بل لم يتم اختبارها حتى الآن.. ومازال الناس بالقرية يستخدمون المياه الجوفية غير الصالحة للشرب.
والسؤال الآن للسيد محافظ الجيزة: ما قصة هذه الشبكة؟، ولماذا لم يتم تسليمها وتشغيلها؟.. وإذا كانت لا تصلح للعمل فلماذا لم يتم تحويل المسئولين إلى النيابة؟ أليست هذه أسئلة وجيهة؟!!
د. عبد اللّه هلال
العدد 507 الخميس 23من صفر 1422هـ 17 من مايو 2001م
_________________________________

ملايين الحكومة.. وأزمة النقابات المهنية

معروف ما فعلته الحكومة في النقابات المهنية من حصار مالي وتجميد أنشطة ووقف انتخابات وحراسة.. لدرجة أن هناك نقابات أوقفت صرف المعاشات لأعضائها وقلصت مشروعاتها ومنشآتها.. بل وصل الأمر إلى إلغاء مشروعات صنأدىق التكافل الاجتماعي التي ابتكرتها النقابات لخدمة أعضائها بعد أن تدخلت الحكومة وأطلت برأسها في هذه الصنأدىق من خلال وزارة الاقتصاد، دون أن يطلب منها أحد من أعضاء هذه النقابات شيئا.
ووسط هذا الجو الكئيب والحزين، نفاجأ بأن الحكومة التي تدعي الفقر والفاقة تفتح أبواب خزائنها بلا حساب لنقابات معينة عندما تكون هناك منافسة انتخابية يمكن أن تحرج الحكومة وتكشف انصراف الشارع المصري عنها إذا ما سقط مرشحها. والعجيب أن الحكومة لا تتحرج من إبراز هذه الحقيقة وتبيان الأمر على أنه «رشوة انتخابية».. فهي تتسلح بالبخل والتقتير طول الوقت، حتى إذا جاءت «الزنقة الانتخابية».. نسيت نفسها وركبتها موجة كرم حاتمي- مؤقتة بالطبع- وقد أدى ترشيح مجدي أحمد حسين لمنصب نقيب الصحفيين إلى تشنج حزب الحكومة وإصابته بالفزع لدرجة أن جريدة الأهرام صارت شبه متفرغة في الأيام الأخيرة للدعاية لمرشح الحكومة، ومن علامات هذا الفزع أن الحكومة والصحيفة نسيا نفسيهما عندما نشرت الأهرام بالصفحة الخامسة عشرة يوم 30 يونيو خبرا بعنوان: «نصف مليون جنيه لدعم التدريب على الكمبيوتر للصحفيين» وجاءت تفاصيل الخبر العجيب كالتالي:
»حصل الأستاذ إبراهيم نافع نقيب الصحفيين على مبلغ نصف مليون جنيه لدعم مشروع التدريب على الكمبيوتر بالنقابة، وصرح ممدوح الولي أمين الصندوق بأنه تقرر قبول طلبات صرف مبلغ 1200 جنيه لمن اجتازوا بنجاح دورات الكمبيوتر التي تم عقدها بالنقابة ويبدأ تقديم الطلبات اليوم«.
وبداية فلسنا ضد حصول الصحفيين أو غيرهم على جزء من ميزانية الدولة، فهذا حق لكل مواطن.. ولكن الغريب في هذا الخبر أنه لم يوضح من أين حصل النقيب على هذا المبلغ؟.. ولماذا في هذا الوقت بالذات وقبل الانتخابات بثلاثة أيام؟.. ولماذا لم يحصل الصحفيون على هذه الهبة الحكومية طوال السنوات الماضية؟.. وما حكاية صرف 1200 جنيه لكل من حصل على دورة في الحاسوب، هل هذه مكافأة لمن تعلم واستفاد أم ماذا؟!!، وهل يستحق أعضاء النقابات الأخرى مثل هذا المبلغ، ومن أين يحصلون عليه؟!.
والاستجواب الذي نوجهه للحكومة يتعلق بالبند الذي تم منه صرف مبلغ النصف مليون جنيه.. هل الملايين موضوعة في «جوال» تنتظر من يمد يده ويلتقطها، أم أن هناك خطة وميزانية؟. وإذا كانت الموازنة خالية من حكاية انتخاب النقيب.. فمن أين اقتُطع هذا المبلغ؟.. هل من مدرسة أم من مستشفى أم ماذا؟ وماذا لو تقدمت نقابة أخرى لطلب صرف دعم للتدريب على الكمبيوتر.. هل توافق الحكومة؟، وهل يمكن مثلا أن تحصل نقابة العلميين على ميزانية لاستكمال المبنى المتوقف بمدينة نصر؟!. إنني أطالب كافة النقابات المهنية والعمالية برفع دعاوي قضائية على الحكومة للحصول على دعم مماثل لما حصل عليه نقيب الصحفيين سواء لإنشاء مبنى النقابة أو للدعاية الانتخابية التي لصقوها بالكمبيوتر والتدريب عليه.. وإذا لم تفعل النقابات ذلك فهي تكون مقصرة في حق أعضائها.
د. عبدالله هلال
العدد 514 الخميس 14من ربيع الاخر 1422 هـ الموافق5 من يوليو 2001م
_________________________________

مَنْ للعرب والمسلمين في بلاد الغرب؟!

على الرغم من التصريحات «الدبلوماسية» الكثيرة التي بدأ زعماء العرب يطلقونها للحفاظ على التحالف الهش الذي تقوده أمريكا ضد الشعب الأفغاني لتحقيق ولو نصرًا معنويًا لإرضاء الشعب الأمريكي.. ونقصد بها الغزل غير المعهود في الدين الإسلامي وسماحته وحرصه على نشر مبادئ وقيم السلام والمحبة بين الشعوب.. أقول: على الرغم من كل ذلك فقد ظهر الغرب على حقيقته من خلال الأفعال- لا الأقوال- التي يمارسونها ضد العرب والمسلمين في بلادهم.. فالمساجد تحرق، والمسلمون والعرب يُقتلون ويُعتقلون ويُضطهدون دون ذنب أو جريرة. والمتابع لما يجري في أوربا مثلاً يدرك بسهولة حقيقة النوايا الغربية تجاه المسلمين.. فالدول الأوربية لم تتعرض لأي هجوم، والمسلمون فيها لم يقترفوا ذنبًا لا ضد أوربا ولا ضد أمريكا، ورغم ذلك.. ورغم أن الإسلام الذي يتمسحون الآن فيه يدعو إلى «ألا تزر وازرة وزر أخرى«، فقد واجه العرب والمسلمون في أوربا أكثر مما يواجهه أقرانهم في أمريكا نفسها!.
والشيء المثير للحيرة والاشمئزاز أن الحكومات العربية لم تنتفض للدفاع عن رعاياها، ولم تهدد أي دولة- مثلاً- بأنها سوف تنسحب من التحالف العجيب إذا لم تتوقف هذه الممارسات العنصرية.. بل لقد وصل الأمر إلى حد السكوت المذهل عن التحقيقات والاعتقالات التي تجرى ضد المواطنين العرب هناك، فلم تطلب دولة عربية إطلاعها على التحقيقات الخاصة برعاياها للاطمئنان على عدم وجود ظلم أو تلفيق للتهم.. ولا ندري (بل ندري في الحقيقة) ماذا كان يكون الموقف لو أن التحقيقات والاعتقالات كانت بحق مواطنين غربيين في إحدى الدول العربية، حيث التدخل في التحقيقات مع ما يصاحبه من تهديد ووعيد ومطالبات بالإفراج الفوري، حتى وإن كان المتهمون قتلة أو جواسيس!.
كان الواجب أن تكون هناك وقفة عربية وإسلامية حاسمة وقوية لصد هذه الهجمة النازية على العرب والمسلمين.. ولكن للأسف فبعض الحكومات المعنية تزايد على أمريكا لتثبت أنها أمريكية أكثر منها. فالإعلام في مصر مثلاً يعرض للحرب الإجرامية ضد الشعب الأفغاني بطريقة يُفهم منها أنه إعلام أمريكي وليس مصريًا.. حيث الإصرار على أنها حرب ضد الإرهاب، وتذكر هذه العبارة بإسراف عجيب بل وبغباء يفُهم منه أننا نتشفى في الشعب الأفغاني، مثل قولهم أمريكا »تدك معاقل الإرهاب».. «التحالف الشمالي يستعد لهجوم «كاسح» ضد مواقع الإرهاب». إلخ!. وقد لاحظت مثلاً أن إذاعة لندن المعروفة بتوجهاتها وأهدافها لا تستخدم هذا الأسلوب ولا تلك الألفاظ، لأن أمريكا نفسها لم تقل إن لديها أي دليل على إدانة أفغانستان أو حتى بن لادن.
إن الخضوع للإرهاب الأمريكي ومسايرة الغرب في هذه الأزمة الحرجة سوف يضر بالعرب والمسلمين على المدي القصير والبعيد.. وها هم قد بدأوا «مسرحية« إقامة دولة فلسطينية للخداع والتمويه حتى تتحقق أغراضهم الخبيئة والخبيثة!.
د. عبد الله هلال
العدد 534 الخميس 7 من رمضان 1422 هـ 22 من نوفمبر 2001 م
_________________________________

هل يجد شارون «خائنًا» يجلس معه؟!

بعد النكبة الجديدة، وتكرار مذابح دير ياسين وكفر قاسم وصابرا وشاتيلا دون أن تهتز شعرة للمتباكين على الإنسانية وحقوق الإنسان.. اطمأن السفاح «شارون» وتابعه «بوش» إلى أن الحكومات العربية ليس لديها مانع من ذبح القضية الفلسطينية وفرض شروطه الاستسلامية لتحقيق التسوية التي تروق له وتخدم مشروعه الصهيوني، فانتفش ريشه وأخذ يلقي بالتصريحات العنجهية متصورا أنه انتصر بدباباته وطائراته وصواريخه على الشعب الأعزل إلا من إيمانه.. فلم يلق بالا للمعاهدات والاتفاقات السابقة ولا للعرب المطبعين الذين وضعهم في موقف مخزي، وأعلن السفاح الخنزير أنه لا عودة إلى الوراء وأنه سوف يتعامل مع الفلسطينيين والعرب بناء على الوضع الحالي، ولم يتردد في الإعلان عن نواياه الإجرامية بعدم العودة إلى حدود 1967 وعدم الموافقة على عودة اللاجئين.. ووصلت البجاحة والتحدي للحكام العرب إلى حدّ تحديد من الذين «ينال شرف» الجلوس معه من الحكام العرب، فأعلن أنه لا مباحثات مع عرفات ولا السلطة الفلسطينية، وإنما فقط مع من أسماهم «الحكام المعتدلين «!
إلى هذا الحد وصل الغرور والثقة بالنفس لهذا الجزار المجرم؟..هل هو مطمئن إلى هذه الدرجة إلى أنه سوف يجد من يغامر بسمعته وبشرفه ومستقبله السياسي، ويقبل بشروطه المتعالية ويجلس معه وهو ملطخ بدماء الأبرياء؟!.. ترى من الذي سوف يكمل مهمة شارون بالاجهاز على الشعب الفلسطيني وسحق ثورته وانتفاضته؟!.. هل يحلم شارون بالمستحيل، أم أنه واثق من السر الباتع لبوش ومخابراته مع الحكومات العربية؟!. لو حدث هذا (لا قدر الله) فنظن أنه سوف يكون المسمار الأخير في نعش النظام العربي المستسلم الذي كشفته المذابح الأخيرة، بعد أن استيقظت الجماهير العربية وأدركت عمق التبعية والخيانة.
إن الأحداث كلها تثبت أن نكبة 1948 تتكرر بطريقة مشابهة مع استبدال السياسات الفاسدة 2002 بالأسلحة الفاسدة 1948، ولا ندري كيف يوهمنا الحكام العرب بأننا أضعف من العدو الصهيوني وأننا لا نستطيع الدفاع عن الشعب الفلسطيني لأن معنى ذلك هو دخول الحرب!. ومع أن الحرب فُرضت علينا ولم نسع إليها.. ومع أننا بالفعل وبالحسابات الاستراتيجية المتكاملة أقوى من العدو بمراحل.. ومع أن الشعوب العربية لم تبخل على حكامها بالمال والنفس لكي تكون مستعدة لأية حروب تفرض علينا.. ومع أن الأسلحة مكدسة في المخازن العربية تعاني الصدأ والفراغ.. إلخ، فمن الذي قال إن الحرب وحدها هي الحل؟!.. أين العمل السياسي والدبلوماسي والإعلامي والضغوط والتحالفات يا من تدّعون أنكم أهل سياسة ولستم أهلا للحرب؟
  • لماذا لا تعلن الحكومات العربية المقاطعة الاقتصادية لكل من يدعم العدو أو يؤيده؟ .. هل تستطيع أمريكا مثلا أن تتحمل وقف الإنتاج في مصانعها لشهر واحد؟.. هل نسيتم ما حدث بعد 11 سبتمبر عندما تم تسريح مئات الآلاف من العمال بسبب حادث بسيط يجب ألا يؤثر في اقتصاد دولة كبرى؟
  • لماذا لا تهدد الدول العربية مجلس الأمن باسقاط العقوبات عن العراق وتجميد عضويتها بالأمم المتحدة إن لم تقم الأخيرة بحماية الشعب الفلسطيني وتطبيق الباب السابع (الذي طبق على العراق) على العدو؟
  • إن لم يستخدم سلاح النفط في هذه الظروف التي تهدد العرب جميعا بالفناء بعد انكشاف ضعف ووهن وتخاذل حكوماتهم.. فمتى يُستخدم؟.
  • بعد أن مزق العدو عمليا اتفاقية اوسلو.. إلى متى يقف العرب المطبعون عاجزين عن المساس بعلاقاتهم الآثمة مع العدو؟.. هل للعدو وحده الحق في نقض العهود والمعاهدات ونظل نحن عاجزين؟.. ولماذا لم تعلن السلطة الفلسطينية سقوط اوسلو وبالتالي سحب الاعتراف بالعدو؟!.
  • متى تعترف الحكومات العربية بأن أمريكا هي العدو الأول لنا.. متى؟!!
د. عبد الله هلال
العدد 553 الخميس 5 من صفر 1423هـ 18 من ابريل 2002م
_________________________________

هل هناك تحالف (عربي- صهيوني)؟!!

انتهينا في المقال السابق إلى أن الفاشلين في ميدان الحرب والجهاد الذين يعلنون عن عجزهم وهوانهم ووهنهم، لا يمكن إلا أن يكونوا فاشلين أيضًا في ميادين السياسة والإدارة بصفة عامة.. وقد تجلي ذلك في الإفلاس السياسي العربي الذي صاحب حملة الإبادة الصهيونية للشعب الفلسطيني، والذي تسبب في بروز المصطلح الجديد الذي أضافته الحكومات العربية إلى القاموس السياسي.. ألا وهو «التسوَّل السياسي»، نعم تسوُّلُ بكل ما تعني الكلمة من فقر وجوع وهوان!. ذلك أن الجماهير العربية الغاضبة- التي كادت تزلزل العروش وتهز جبال الصمت- قد أجبرت الحكومات الفاشلة العاجزة على فعل «شيء ما» لنفاق هذه الجماهير.. وبالطبع فلم يكن بوسع هذه الأنظمة أن تفعل شيئًا مؤثرًا في ظل الوهن الذي يسيطر عليها.. فأخذت تتسول على أعتاب أمريكا، متجاهلة أنها هي العدو الأصلي الذي يجب جهاده أولا حتى لا نخدع أنفسنا.. وعندما وجدت أمريكا أن مصالحها في الحفظ والصون مهما فعلت، لم تتردد في إعلان الحرب علينا، ولم تعد تهتم بإخفاء نواياها أو نفاقنا. وقد تسبب ذلك في حرج كبير للأنظمة العربية، خصوصًا تلك التي تتعامل مع أمريكا كإله (من دون اللّه) ولا تخجل من الطواف ليل نهار حول البيت الأبيض.. فاندفعوا إلى إلههم القديم في أوربا، يتسولون على أعتابه، ولكن الأوربيين أحرجوهم ونهروهم قائلين: ولماذا لم تبدأوا بأنفسكم وتفعلوا أنتم ما تطلبون منا فعله؟.. هل يجب أن تكون أوربا أكثر عروبة من العرب الفاشلين؟!!.
إن الذين يخدعون الجماهير العربية ويوهمونها بأن العلاقات (السمن على عسل!( مع الحلف الصهيوني الأمريكي هي لصالح القضية الفلسطينية، وأن قطع هذه العلاقات أو تجميدها سوف «يضر» بالفلسطينيين.. هؤلاء المخادعون لم يفلحوا في فك الحصار عن ياسر عرفات، ولم يفلحوا في وقف الجرائم الهمجية الصهيونية، بل ولم يفلحوا في دفن موتانا الذين راحوا ضحية العجز العربي وتركوا العدو المجرم يجرفهم بالجرافات ويلقي بهم في المجاري.. فهل هناك جرائم أخرى لم يرتكبها العدو لكي نبقي على علاقة معه لمنعها؟!!.. أليست مذابح اليوم هي هي مذابح الأمس في دير ياسين وكفر قاسم وقانا وصابرا وشاتيلا وبحر البقر.. إلخ إلخ؟!.. هل غيَّر العدو من سلوكه (إلاَّ إلى الأسوأ)؟!.. هل سبق للعدو أن التزم بأية معاهدات أو اتفاقات؟!.. هل لديكم شك في أن الغد أيضًا سوف يشهد مذابح مشابهة، وعلى كافة الجبهات؟!
للأسف الشديد، هناك ما يشبه «التحالف العربي (الرسمي)- الصهيوني».. إذ إن أعداء الحلف الصهيوني الأمريكي يواجهون في أغلب الدول الإسلامية ما يواجهه المجاهدون في فلسطين وفي لبنان (حزب اللّه).. فالسجون مازالت ملأى بالإسلاميين المتهمين «بالإرهاب»، أو بمقاومة التطبيع، أو بتعكير العلاقات »مع دولة صديقة!»، أو بمعاداة الحلف الصهيوني الأمريكي.. ولم تفكر دولة واحدة في الإفراج عن هؤلاء المظلومين كرسالة احتجاج على المجزرة الصهيونية الأمريكية.. فكيف يمكن أن نجد مسمًّى آخر لهذه السياسة غير (التحالف العربي- الصهيوني)؟!.
إننا يمكن أن نفهم سر عدم ترحيب العدو (الصهيوأمريكي) بإقامة دولة فلسطينية.. ذلك أنهم يعلمون علم اليقين أن وجود دولة مستقلة معتمدة على نفسها (وليس على العرب العاجزين) سوف ينتهي بتحرير هذه الدولة لباقي التراب الفلسطيني.. ولكن لا نفهم سر عدم ترحيب العرب (عمليًا) بهذه الدولة، هل لأن الشعب الفلسطيني قد انصهر في أتون المذابح وأصبح أهلاً للانتصار أم لأن هذا الشعب لديه من الإمكانات المؤهلة للتقدم العلمي والتفوق على الدول العربية الأخرى؟، أم لأنه لا يعاني الأمراض التي أورثتها الأنظمة للدول العربية مثل الجهل والأمية؟.. وإذا كان الأمر كذلك، أليس وجود دولة عربية قوية في فلسطين يمثل ذخرًا للعرب أجمعين؟!
  • ما لكم.. كيف تحكمون؟!!
د. عبد الله هلال
العدد 554 الخميس 12 من صفر 1423هـ 25 من أبريل 2002م
_________________________________

هل يدلل العدو عاقل؟!

تُري كيف ينظر العالم إلى العرب في هذه الأيام؟، لا شك أن الأحداث الجارية تجعل كل ذي عقل ينظر إلينا باحتقار شديد، فالحرب الشرسة تدور ليل نهار ونحن جالسون كالتنابلة.. لم نصل إلى مستوى القطة التي تثور وتخربش إذا تعرضت للظلم أو الاستفزاز!. العدو يضرب أهلنا من البر والبحر والجو، ونحن نقول: مهما فعلوا فلن ننجرّ إلى الحرب، والسلام خيارنا الوحيد!.
التهديدات والشتائم واللعنات تنهال فوق رءوسنا من السفاح شارون وعصابته، ونحن متمسكون بالعلاقات الآثمة ومنصاعون إلى التطبيع وعاجزون عن مقاطعة العدو أو حتى التكشير في وجهه!. أمريكا تقولها صراحة إنها تقف وسوف تقف مع الظلم والبغي الصهيوني ضدنا، وإنها لن تقبل مجرد توجيه اللوم له.. ونحن نسمع ونرى مواقفها ونظل جالسين على أعتابها كالمتسولين، لاعقين أحذيتها كالمعتوهين وكأننا سعداء بمواقفها!. مجلس «الظلم» المسمى زوراً (الأمن) يعجز عن حماية الشعب الفلسطيني المعرض للإبادة والتمييز العنصري العرقي (ولو بالكلام!).. ونحن خاضعون له، منفذون لقراراته الظالمة ضد أشقائنا، متناسين ما حدث في تيمور الشرقية، ويحدث في العراق بحجة حماية الأكراد!. وهكذا أصبحنا ألعوبة الشياطين.. أضحوكة الأمم.. والدابة المسخوطة لمن يريد أن يمتطي!.
لقد أثبتت الأحداث الملتهبة في فلسطين السليبة أن النظام العربي قد سقط، بل مات وشبع موتاً، وأنه لن تقوم له قائمة إلا إذا حدثت المعجزة واستردت الشعوب العربية حريتها وأقامت نظاماً جديداً يستطيع أن يبرهن للعدو أن اللحم العربي في حقيقته مُر.. لأنه منذ أن اكتشف العدو أن هذا اللحم طري ومصاب بالوهن بعدما ضربوا في بغداد وبيروت وتونس وغيرها، وقتلوا المشد وأبو جهاد وغيرهما.. عندما حدثت كل هذه المآسي ولم يعاقَب العدو فأخذ يبرطع في كل مكان وزمان وهو يعلم أن سلاحنا الوحيد هو الشجب.. فما الذي يمنعه من ارتكاب المذابح وهدم البيوت وانتهاك المقدسات وضـرب المدنيـين بالـ (إف 16)؟!.
إن الشيء المذهل هو حجم التدليل الذي ينهال على العدو من جانب الحكومات العربية التي لا تجد غضاضة في الجلوس معه ومسايرة خططه الشيطانية لدرجة أننا ننساق وراءه ونسمي المقاومة الوطنية الشرعية عنفاً يوازي ما يقوم به من حرب شاملة!!، كما نتمسك بمسميات العدو فنقول مشكلة الشرق الأوسط بدلاً من قضية فلسطين، ومنطقة الشرق الأوسط بدلاً من المنطقة العربية.. ومازلنا نردد العبارة الخادعة «عملية السلام!»، وأصبحت أقصى أمنياتنا ومطلبنا المقابلة لكل ما أهُدر من دماء هي العودة إلى مائدة المفاوضات وليس انسحاب العدو أو عودة اللاجئين!. ألا يستحق النظام العربي بعد هذا الأداء أن يوضع تحت الحجر؟!.
أما الشعوب العربية المقهورة والممنوعة حتى من الاحتجاج والصراخ فليس أمامها إلا نصيحة الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود بأن نكفهر في وجوه الأعداء مادمنا لا نستطيع جهادهم. ولكن نظراً للفارق الكبير بين الكفار أيام ابن مسعود والعدو الصهيوني الذي تفوق على كفار الجاهلية وعلى مجرمي النازية، وعلى كل شياطين الإنس والجن.. فلا يكفي أن نكفهر في وجوههم.. ويجب على كل وطني مخلص إذا قابل صهيونيا (إسرائيليا أو أمريكياً) أن يبصق في وجهه.
  • حكمة: الفرق بيننا وبين العدو الصهيوني.. هو الفرق بين حكوماتنا وحكوماتهم!
د. عبد الله هلال
العدد 508 الخميس 1ربيع الأول 1422هـ 24 من مايو 2001م
_________________________________

هولندا.. جنة ربانية وشعب متعصب!

سافرت إلى هولندا للإشراف على الفريق المصري في مسابقة الأولمبياد الدولي في الكيمياء.. وكان لابد أن أبدأ من سفارتهم بالقاهرة حيث يعامل المصريون معاملة جافة وكأن كل مصري يفكر في السفر ذاهب للبحث عن العمل أو للجوء السياسي، ولم يفلح خطاب وزارة الخارجية الموجه إلى السفارة وجواز السفر الخاص في تغيير هذه المعاملة أو في الوصول إلى أحد المسئولين.. إذ يُمنع مجرد الاقتراب من باب السفارة. وتعجبت من سكوت الحكومة المصرية على هذه المعاملة السيئة التي يواجهها المصري في سفارات عديدة، وكأنها سعيدة بهذا التأديب لكل من يفكر في السفر.. بل إنها للأسف ترد على ذلك بطريقة عكسية، إذ تفتح الباب لمواطني هذه الدول للدخول دون تأشيرة، بل وبالبطاقة الشخصية «وكأن البلد بلد أبوهم«!!.
أما في هولندا، التي رزقها الله تعالى بالماء الوفير والأرض الخضراء التي لا ترى لها أول من آخر، فإن الزائر لها يندهش من وجود دولة متقدمة صناعيا ولكنها تعتمد أساسا على الزراعة، وتفخر بأنها دولة زراعية ناجحة وقوة اقتصادية تعتمد على الماء والأرض في استثمار ذكي للموارد الطبيعية.. وتذكرت المقولة الخائبة التي ترددت قبل ذلك بأن مصر ليست دولة زراعية وأنها تسعى لتصبح قوة صناعية تصنع كل شيء من الإبرة إلى الصاروخ!، فصرنا كمن رقصت على السلم بإهمال الزراعة واحتقارها رغم أنها حرفتنا الأساسية التي ارتكزت عليها حضارتنا التي نتغنى بها، والفشل في اللحاق بالثورة الصناعية.
وفي هولندا يستثمرون كل شبر من أرضهم الخضراء.. وإذا نظرت يمينا أو يسارا تجد المراعي الطبيعية المليئة بالأبقار والأغنام والخيول، وتجد حقول المحاصيل والزهور والفاكهة، وتجد القنوات والبحيرات وقد امتلأت بالأسماك والبط، وتجد مزارع النحل وإنتاج العسل، كما تجد مولدات الكهرباء من الرياح.. وارتكزت صناعتهم بالتالي على هذه الثروة الزراعية حيث اشتهرت هولندا بتصدير اللحوم ومنتجات الألبان والعسل والسمك، لذلك فأول ما يقابلك في مطار امستردام تمثالان لبقرتين وبينهما منفذ لبيع الأنواع المختلفة من الجبن.
ويهتم الهولنديون بالبيئة ونقائها، ويحرصون على استخدام الأسمدة الطبيعية وعلى تجنب استعمال المبيدات الكيميائية السامة.. لذلك تجد للطعام عندهم الطعم والرائحة والنكهة التي كنا نعرفها أيام زمان قبل أن نصاب بآفات التلوث، وتجد كل شيء يتمتع بصحة جيدة.. فالبقرة الهولندية تساوي ثلاث بقرات مصريات، والخروف الهولندي يقترب حجمه من العجل في مصر، إلا أن الإنسان هناك لا تظهر على وجهه وجسمه هذه الأمارات للصحة الجيدة بسبب الإسراف في الخمر والجنس والتدخين والمخدرات. ونظرا لكثرة الأشجار والغابات هناك فقد حرص الهولنديون على الاستفادة القصوى من كل شجرة وكأنها إنسان يتفرغ والديه لرعايته.. إذ تحظى كل شجرة بدعامتين ثابتتين ورباط مطاطي لتثبيتها، لذلك فكل شجرة مستقيمة كالمسطرة، وكل الأشجار متساوية في الطول والقطر.. مما يعطي منظرا خلابا وثروة خشبية دون إهدار لبعض الأشجار.. على عكس بلادنا حيث ُتزرع الشجرة وتُترك لمصيرها تتقاذفها الرياح وتنمو مائلة أو منحنية أو نائمة على الأرض!. ولا يعيب هولندا، هذه الجنة الربانية، سوي تعصب شعبها وكراهيته الظاهرة للأجانب لدرجة إحساس الأجنبي بقلة الذوق لدى الكثيرين من الهولنديين.. وربما ساهم اليهود- الذين يشكلون 9% من السكان- في زيادة هذا التعصب.
ولا يفوتني أن أذكر السفارة المصرية في هولندا.. وخبرتي تجاه سفاراتنا في الخارج ليست سارة، وكنا قد أخطرنا السفارة عن طريق وزارة الخارجية بمشاركة مصر في هذا الحدث الدولي.. وفي حفل الافتتاح جاءت فتاة من السفارة تتدلى من رقبتها نجمة داود، وأعطتنا رقم هاتف السفارة ورحبت بنا متعجلة وانصرفت بعد أقل من خمس دقائق واعدة إيانا بحضور زميل لها يوم الختام. وعندما مرض أحد الطلبة وسأل الهولنديون عن التأمين الصحي (غير الموجود) حاولت الاتصال بالسفارة في أوقات مختلفة فلم يرد أحد (مثل مكتب مصر للطيران تماما).. وفي يوم الختام جاء موظف من السفارة متعجلا أيضا لمجرد إثبات الحضور، وعندما عاتبته على عدم الرد على الهاتف وعرف بمرض أحد الطلبة تجاهل هذا الأمر الخطير وغيّر الموضوع هربا من المسئولية وأخذ ينظر في الساعة معتذرا عن اضطراره للانصراف السريع لأن السفارة بعيدة (في لاهاي).. ولا ندري ما هو دور سفاراتنا في الخارج، وكيف يتم اختيار هؤلاء، وماذا يفعلون بالضبط؟!
د. عبد الله هلال
العدد 567 الخميس 15 من جمادى الاولى 1423هـ 25 من يوليو 2002 م
_________________________________

وإذا بطشتم بطشتم جبارين!

منذ أن بدأت الهجمة الصليبية الثانية على العالم الإسلامي في عام 1948 بتسليم فلسطين الغالية لأحفاد القردة والخنازير.. لم تتوقف الحرب يوما واحدا. وقد تراوحت المؤامرات الغربية علينا بين الحرب المباشرة كل عشر سنوات تقريبا- بانتظام شديد- وتدبير الانقلابات والحروب الأهلية والإقليمية، والاغتيالات. وها هم رعاة البقر يفرغون كل مخزون الغل والحقد على كل ما هو إسلامي في الشعب الأفغاني المسكين الذي لا ناقة له ولا جمل فيما حدث أو يحدث. فالأسلحة الفتاكة التي لم تستخدم من قبل تُجرب الآن في أجساد الجوعي والعراة الذين أنهكتهم الحرب التي بدأها الدب الشيوعي الهالك في إطار الحملة الصليبية نفسها.
ولا ندري هل الشعب الأمريكي سعيد بهذه الحرب؟!.. هل يشفي غليلهم ويعيد إليهم الشعور بالأمان قتل أفقر وأضعف شعب باستخدام كل أسلحة الدمار والهلاك، ولمجرد إثبات أن الطاغية الأمريكي لابد أن ينتقم في الحال؟.. ألا ينطبق عليهم المثل الشعبي «ما قدرش على الحمار.. اتشطر على البردعة»؟!. إنه لأمر مؤسف أن تُشَن حرب بهذه القذارة على شعب أعزل بحجج واهية، ودون أي دليل على اقترافه أي ذنب يعاقب عليه بكل هذا البطش، وكأنهم «أي رعاة البقر «كانوا يبحثون عن حرب أو عن دولة لا حول لها ولا قوة لكي يجربوا فيها أسلحتهم ويفرغوا مخزون الكراهية للمسلمين في أهلها. وصدق الحق تبارك وتعالي في وصف بطش الطغاة السابقين من أمثال أمريكا: (وإذا بطشتم بطشتم جبارين( [الشعراء: 031].. وقد أهلك سبحانه قوم عاد بسبب هذا البطش، وسوف تسري سنة الله وقدرته على «إرم ذات العماد» الحديثة كما سرت على عاد الأولى.
والشيء المحزن أن يوجد من بيننا من يبرر هذه الحرب غير المعقولة ويصفق لها ، بل ويدعونا إلى الالتحاق بها والمشاركة في قتل الشعب الأعزل الذي لم يقترف ذنبا لا ضدنا ولا حتى ضد الطاغية الأمريكي المهووس بالحرب والقتل وسفك الدماء. فالصحف المصرية والعربية مازالت تنشر آراء المتغربين الذين لا تهمهم مصالح الأمة ولا مستقبلها، بل يعتقدون أن المستقبل المضمون هو في اللحاق بالقطار الأمريكي ونحن معصوبي الأعين!، دون أن نعرف إلى أين يتجه ولا متى يصل إلى أهدافه الغامضة!. والأمر المريب أن هؤلاء المتأمركين لم يطالبوا يوما بمعاقبة العصابة الصهيونية على ما تقترفه من إجرام ومذابح في حق الشعب الفلسطيني، وكأن الدماء الأمريكية أغلى وأنقى من الدماء الفلسطينية!. حقا.. إذا لم تستح فاكتب ما شئت.
د. عبد الله هلال
العدد 530 الخميس 8 من شعبان 1422هـ 25 من اكتوبر 2001م
_________________________________

الحقٌ المر.. يا وزير الاتصالات!

كنتيجة للإهمال الحكومي التاريخي للقري المصرية برزت شهامة الفلاح في أغلب القرى بالاعتماد على النفس وإنشاء المؤسسات الخدمية مثل المساجد والمعاهد والمدارس بالجهود الذاتية.. فقد كان ذلك هو الحل الوحيد لكي تستمر الحياة في هذه القرى!. ورغم بساطة هؤلاء المزارعين الكرماء فهم لم يهملوا قضية اللحاق بالعصر والاستفادة من ثورة الاتصال واضطروا إلى تنفيذ اشتراطات هيئة المواصلات وقتها بالتبرع بمبنى لاستخدامه كمركز اتصال (سنترال) من أجل فك عزلتهم عن العالم وتوفير الخدمة الهاتفية لهم. وعندما تمت الخصخصة وتحولت الهيئة إلى شركة لها أصحابها وأرباحها.. فقد آلت كل المرافق إلى الشركة الجديدة بما فيها تلك التي من المفروض أن ملكيتها الأصلية تعود إلى أصحابها الذين تبرعوا بها للحكومة مقابل توفير خدمة (مدعومة!).
وقد قامت الشركة الجديدة بتأجير هذه المرافق للقطاع الخاص الذي لم يعد يلتزم بالأسعار القديمة وتحولت الخدمة الهاتفية بالقرى إلى مشروع تجاري هدفه الربح في المقام الأول.. وهذا حقه، ولكن لماذا تستولي الشركة المصرية للاتصالات على إيجار هذه المراكز وهي ليست المالك الأصلي لها؟!.. المفروض- طالما أن الأمر تجارة وشطارة- أن تتعاقد الشركة من جديد مع الجهات المتبرعة وأن تستأجر أو تشتري هذه المنشآت قبل أن تقوم بتأجيرها.. أو أن تردها إلى أصحابها للاستفادة منها في خدمة جديدة، ويستطيع القطاع الخاص أن يدبر لنفسه المكان المناسب. ترى هل يقتنع السيد وزير الاتصالات بهذا الكلام، أم أن الحل الوحيد هو اللجوء إلى القضاء؟!. نرجو ألا يكون ذلك هو »الحق المر»، فالحق أحق أن يتبع.. وما ضاع حق وراءه مطالب ورحم الله وزيرا عرف الحق فاتبعه من تلقاء نفسه.
د. عبد الله هلال
العدد 520 الخميس 26 من جمادى الاولى1422هـ 16 من اغسطس 2001 م
_________________________________

أعتذر للسادة القراء!

لست متشائمًا ولا يائسًا، ولا أحب اليأس ولا أنصح به.. ولكن الأحوال التي وصلنا إليها في جميع المجالات تدفعني للتفكير كثيرًا في أسباب هذا الانهيار الشامل والشلل السياسي الداخلي والخارجي.. والأسوأ من ذلك هو الاستسلام (القهري) لأغلب الناس أمام هذا الوضع الذي لم تصل مصر إلى مستواه في تاريخها البعيد والقريب. فقد غابت الحكومة تمامًا وتركت الناس يديرون شئونهم بأنفسهم في كل شيء، وصار الشعار السائد «افعل ما شئت وقتما شئت وخالف القانون إن شئت، إن كان ذلك مع غيرك من المواطنين.. أما فيما يتعلق بأهل الحكم فياويلك إن اقتربت منهم بما يهدد استقرارهم في السلطة حتى وإن لم تخالف القانون!.
وعلى الرغم من الانسداد السياسي وتجميد الأحزاب والنقابات التي تدب فيها الروح، ومصادرة الصحف، والاستئناس العلني لأحزاب وصحف أخرى.. وعلى الرغم من الحرائق التي تحيط بنا وتهدد الأمن القومي لمصر في الشمال والشرق والجنوب.. وعلى الرغم من الضيق الشديد للمواطنين أينما وُجدوا بالشارع أو المصالح الحكومية أو حتى بمنازلهم.. رغم كل هذه المآسي والاستخفاف بالشعب علناً، فقد تجمدت الحركة السياسية واستسلم الناس لمصيرهم!.
فهل نساهم بما نكتب في هذا الوضع؟ .. هل نعاون الحكومة دون أن ندري في شل حركة الشارع وتخدير الناس ومنعهم من الانتفاض والاحتجاج على ما يواجهونه من مصاعب ومتاعب؟.. يبدو أن ما نكتبه يساعد على تفريغ شحنة الغضب لدى المواطن على اعتبار أن هناك من يحتج ويفضح المآسي اليومية. لذلك فقد اعتمدت على الله وقررت التوقف عن الكتابة لعلنا لا نكون سببًا في استمرار هذا الشلل، وعذرا للسادة القراء.
د. عبد اللّّه هلال
العدد 576 الخميس 19 من رجب 1423هـ 26 من سبتمبر 2002م

الأحد، ٢٨ مارس ٢٠١٠

* آفاق عربية (6)

لا بديل عن الوحدة العربية

منذ أن انطلق قطار العولمة حاملا ما سمي بالنظام العالمي الجديد والتحديات تتراكم والمشكلات تتساقط فوق رأس الأمة العربية من المحيط إلى الخليج.. وكان الواجب والحال هكذا أن يعاد طرح موضوع الوحدة العربية أو حتى الاتحاد أو التكامل بصيغة أكثر جدية تتناسب مع الواقع الجديد الذي لا يرحم الضعيف. ولكن للأسف ما زالت التجارب الوحدوية الفاشلة تشكل خيبة أمل دائمة تحول دون البدء في صياغة جديدة للعمل العربي المشترك يمكن أن تؤدي في النهاية إلى بروز القوة العربية التي يستحقها العرب عن جدارة والتي تتناسب مع امكاناتهم الكبيرة التي أنعم الله تعالى بها عليهم.
والواقع أن العالم كله الآن يتغير ويعاد تشكيله بصورة أو بأخرى، منذ أن انهارت الشيوعية وتفكك الاتحاد السوفيتي.. ولكن الاتجاه العام للتغيير يتجه إلى التجمع والتحالف في كيانات كبيرة سياسية واقتصادية وعسكرية. والمثال الأقرب للعرب والأكثر تأثيرا عليهم هو الاتحاد الأوروبي، الذي يتقدم بنجاح كبير من خطوة إلى أخرى متخطيا كل العقبات والصعاب ومشيدا لقوة اقليمية كبري ينبغي ألا نتغافل عنها.. فما من أمة رشيدة تشهد بزوغ قوة جديدة- أقوى منها بمراحل- على مقربة من حدودها وتنام ملء جفونها دون قلق، ودون أن تعيد حساباتها.. ذلك أن القوة المفرطة تغري بالغزو أو بسط النفوذ والهيمنة على الجار الضعيف.
ولا شك أن الوحدة الأوروبية تشكل تحديا للعرب، وإدانة من جميع الوجوه.. إذ إن عوامل التوحد والتقارب والتكامل كلها متوفرة لدى العرب ولم تكن متوافرة لدى الدول الأوروبية، فالعرب أمة واحدة يجمعها- في أغلبها- دين واحد ولغة واحدة وتاريخ واحد، ولم تكن بيننا يوما عداوات وحروب مثيلة لما حدث بين الدول أو الأمم الأوروبية.. وعلى الجانب الآخر هناك أمم مختلفة متنافسة، منقسمة دينيا ومتعددة لغويا وبينهم من الدماء وعوامل الثأر ما يفرق ولا يوحد خصوصا أثناء الحربين العالميتين اللتين حصدتا أرواح عشرات الملايين.. ورغم ذلك فقد وجد الأوروبيون من عوامل التوحد، والقيم والمصالح المشتركة ما يفوق عوامل التفرق، فانتصروا على أنفسهم وعلى كل التناقضات، بل وعلى التاريخ والماضي بكل آلامة ومآسيه وأصبحت الوحدة الأوروبية واقعا ملموسا!.
وقد يرى بعض اليائسين من فكرة الوحدة العربية أن الظروف مختلفة وأن أحدا لن يسمح للعرب بالتوحد والبروز كقوة عظمى لها مكانتها وتأثيرها على العالم.. وهذا ما يدعو إلى الدهشة والعجب لأن أحدا لم يقل بامكانية تحقيق هذا الحلم بالضغط على زر ومفاجأة العالم بمولد قوة جديدة غير مُرحَب بها على الأرجح. فأوروبا نفسها رغم تقدم دولها ووضعها الدولي المتميز لم تقدم على تجربة الوحدة بهذه الطريقة المسرحية، ولكنها بدأت بزرع بذرة صغيرة وتنميتها ورعايتها والتقدم خطوة خطوة. وهناك تجارب وحدوية ناجحة لم يكن مرحبا بها ولكنها حدثت ونجحت مثل الوحدة الألمانية، بل وأيضا الوحدة اليمنية التي تآمر عليها القريب والبعيد، ولم تصبح واقعًا حقيقيًا إلا بالحرب والتضحيات الجسيمة للأسف.
د. عبد الله هلال
العدد 550 الخميس 14 من محرم 1423هـ 28 من مارس 2002م
___________________________________
لا بديل عن الوحدة العربية (2)

عمومًا فالأعمال العظيمة والقرارات الجسورة لا يمكن أن تتحقق بالاستئذان من الأخرين.. والأفضل أن يُخطط لفرضها كأمر واقع.
أما التجربة الوحدوية الناجحة والعظيمة والتي ربما لا ينتبه إليها الكثيرون فهي التي تحققت منذ ثلاثين عامًا على أرض الجزيرة العربية عندما رفع حكيم العرب الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان حاكم إمارة أبو ظبي علم دولة الإمارات العربية المتحدة في الثامن من ديسمبر عام 1971. وبالطبع لم تكن هذه التجربة الفذة مرحبا بها على الإطلاق.. بل ووجهت بالمؤامرة من قبل أن تولد دولة الوحدة، فعندما قرر الإنجليز الانسحاب من منطقة الخليج بدأوا كالعادة في غرس بذور الشقاق ووضع العراقيل التي تحول دون قيام دولة موحدة في هذه المنطقة المهمة، وحاولوا إقناع الشيخ زايد بصرف النظر عن هذه الدعوة التي سعى إليها منذ عام 1968.. وعندما توسموا في الرجل حكمته وإصراره على تحقيق الحلم قرورا بالاتفاق مع أمريكا وإيران الشاه وضع مسمار جحا بتمكين الأخير من احتلال ثلاث جزر عربية قبيل بدء الانسحاب البريطاني، وقبل يومين فقط من إعلان توحيد الإمارات، ورغم كل هذه العراقيل فإن الرجل المؤمن بحتمية الوحدة العربية والإسلامية لم ييأس ورضي بالقليل عندما تآمرت بريطانيا لإبعاد قطر والكويت والبحرين عن الانخراط في هذه الدولة الموحدة- لتبدأ الدولة بست إمارات صغيرة، انضمت إليها بعد ذلك إمارة رأس الخيمة وليجعل منها دولة عصرية حديثة يتمتع أهلها بالحرية والرخاء.. وليثبت للعرب أجمعين بالواقع العملي أن الاتحاد قوة وعزة، وأنه ممكن بالإصرار والصبر والتخطيط الجيد.
والحقيقة أن الواقع العربي الآن لا يختلف كثيرًا عن واقع الإمارات الخليجية التي كانت متفرقة ومبعثرة قبل ثلاثين عامًا.. وقد أضيف إلى هذا الواقع المرّ تحدٍ جديد يواجه كل العرب والمسلمين بعد ما حدث عقب هجمات الحادي عشر من سبتمبر على نيويورك وواشنطن.. فلماذا لا يفكر العرب الآن بعقلية الشيخ زايد وحكمته لنبدأ مشوار الوحدة ولو بأقل القليل حتى وإن تحققت بعد ثلاثين أو خمسين عامًا؟!.. المهم أن يوضع الأساس ثم نقوم بالبناء طوبة طوبة.
لعل من محاسن الصدف أن الهجمة العنصرية الجديدة على العرب والمسلمين جاءت بعد تولي السيد عمرو موسى أمانة الجامعة العربية وبدء مسيرة تطوير هذه الجامعة.. وقد وجد نفسه وسط الأحداث الجسام مما فتح أمامه آفاقًا واسعة للعمل الدءوب من أجل الدفاع عن الوجود العربي. ولا نظن أن العرب كانوا في حاجة ماسة إلى التعاون والاتحاد أكثر من هذه الأيام العصيبة. ونعتقد أن أمين الجامعة العربية أهل لهذه المهمة ويستطيع أن يحرك المياه الراكدة.. كما نعتقد أن الشيخ زايد بن سلطان يستطيع أن يحقق نجاحًا كبيرًا في ميدان الوحدة العربية بكل درجاتها، حتى وإن اضطر للتفرغ لهذا الهدف المصيري.
د. عبد الله هلال
العدد 551 الخميس 21 من المحرم 1423هـ 4 من أبريل 2002م
___________________________________

لا تقتلوا ثورة الشعب الفلسطيني

ما زال الشعب الفلسطيني المجاهد يدفع ثمن السياسات العربية العشوائية غير المدروسة بما فيها من أخطاء وتواطؤ وخيانة وضعف وتخاذل أمام العدو، منذ عام 1947 وحتى الآن. ورغم أن الزمن غير الزمن، والظروف غير الظروف .. فلم يستفد العرب من أي شيء: لا من عبرة التاريخ وتكرار الأحداث، ولا من ثمرات عصر ثورة المعلومات والاتصالات والسماوات المفتوحة، ولا من ثورة الشعب الفلسطيني التي لم تفتر أو تهدأ رغم تجريده من السلاح ومن كل شيء عدا الطوب والحجارة التي يوفرها لهم العدو الصهيوني بهدم منازلهم!.
والأسئلة التي نلح على الحكومات العربية- بما فيها حكومة السلطة الفلسطينية- في البحث عن إجابات لها، كثيرة ومحيًّرة .. ولا نظن أنها غائبة عنهم، ولكننا سوف نقتصر على بضعة أسئلة، لعل أحدًا يمن علينا بالإجابة.. ولو من باب سد الذرائع:
. هل هناك أدنى شك في أن أمريكا شريك كامل ومخلص للعدو الصهيوني، وأنها متآمرة علينا عمدًا، مع سبق الإصرار والترصد، وأنها لن تخلص لنا يومًا وأنها لن تغير من سياستها تجاهنا إلا إذا أرغمت على ذلك؟!... وإذا كانت الإجابة أوضح من الشمس فلماذا نضع كل الأوراق في يدها ولا نفكر في الاعتماد على أنفسنا؟
. هل يشك أحد في أن العدو الصهيوني ليس لديه أية نوايا سلمية، وأن مسرحية «الحل السلمي» مجرد خطة لتضييع الوقت وفرض الأمر الواقع؟
. هل يجادل أحد في أن انتفاضة الشعب الفلسطيني هي السبب في إذلال العدو واضطراره إلى الإذعان والتظاهر برغبته في السلم؟.. ولماذا لا ندعم هذه الثورة حتى تحقق النصر الذي وعد الله به من ينصره؟!
. هل تدرك السلطة الفلسطينية أنه لولا وجود «حماس» و«الجهاد» ولولا جهادهما الصادق في سبيل الله لما فكر العدو في إنشاء هذه السلطة لاستخدامها ضد المجاهدين؟.. وهل تظن السلطة أن العدو لن ينقلب عليها وينزع سلطتها بعد التخلص من المجاهدين وتقليم أظافر الشعب الثائر المناضل؟
. لماذا لا نكون واضحين في التمسك بحقوقنا مثل وضوح العدو في التمسك بالباطل؟.. ألم يعلن العدو صراحة أن القدس عاصمته الموحدة؟.. ألم يؤكد بالقول والفعل أن سياسة الاستيطان لا رجعة فيها؟.. ألم يرفض بكل صفاقة عودة اللاجئين، أصحاب الأرض؟!.. ماذا بقي لكم لكي تتفاوضوا عليه؟.. هل يتصور عاقل أن الحدأة يمكن أن تلقي إليكم بالكتاكيت التي خطفتها؟!.
من غير المعقول أن تستمر هذه الغفلة أو التغافل عما يدور حولنا..
كفى خداعًا للنفس وللشعوب المقهورة، وإذا لم تستطع الحكومات العربية أن تكون على مستوي هذه الأحداث المصيرية وتتعامل مع القضية بقوة واقتدار، فليُترك الأمر لشعوبها .. وهي- والله- قادرة على تحرير فلسطين كلها .. فالهزائم والانتكاسات العربية ليست بسبب براعة العدو بقدر ما هي بسبب خيبة الحكومات المستبدة المقهورة.
د. عبد الله هلال
العدد 515 الخميس 21من ربيع الاخر 1422 هـ الموافق12 من يوليو 2001م
___________________________________

لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين!

يجيد الصهاينة فنون الخداع والتنكر وتوزيع الأدوار، وعيونهم جميعًا مُصوَّبة على رقاب المسلمين وكيف يقومون بعملية الذبح؟.. هل بسكين حادة وعلى مرأى ومسمع من الضحية، أم بالتخدير قبل الذبح تجنبًا للمقاومة؟. وللأسف الشديد فإن الحكومات العربية تلدغ من الجحر الواحد مئات المرات دون أن يفيقوا أو يعتبروا. فمنذ أن بدأت التسوية المهينة مع العدو الصهيوني وهم يستغلون جيدًا مسرحية الانتخابات في العبث بعقول السذج منا.. إذ يقدمون لنا تارة ثعبانًا مثل رابين وبيريز وباراك حيث يتحدث كلامًا ناعمًا معسولاً ويوزع الابتسامات والمصافحات وهو يخبئ السكين وراء ظهره ويجيد القتل دون ضجيج.. وتارة أخرى يقدمون كلبًا كثيرًا النباح والعض مثل نتنياهو وشارون، كلما تأزم الموقف ورفض الطرف العربي التفريط الكامل الذي يريده الصهاينة.. وكأنهم يطبقون معنا المثل الشعبي «لا يدرك قدر أمًّه إلا من رأي زوجة أبيه».
ففي الانتخابات الصهيونية الماضية، وبعد أن شبع نتنياهو نباحًا وعضًا في الحكومات العربية. وأحرجهم جميعًا وهم عاجزون عن التصرف أو الرد.. جاءت الانتخابات ليرتمي المساكين في أحضان باراك هربًا من نباح نتنياهو.. واكتشفوا بعد فوات الأوان أنهم استجاروا من الرمضاء بالنار، وأن باراك ما هو إلا نسخة ثعبانية من نتنياهو فعاد العجز وعدم القدرة على التصرف.. والعدو لا يريد إلاَّ التسليم الكامل ويرفض أن يمنحهم حتى ورقة التوت، فماذا يفعلون لكي يدرك العرب أن باراك ثعبان جميل لا يمكن تعويضه، وأن الأفضل لهم أن يذعنوا له وإن لم يقدم لهم شيئًا لأن البديل سوف «يأخذ»، و«يضرب» في المليان؟!.. وعلى الفور توصلوا إلى الحل السحري: «قَدًّم لهم شارون كي يذعنوا لباراك!!».. ولسان حالهم يقول: نعم باراك لن يمنحكم شيئًا ولكنه أفضل من السفاح شارون الذي لن يكتفي بعدم المنح ولكنه سوف يتجه إلى السلب أيضًا.
وبالطبع كلا من الثعبان «باراك» والكلب «شارون» متفقان ولا يسعى أي منهما للوصول إلى الحكم على حساب المصالح العدوانية للدولة العبرية.. فمصلحة الكيان الغاصب عندهما أهم من رئاسة الوزارة.. وما هذا ا لسباق المحموم والصراع الظاهر سوى مسرحية لتحقيق هدف الإخضاع الكامل للعرب.
وللأسف الشديد فاللدغ مستمر من ذات الجحر.. وكما ارتمت الحكومات العربية في أحضان باراك هربًا من نتنياهو، ها هي تفعل الشيء نفسه معه هربًا من السفاح الذي لم يشبع بعد من دمائنا!، والمسرحية مستمرة... ولك اللّه ياقدس.
د. عبد الله هلال
العدد 495 الخميس 14 من ذى القعدة 1421 هـ - 8 من فبراير 2001م
___________________________________

يا عرفات .. لماذا لا تطالب باعتقال شارون وعصابته أيضًا؟!

هل أصيبت الذاكرة العربية بالشلل التام؟! .. كيف نلدغ من الجحر الواحد آلاف المرات ولا نتعظ أو نفيق؟!. ها هو التاريخ يعيد نفسه، بكل التفاصيل والأحداث خيرها وشرها.. ونحن كالفئران، ندخل المصيدة ونتناول السم بتكرار ممل دون أي اعتبار!.
* أتذكرون الهدنة الشهيرة التي فُرضت علينا وقبلناها بكل سذاجة في حرب 1948 عندما وجد العدو أنه سوف يخسر المعركة أمام المجاهدين الذين دفعت بهم الشعوب العربية من خارج الجيوش الرسمية التي أنهكتها المؤامرات والخيانة والأسلحة الفاسدة؟.. أتذكرون كيف التزمنا نحن بالهدنة ولم يلتزم بها العدو ليعيد تنظيم جيشه وتسليحه ويعاود الانقضاض؟ ... ها هي الهدنة نفسها تحت مسمى «وقف إطلاق النار»، تُفرض علينا بالطريقة نفسها عندما ظهر السلاح الإسلامي الفتاك الذي لا تملك أعتى الجيوش له دفعًا.. وهو سلاح «الاستشهاد»: وها نحن نقبل صاغرين دون حتى أن نستفيد من مركز القوة الذي وضعتنا فيه العمليات الاستشهادية!.
* أتذكرون عندما تصاعدت العمليات الاستشهادية في أواخر عهد رئيس الوزراء الهالك إسحق رابين، واهتزت الدنيا كلها وتكهربت.. واستطاع العدو أن يحشد حشوده في عقر دارنا، في شرم الشيخ، ليفرض على السلطة الفلسطينية- بمساعدة الحكومات العربية- اعتقال المجاهدين الذين يمتلكون السلاح الفتاك؟ .. أتذكرون كيف قبلنا كالبلهاء وصف المجاهدين بالإرهابيين؟.
إن الأمر واضح وضوح الشمس.. وهو أن رءوس الاستكبار العالمي يفزعهم ظهور سلاح خطير لا يمتلكونه، ولا يمتلكون له سلاحًا مضادًا.. فقد أصيبوا بالعمى والصمم والخرس أمام عمليات القتل الجماعي اليومي لمئات الفلسطينيين، ولم تهتز لهم شعرة واحدة، وعندما قتل عشرون فقط من المستوطنين المحتلين تحرك الجميع بنشاط وهمة، ليس فقط لأن الدم الصهيوني أغلى (للأسف) من الدم العربي، ولكن لأن المستضعفين من أمثالنا يجب نزع أسلحتهم أولاً بأول. ونظرا لأن هذا الأمر ليس فيه «هزار»، فقد تحرك العدو الأمريكي بعد طول تردد وتمنع بأعلى مستوي من الإرهاب.. إذ لم يرسل مبعوثًا سياسيًا أو حتى عسكريًا، وإنما أر سل «بعبع» أغلب الحكومات العربية وهو جورج تينيت مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (و. م. م. أ). الذي حلت بركاته بمجرد تشريفه للمنطقة فتغيرت اللهجة الإعلامية العربية وبدأ الحديث عن «الترتيبات الأمنية»، وتصوير الأمر على أنه مجرد اعتقال بعض الفلسطينيين(!).. كما ظهرت النتائج الخطيرة سريعًا في الأردن بمنع المجاهد الفلسطيني إبراهيم غوشة من الدخول.. إذ يبدو أننا ننفذ التعليمات دون تفكير، كما يبدو أن (و. م. م. أ) لها من السطوة والنفوذ ما يجعل كلام مديرها من ذهب.. لأن من يقف في وجهه «ذهب»!!.
والسؤال الخطير الذي يجب أن نجد له إجابة هو: كيف يقبل عاقل مبدأ القبض على مواطنين واعتقالهم بأوامر من العدو؟.. هل يمكن أن نجد أي دولة في العالم ترضى أو تقبل مجرد الاستماع إلى هذا المطلب الغريب؟.. فما بالك إذا كان هؤلاء المواطنون يقاومون احتلالاً عسكريًا لأرضهم؟!. ولماذا لا نطالب -بالمقابل- باعتقال كل القتلة الصهاينة من مجرمي الحرب وأولهم السفاح شارون؟. إن القبول بهذا المبدأ الخطير هو إقرار بأن الأرض أرضهم وأن مقاومة الاحتلال ليست من حقنا. يا عرفات.. إن الجحر مليء بالأفاعي الصهيونية، فكيف تلدغ كل مرة؟!.. إن كل التحركات الحالية تصب في مصلحة العدو، فكيف نقبل ذلك؟!.. إن السبيل الوحيد لتحرير فلسطين في هذه الظروف هو العمليات الاستشهادية، وما عليك إلا أن تجرب.. وسوف ترى أن بضع عمليات كفيلة بفتح باب الهروب من فلسطين.. فقد جاءوا إليها ليعيشوا، لا ليموتوا.
د. عبد الله هلال
العدد 512 الخميس 29 من ربيع الاول 1422 هـ الموافق21 من يونية 2001م
___________________________________

لو كنت من السفاح شارون!!

وضع المجرمون الصهاينة أساس الهيكل المشئوم في قلب المقدسات الإسلامية متحدين العالم الإسلامي كله.. ولم يتحرك أحد بأي فعل إيجابي سوي النواح والشجب الحكومي العربي والاستنجاد «بأصدقاء العدو» في أمريكا وأوربا. وهكذا ينفذ العدو كله خططه الشيطانية علانية ويستقطع المقدسات الإسلامية قطعة قطعة، ويتقدم خطوة خطوة إلى السيطرة الكاملة على القدس وهدم المسجد الأقصي والتخلص من الشعب الفلسطيني مطمئنا إلى العجز العربي الكامل عن أي فعل أو حتى رد فعل. فقد أثبتت الأحداث الدموية التي فجرها السفاح شارون وتحدى بها العالم كله أن اللحم العربي طري، وأن العرب مصابون بالشلل التام فلماذا لا ينتهز الفرصة وينجز في عام واحد أو عامين ما خططوا لإنجازه في عشرات السنين؟!
ليت أحدًا يدلنا على فعل واحد إيجابي لصالح القضية قام به العالم العربي مترامي الأطراف والمكون من اثنتين وعشرين دولة.. أو حتى إحدى دول هذا العالم البائس، باستثناء فلسطين! كثيراً ما يخيل إلي وضع الدول العربية وكأنها مقيدة بقيد حديدي مفتاحه مع السفاح شارون، ولو كنت من هذا السفاح لفعلت أكثر من هذا ما دام المجني عليه لا يجرؤ حتى على الصراخ. ففي ظل هذا الشلل والعجز حتى عن مقاطعة العدو أوطرد سفرائه.. ما الذي يمنع السفاح من ارتكاب كل الجرائم وتدمير كل المقدسات؟. ماذا يمكن أن يحدث لو اقتحم المجرمون الصهاينة المسجد الأقصى وهدموه ونفذوا خرافاتهم وأقاموا هيكلهم المزعوم؟.. بالطبع لن يحدث شيئ، بل لن يسمح لنا بالتظاهر والاحتجاج السلمي.. وللأسف فإن ردود الفعل الجماهيرية هي الهاجس الوحيد الذي يقلق الحكومات العربية التي لا تتحرج من التصريح به عندما يفتح الله تعالى عليهم بالنطق بعد كل كارثة!!.
هل صحيح أن الواقع العربي والإمكانات العربية البشرية والاقتصادية والعسكرية منعدمة إلى الحد الذي يؤدي إلى العجز الراهن؟.. بالطبع لا، فليس معقولاً أن يعجز مائتان وخمسون مليونا عن مواجهة خمسة ملايين. والمواجهة لا تغني الحرب فقط.. فهناك عشرات الوسائل التي يمكن أن تجعل كلمتنا مسموعة ونستطيع ، بالتالي أن نضع العدو في حجمه الحقيقي. والحرب ليست شرا ولا كارثة كما تصورها الحكومات العربية.. ولكن للحرب رجالها بالطبع، فإن غاب الرجال واضطررنا إلى تأجيل قرار الحرب فأمامنا الوسائل الأخرى وأهمها المقاطعة الاقتصادية. فلو اتفق العرب جميعاً على مقاطعة الدول المتعاملة مع العدو وعدم الاستيراد منها أو التصدير لها فلن تستطيع أي دولة أو تجرؤ على معاداتنا لأننا للأسف نستورد كل شيء، والدولة التي تخسر الأسواق العربية يمكن أن تنهار اقتصاديا. كما يمكن أن نتحدى مجلس الأمن- مثلما يفعل العدو- ونرفض تنفيذ قراراته الظالمة ضد العرب والمسلمين إلا بعد تنفيذ العدو للقرارات الصادرة لصالحنا.. وهكذا هناك الكثير من الإجراءات المماثلة التي لا نظن أنها صعبة التنفيذ.. ولكنها تحتاج بالطبع إلى إرادة عربية مستقلة، وهذا ما نفتقر إليه للأسف!.
د. عبد الله هلال
العدد 519 الخميس 19 من جمادى الاولى 1422هـ 9 من اغسطس2001م
___________________________________

.. ليذيقهم بعض الذي عملوا!

البيئة هي كل ما يحيط بالإنسان من مخلوقات الله.. وهي هبة الله تعالى ونعمته، خلقها وهيأها سبحانه لتناسب حياة الإنسان طالما حافظ عليها كما خلقها الله له، وقد وضع الخالق جل جلاله للبيئة موازينها الدقيقة وقوانينها المحكمة، وأمرنا أن نسعى ونجتهد فيها لإعمارها والحصول على ما خلق لنا من رزق دون إفساد أو إسراف، ولكن الإنسان ناصب البيئة العداء بتلويثها واستنزافها وإرهاق أنظمتها حتى {ظهر الفساد فى البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعونّ} [الروم: 41].
هذه الآية الكريمة تلخص بإعجاز وسلاسة مشكلة البيئة مع الإنسان من حيث السبب والهدف والحكمة من ظهور الفساد البيئي كعقوبة للناس جزاء ما كسبت أيديهم، وإمكانية العلاج والإصلاح عند الرجوع والتوقف عن الإفساد. وقد ذكر البيضاوي أن المراد بالفساد الجدب وكثرة الحرق والغرق، ومحق البركات، وكثرة المضار فظهور التلوث البيئي في البر والبحر وما صاحبه من نقص في جودة الزروع والثمار وتلوث للحوم والألبان والأسماك ما هو إلا النتيجة الحتمية لجشع الإنسان وإسرافه وطمعه، ولأن الجزاء يكون دائمًا من جنس العمل، والحصاد من جنس البذور فقد جاء التلوث البيئي ليذيق الناس بعض ما عملوا، وهكذا فعندما يلقي الإنسان بالفلزات الثقيلة في المياه مثلا فهي تعود إليه وتهاجمه من خلال الغذاء الذي يتناوله.. وعندما يسرف في استخدام المبيدات فهي تقتل الحشرات النافعة والصديقة، كما تتسلل إلى النباتات وتدخل في مسار السلاسل الغذائية لتصل إلى الإنسان في نهاية المطاف.
وعلى الرغم من استحقاق الإنسان لهذه العقوبة الإلهية فإن رحمة الله تعالى بعباده تتجلي في فتح الباب للرجوع عن الإفساد والكف عن إيذاء البيئة لتعود بالتالي إلى سابق عهدها نقية غنية، إذ تتميز البيئة بالقدرة على إصلاح نفسها من خلال الدورات العديدة التي ميز الله تعالى المنظومات البيئية بها، إذا ما كفّ الإنسان عن التدخل الجائر وغير الرشيد في أنظمتها.
وقد حذر القرآن الكريم من السبب الرئيسي للفساد البيئي وهو الإسراف والتقتير.. فالإسراف في استهلاك الوقود واستنزاف الموارد الطبيعية، والتقتير في حماية البيئية من الملوثات هما الآفة المفسدة للبيئة، وليس أمام البشرية من سبيل لإنقاذ البيئة إلا التوسط والاعتدال والرجوع عن هذا الطريق المعوج الذي يهدد البشرية بالفناء
د. عبدالله هلال
العدد 563 الخميس 16 من ربيع الاخر 1423هـ 27 من يونيو 2002م
___________________________________

ماذا بعد الفيتو 24؟!!

الصمت المخزي والخنوع الذي يظلل الساحة السياسية (العريبة والإسلامية) في مواجهة الأحداث المصيرية التي تمر بها الأمة وصل إلى حد يجعل الإنسان الذي لديه ولو ذرة من الإحساس يتمنى لو أن أمه لم تلده ليعيش في هذا الزمن الرديء. فقد استخدمت أمريكا حق النقض لمنع إدانة العدو الصهيوني، غير عابئة لا بالأصدقاء (المعتدلين) ولا بالأعداء (الإرهابيين).. وهي تقول للجميع وعلى الملأ إنها صهيونية وإنها سعيدة بالسلب والنهب والقتل والهدم الذي تمارسه العصابة الصهيونية في فلسطين . فماذا ينتظر العرب من هذه القوة الباغية التي لطمتهم جميعا بحق «النقض» اللعين لأربعة وعشرين مرة؟!.. هل تظنون أيها البؤساء أن كثرة البكاء على أعتاب البيت الأسود ربما تحنن قلب بوش عليكم وتغير من موقف بلاده الذي يتطابق تماما مع سياسة العدو؟!.. هل تعتقدون أيها المساكين أن الشعب الأمريكي المشغول بشذوذه وسكره وعبادة الدولار سوف يأسف لمقتل الأبرياء ويدفع حكومته إلى العطف عليكم والضغط على الدولة العبرية لكي تشفق عليكم؟!.. هل هو عشم إبليس في الجنة، أم أنها السذاجة والعبط، أم هو الوهن والاستسلام؟!!.
إن المؤتمرات والاجتماعات العربية والإسلامية الطارئة أصبحت عبئا علينا، يسعد بها العدو ويأسف لها الصديق لأنها تؤكد المرة تلو الأخرى أننا بلا وزن، وأن أحدا في العالم لا ينتظر من ورائنا أي خير أو شر. فقد اجتمع وزراء خارجية الدول الإسلامية، ثم وزراء خارجية الدول العربية.. وهم يعلمون جيدا أن اجتماعاتهم لن تقدم أو تؤخر، بل وصل الأمر إلى إغفال توجيه التحية والتأييد (الكلامي بالطبع)- الذي دأبت عليه هذه الاجتماعات- للانتفاضة الفلسطينية لأن الحلف الصهيوني الأمريكي كشر عن أنيابه ووصف المقاومة الفلسطينية المشروعة بالإرهاب.. فما كان من حكوماتنا (الباسلة) إلا الصمت المخزي، والسكوت علامة الرضا، لكي يقتنع العالم كله بالأكاذيب الصهيونية ويتحول الجاني المجرم إلى مجني عليه وضحية للإرهاب الإسلامي.
وليت المأساة اقتصرت على هذا التخاذل .. ولكنها وصلت إلى حد التسابق إلى إرضاء الحلف الأمريكي الصهيوني والاستجابة لتدخله السافر في حياتنا و سياساتنا وثقافتنا، والحقيقة أن خططهم لقتل الصحوة الإسلامية ووقف المد الإسلامي قديمة، ولكنها قبل الحادي عشر من سبتمبر كانت تنفذ بالتدريج حتى لا تنقلب الأمور ضد مؤامراتهم .. وهذه الخطط كانت تتمثل في الضغط على الحكومات لضرب الإسلاميين والتدخل في المناهج الدراسية والخطط الإعلامية لحذف كل ما هو إسلامي وكل ما يبعث على الفخار في تاريخنا وحضارتنا، وتأميم المساجد والحد من زيادتها، والقضاء على المنظمات الجهادية.. ثم تطور الأمر إلى الإلزام (دوليا) من خلال الأمم المتحدة مثل إرغامنا على تنفيذ مقررات مؤتمري السكان والمرأة.. وهكذا حتى جاءت اللوثة التي أصابت العم سام بعد الهجوم المدمر على رموزه التي كان يفاخر بها فأخذ يتعجل تنفيذ مؤامراته دون تدرج ودون لف أو دوران.. وكان الواجب أن تقف حكوماتنا التي ابتلينا بها في وجهه وتقول: لا، هذا مستحيل ، ولكن للأسف فقد تطوع البعض لضرب كل من يعارض الهيمنة الأمريكية الصهيونية، وكل من يرون فيه عدوا محتملا لهم، وتسابق آخرون في تقليص حصص التربية الإسلامية، وفي عرقلة بناء المساجد.. وبدأنا نسمع عما يسمي تطوير الإسلام ليتوافق مع العصر، ورضينا بوصف مقاومة الاحتلال في فلسطين ولبنان وكشمير والشيشان بالإرهاب.. بل وصل الأمر إلى السكوت على انتهاك العدو الصهيوني لا تفاقيتي وادي عربة وأوسلو، والشلل التام أمام هذه الأحداث الجسام!
لو أن قطة أو دجاجة تعرضت لما يتعرض له المسلمون اليوم لثارت وشهرت أظافرها.. فهل نحن أقل من الحيوانات والطيور؟!!.
يبدو أن الأيام القادمة تحمل ابتلاء عظيما لكل المتدينين ولكل الحركات الإسلامية بصقورها وحمائمها.. نسأل الله تعالى أن يثبت المؤمنين.
د. عبدالله هلال
العدد 539 الخميس 19 من شوال 1422هـ 3 من يناير 2002م
___________________________________

ماذا يخبئ جورج بوش للعرب والمسلمين؟!

أدى الشعور العميق بالمهانة والإذلال بالأوساط الأمريكية الخاضعة للنفوذ الإعلامي الصهيوني إلى تحول الدولة إلى ثور هائج يريد أن يحطم أي شيء في أي مكان لكي يثبت أنه مازال على قيد الحياة، وعلى الرغم من اعتراف المحققين بأنهم لم يتوصلوا إلى أي دليل يثبت ضلوع بن لادن أو غيره في هذه العملية التي تشبه قيام طفل صغير بصفع فتوة ضخم على قفاه على مرأى ومسمع من الملايين، فقد أعلنت الحرب وتحركت الجيوش والأساطيل إلى بلاد المسلمين دون انتظار لنتيجة التحقيق.. وهذا يدل على أنهم يسعون إلى الحرب أصلا ولم يكن ينقصهم سوى المبرر الذي يستطيعون به حشد التأييد والحصول على التسهيلات المطلوبة.. وهذه الحرب بدأت منذ عشرات السنين ولم تتوقف يوما واحدا على امتداد العالم الإسلامي ولكنها لم تحُسم بعد لصالحهم.
فماذا يخبئ جورج بوش لنا؟
. في البادية أعلن أنها «حرب صليبية».. وعندما أدرك أن ذلك سوف يصعّب من مهمة الانقضاض على المسلمين بأيدي مسلمين (!) تراجع وقام بزيارة المركز الإسلامي، وأخذ يكرر تظاهره باحترام الإسلام ومعتنقيه.. ويعلم الله وحده ماذا يضمر لهم.
. اجتمع وليام بيرنز مع السفراء العرب وطلب منهم أن تحدد كل دولة موقفها «على وجه السرعة» فهي إما مع أمريكا وإما ضدها، أي لا مكان للمحايدين ولا مجال للحياد!
. الأحداث تثبت يوما بعد يوم أن كل شيء يتم كما يراه العدو الصهيوني الذي ربما قام بتدبير هذه الهجمات على رموز القوة والسيادة الأمريكية.. فتصاعدت نغمة إلقاء الاتهامات على المقاومة وحركات التحرر الوطني التي تجاهد من أجل استقلال أوطانها.. وأعلن السفاح شارون أن التحالف المعادي للإرهاب يجب أن يكافح كل «المنظمات الإرهابية»!!
. السفير الأمريكي بلبنان سلّم رئيس الوزراء المطالب الأمريكية السبعة (!) وأولها وقف أنشطة حزب الله لأنه يدعم العمليات «الإرهابية» للمنظمات الفلسطينية.. هكذا دون حياء!!.
. من المبررات السخيفة لوضع العراق ضمن الأهداف المطلوب تدميرها وإزالتها أنه يكافئ أسر الأبطال الفلسطينيين الذين يقومون بعمليات استشهادية في فلسطين.. ألا يثبت ذلك أنه ليس هناك فرق بين أمريكا والعدو الصهيوني؟. والغريب أنهم لم يقولوا نظرا لاحتمال مشاركة العراق في الهجمات ربما لأنهم يعلمون أن من حق العراق مهاجمة أمريكا التي تهاجمه يوميا.. ولو فعلها لما استطاع أحد أن يدينه.
  • مما يدل على نية الغدر والكيد للإسلام والمسلمين ما أعلنته مصادر في حلف الأطلنطي عن خطة الحرب، التي تضمنت مرحلتين:
- الأولي: القصف المتكرر والمتواصل لعدة أيام لتحقيق أكبر كمية ممكنة من الخسائر المادية والبشرية التي من شأنها أن تعيد الطمأنينة إلى الشعب الأمريكي!! أي على حساب الأبرياء.
- الثانية: إنزال مكثف لقوات كوماندوز «من الدول الإسلامية»(!!) وذكرت المصادر (كما جاء بالأهرام 20 سبتمبر) أن هناك شبه اتفاق على توزيع الأدوار والمهام، حيث ستتم الاستعانة بفرق كوماندوز عربية وإسلامية.
  • ألا يدل ذلك على أن صراع الحضارات قد بدأ، وأنهم يريدون أن يحاربونا وبأبنائنا لكي يُهلك المسلمون بعضهم بعضا؟.. وما هي الضمانات التي قدمها بوش للدول التي سوف يستخدم أرضها وسماءها ومياهها؟.. كيف سيتخلصون من هذه الجيوش الجرارة التي إن وطئت أقدامها بلاد المسلمين فلن تغادرها، وتجربة الخليج ماثلة؟.. وهل جاء الوقت لكسر شوكة باكستان التي تجرأت وامتلكت السلاح النووي؟!
  • هناك أسئلة مهمة تتعلق بالأدلة التي تثبت الفاعل الحقيقي لانفجارات الثلاثاء: أين تسجيلات الصناديق السوداء؟.. لماذا التركيز على الركاب العرب بالطائرات المختطفة دون غيرهم؟.. ما نتيجة التحقيقات مع الصهاينة الذين أظهروا الفرح والسعادة ساعة الهجوم؟.. من الذي دس خبر الهجوم على منتجع كامب ديفيد، وتبين أنه لم يحدث؟.. هل كان ذلك سبقًا إعلاميًا للإعلام الصهيوني على اعتبار أن ذلك سوف يحدث ولكن الطائرة سقطت في بنسلفانيا؟.. كل شيء يقول: «فتش عن اليهود»!
د. عبدالله هلال
العدد 526 الخميس 10من رجب 1422هـ 27 من سبتمبر 2001م
___________________________________

متى نمتنع عن مصافحة العدو؟!

فرح الشعب المصري، وسعدت الشعوب العربية، بقرار سحب السفير المصرى من عاصمة الكيان الصهيوني.. وكنا نود وننتظر أن يتبع هذا القرار قرارات أخرى مماثلة تعبر عن هويتنا العربية الإسلامية الأصيلة وعن إيماننا بأن تحرير المقدسات المغتصبة فرض عين وليس مجرد تضامن مع الأشقاء فى فلسطين، الذين يتعرضون للإبادة يوميا تحت سمع وبصر العالم كله، خصوصا وأن الأجواء والظروف التى دفعت الحكومة المصرية إلى اتخاذ هذا القرار لم تتغير.. بل على العكس، فقد تزايدت المذابح وازداد الصلف والإجرام الصهيونى لدرجة كان يجب أن تحتم علينا أن نوقفه عند حده، وأن نطرد سفيره إلى غير رجعة.
وللأسف الشديد فقد تحايل العدو- كعادته- على قرار سحب السفير المصرى وأفرغه من مضمونه بإرسال وزرائه ومسئوليه بين الحين والآخر للاجتماع مع المسئولين المصريين على مرأى ومسمع من العالم كله لكى يوهم الرأى العام بأن العلاقات (سمن على عسل)، وأن الود موجود، وأن سحب السفير المصرى مجرد مسرحية لإرضاء الشعوب العربية الغاضبة!. وقد تطورت الأمور لتصبح أرضنا الطاهرة المكان المفضل لأحفاد القردة والخنازير لكى يواصلوا فيها مسرحية المفاوضات والمباحثات التى لا تنتهى ولن تنتهى مادام هناك قدر من الثقة من الجانب العربى المخدوع فى العدو وفى حليفه الأمريكي.. فهم على استعداد لمواصلة هذه المسرحية دون ملل لعشرات السنين بهدف تضييع الوقت وفرض الأمر الواقع مع إصابتنا بالإحباط واليأس، ولحين تغير الظروف لصالحهم فيعاودون الظهور على حقيقتهم، والانقضاض علينا وعلى مقدساتنا.
والأسئلة الحائرة التى تبحث عن إجابة هي: كيف نجلس مع هؤلاء السفاحين ونصافحهم على الرغم من أن أيديهم ملوثة بدمائنا؟!.. كيف يرتدعون ويدركون أننا نرفض إجرامهم وهم يرون أن حرب الإبادة الشاملة ضد أشقائنا لم تؤثر فينا، بل لم تجعلنا نكشر فى وجوههم؟!.. ما هو الحد الأقصى من الإجرام الذى ننتظر أن يصلوا إليه لكى نتشجع ونقول لهم كفى؟!.. أليس هناك سقف؟!. إن القرار الوحيد الذى يجب اتخاذه، والذى لا يصلح غيره، هو الاعتراف بأن طريق التسوية القائمة على المساومات والتنازلات ثبت خطؤه، وأن العدو يماطل فى الاعتراف بحق الشعب الفلسطينى فى الحياة الحرة الكريمة وأنه لا يؤمن بمبدأ التعايش السلمي.. وأنه لابديل عن المقاومة لاسترداد الأرض وصيانة العرض.
إننا نشعر وكأن السفير المصرى مازال هناك، يشهد المذابح اليومية!.
د. عبد الله هلال
العدد 493 الخميس 30 من شوال 1421 هـ الموافق 25 من يناير 2001م
___________________________________

مطلوب تحقيق.. يا محافظ الشرقية

عندما اختير أستاذ الطب الدكتور حامد شتلة محافظًا للشرقية تفاءلنا خيرًا بإمكانية تحسين الوضع الصحي والخدمات الطبية المتدهورة بالمحافظة.. ومازلنا نحسن الظن به وننتظر أخبارًا سعيدة في هذا المجال، خصوصًا أن المحافظ الجديد مازال في بداية مشواره.
وهذه قصة عجيبة شهدتها بنفسي أضعها بين يدي المحافظ الطبيب. فقد ذهبت إلى الزقازيق لزيارة مريض بمستشفى صيدناوي الذي يبدو من الخارج مستشفي متطورًا، وعندما دخلت إلى غرفة المريض ذهلت من كم الذباب والقذارة الذي لا يجوز وجوده في مكان به آدميون، فما بالك إذا كانوا مرضى، أما الأدهى من ذلك والأمرُّ فهو الإهمال في المرور على المرضى ورعايتهم.. حيث لا يمر الجراح لمتابعة حالاته، ولم أجد طبيبًا واحدًا لأنقل إليه شكوى المريض من القسطرة الموجودة لثلاثة أيام دون داع رغم أنه يستطيع الذهاب إلى الحمام.
أما القصة العجيبة التي أرجو أن تجد من يحقق فيها فهي أن المريض الذي ذهبت لزيارته مكث بالمستشفى اثنا عشر يومًا من التأجيل لعدم حضور الجراح الذي سوف يستخرج الحصوة بالمنظار، وبعد هذه المدة الطويلة جاءه أحد الأطباء وأوهمه أنه سوف يذهب إلى القاهرة للاتفاق مع جراح لإجراء العملية، ثم قام هو بمحاولة إجرائها والمريض تحت التخدير لا يدري من أمره شيئًا.. وفشل هذا الطبيب في الوصول إلى الحصوة بعد أن فتح بطن المريض، وكان الواجب أن يستعين بالأستاذ المختص أو يطلب معونة من غيره، ولكنه أغلق بطن المريض ولم يذكر له بعد ذلك حقيقة ما حدث، وظن المسكين أنه استراح من الحصوة ومشكلاتها وأخذ يسأل عن موعد الخروج وهو لا يدري أن العملية فاشلة وأن الأمر كله عبث وأن الحصوة مازالت في مكانها!
وعند زيارتي سألته «أين الحصوة»؟ فقال المريض: إنهم لم يعطوها لي، وكما أسلفت لم أجد مسئولاً لكي أتفاهم معه، فعدت بالمساء وقابلت الطبيب المناوب وصممت على معرفة الحقيقة فقال إن الحصوة لم تستخرج لأن الجراح «لم يوفق» في الوصول إليها، وسوف نقوم بإجراء جراحة جديدة بعد التئام الجرح!!
وقد فهمت بطريق غير مباشر أن الجراح «الذي يهوي التدريب» تعجل في إجراء العملية الفاشلة قبل أن يحضر الأستاذ الذي اتفق معه المريض مستبقًا الأحداث حتى لا تضيع منه الفرصة!
تري من المسئول عن هذه الكارثة؟. وكيف يخضع مريض لإجراء عملية جراحية مرتين دون داع؟! ومن الذي يقرر فتح غرفة العمليات وإجراء الجراحات؟! ومن الذي يعوّض المريض عن آلامه وصحته المهدرة بسبب العبث؟!
د. عبد الله هلال
العدد 523 الخميس 18 من جمادى الاخرة 1422 هـ 6 من سبتمبر 2001م