أهلاً.. وسهلاً

مرحبا بكم في موقع الأستاذ الدكتور/ عبد الله هلال

مقالات علمية وسياسية - محاضرات في الكيمياء - بحوث علمية - كتب علمية في الكيمياء وتطبيقاتها - استشارات علمية (كيميائية وبيئية)















هل لديك استشارة علمية؟

الأستاذ الدكتور/ عبد الله هلال - استشاري الدراسات الكيميائية والبيئية
للاستشارات العلمية:
ناسوخ (فاكس): 0020222670296 القاهرة
جوال: 0020115811500



الصفحة الرئيسية

الثلاثاء، ٢٣ مارس ٢٠١٠

* التعديـَّات الدستورية

التعديـَّات الدستورية
بقلم د. عبد الله هلال
القدس العربي 21/3/2007 ص 18

يقولون إن مصر بلد العجائب؛ ومن أعجب ما شهده القرن الأخير ظاهرة الحكومات المعمًّرة!. قد يكون هناك مبرر للبقاء الدائم في الحكم إن كان ذلك برغبة الشعب وكانت الحكومة ناجحة وتقدم كل يومٍ جديدا.. أما أن يطول البقاء في السلطة لحكومة خائبة وفاشلة وليس لديها خطة مستقبلية لعلاج هذا الفشل، فذلك مما يدعو إلي السخرية والعجب. فمصر، مثلا، تنفرد - علي عكس الدنيا كلها - بتخلف القطاع الحكومي عن القطاع الخاص، مع أن الحكومة هي التي تملك ميزانية الدولة، وهي التي تخطط وتنفذ ما تشاء من الأعمال وتستطيع أن تستحوذ علي أفضل العقول وأعلي الكفاءات. وفي أي دولة صغرت أم كبرت تجد التنافس بين الناس للالتحاق بالمستشفي الحكومي أو الجامعة الحكومية أو المدارس الرسمية سعيًا للحصول علي أعلي المرتبات وأفضل المزايا العلاجية والتأمينية.. أما في مصر العجيبة فالناس يفرون من الحكومة فرار السليم من الأجرب، فالمنشأة الحكومية هي الأقذر وخدماتها هي الأسوأ. والشيء الغريب أن العاملين الفاشلين في الصباح (بالمرافق الحكومية) هم أنفسهم الناجحون في المساء (بالقطاع الخاص). وهذا يدعونا إلي طرح السؤال الآتي:
ـ هل هناك من بين أهل الحكم من يقوم بالتخريب، ويسعي إلي هدم النظام، ويعمل علي إسقاط الحكومة من داخلها؟..
لقد تكررت في الآونة الأخيرة بعض الوقائع والظواهر التي تدل علي أن هذا السؤال مطروح بالفعل، وإلاّ فالبديل هو إما أن الحكومة غائبة عن الوعي ولا تعرف رأسها من رجليها، وإما أنها تتسلح بالعناد وتتعمد عدم التنازل أمام الشعب (مصدر السلطات)، وأمام القضاء (مصدر الشرعية)، أي تأخذها العزة بالإثم.. وفي كل الأحوال فهذا يعني أن تلك الحكومة غير جديرة بمسئولية الحكم، وأنها فاقدة للشرعية.. وأكبر دليل علي ذلك هو ذلك العبث بالدستور، من أجل البقاء الأبدي في الحكم.
كل الناس كانت تتوقع ألا تجرؤ حكومة الحزب المسمي بالوطني علي خوض أية انتخابات قادمة في ظل الإشراف القضائي.. فهم يعرفون رأي الشعب فيهم، وليسوا من الغفلة أو الجنون لكي يعطوا الناخب الذي يكرههم ويكرهونه الفرصة لإظهار شعبيتهم الحقيقية وفضح اغتصابهم للسلطة. فماذا يصنعون وقد وقعت الفأس في الرأس وصار الإشراف القضائي واقعا يصعب التخلص منه؟. لقد صار من الصعوبة بمكان تكرار تجربة تزوير انتخابات مجلس الشعب بتحديد إقامة القضاة داخل اللجان، ومنع الناخبين خارجها من الدخول.. أو تجربة مجلس الشوري السابق باعتقال المرشحين قبل قبول أوراق ترشيحهم .. وبالتالي فإن وجود القضاة سوف يصعّب عملية التزوير ويمنح الشعب الفرصة لاسترداد بعض إرادته. غير أن ما يحار المرء في فهمه هو هذا الكم الهائل من التدليس وعدم الحياء.. فهم لا يؤمنون بالمثل القائل إذا بليتم فاستتروا ، إذ تناسوا نغمة التغني بالإشراف القضائي التي صدّعونا بها، وأخذوا يمنون علينا ويتفاخرون بأنه العصر الذي حقق نزاهة الانتخابات لأول مرة في التاريخ (وليت بعض الصحف تعيد نشر هذه الزفة العجيبة).. وتناسوا اعترافاتهم حينئذ بأن كل الانتخابات السابقة كانت مزورة وأن هذه (أي كل انتخابات) هي أول انتخابات نزيهة!. وليتهم ابتلعوا كل ذلك وتواروا وفعلوا ما بدا لهم في صمت.. ولكنهم وبكل جرأة و عين قوية تقدموا بمشروع قانون لمجلسهم المزور الذي لا يرفض لهم طلبًا للعبث بالدستور نفسه وإلغاء الإشراف القضائي!!.. وكأنهم اكتشفوا فجأة أن الإشراف القضائي (عيب)، أو أنه لا يساعد علي تدعيم حرية الرأي، أو أنه يساعد علي تزييف إرادة الشعب.. هكذا دون خجل. وهذا الموقف الذي يموّت من الضحك يشبه لو أن نائبا اغتاظ من سوء حالة رغيف الخبز، وبدلاً من أن يتقدم بمشروع قانون لتحسين أحوال الرغيف والتأكد من جودته وصلاحيته للاستهلاك الآدمي.. تقدم بقانون يطالب فيه بإنقاص وزن الرغيف وزيادة النشارة والمسامير والدوبارة!. وللأسف فسوف يقر المجلس إياه التعديات الدستورية، التي يسمونها زورا وبهتانا تعديلات دستورية، وهي عدوان صريح علي الدستور. فالدساتير ليست لعبة يعبث بها حزب بعينه، ولكنها إرادة أمة، وعقد اجتماعي خطير ينظم كل أمور الحياة في الدولة.. وإصرار الحزب الحاكم علي الانفراد بهذه التعديات وليست التعديلات، يبين أنهم يخططون للبقاء الأبدي في السلطة، رغم أنهم (خربوها وقعدوا علي تلِّها) كما يقول المثل.
هل تعلم الحكومة أن اللصوص فقط هم الذين يرتعدون من رؤية الميزان؟!.. ألا تدّعون أنكم أصحاب الأغلبية المطلقة.. فلماذا تخافون الميزان؟. لقد نادي منادي الحكومة: للخلف در ، وسوف يعود الموتي إلي التصويت، وسوف تعود نسب الحضور المئوية، وسوف تنسي وسائل الإعلام الحكومية كل ما تشدقت به من قبل عن انتهاء عصور التزوير وعن روعة الإشراف القضائي، وسوف يحصل حزب الحكومة علي التسعات الخمسة!.
والأمل الوحيد الآن يتركز في السادة القضاة.. نتوجه إليهم بالرجاء ألا يعطوا الحكومة الفرصة للتدليس علي الشعب بأن الانتخابات تمت تحت إشرافهم، وأن يرفضوا (من الآن) المشاركة في هذه المسرحية، بعد أن ذاقوا حلاوة الإشراف الحقيقي. مطلوب من السادة القضاة، أمل مصر في الحرية والاستقلال، أن يعلنوا (بمناسبة التعديات الدستورية) أنهم براء من (الإشراف القضائي الصوري) وأنهم لن يلوثوا أيديهم بالتزوير ولا بالســكوت علي التزوير.

ليست هناك تعليقات: