أهلاً.. وسهلاً

مرحبا بكم في موقع الأستاذ الدكتور/ عبد الله هلال

مقالات علمية وسياسية - محاضرات في الكيمياء - بحوث علمية - كتب علمية في الكيمياء وتطبيقاتها - استشارات علمية (كيميائية وبيئية)















هل لديك استشارة علمية؟

الأستاذ الدكتور/ عبد الله هلال - استشاري الدراسات الكيميائية والبيئية
للاستشارات العلمية:
ناسوخ (فاكس): 0020222670296 القاهرة
جوال: 0020115811500



الصفحة الرئيسية

الأحد، ٢١ مارس ٢٠١٠

* كيف يتحول الحج إلى مظهر حضاري ومتعة روحية؟

كيف يتحول الحج إلى مظهر حضاري ومتعة روحية؟
بقلم د. عبد الله هلال
المصريون 5 فبراير 2006 - الأهرام المسائي 27 أغسطس 2008


بداية، لا شك أن حكومة المملكة أمينة على الحرمين الشريفين، ولا تبخل عليهما، ولا ننسى أنها تتعامل مع ملايين البشر غير المدربين ونسبة كبيرة منهم تعانى من الجهل والعفوية في سلوكياتها.. ولا بد أن نلتمس لها بعض العذر عند حدوث شيء غير طبيعي (إذا كانت قد قامت بأقصى ما يمكن القيام به من واجبات)، فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها. و لكن من الواجب عليها الاستماع للرأي الآخر وتقبل النقد والاستعانة بأهل الذكر لأن إدارة حركة الملايين في وقت محدود ومساحة محدودة مسؤولية خطيرة لا تقدر عليها أغلب دول العالم، وليس عيبا أن تستعين المملكة بالخبراء من أي مكان بالدنيا.
وقد كان من سوء حظي أن أشهد حادثتي انهيار الفندق ومأساة دهس الرماة الذاهبين لرمي الجمرات، ولاحظت كفاءة الإدارة السعودية في التعامل مع هذه الكوارث.. ولكن أليست الوقاية خير من العلاج؟!. وحتى لا نسرف في حديث النقد، فسوف أركز على نقاط الضعف التي أرى أنها تسيء إلى المسلمين جميعا.. مع اقتراح الحلول لهذه المشكلات.
  • مشكلة الأعداد الكبيرة حلُّها تنظيم السير في اتجاه واحد
إن اكبر مشكلة تواجه الإدارة المشرفة على الحج هي تلك الأعداد الهائلة التي تتحرك عفويا خلف دليل يحمل رايتها وتخشى أن تفقده فتستميت في حتمية المرور حتى إن لم توجد مساحة للمرور، فيحدث التصادم بين الداخل والخارج مما يقلل الحركة ويصعبها.. وفي الواقع أن حركة المشاة يمكن إن تكون سلسة جدا إن كانت في اتجاه واحد، وقد شاهدنا كثيرا المسيرات والمظاهرات المليونية التي تتحرك بسهولة لان هناك نظام ومسارات يلتزم بها الناس. ولكي نوجد حلاً لمشكلة التدافع والتصادم فلا بد من إيجاد طريقة لتوحيد حركة السير في اتجاه واحد إجبارياً بحيث لا يجد الحاج بديلاً عن السير في الطريق الصحيح؛ كما يحدث في حركة السيارات.. وهذه المشكلة موجودة في الدخول والخروج من المسجد الحرام، ومسجد نمرة، ومسجد الخيف، وفي الطواف، وفي الانصراف من مسجد نمرة، والوقوف بعرفة، وفي التوجه لرمي الجمرات.
وبالطبع فالمسجد الحرام هو الملتقى الأكبر والذي يسعى إليه الجميع في كل وقت، فنجد مثلا لحظة انصراف عشرات الآلاف بعد الصلاة أن الآلاف يحاولون الدخول في ذات اللحظة ومن الأبواب نفسها.. وهذا شيء مستحيل وغير معقول على الإطلاق. وفي الطواف ينبغي ألا تكون هناك مشكلة لأن الناس تتحرك، وفي اتجاه واحد.. ولكن محاولة التحرك عرضيا للوصول إلى الكعبة أو الخروج من الطواف تحدث الصدام والتدافع. فهل يمكن مثلا منع الدخول إلى المسجد في وقت الانصراف من الصلاة لكي نمنع التصادم؟... هذه مشكلة يسهل حلها إن لاحظنا أن الداخلين إلى المسجد بعد الصلاة مباشرة أغلبهم متوجه إلى الطواف، والمطلوب إيجاد طريقة للوصول إلى الكعبة دون الاصطدام بالخارجين من المسجد؛ لذا نقترح تخصيص باب أو بابين يؤديان إلى نفق واسع أسفل المسجد الحرام يؤدي إلى نقطة بداية الطواف بجوار الكعبة.. أما عملية الطواف نفسها فيجب التحكم فيها بتحديد مسار حلزوني من سبعة دوائر باستخدام حبال متينة تثبت على قوائم حديدية (قابلة للفك والتركيب- لإزالتها في غير أوقات الزحام) بحيث يخرج الطائفون من النفق ليجدوا أنفسهم في بداية الشوط الأول للطواف، ويتباعدون في كل شوط عن الكعبة، لينتهي الشوط السابع عند مساحة واسعة يمنع الجلوس فيها. وهذا النظام يؤدي إلى منع التقاطع والتصادم نهائيا كما يؤدي إلى سرعة الطواف وضبط عدد الأشواط. وعموما، وسواء طبق هذا النظام أو لم يطبق، فينبغي تخصيص أبواب للدخول وأخرى للخروج مع التشدد في منع الازدواج، والحرم الشريف أبوابه كثيرة والحمد لله.. لذا فتطبيق هذا النظام ليس مستحيلا. وقد لاحظت أن المشكلة نفسها موجودة في مسجدي نمرة والخيف.. لذا يجب زيادة عدد أبواب هذين المسجدين.
  • منطقة رمي الجمرات
تعجبت مما ذكرته بعض الصحف حول نية السلطات السعودية إزالة جسر الجمرات وإنشاء جسر جديد من ثلاثة طوابق.. فالمشكلة كما رأيت ليست في الجسر خصوصا بعد أن تم توسيع منطقة الرمي عند الجمرات الثلاث وصارت عملية الرمي سهلة، بل وممتازة. إن المشكلة هي في كيفية الوصول إلى الجسر بنظام.. وهناك منطقة شاسعة تسمح بتنظيم الحجاج في أفواج، ولكن هذه المنطقة مشغولة بالباعة والمتسولين والحجاج المقيمين (الذين لي لهم خيام بمنى) وأمتعتهم، لذا ينبغي إخلاء هذه المنطقة نهائيا وإنشاء مسارات واسعة بحواجز حديدية لتحديد اتجاه حركة السير والتحكم فيها، وفي هذه الحالة سوف يكون من السهل منع دخول من يحملون الأمتعة، كما سوف يكون من السهل التحكم في أعداد المتقدمين للرمي. ويمكن إنشاء مظلة فوق هذه المسارات ليكون الانتظار ميسرا وغير مرهق. وغني عن البيان أنه يمكن حساب القدرة الاستيعابية لهذه المنطقة والزمن الذي تستغرقه عملية الرمي للمساعدة في التخطيط والتنظيم بحيث لا يخرج الناس من خيامهم إلى منطقة الرمي إلا بنظام يمنع تواجد أعداد أكبر من طاقة المكان. ويساعد في حل مشكلة الرمي إبراز الفتوى الخاصة بجواز الرمي على مدار الساعة بكل المطبوعات التي توزع على الحجاج؛ فقد لاحظت أن هذه الفتوى غير موجودة على الإطلاق.. كما أن إمام صلاة الظهر بمسجد الخيف الذي تحدث بعد الصلاة نصح الحجاج بعدم الرمي إلا بعد الزوال ولم يكن يدري أن المئات يدهسون خلفه في نفس الوقت الذي يتحدث فيه!.. وينبغي أيضا إعادة النظر في موضوع التعجـُّل في يومين، وهو الاستثناء الذي صار قاعدة للأسف دون داع، فليس معقولا أن كل الحجاج سوف يغادرون في اليوم التالي، لذا يجب "إلزام" القوافل غير المضطرة للسفر بعدم التعجل أو تحديد نسبة معينة (50% مثلا) للتأخر، ويمكن التحكم في هذا الأمر عن طريق المطوّفين وسائقي الحافلات.. وهناك الكثيرون من الحجاج الذين يتمنوْن التأخُّر في منى لولا البرامج المتعجلة للقوافل. ومما يساعد على نجاح هذه الخطة تنظيم ندوات، وحلقات تلاوة القرآن الكريم، وبرامج ثقافية للحجاج حتى لا يصابون بالملل في منى.
  • قضية النظافة
لم أكن أتصور أن يصل الحال بالمسجد الحرام، أقدس بقعة على سطح الأرض إلى هذا المستوى المخجل من انعدام النظافة بعد أن تحول إلى مكان للنوم والأكل وقضاء حاجة الأطفال... لماذا زالت الهيبة من قلوب الناس تجاه بيت الله لدرجة إلقاء المخلفات والسير فيه بالنعال؟!. إن الله تعالى أمر نبيه موسى (عليه السلام): "... فاخلع نعليك إنك بالوادِ المقدّس طُوى" (طه/12). فهل المسجد الحرام أقل قدسية من الوادي المقدس؟!. لا يجوز هنا إلقاء التبعة واللوم على المصلين والحجاج، فهذه مسئولية إدارية بحتة، والله تعالى يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن. وقد لاحظت أن القائمين على النظافة بالمسجد الحرام أقل كفاءة من ذي قبل، ولاحظت انعدام الصيانة في دورات المياه، والتهاون في ترك الناس يتجولون بأحذيتهم غير النظيفة. أما في عرفات (وأيضاً في مِنى نسبياً) فلا أظن أن الله تعالى سيغفر لنا أو يتقبل وقوفنا بعرفة فوق تلال من القاذورات وبقايا الطعام والنعال.. أليست هذه أرض حرام؟.. لماذا لا يتحدث أحد عن حرمة تلويث الأرض الحرام؟!.
وفي الواقع إن السبب الرئيسي لانعدام النظافة هو تلك الأعداد الكبيرة من الحجاج غير المنظمين في قوافل وليست لهم مساكن يعيشون فيها فيقيمون في المساجد (المسجد الحرام ومسجدي نمرة والخيف وغيرهما) وبالشوارع وأسفل الجسور وفي أي مكان يجدونه خالياً فيعرقلون حركة الحجاج ويلوثون هذه الأماكن ببقاياهم. والحقيقة أن الحكومة السعودية كريمة أكثر من اللازم مع هؤلاء الحجاج.. ونحن نقدّر هذا الكرم ولا نطالب بمنع فقراء المسلمين من الحج؛ فقد اجتهدوا وادّخروا ما استطاعوا لأداء الفريضة... ولكن من حق السلطات السعودية أن تفرض النظام وتمنع الفوضى والعشوائية، وهذا يتطلب تقنين الكرم السعودي بتخصيص مساحة خالية في أي مكان بمكة وإضاءتها وإمدادها بدورات المياه وجعلها مكاناً لهؤلاء الحجاج الذين عادة ما يصطحبون معهم خيامهم، ويمكن تخصيص عدد من الحافلات للعمل بين هذا المكان والمسجد الحرام كما يمكن تخصيص مساحة مشابهة في منى، وتُمنع بالتالي الإقامة العشوائية.
والواجب على الدول الإسلامية- التي يأتي منها هؤلاء الحجاج- معاونة الحكومة السعودية في تجهيز مكان يليق بآدمية الحجاج.. ويمكن أن يتطور الأمر إلى إنشاء ما يشبه التكيّة المصرية التي كانت تقوم بهذا الدور في الماضي، وألغيت للأسف. إن تنفيذ هذا الإجراء البسيط سيساعد بلا شك على فرض النظام ومنع تلويث المشاعر المقدسة، كما سوف يمكّن المُحسنين الذين يوزعون الطعام والشراب على فقراء الحجاج من توصيله إليهم في هذا المكان المحكوم بدلاً من قذفه في الهواء لمن يستطيع التقاطه فيقع أغلبه على الأرض ويزيد من تلويث عرفة ومنى. كذلك ينبغي التفكير جدياً في توفير وجبة جافة مناسبة وبسيطة للحجاج في منى وعرفات وإقناعهم مسبقاً بأن هذا الوقت القصير ينبغي أن نتخلص فيه من عاداتنا ونتفرغ للذكر والدعاء، فهم ليسوا في رحلة أو مصْيـَف.. لأن الإمكانات هناك لا يمكن أن تسمح بإعداد الوجبات الساخنة (الصحية) كما يحدث حالياً، ويمتنع الكثيرون عن تناولها بسبب ما يحدث أحياناً من مشكلات صحية، فتـُلقى بالقمامة وتزيد من مشكلات التلوث.
أما عن المسجد الحرام فينبغي إعادة النظر في أمور عديدة لفرض النظام والنظافة والهدوء في هذا المكان المقدس، الذي يجب أن يتميز بالجلال والمهابة. والشيء العجيب أن مساجد المسلمين في أي مكان بالعالم لها احترامها ووقارها.. فنجد الحديث الهامس وعدم تخطي الرقاب وترك النعال بالخارج وإغلاق الهواتف الجوّالة، ماذا يحدث للمسلمين بالمسجد الحرام؟!... لقد وصل الأمر إلى نسيان كل التقاليد التي تعودنا عليها بالمساجد بحجة الزحام، وقد سمعت من الكثيرين (عندما حاولت منع تخطي الرقاب) أن هذا مسموح به في المسجد الحرام فقط!، يا إلهي.. وهل هذا يعني أن أمشي بهمجية دون مراعاة القواعد والذوق، لو كان هذا مسموحاً؛ أفلا يجب أن يكون عند الاضطرار فقط؟.
إن فرض الاحترام والهدوء والنظافة داخل المسجد الحرام لا يأتي بالمواعظ وحدها رغم أهميتها، ولكن هناك إجراءات عديدة ينبغي على السلطات السعودية الأخذ بها مثل: منع الدخول بالأمتعة والطعام، ومنع النوم بالمسجد ومنع الباعة الجائلين والمتسولين من اعتراض طريق الحجاج بمحيط الحرم، كما يجب تصميم حقيبة صغيرة مبسطة يسهل غلقها لوضع النعال وإلزام كل داخل للمسجد بها ابتداءً من البوابات الخارجية. وليت إدارة المسجد الحرام تعيد النظر في عملية نقل بئر زمزم من البدروم القديم إل ساحة المسجد، فقد تسبب ذلك في زيادة الضوضاء والتلوث بالماء والأكواب، إن الوضع القديم كان أفضل بألف مرة من الوضع الحالي. ويساعد في فرض الهدوء ومنع الضوضاء بالمسجد إعلام الناس بحرمة ذلك وتخويفهم من غضب الله، فالحاج يذهب قاصداً وجه الله تعالى وناوياً التوبة وساعياً لفعل الخير لا كتساب الحسنات.. ويمكن بسهولة ضبط سلوكه إن وجد التوجيه والنصح والتخويف من مبطلات الحج، فنحن نلاحظ حرص الجميع على معرفة محظورات الإحرام وتجنبها... لذلك فينبغي التفكير جدياً في موضوع تدريب الحجاج في بلادهم.
  • تدريب الحجاج
لا شك أن الحج بالنسبة لأي مسلم جائزة عظيمة وحدَثٌ فريد يحدث مرة واحدة في العمر.. وهو حلم يراود المسلم طوال حياته حتى يتحقق.. لذلك فمن السهل تسمية الحجاج مبكراً (قبل الحج بسنة كاملة مثلاً) ووضع برامج تدريبية وتثقيفية لهم على فترات منتظمة خلال هذه السنة. ولا يكفي أن تطلب الحكومة السعودية ذلك من الحكومات الإسلامية، لأن الأخيرة لن تفعل للأسف.. ولكن يجب أن تجعل التدريب شرطاً لمنح التأشيرة وأن يُثبت الحاج حضوره للحد الأدنى المتفق عليه من ساعات التدريب قبل الحصول عليها. والبداية تكون بدعوة مندوبي القوافل والمشرفين (وهم يذهبون عادةً لإجراءات الحجز) للاجتماع في مكة المكرمة وتدريبهم على نظام موحد يطبقونه في بلادهم. وهكذا ينشأ نظام هرمي، وعلاقة ودية بين المشرفين والحجاج مبكراً.. ويسهل بالتالي توصيل كل التعليمات والواجبات إلى الناس وهم في حالة نفسية مناسبة حيث الشوق الكبير لأداء الفريضة. ولو خرج الحاج من بلده وهو يدرك حرمة تلويث المشاعر المقدسة، أو رفع الصوت بالمسجد الحرام، أو مخالفة نظم الخروج والدخول، أو إيذاء الناس بالتدافع.... إلخ، لتغيير الحال كثيراً ولأصبح من السهل قيادة هذه الجموع الحاشدة وهي واعية ومؤهلة وجاهزة لاستقبال التعليمات والتوجيهات.
إن موضوع التدريب أمر حيوي جداً لأننا نتحدث عن مهرجان إيماني يضم الملايين، فكيف يُترك الأمر هكذا للعشوائية التي تؤدي إلى حوادث كبيرة يمكن تجنبها؟!. إن المهرجانات الصغيرة التي لا يتجاوز روادها الآلاف يخضع منظموها وروادها إلى تدريب قاسٍ يمتد إلى شهور عديدة، فكيف بالمهرجان الأعظم الذي يضم الملايين؟. وإذا نُفـّد هذا الاقتراح فسوف يكون من السهل وضع نظام كودي بحيث يكون لكل حاج رقمه الذي يعرفه منذ بداية التدريب ويظل معه في كل خطوات الحج، ويوضع على حقائبه، وغرفته بالفندق، وهويته، وحقيبة حذائه.....إلخ.
  • اجتهادات فقهية مُلِحّة
إن الواقع الذي يفرض نفسه في العصر الحديث على عملية الحج وما يصاحبها من مشكلات (وكوارث) بسبب الأعداد الهائلة من الحجاج يوجب على علماء الفقه الإسلامي ضرورة الاجتهاد للتوفيق بين ما قرره الشرع الإسلامي الحنيف وبين الواقع ومشكلاته، بحيث لا يُترك المجال للاجتهادات الفردية التي لا تراعي أصول الفقه وثوابت الكتاب والسنة. والاجتهاد الذي يمكن أن يلقى القبول من جمهور المسلمين لابد أن يكون من خلال مؤتمر فقهي عالمي يضم العلماء من كافة المذاهب والمناطق الجغرافية.. وهذا يتطلب أن تقوم وزارة الحج السعودية بالإعلان عن عقد هذا المؤتمر في مكة المكرمة، وتختار لجنته العلمية من كبار العلماء والفقهاء، وتحدد محاور النقاش التي تـُقبل فيها البحوث؛ بحيث تجيب عن كافة الأسئلة والاستفسارات المتعلقة بالحج.... ومنها:
  • هل يجوز شرعا تكرار الحج في ظل الظروف الحالية؟
  • ما هو النظام المناسب لرمي الجمرات بما يحفظ كرامة المسلمين وأرواحهم؟
  • أليس تلويث الأرض الحرام بالقمامة من محظورات الإحرام؟، هل هو من الفسوق؟، وما هي إيجابيات الإحرام التي يجب فعلها؟
  • أيهما أغلى وأهم: حياة المسلم أم أداء فريضة الحج؟
  • ما هي أفعال الخير (الواجبة) على الحاج لتحقيق قول الله تعالى "وما تفعلوا من خير يعلمه الله"؟
  • ما جزاء من يدخّن في الحج؟، هل يجب عليه هدْي؟، أليس التدخين فسوقا؟
  • ما حكم الطواف أثناء صلاة العيد؟ (كنا نطوف ونادَى المؤذن لصلاة العيد، واختلف الطائفون بين من يريد الطواف "على أساس أن الطواف فرض والصلاة سنة" ومن يريد الصلاة، وتوقعت أن نسمع شيئا عن ذلك من فضيلة الشيخ السديس ولكنه لم يفعل، ووصل الأمر إلى توقف الطواف والصلاة معا!).
وللعلم فالحجاج يستجيبون للعلماء الفقهاء، ويجتهدون في الالتزام بالشرع الإسلامي، ولو قيل للناس (تحديدا) لابد من فعل الخير أثناء الحج مثل مساعدة الضعفاء، وإماطة الأذى عن الطريق لتغيرت الصورة تماما ولخرج الحجاج بحقائبهم يجمعون القمامة، فقد ذهب كل واحد منهم يرجو المغفرة واكتساب الحسنات، ولكن لا أحد يوجههم.
  • دور مهم للإعلام
من الواضح أن الوعي بمناسك الحج وآدابه وسلوكياته ضعيف جدا جدا، وأن أجهزة الاتصال بجمهور المسلمين (الدعوية، والتعليمية، والإعلامية) مقصرة وآثمة ولا تقوم بما يجب عليها من تثقيف وتعليم وتوعية، أو أن بعضها يقوم بهذا الواجب بطريقة روتينية متخلفة غير مثمرة. وبالطبع فنحن لا ننتظر من حكومات تحارب التدين بحجة محاربة ما يسمى الإرهاب أن تقوم بما ينبغي القيام به لتوعية الناس بمفهوم الحج، وأهمية الحرص على الظهور بالمظهر الإسلامي المتحضر لنيل رضا الله تعالى. لذا فإننا نتوجه إلى القطاع الخاص من العاملين في مجال الإنتاج الإعلامي، وأتوجه بصفة خاصة إلى الفنان حسن يوسف وإخوانه المهتمين بهذا الميدان لإنتاج مسلسلات تلفازية وأفلام تنقل للجمهور صورة ما يحدث من إيجابيات وسلبيات، وتعلم الناس من خلال الأعمال الدرامية والفكاهية ما يجب أن يكون، وتقبِّح السلوكيات غير الإسلامية.. باستخدام قوالب فنية عادية، وليس بأساليب الوعظ التقليدي التي لا يقبل عليها نسبة كبيرة من الناس. وينبغي على الحكومة السعودية أن تشجع هذه الأعمال وتنشرها باللغات المختلفة، بل وتمولها، لأنها سوف توفر عليها الكثير وتساعدها في تنظيم حركة الحجاج وتهذيب سلوكياتهم.
  • خطاب مفتوح إلى خادم الحرمين الشريفين
يأتي الملوك والزعماء ويذهبون.. ولكن تبقى الأعمال العظيمة شاهدة على العظماء منهم؛ لا يتجاهلهم التاريخ ولا تنساهم الأجيال، ويرضى عن المؤمنين منهم رب العباد. ويكفي الملك فهد بن عبد العزيز (غفر الله له) أنه أنجز توسعة وتعمير الحرمين الشريفين.. وهذا الإنجاز العظيم يُعَد بلا شك شرفا كبيرا للمملكة السعودية كلها. والعمل العظيم الذي نتمنى أن يقوم به الملك عبد الله بن عبد العزيز هو إعادة النظر في تصميم وتخطيط العاصمة المقدسة التي باركها وشرفها وكرّمها الله تعالى، وشرّف العرب بها. ليس معقولا أن تتطاول الأبراج (التجارية) لتخنق المسجد الحرام وتحوله إلى قزمة والعياذ بالله وسط هذه المباني القبيحة (والصورة لا تكذب). المفروض أن يكون للمسجد الحرام حرمه الواسع النظيف على امتداد البصر.. مساحة واسعة ممتدة خضراء، خالية من الباعة والسيارات وكل ما ينتقص من جلال ومهابة أقدس بقعة على وجه الأرض. لقد حوّلت هذه الأبراج والدعاية لها مناسك الحج والعمرة إلى ما يشبه رحلات التصييف على شواطئ البحار: تطل على الحرم مباشرة!، تستطيع الصلاة في غرفتك وأنت ترى الكعبة ....الخ!؛ هل هذا يليق ببيت الله الحرام؟
إن العالم كله يشاهد مكة المكرمة ويتابع مناسك الحج، ويسْخر الجاهلون والمغرضون من شعائر المسلمين، لأنهم لا يروا إلا المظاهر السلبية للأسف.. رغم أننا يمكن أن نكسب احترام الدنيا كلها، العدو قبل الصديق، من خلال موسم الحج.. حيث يأتي الملايين من كل فج عميق رغم المشقة والتكلفة (واحتمالات الموت في الزحام)؛ وهذا أمر يُحسد عليه المسلمون.
والطبيعة الجبلية لمكة المكرمة مفهومة بالطبع، وقد حالت تضاريسها في الماضي دون التوسع الأفقي.. ولكن الإمكانات التقنية للعصر الحديث يمكن أن تسهم في حل هذه المشكلة؛ فمن السهل الآن التوسع في الجبال لأن الصعود لم يعد مشكلة.. بل ومن السهل أيضا إزالة وتسوية الجبال باستخدام الآلات والمتفجرات. وهناك من شباب العالم الإسلامي عشرات الآلاف ممن يبحثون عن ميدان للجهاد، ويتمنون التطوع لقطع الجبال وإزالتها إن كان ذلك مطلوبا. يجب تصميم عاصمة مقدسة جديدة وفريدة تبتعد فيها الفنادق والمساكن والمتاجر (كثيرا) عن دائرة الحرم، ويكون الوصول إليه منها باستخدام قطارات نفقية تحت الأرض، وكذلك طرق متحركة بنظام السيور الكهربية التي انتشرت في الأسواق. يجب إبعاد الأنشطة الدنيوية بصخبها وضوضائها وبقاياها بعيدا بعيدا عن منطقة الحرم.. ليجد المسلمون الفرصة للذكر والدعاء، وتعود المهابة والجلال لأطهر مكان على كوكب الأرض. وسوف يساعد ذلك على سهولة استقبال الملايين دون وقوع حوادث أو كوارث.
  • يا خادم الحرمين الشريفين: المسلمون جميعا ينتظرون منكم ثورة معمارية تحوّل مكة المكرمة إلى عاصمة عالمية؛ نقية، طاهرة، متحضرة... ليتحول الحج إلى مكافأة وهدية عظيمة لمن يسعده الحظ ويفوز برحلة الحج. يجب أن تكون مكة المكرمة أكثر نظاما ونظافة من الرياض، بل ومن واشنطن.. وأنتم لها يا جلالة الملك.

ليست هناك تعليقات: