الطعم الصهيوني- الهندي!
بقلم د. عبد الله هلال
بقلم د. عبد الله هلال
(المصريون): بتاريخ 17 - 6 - 2009
ماذا يحدث في باكستان؟.. هل ابتلعت الحكومة الباكستانية الطـُّعم الصهيوني- الهندي؟!.. وأين العقلاء في العالم العربي والإسلامي؟.. لماذا لم يتدخل الذين يصدعوننا ليل نهار بضرورة البحث عن طرق سلمية لتسوية الصراعات لإنهاء هذه الكارثة التي تهدد وجود أكبر قوة إسلامية باعتبارها القوة النووية الوحيدة في العالم الإسلامي؟. أم أن الوسائل (السلمية!) قاصرة على الصراع مع العدو الصهيوني، الذي- بالمناسبة- يريدها استسلامية؟!. لماذا لم نسمع عن مبادرة واحدة أو أية مساع حميدة لوقف هذه الحرب التي تهدد وجود باكستان؟؟!.
عندما فاجأت كل من الهند وباكستان العالم بإجراء التجارب النووية والانضمام إلى النادي النووي.. كان رد الفعل الغربي محكوم بمكانة الهند لديهم وكونها خارج دائرة العالم الإسلامي المصنف كعدو (أو بالأحرى كمنافس وبديل) للحضارة الغربية الآخذة في الأفول. ولكنهم وإن غفروا للهند شقاوتها النووية فلم يكونوا ليغفروا لباكستان المسلمة هذه القفزة الهائلة إلى عالم الأقوياء مرهوبي الجانب.. لولا أنها تزامنت مع التجربة النووية الهندية وكانت ردا بليغا عليها، ولو حدث العكس وكانت باكستان هي البادئة لتعرضت للحصار وربما الاحتلال. أما الهند فقد (كوفئت) بفتح الأبواب أمامها للتعاون النووي غير المحدود مع أمريكا؛ لكي تتفوق على باكستان.. ولا تهم هنا مسألة الانتشار النووي!.
وقد آثر الحلف الأمريكي الصهيوني التريث مع باكستان، وقرر أن ينزع القوة النووية الباكستانية بطريقة ثعبانية ماكرة غير مباشرة حتى لا تنكشف سياسة الكيل بمكيالين، خصوصا وأن باكستان فاجأتهم وصارت قوتها النووية أمرا واقعا. فمنذ أن فجرت باكستان قنبلتها النووية وعينُ العصابات الصهيونية في فلسطين المحتلة لا تنام.. إذ صار مفهومًا أن المسلمين قد امتلكوا قوة الردع التي تحميهم من التهديد باستخدام هذا السلاح الفتاك ضدهم, وبالتالي يصبح امتلاك العدو الصهيوني وحده للأسلحة النووية بلا معنى.. حيث يتلاشي الخوف من أسلحة العدو وتسقط ورقة الابتزاز للعرب والمسلمين التي ألِفها الحلف الصهيوني الأمريكي. لذا فقد بدأت على الفور مؤامرات الإيقاع بباكستان، بالتعاون الجاد بين المخابرات الأمريكية والصهيونية والهندية.. وربما كان التخلص من نواز شريف ومن النظام الشورِي لتداول السلطة في باكستان, بانقلاب عسكري صريح ومرحب به غربيا، هو أول نتائج هذا التعاون الآثم.
ولا شك أن العدو الصهيوني وحلفه الغربي (على عكس العرب) يحفظ عن ظهر قلب ما عرف بالاستراتيجية النووية, والتي ترتكز على أربع وسائل هي: شن حرب وقائية لتدمير المنشآت أو الأسلحة النووية للعدو- اعتراض أسلحة العدو قبل بلوغ أهدافها- الاهتمام بالتدابير الوقائية المحْكمة- التهديد بالانتقام وإثبات القدرة على البقاء والرد المناسب بوسائل قوية ومتعددة. وقد بدأ العدو منذ اليوم الأول لاغتصاب فلسطين بتطبيق هذه الاستراتيجية, فأنشأ برنامجه النووي ووقف بالمرصاد لأية محاولة عربية لامتلاك السلاح النووي أو حتى التقنية النووية.. وبدأ بقتل العالمة المصرية النابغة سميرة موسى, ثم العالم المصري يحيى المشد, وغيرهما.. ثم فجر قلب المفاعل العراقي قبل مغادرته الميناء الفرنسي إلى بغداد, ثم هاجم المفاعل البديل بعد إنشائه في بغداد ودمره, ثم دمر العراق كله بداية من حرب الخليج الثانية وما تلاها من حصار وتفتيش ثم احتلال كامل, وأوقف بمؤامراته المشروع النووي المصري (السلمي) عدة مرات.. إلى آخر هذه القائمة التي صارت محفوظة؛ ورغم ذلك لا تجيد الحكومات العربية قراءتها. لذا فلم يَعتبـِر العدو باكستان دولة بعيدة عن حدوده ولا تشكل له تهديدًا مباشرًا, بل نظر إليها كدولة إسلامية شعبها متدين ويعتبر نفسه جزءًا من العالم الإسلامي الذي لن يقبل بضياع أولى القبلتين وثالث الحرمين, وكان لا بد, وطبقًا للاستراتيجية النووية؛ من تجريد باكستان من أسلحتها النووية!.
وارتكزت الخطة الجهنمية التي أعدها الحلف «الصهيوني الأمريكي الهندي» على دفع حاكم باكستان السابق لاتخاذ إجراءات استفزازية تؤدي إلى ثورة شعبية تكون مبررًا للتدخل بحجة منع الجماعات المتطرفة من امتلاك أسلحة الدمار الشامل ليتكرر السيناريو العراقي من تفتيش وحصار وتدمير. وأول الإجراءات الاستفزازية, كان قرار التخلي عن العمق الاستراتيجي الوحيد في أفغانستان وتدمير أواصر الارتباط الديني والقبلي بين باكستان وأفغانستان والوقوف مع الكفار (في رأي الشعب الباكستاني) ضد المجاهدين.. وعندما مرت هذه الكارثة دون أن تحدث الفتنة, جاء الاستفزاز الأكبر في أهم قضية تشغل بال الباكستانيين وهي قضية كشمير.. فتم تدبير مسرحية الهجوم على البرلمان الهندي, وقد كانت صناعة صهيونية واضحة, ومنفذوها هنود.. وبدأت الحشود العسكرية, وزار وزير الخارجية الصهيوني الهند علنًا, وانحازت أمريكا بوقاحة شديدة إلى الهند ضد باكستان "الحليفة".. وزاد الاستفزاز بطلب إغلاق المدارس الدينية وتغيير مناهج التعليم الديني بعد اعتقال آلاف الناشطين لصالح قضية كشمير, وهي القضية المحورية الأولى عند الشعب الباكستاني، ولكن الله سلم على الرغم من تكرار هذه المؤامرة بين الحين والآخر. كما تجرأت أمريكا على حرمة الدولة الباكستانية بانتهاك حدودها وأمنها الوطني من خلال الغارات التي لا تتوقف على البيوت الباكستانية الآمنة بحجة قتل إرهابيين؛ والضحايا كلهم مدنيون كما صار معلوما. وعندما انتهت صلاحية الرئيس الباكستاني السابق المغتصب للسلطة بانقلاب عسكري، لم يقف الغرب إلى جواره وتركوه إلى مصيره ليأتي حليف علماني آخر ليكمل المهمة وبالطريقة نفسها، والتي وصلت إلى أخطر مستوى على الإطلاق بدفع الحكومة إلى إعلان الحرب على أحد أقاليم الدولة وتشريد الملايين من رعاياها، مما يجعل باكستان على حافة حرب أهلية لا يمكن- إن وقعت لا قدر الله- أن تنتهي قبل عقود.. وهذا هو عين ما خطط له الحلف الصهيوني الأمريكي الهندي، حتى لا تستقر باكستان وتنشغل بنفسها، وحتى تأتي فرصة الانقضاض عليها وتجريدها من قوتها النووية. والشيء الغريب والمقلق أن الحكومة الباكستانية الحالية تستجيب بشكل فوري لطلبات الحلف الصهيوني الأمريكي، على الرغم من وضوح المؤامرة.. وهي التي سكتت (والسكوت علامة الرضا) على الانتهاك الأمريكي لأرضها وقتل المدنيين في بيوتهم بالطائرات، وها هي تحارب قسما من شعبها بالطائرات والأسلحة الثقيلة بدلا من الحوار والإقناع والبحث عن حلول سلمية. لو أنفقت الحكومية الباكستانية الأموال التي تهدر في هذه الحرب المجنونة على تنمية وادي سوات وتحسين مستوى معيشة سكانه لانتهت المشكلة دون حرب ولفوتت الفرصة على أعدائها المتربصين بها وبقوتها النووية. ليت العقلاء في باكستان ينتبهون إلى هذا الفخ الصهيوني الهندي.. وليت الحكماء في العالم الإسلامي يتدخلون لإيجاد حلول سلمية لهذا الصراع، ولتذهب أمريكا وحلفها إلى الجحيم.
abdallah_helal@hotmail.comعندما فاجأت كل من الهند وباكستان العالم بإجراء التجارب النووية والانضمام إلى النادي النووي.. كان رد الفعل الغربي محكوم بمكانة الهند لديهم وكونها خارج دائرة العالم الإسلامي المصنف كعدو (أو بالأحرى كمنافس وبديل) للحضارة الغربية الآخذة في الأفول. ولكنهم وإن غفروا للهند شقاوتها النووية فلم يكونوا ليغفروا لباكستان المسلمة هذه القفزة الهائلة إلى عالم الأقوياء مرهوبي الجانب.. لولا أنها تزامنت مع التجربة النووية الهندية وكانت ردا بليغا عليها، ولو حدث العكس وكانت باكستان هي البادئة لتعرضت للحصار وربما الاحتلال. أما الهند فقد (كوفئت) بفتح الأبواب أمامها للتعاون النووي غير المحدود مع أمريكا؛ لكي تتفوق على باكستان.. ولا تهم هنا مسألة الانتشار النووي!.
وقد آثر الحلف الأمريكي الصهيوني التريث مع باكستان، وقرر أن ينزع القوة النووية الباكستانية بطريقة ثعبانية ماكرة غير مباشرة حتى لا تنكشف سياسة الكيل بمكيالين، خصوصا وأن باكستان فاجأتهم وصارت قوتها النووية أمرا واقعا. فمنذ أن فجرت باكستان قنبلتها النووية وعينُ العصابات الصهيونية في فلسطين المحتلة لا تنام.. إذ صار مفهومًا أن المسلمين قد امتلكوا قوة الردع التي تحميهم من التهديد باستخدام هذا السلاح الفتاك ضدهم, وبالتالي يصبح امتلاك العدو الصهيوني وحده للأسلحة النووية بلا معنى.. حيث يتلاشي الخوف من أسلحة العدو وتسقط ورقة الابتزاز للعرب والمسلمين التي ألِفها الحلف الصهيوني الأمريكي. لذا فقد بدأت على الفور مؤامرات الإيقاع بباكستان، بالتعاون الجاد بين المخابرات الأمريكية والصهيونية والهندية.. وربما كان التخلص من نواز شريف ومن النظام الشورِي لتداول السلطة في باكستان, بانقلاب عسكري صريح ومرحب به غربيا، هو أول نتائج هذا التعاون الآثم.
ولا شك أن العدو الصهيوني وحلفه الغربي (على عكس العرب) يحفظ عن ظهر قلب ما عرف بالاستراتيجية النووية, والتي ترتكز على أربع وسائل هي: شن حرب وقائية لتدمير المنشآت أو الأسلحة النووية للعدو- اعتراض أسلحة العدو قبل بلوغ أهدافها- الاهتمام بالتدابير الوقائية المحْكمة- التهديد بالانتقام وإثبات القدرة على البقاء والرد المناسب بوسائل قوية ومتعددة. وقد بدأ العدو منذ اليوم الأول لاغتصاب فلسطين بتطبيق هذه الاستراتيجية, فأنشأ برنامجه النووي ووقف بالمرصاد لأية محاولة عربية لامتلاك السلاح النووي أو حتى التقنية النووية.. وبدأ بقتل العالمة المصرية النابغة سميرة موسى, ثم العالم المصري يحيى المشد, وغيرهما.. ثم فجر قلب المفاعل العراقي قبل مغادرته الميناء الفرنسي إلى بغداد, ثم هاجم المفاعل البديل بعد إنشائه في بغداد ودمره, ثم دمر العراق كله بداية من حرب الخليج الثانية وما تلاها من حصار وتفتيش ثم احتلال كامل, وأوقف بمؤامراته المشروع النووي المصري (السلمي) عدة مرات.. إلى آخر هذه القائمة التي صارت محفوظة؛ ورغم ذلك لا تجيد الحكومات العربية قراءتها. لذا فلم يَعتبـِر العدو باكستان دولة بعيدة عن حدوده ولا تشكل له تهديدًا مباشرًا, بل نظر إليها كدولة إسلامية شعبها متدين ويعتبر نفسه جزءًا من العالم الإسلامي الذي لن يقبل بضياع أولى القبلتين وثالث الحرمين, وكان لا بد, وطبقًا للاستراتيجية النووية؛ من تجريد باكستان من أسلحتها النووية!.
وارتكزت الخطة الجهنمية التي أعدها الحلف «الصهيوني الأمريكي الهندي» على دفع حاكم باكستان السابق لاتخاذ إجراءات استفزازية تؤدي إلى ثورة شعبية تكون مبررًا للتدخل بحجة منع الجماعات المتطرفة من امتلاك أسلحة الدمار الشامل ليتكرر السيناريو العراقي من تفتيش وحصار وتدمير. وأول الإجراءات الاستفزازية, كان قرار التخلي عن العمق الاستراتيجي الوحيد في أفغانستان وتدمير أواصر الارتباط الديني والقبلي بين باكستان وأفغانستان والوقوف مع الكفار (في رأي الشعب الباكستاني) ضد المجاهدين.. وعندما مرت هذه الكارثة دون أن تحدث الفتنة, جاء الاستفزاز الأكبر في أهم قضية تشغل بال الباكستانيين وهي قضية كشمير.. فتم تدبير مسرحية الهجوم على البرلمان الهندي, وقد كانت صناعة صهيونية واضحة, ومنفذوها هنود.. وبدأت الحشود العسكرية, وزار وزير الخارجية الصهيوني الهند علنًا, وانحازت أمريكا بوقاحة شديدة إلى الهند ضد باكستان "الحليفة".. وزاد الاستفزاز بطلب إغلاق المدارس الدينية وتغيير مناهج التعليم الديني بعد اعتقال آلاف الناشطين لصالح قضية كشمير, وهي القضية المحورية الأولى عند الشعب الباكستاني، ولكن الله سلم على الرغم من تكرار هذه المؤامرة بين الحين والآخر. كما تجرأت أمريكا على حرمة الدولة الباكستانية بانتهاك حدودها وأمنها الوطني من خلال الغارات التي لا تتوقف على البيوت الباكستانية الآمنة بحجة قتل إرهابيين؛ والضحايا كلهم مدنيون كما صار معلوما. وعندما انتهت صلاحية الرئيس الباكستاني السابق المغتصب للسلطة بانقلاب عسكري، لم يقف الغرب إلى جواره وتركوه إلى مصيره ليأتي حليف علماني آخر ليكمل المهمة وبالطريقة نفسها، والتي وصلت إلى أخطر مستوى على الإطلاق بدفع الحكومة إلى إعلان الحرب على أحد أقاليم الدولة وتشريد الملايين من رعاياها، مما يجعل باكستان على حافة حرب أهلية لا يمكن- إن وقعت لا قدر الله- أن تنتهي قبل عقود.. وهذا هو عين ما خطط له الحلف الصهيوني الأمريكي الهندي، حتى لا تستقر باكستان وتنشغل بنفسها، وحتى تأتي فرصة الانقضاض عليها وتجريدها من قوتها النووية. والشيء الغريب والمقلق أن الحكومة الباكستانية الحالية تستجيب بشكل فوري لطلبات الحلف الصهيوني الأمريكي، على الرغم من وضوح المؤامرة.. وهي التي سكتت (والسكوت علامة الرضا) على الانتهاك الأمريكي لأرضها وقتل المدنيين في بيوتهم بالطائرات، وها هي تحارب قسما من شعبها بالطائرات والأسلحة الثقيلة بدلا من الحوار والإقناع والبحث عن حلول سلمية. لو أنفقت الحكومية الباكستانية الأموال التي تهدر في هذه الحرب المجنونة على تنمية وادي سوات وتحسين مستوى معيشة سكانه لانتهت المشكلة دون حرب ولفوتت الفرصة على أعدائها المتربصين بها وبقوتها النووية. ليت العقلاء في باكستان ينتبهون إلى هذا الفخ الصهيوني الهندي.. وليت الحكماء في العالم الإسلامي يتدخلون لإيجاد حلول سلمية لهذا الصراع، ولتذهب أمريكا وحلفها إلى الجحيم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق