بعد العراق والسودان.. على من يأتي الدور يا عرب؟!!
بقلم د. عبد الله هلال
(المصريون) : بتاريخ 6 - 3 - 2009
بلغت الجرأة الغربية على العرب والمسلمين ذروتها.. فعلى الرغم من أن دماء الفلسطينيين في غزة لم تجف بعد، لم يأبه الحلف الصهيوني الأمريكي بمشاعرنا، ولم يحاول الانتظار ولو قليلا حتى ينسى الناس محرقة غزة، فهم متعجلون لتنفيذ سايكس- بيكو الجديدة لتقسيم كل الكيانات العربية والإسلامية الكبيرة، فبدأوا بالعراق وشجعهم الوهن والهوان العربي على الانتقال للسودان.... والبقية تأتي. والغريب أنهم الآن لا يُخفون نواياهم، إذ لا يكاد يمر يوم دون أن يكشف الحلف الصهيوني الأمريكي عن حقيقة نواياه تجاه العرب والمسلمين.. وواقع الأمر أن هذا الحلف قرر تكثيف الحملة الاستعمارية المعاصرة لتحقيق ما فشلت فيه الحملة الصليبية الأولى.. وقد بدأت هذه الحملة الجديدة في عام 1948 بتسليم فلسطين الغالية بمقدساتها ومنذ ذلك الحين لم تتوقف الحرب يوما واحدا. وقد تراوحت المؤامرات الغربية علينا بين الحرب المباشرة كل عشر سنوات تقريبا- بانتظام شديد- وبين تدبير الانقلابات والحروب الأهلية والإقليمية, والاغتيالات.. ووصولا إلى الحصار الدولي، والابتزاز بالتهديد بالمحاكمات الدولية. ويظن الكثيرون خطأ أن تكثيف هذه الحملة في الوقت الراهن جاء نتيجة لهجمات الحادي عشر من سبتمبر، وهذا غير صحيح؛ بدليل ما حدث قبلها في البوسنة والهرسك وكوسوفا وفلسطين والعراق وإيران وليبيا والسودان والصومال وأفغانستان، ولكن هذه الهجمات- وما تلاها من استقواء أمريكي وانحناء لحكومات عربية وإسلامية- عجّلت بتنفيذ المخطط الشيطاني. وقد فضح هذه الحملة الصليبية الجديدة توجه القوات الأمريكية بعد هجمات سبتمبر إلى كل من الفلبين وكينيا (قبل العراق) للقضاء على الأقليات الإسلامية هناك.. إذ صار بوش وقتها "تحت الطلب" لأية دولة تريد التخلص من الأقليات المسلمة فيها. وليست هناك أية شبهة لأي دور للمسلمين في الفلبين وكينيا في الهجوم على أمريكا، بل إن الأخيرة نفسها لم تدّع ذلك، وكلتا الأقليتين مضطهد ومهضوم الحقوق.. ولكن مدّعي حقوق الإنسان يتظاهرون برعاية الحيوانات والطيور، ولا تطرف لهم عين وهم يقتلون البشر من المسلمين. وأخطر ما في الموضوع هو الغيبوبة العربية الكاملة التي نشهدها رغم العواصف التي تحيط بنا والتي تهدد الوجود العربي ذاته, وكأن ما يدور حولنا يحدث في كوكب آخر بعيد عنا.. فلم نتعلم من دروس التاريخ ونشهد المؤامرات تلو المؤامرات تحيط بأعناقنا.. ونحن في «النفط» نائمون.
ولا يختلف اثنان على أن موقف الغرب من قضايانا يتسم بالاستهانة بالعرب، وهو عارٌ علينا بكل المقاييس، إذ لا يعقل مثلا أن يُحرم شعب من مقاومة الاحتلال وتحرير أرضه المغتصبة، إلا إذا كان عربيا أو مسلما!.. ولا يعقل أن يترك الصهيوني الطائش يطيح في شعب أعزل قتلا وتدميرا وحرقا والعالم يجلس متفرجًا، ثم يخرج علينا الغرب بافتراءاته وتهديداته ضد المقاومين متهما إياهم بما أسماه الإرهاب.. وكأني أري «الغرب» حمارا امتطاه «أولمرت»، وقبله «شارون»، وأخذ يندفع به يمنة ويسرة، يهاجم هذا ويهدد ذاك.. ويصنّف خلق الله بالتصنيفات التلمودية التي افتراها بنو إسرائيل، وليصبح كل من يعترض على الإجرام الصهيوني هدفا مشروعا لهذا الحمار الطائش. إن هذا الغرب المنحاز يذرف دموع التماسيح على أهالي دارفور السودانية، وهو نفسه الذي يجوّع أهالي فلسطين عمدا بفرض الحصار عليهم وإمداد العدو الصهيوني بأحدث أسلحته لإبادتهم، وهو نفسه الذي تسبب في قتل أكثر من مليون عراقي، وأفغاني، وفي إصابة وتهجير الملايين.
وقد أدرك الحلف الصهيوني الأمريكي بعد الفشل المهين في العراق وأفغانستان، ولبنان وغزة مؤخرا، أن الحرب المباشرة تحرجهم وتصيبهم بالخسائر التي لا قبل لهم بها.. فصار النظام الجديد للاحتلال بطريقة التحكم عن بعد، حفاظًا على الدماء الأمريكية والأوربية.. فالرئيس الأمريكي يجلس في بيته الأبيض ويشير بإصبعه لتبدأ الحرب العالمية، في كل مكان وكل ميدان: منظمات دولية تحاصر العرب وتلاحق رؤساءهم، جيوش مأجورة تحتل دول الجوار (أثيوبيا والصومال)، وجيوش (محلية) تهاجم المعارضين للإجرام الغربي وتقتل أو تسجن كل من يعادي أمريكا أو يعترض على سياساتها العدوانية، صحف وقنوات فضائية تُغلق، حسابات وأموال تُصادَر، قرارات تصدر بمنع بناء المساجد وإغلاق الجمعيات الخيرية، وقرارات تأمر بخفض حصص التربية الإسلامية تمهيدًا لإلغائها، وأخرى توافق على العبث في مناهج التاريخ الإسلامي، والتفتيش على لجان الزكاة، ومنع الأذان، ومنع طبع القرآن الكريم!.. فالمطلوب الآن (أمريكيا وأوربيا) جيل جديد يعبد المال ويحترم الشذوذ ولا يؤمن بالزواج ولا بالقيم الشريفة، جيل لا يهتم بشئون أمته ولا يؤمن باللّه فيسهل اختراقه ليظل العرب والمسلمون تابعين متخلفين تائهين ليس لهم وظيفة غير استهلاك منتجات الغرب وحراسة الثروات الطبيعية العربية والإسلامية لحين السطو عليها وتوصيلها إليهم بتراب الفلوس.
وأخطر ما في المخطط الشيطاني الجرأة غير المسبوقة على إهانة العرب والتنكيل بهم ممثلا في رموزهم، فكل رئيس عربي يرفض الانصياع الكامل للحلف الصهيوني الأمريكي أو يقاوم الابتزاز لابد من جعله عبرة تحقيقا للمثل (اضرب المربوط لتخويف السائب).. فقد حوصر وحبس ياسر عرفات ثم قتل عمدا وعلنا، وأعدم صدام حسين بطريقة مسرحية مهينة في عيد الأضحى بعد محاكمة عبثية مضحكة، ثم جاء الدور على الرئيس السوداني عمر البشير الذي تجرأ على أمريكا بتمكين الصين من النفط السوداني.. ووصل الأمر إلى إصدار مذكرة من رئيس الادعاء بالمحكمة الجنائية الدولية (لويس أوكامبو) لاعتقاله بتهمة باطلة تنطبق على بوش وأولمرت وباراك وبلير ولا تنطبق على البشير. وهذه أزمة جديدة وضع العرب أنفسهم فيها بالتخلي عن السودان وتركه وحده يواجه المؤامرات الغربية.. فمشكلة السودان أساسا مشكلة اقتصادية، والأموال العربية متراكمة ومبعثرة في بنوك الغرب لا تجد من يستثمرها، ولو أنفق العرب قليلا من زكاة أموالهم على السودان والصومال وتشاد وأفغانستان لقدموا أكبر خدمة للإنسانية المعذبة بإيقاف الحروب في هذه الدول وتفويت الفرصة على المؤامرات الغربية.
والحقيقة أن العرب هم السبب في هذا الاستقواء الأمريكي والغربي.. فكلما تزايد الانحياز الأمريكي للعدو الصهيوني، وكلما زادت المذابح الأمريكية في العراق، زاد «العشق» بين العرب والجلاد الأمريكي، مدّعين أنه الشريك المحايد وراعي عملية «السلام»!. ولا ندري ماذا ينتظر العرب من هذا "الشريك المخالف" بعد أن جاء بنفسه واحتل عاصمة عربية، وبعد أن أعلنها صراحة بأنه مع الصهاينة على طول الخط وأنه ضد الإسلام وضدهم بكل إمكاناته؟. هل العرب لا يملكون وسيلة للضغط على أمريكا؟.. إننا لن نطالبهم بموقف صلب مثل موقف إيران، فهم لا يجرؤون على ذلك.. ولكن لماذا لا يفعلون مثل تركيا عندما حاول «الصديق» الأمريكي قبل سنوات، وفي إطار الحملة الصليبية ذاتها، إدانة الدولة العثمانية بارتكاب حرب إبادة ضد الأرمن.. فهددت تركيا باتخاذ إجراءات عقابية اقتصادية (أي مقاطعة مثل التي فشلنا فيها ،(لتتراجع أمريكا صاغرة لأنها لا تحتمل أية مقاطعة اقتصادية. ألم نقل مائة مرة إن العرب لن يرفعوا رؤوسهم ويفرضوا قضيتهم إلا بعد وقوع الطلاق (أو المخالعة!) بينهم وبين أمريكا؟!!. عندما وجدت أمريكا أن مصالحها في الحفظ والصون مهما فعلت, لم تتردد في إعلان الحرب- بأنواعها- علينا, ولم تعد تهتم بإخفاء نواياها أو نفاقنا.
أين الجهد الدبلوماسي والسياسي العربي مع الأمم المتحدة التي صارت منحازة جدًا للحلف الصهيوني الأمريكي وضد العرب والمسلمين، وبصورة علنية?.. من الذي يمنعنا من تجميع مواقف دولية لمصلحة قضايانا مع دول عدم الانحياز والدول الصديقة?. لقد نجحت الدبلوماسية المصرية بعد هزيمة 1967 في حشد الدول الأفريقية في الصف العربي, وقامت هذه الدول بقطع العلاقات مع العدو?.. لماذا فشلنا الآن في ذلك رغم أن أغلب الدول لها مصالح مع العرب لا يمكن التضحية بها؟. يظن الغافلون أن الانحناء حتى تمر العاصفة سوف ينقذهم من بطش رعاة البقر.. يظنون أن التسليم الكامل وعدم الاعتراض هو السبيل الوحيد للسلامة.. يظنون أن إعلان الحرب على بني وطنهم والتظاهر بكراهية ونبذ الإرهاب (الذي لم يتم الاتفاق على تعريف له حتى الآن) سوف يجنبهم مصير حكومة طالبان ونظام صدام. والحقيقة أنه بئس الظن، وبئس التفكير، وبئس الاستسلام!!. فكلما تراجع الطرف المقابل خطوة، يسرعون هم لاحتلالها ولا يمنحونه الفرصة للكرّ.. وما حدث في فلسطين وباكستان خير شاهد.. ففي الأولى انحنت سلطة ياسر عرفات واستجابت للمطالب التعجيزية، ورغم ذلك لم يرحموها وطالبوا بالمزيد والمزيد وحبسوها بين أربعة جدران حتى الاستسلام الكامل، وفي النهاية قتلوا رئيسها.. وفي الثانية ظن حاكمها أن الارتماء في الحضن الأمريكي وبيع الجار الذي يشكل عمقًا استراتيجيًا سوف يجعل من راعي البقر حليفًا قويًا في مواجهة الهند، مكافأة على هذا الانحناء، ولكن من قال إن هؤلاء تحكمهم الأخلاق؟!.. لقد تبين أن كل شيء تم ترتيبه مسبقًا مع الهند التي تتلقى المساعدات الأمريكية في المجال النووي، رغم القلق الباكستاني من ذلك.. وليتبين أن باكستان كانت مجرد جسر للوصول إلى الأغراض الشريرة.
أفيقوا يا عرب.. فبعدما حدث للعراق، وما يحدث للسودان؛ كلكم مهددون. ولا سبيل أمام العرب الآن سوى الوقوف موقف رجولي جماعي برفض قرار المحكمة الجنائية الدولية والانسحاب الجماعي من معاهدتها واستقبال الرئيس البشير في كل العواصم العربية. لو حدث هذا فسوف يتغير الموقف العربي تماما، وسوف يحترمنا العالم، وسوف يصبح العرب قوة إقليمية لها هيبتها. لو حدثت هذه الجرأة الغربية على العرب ضد رئيس في أمريكا اللاتينية مثلا لوقفت كل أمريكا الجنوبية معه.. ولكن الأنظمة العربية تنقصها الجرأة والاستقلالية للأسف.
ولا يختلف اثنان على أن موقف الغرب من قضايانا يتسم بالاستهانة بالعرب، وهو عارٌ علينا بكل المقاييس، إذ لا يعقل مثلا أن يُحرم شعب من مقاومة الاحتلال وتحرير أرضه المغتصبة، إلا إذا كان عربيا أو مسلما!.. ولا يعقل أن يترك الصهيوني الطائش يطيح في شعب أعزل قتلا وتدميرا وحرقا والعالم يجلس متفرجًا، ثم يخرج علينا الغرب بافتراءاته وتهديداته ضد المقاومين متهما إياهم بما أسماه الإرهاب.. وكأني أري «الغرب» حمارا امتطاه «أولمرت»، وقبله «شارون»، وأخذ يندفع به يمنة ويسرة، يهاجم هذا ويهدد ذاك.. ويصنّف خلق الله بالتصنيفات التلمودية التي افتراها بنو إسرائيل، وليصبح كل من يعترض على الإجرام الصهيوني هدفا مشروعا لهذا الحمار الطائش. إن هذا الغرب المنحاز يذرف دموع التماسيح على أهالي دارفور السودانية، وهو نفسه الذي يجوّع أهالي فلسطين عمدا بفرض الحصار عليهم وإمداد العدو الصهيوني بأحدث أسلحته لإبادتهم، وهو نفسه الذي تسبب في قتل أكثر من مليون عراقي، وأفغاني، وفي إصابة وتهجير الملايين.
وقد أدرك الحلف الصهيوني الأمريكي بعد الفشل المهين في العراق وأفغانستان، ولبنان وغزة مؤخرا، أن الحرب المباشرة تحرجهم وتصيبهم بالخسائر التي لا قبل لهم بها.. فصار النظام الجديد للاحتلال بطريقة التحكم عن بعد، حفاظًا على الدماء الأمريكية والأوربية.. فالرئيس الأمريكي يجلس في بيته الأبيض ويشير بإصبعه لتبدأ الحرب العالمية، في كل مكان وكل ميدان: منظمات دولية تحاصر العرب وتلاحق رؤساءهم، جيوش مأجورة تحتل دول الجوار (أثيوبيا والصومال)، وجيوش (محلية) تهاجم المعارضين للإجرام الغربي وتقتل أو تسجن كل من يعادي أمريكا أو يعترض على سياساتها العدوانية، صحف وقنوات فضائية تُغلق، حسابات وأموال تُصادَر، قرارات تصدر بمنع بناء المساجد وإغلاق الجمعيات الخيرية، وقرارات تأمر بخفض حصص التربية الإسلامية تمهيدًا لإلغائها، وأخرى توافق على العبث في مناهج التاريخ الإسلامي، والتفتيش على لجان الزكاة، ومنع الأذان، ومنع طبع القرآن الكريم!.. فالمطلوب الآن (أمريكيا وأوربيا) جيل جديد يعبد المال ويحترم الشذوذ ولا يؤمن بالزواج ولا بالقيم الشريفة، جيل لا يهتم بشئون أمته ولا يؤمن باللّه فيسهل اختراقه ليظل العرب والمسلمون تابعين متخلفين تائهين ليس لهم وظيفة غير استهلاك منتجات الغرب وحراسة الثروات الطبيعية العربية والإسلامية لحين السطو عليها وتوصيلها إليهم بتراب الفلوس.
وأخطر ما في المخطط الشيطاني الجرأة غير المسبوقة على إهانة العرب والتنكيل بهم ممثلا في رموزهم، فكل رئيس عربي يرفض الانصياع الكامل للحلف الصهيوني الأمريكي أو يقاوم الابتزاز لابد من جعله عبرة تحقيقا للمثل (اضرب المربوط لتخويف السائب).. فقد حوصر وحبس ياسر عرفات ثم قتل عمدا وعلنا، وأعدم صدام حسين بطريقة مسرحية مهينة في عيد الأضحى بعد محاكمة عبثية مضحكة، ثم جاء الدور على الرئيس السوداني عمر البشير الذي تجرأ على أمريكا بتمكين الصين من النفط السوداني.. ووصل الأمر إلى إصدار مذكرة من رئيس الادعاء بالمحكمة الجنائية الدولية (لويس أوكامبو) لاعتقاله بتهمة باطلة تنطبق على بوش وأولمرت وباراك وبلير ولا تنطبق على البشير. وهذه أزمة جديدة وضع العرب أنفسهم فيها بالتخلي عن السودان وتركه وحده يواجه المؤامرات الغربية.. فمشكلة السودان أساسا مشكلة اقتصادية، والأموال العربية متراكمة ومبعثرة في بنوك الغرب لا تجد من يستثمرها، ولو أنفق العرب قليلا من زكاة أموالهم على السودان والصومال وتشاد وأفغانستان لقدموا أكبر خدمة للإنسانية المعذبة بإيقاف الحروب في هذه الدول وتفويت الفرصة على المؤامرات الغربية.
والحقيقة أن العرب هم السبب في هذا الاستقواء الأمريكي والغربي.. فكلما تزايد الانحياز الأمريكي للعدو الصهيوني، وكلما زادت المذابح الأمريكية في العراق، زاد «العشق» بين العرب والجلاد الأمريكي، مدّعين أنه الشريك المحايد وراعي عملية «السلام»!. ولا ندري ماذا ينتظر العرب من هذا "الشريك المخالف" بعد أن جاء بنفسه واحتل عاصمة عربية، وبعد أن أعلنها صراحة بأنه مع الصهاينة على طول الخط وأنه ضد الإسلام وضدهم بكل إمكاناته؟. هل العرب لا يملكون وسيلة للضغط على أمريكا؟.. إننا لن نطالبهم بموقف صلب مثل موقف إيران، فهم لا يجرؤون على ذلك.. ولكن لماذا لا يفعلون مثل تركيا عندما حاول «الصديق» الأمريكي قبل سنوات، وفي إطار الحملة الصليبية ذاتها، إدانة الدولة العثمانية بارتكاب حرب إبادة ضد الأرمن.. فهددت تركيا باتخاذ إجراءات عقابية اقتصادية (أي مقاطعة مثل التي فشلنا فيها ،(لتتراجع أمريكا صاغرة لأنها لا تحتمل أية مقاطعة اقتصادية. ألم نقل مائة مرة إن العرب لن يرفعوا رؤوسهم ويفرضوا قضيتهم إلا بعد وقوع الطلاق (أو المخالعة!) بينهم وبين أمريكا؟!!. عندما وجدت أمريكا أن مصالحها في الحفظ والصون مهما فعلت, لم تتردد في إعلان الحرب- بأنواعها- علينا, ولم تعد تهتم بإخفاء نواياها أو نفاقنا.
أين الجهد الدبلوماسي والسياسي العربي مع الأمم المتحدة التي صارت منحازة جدًا للحلف الصهيوني الأمريكي وضد العرب والمسلمين، وبصورة علنية?.. من الذي يمنعنا من تجميع مواقف دولية لمصلحة قضايانا مع دول عدم الانحياز والدول الصديقة?. لقد نجحت الدبلوماسية المصرية بعد هزيمة 1967 في حشد الدول الأفريقية في الصف العربي, وقامت هذه الدول بقطع العلاقات مع العدو?.. لماذا فشلنا الآن في ذلك رغم أن أغلب الدول لها مصالح مع العرب لا يمكن التضحية بها؟. يظن الغافلون أن الانحناء حتى تمر العاصفة سوف ينقذهم من بطش رعاة البقر.. يظنون أن التسليم الكامل وعدم الاعتراض هو السبيل الوحيد للسلامة.. يظنون أن إعلان الحرب على بني وطنهم والتظاهر بكراهية ونبذ الإرهاب (الذي لم يتم الاتفاق على تعريف له حتى الآن) سوف يجنبهم مصير حكومة طالبان ونظام صدام. والحقيقة أنه بئس الظن، وبئس التفكير، وبئس الاستسلام!!. فكلما تراجع الطرف المقابل خطوة، يسرعون هم لاحتلالها ولا يمنحونه الفرصة للكرّ.. وما حدث في فلسطين وباكستان خير شاهد.. ففي الأولى انحنت سلطة ياسر عرفات واستجابت للمطالب التعجيزية، ورغم ذلك لم يرحموها وطالبوا بالمزيد والمزيد وحبسوها بين أربعة جدران حتى الاستسلام الكامل، وفي النهاية قتلوا رئيسها.. وفي الثانية ظن حاكمها أن الارتماء في الحضن الأمريكي وبيع الجار الذي يشكل عمقًا استراتيجيًا سوف يجعل من راعي البقر حليفًا قويًا في مواجهة الهند، مكافأة على هذا الانحناء، ولكن من قال إن هؤلاء تحكمهم الأخلاق؟!.. لقد تبين أن كل شيء تم ترتيبه مسبقًا مع الهند التي تتلقى المساعدات الأمريكية في المجال النووي، رغم القلق الباكستاني من ذلك.. وليتبين أن باكستان كانت مجرد جسر للوصول إلى الأغراض الشريرة.
أفيقوا يا عرب.. فبعدما حدث للعراق، وما يحدث للسودان؛ كلكم مهددون. ولا سبيل أمام العرب الآن سوى الوقوف موقف رجولي جماعي برفض قرار المحكمة الجنائية الدولية والانسحاب الجماعي من معاهدتها واستقبال الرئيس البشير في كل العواصم العربية. لو حدث هذا فسوف يتغير الموقف العربي تماما، وسوف يحترمنا العالم، وسوف يصبح العرب قوة إقليمية لها هيبتها. لو حدثت هذه الجرأة الغربية على العرب ضد رئيس في أمريكا اللاتينية مثلا لوقفت كل أمريكا الجنوبية معه.. ولكن الأنظمة العربية تنقصها الجرأة والاستقلالية للأسف.
- ما يحدث للسودان يدفعنا للسؤال: أين أنت يا مصر؟، ماذا يشغل حكومتنا التائهة عن الأمن القومي المصري؟.. إن ما يواجهه السودان خطير خطير، خطير على مصر قبل السودان، ولو أن مصر تمارس دورها الطبيعي المنوط بها لما تجرأ الغرب على (وادي النيل)، وأقول وادي النيل لأن مصر والسودان يواجهان مصيرا واحدا.... صح النوم!.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق