أهلاً.. وسهلاً

مرحبا بكم في موقع الأستاذ الدكتور/ عبد الله هلال

مقالات علمية وسياسية - محاضرات في الكيمياء - بحوث علمية - كتب علمية في الكيمياء وتطبيقاتها - استشارات علمية (كيميائية وبيئية)















هل لديك استشارة علمية؟

الأستاذ الدكتور/ عبد الله هلال - استشاري الدراسات الكيميائية والبيئية
للاستشارات العلمية:
ناسوخ (فاكس): 0020222670296 القاهرة
جوال: 0020115811500



الصفحة الرئيسية

الأربعاء، ١٧ مارس ٢٠١٠

* مَنْ المَعـْتـُوه.. الذي قال بالتوريث؟

http://www.el-wasat.com/daily.php?id=55577138
http://www.almesryoon.com/news.aspx?id=25365
http://www.akhbar-libyaonline.com/index.php?option=com_content&task=view&id=30736&Itemid=1

مَنْ المَعـْتـُوه.. الذي قال بالتوريث؟!!

بقلم/ د. عبد الله هلال

"توريث الحكم في نظام جمهوري".. إشاعة أطلقها مجهول، يبدو أنه معتوه، وكبرت الإشاعة وتضخمت وصارت قضية القضايا وشغلتنا عن كل شيء، حتى عن مستقبل الوطن نفسه. فهل صحيح أن هناك مخططا، أو حتى نية للتوريث؟. إذا بدأنا بأصحاب الشأن؛ فالرئيس نفسه لم يصرح بذلك، وعندما سئل عن هذا الأمر قال إن ابنه جمال لم يفاتحه في هذا الموضوع. أما الإبن جمال- الذي بدأ يمارس العمل الحزبي من خلال الحزب الحاكم- فلم يشِر من قريب أو بعيد إلى نيته أو حتى رغبته في منصب رئيس الجمهورية. وإذا صرفنا النظر عن الأقوال وأمعنا التفكير في الأفعال فسوف نكتشف أن "فـِرْية التوريث" هذه ليس لها من الواقع أو المنطق أي نصيب... وهاكم الأدلة التي تثبت وجهة نظري.
لا شك أن (توريث الحكم) يعتبر حدثا مهولا في دولة تأخذ بالنظام الجمهوري.. ولو كانت هناك نية لذلك لقام أهل الحكم بإجراءات كثيرة لمصالحة الشعب والتقرب إليه حتى يتقبل هذا الأمر، لأن نظام الحكم ليس ملكيا، والمفروض أن الكلمة الأولى والأخيرة للشعب. فهل قام أهل الحكم بأية مبادرات ولو صغيرة لمصالحة الشعب أو العمل على إسعاده- ولو مؤقتا- لكي يتقبل استمرار هذا النظام وتأجيل سُنـَّة الحياة بالتغيير والتجديد؟.. الواقع أن العكس تماما هو الذي حدث، ويحدث!. فالشعب المصري- مقارنة بالشعوب الأقل منه عراقة وكفاءة- صار في أغلبه شعبا مسكينا يعيش حياة بالغة الصعوبة والبؤس وأقل بكثير مما يستحق: ديون وفقر وبطالة وتلوث وانهيار تعليم وانتشار أمراض وتدهور للرعاية الصحية وانهيار وتخلف إداري وأخلاقي وشيوع للرشوة ... الخ، وقد زاد التدهور وازدادت المعاناة في السنوات القليلة الماضية، أي التي شهدت تصاعد إشاعة التوريث. وكمثال بسيط على التخلف الإداري- الذي ليس له ما يبرره- أن استخراج رخصة سيارة يحتاج في مصر إلى يومين من المعاناة بينما يستغرق في دولة مثل الإمارات خمس دقائق. وقد يقول قائل إنهم يريدون بالفعل مصالحة الشعب ولكنهم عاجزون بسبب ضيق ذات اليد، أو بسبب اتساع الرقع على الراقع، وإصابة الجهاز الإداري للدولة بالشيخوخة والشلل.. وهذا قول غير دقيق؛ لأن إجراءات المصالحة- كما سوف نوضح- لا تحتاج في أغلبها لإمكانات مادية أو ميزانيات، مع العلم أننا دولة غنية والحمد لله.
وغني عن البيان أن الوريث المفترض (جمال مبارك) يستطيع "إن أراد" أن يفعل الكثير.. فهو شاب متعلم، وهو الأقرب إلى رئيس الدولة، وموقعه الحزبي بالحزب الحاكم يسمح له بالتدخل لتصويب الأخطاء والارتقاء بالأداء الحكومي، كما أن أغلب الوزراء يضعون أنفسهم في خدمته ورهن إشارة من إصبعه. فلو كانت هناك نية للتوريث لما تأخر جمال دقيقة واحدة في الاقتراب من الشعب والتعرف على مشكلاته، والابتعاد في الوقت نفسه عن الوجوه التي يكرهها الشعب من الحرس القديم والجديد بالحزب العتيق، خصوصا الجنائيين من أمثال صاحب العبارة، وبائع الدم الفاسد، والمحرض على قتل الممثلة.. الخ. كان أمامه- على الأقل- أن يفعل كما فعل (سيف الإسلام القذافي) في ليبيا بتبني القضايا التي يريدها جمهور المواطنين، حتى وإن تعارضت مع التوجهات الثابتة المستقرة للنظام القائم.. على اعتبار أنه ليس مسئولا تنفيذيا وليس مقيدا بالتزامات الدولة. وكان أمامه أن ينحاز إلى الشعب ومشكلاته بالعمل الخيري التطوعي من خلال الجمعيات الأهلية والنقابات والنوادي والاتحادات الطلابية وغيرها. ولنضرب بعض الأمثلة العملية:
  • لوكانت هناك نية للتوريث.. لطالب جمال مبارك- من خلال موقعه الحزبي- بما يجعل الشعب المصري يصفق له، ويدفع كل القوى السياسية للالتفاف حوله؛ مثل إلغاء حالة الطوارئ، وإطلاق حرية تكوين الأحزاب وإصدار الصحف، والإفراج عن المعتقلين السياسيين، وعودة الإشراف القضائي على الانتخابات، وإصدار دستور جديد يناسب العصر............. الخ.
  • لوكانت هناك نية للتوريث.. لاستغل جمال مبارك موقعه الحزبي ونفوذه لدى وزراء حكومة الحزب في تسهيل الحياة اليومية البائسة للمواطنين، وهناك أشياء كثيرة لا تحتاج إلى ميزانيات أو خطط طويلة الأمد بقدر ما تحتاج إلى قرارات واعية ومتابعة، مثل مشكلة النظافة التي لم تتفاقم إلا عندما دست الحكومة أنفها فيها بجباية الأموال مع فاتورة الكهرباء واحتكار الإدارة الحكومية المشلولة لهذه العملية؛ فانتشرت القاذورات بالشوارع والطرق وصارت عارا يلطخ وجه مصر رغم توافر الميزانيات اللازمة وزيادة!. وهناك مشكلة المرور (الجنائزي) الذي صار عبئا ثقيلا على كل مواطن يتجرأ بالنزول إلى الشارع في أي مكان وفي أي وقت.. وهذه مشكلة محرجة للحكومة، وسببها انعدام التخطيط وسوء الإدارة والتنظيم، ويمكن حل أغلبها بقليل من الإجراءات "الذكية". أما مشكلة التعليم التي تؤرق كل بيت مصري فلا تحتاج إلا إلى قرار جريء بإلغاء مبدأ (إفساد التعليم العام من أجل زيادة الإقبال على التعليم الخاص)؛ إذ لا يمكن أن يصدق عاقل أن هناك حكومة لا تستطيع إعادة الهيبة والرقابة والتفتيش والثواب والعقاب إلى مؤسساتها التعليمية. ومشكلة الرعاية الصحية من أسهل المشكلات التي يمكن حلها بضبط التأمين الصحي وتقويمه والاستفادة "الواعية المخططة" من آلاف المستوصفات الخيرية التي انتشرت لتعويض النقص والعجز الحكومي، ووضع ضوابط ورقابة وتفتيش على العيادات الخاصة. وهناك أيضا مشكلة التلوث الذي صار يهدد صحتنا وحياتنا، والتي تحتاج فقط إلى تطبيق قانون حماية البيئة، وقرار سريع بمنع تسيير المركبات التي تطلق الأدخنة. وهناك الكثير والكثير من المشكلات المشابهة التي لا تحتاج إلا إلى وجود شخصية نافذة واعية تتفهمها وتتبناها، وتستفيد من التفاف الشعب (أهل الخبرة) حولها في تطويقها.
  • لوكانت هناك نية للتوريث.. لقام جمال مبارك بتخليص الشعب المصري من فساد المحليات بالدعوة لإجراء انتخابات حرة حتى وإن خسرها حزبه، فالإنجازات التي يقوم بها من يختارهم الشعب هي في النهاية لصالح الوطن، كما إنها سوف تنسب للنظام القائم- الذي أتى بها- في كل الأحوال. كذلك كان يمكنه الدعوة لإجراء انتخابات النقابات المهنية وإنهاء حالة الشلل التي فرضتها الحكومة عليها، فهذه النقابات هي الذراع الأيمن للحكومة في تقديم الخدمات للمواطنين.. والحكومة الذكية هي التي تسعى للاستفادة من كل متعلم وكل مثقف لصالح الوطن، حتى وإن لم يكن منتميا لحزبها.
  • لوكانت هناك نية للتوريث.. لأسهم جمال مبارك في إنهاء سياسة تفضيل أهل الثقة على أهل الخبرة التي خربت البلاد وأسهمت في تأخرنا، فالدولة المتميزة المتقدمة هي التي تستفيد من كل أبنائها، وتستثمر كل خبراتهم. كما كان يمكنه أن ينهي ظاهرة الاتجار بأراضي الدولة بما يفاقم مشكلة الإسكان، وأن يطالب بمنح قطعة أرض مجانية لكل مواطن- مثل أغلب الدول- لبناء مسكن آدمي، والانتشار على كامل التراب المصري لتقليل الكثافة السكانية التي أوشكت على الانفجار. كذلك كانت أمامه قضية النهوض بالقرى المصرية كلها بخطة زمنية واضحة لتطويرها (ذاتيا) والاستفادة من إمكاناتها الخرافية، وللعلم فالقرى المصرية يمكن أن تصبح بقليل من الاهتمام قرى سياحية أفضل من الريف الأوربي.
  • لوكانت هناك نية للتوريث.. لانحاز جمال مبارك إلى الشعب في قضية تصدير الغاز للعدو الصهيوني، فالمواطن المصري يعاني الأمرين للحصول على أنبوبة البوتاجاز والمغتصبون الصهاينة يستمتعون بالغاز المصري شبه المجاني!. كذلك كان يمكنه أن يمنع عودة السفير المصري إلى الكيان الصهيوني، وكان يمكنه المطالبة بسحبه أثناء محرقة غزة.
  • لوكانت هناك نية للتوريث.. لانضم جمال مبارك إلى الشعب المصري في مناصرة أهل غزة المحاصرين أثناء المحرقة الصهيونية العام الماضي، كان أمامه أن يقود التحرك الشعبي لجمع التبرعات العينية والمادية وأهمها الأغذية والأدوية ويذهب مع الجماهير إلى غزة لمناصرة الأشقاء وفك الحصار عنهم. كانت أمامه المطالبة بفتح معبر رفح وتسهيل دخول الغذاء والدواء ومواد البناء.. كان سيضرب عصفورين بحجر واحد: دعم الأشقاء المحاصرين المظلومين وهو ما يسعد الشعب المصري، وفتح أبواب الرزق أمام أهالي وتجار سيناء بالتصدير لغزة وحرمان العدو الصهيوني من مكاسب احتكاره لتصدير السلع "الرديئة" لها...... لو فعل ذلك لحملته الجماهير على أعناقها وطالبته بالترشح للرئاسة، ولكن كما يبدو فهو لا يريد الرآسة، ألم نقل إن موضوع التوريث إشاعة؟!.
  • وقد تهيأت الفرصة مرة أخرى؛ فلوكانت هناك نية للتوريث.. لكان جمال مبارك أول المرحبين والمرافقين لقافلة شريان الحياة التي انطلقت من أوربا بقيادة النائب الإنجليزي جورج جالاوي لفك الحصار عن غزة، ولم تتعثر في مسيرتها الطويلة سوى في مصر العربية الإسلامية بسبب غباء حكومتها، التي فضحتنا أمام العالم واضطرت في النهاية إلى الرضوخ وتركها تذهب إلى حال سبيلها!.
  • لوكانت هناك نية للتوريث.. لتأجل (على الأقل) الكثير من القرارات التي جاءت في ذروة ترويج إشاعة التوريث، وسببت التذمر والضيق للشعب المصري مثل: انفلات الأسعار مع ثبات الأجور، وزيادة أسعار الوقود والضرائب والتأمين والمخالفات المرورية؛ بالنسبة لمالكي السيارات، الزيادة الفاحشة لأسعار مواد البناء وتمكين بعض المقربين من احتكارها؛ بُعيـْد إجراء "حكومي" بسحب قطع الأراضي ممن لم يبدأوا في البناء!، التخطيط لإلغاء الدعم وفتح الباب للزيادة الفاحشة في أسعار المواد الغذائية؛ أي لثورة الجوع التي نتمنى ألا يضطر الشعب لها، فرض الضريبة العقارية (المرفوضة شعبيا) كضريبة مزدوجة ومتكررة على من سبق تحصيل ضرائب عديدة منهم على نفس العقارات..... الخ.
أغلب الظن أن المستفيدين من النظام القائم، خصوصا من اقترفوا أعمال فساد، ويخشون من أي تغيير يطيح بهم ويكشف فسادهم.. هم الذين أطلقوا هذه الإشاعة لترويجها، ثم إقناع الرئيس بسهولة وأهمية الموضوع "حفاظا على الاستقرار"، ظنا منهم أن الرئيس الإبن سوف يفعل مثلما فعل الوريث السوري بترك النظام القائم كما هو دون تغيير. والشيء العجيب والمريب أن من خططوا لهذه الإشاعة الكاذبة أخذوا يروجون لفرية جديدة وهي أن مصر عدمت الشخصيات التي تصلح لقيادة البلاد، فليس هناك- في نظرهم- من بين الثمانين مليونا من يصلح رئيسا!.. لكي يكون الجدل حول أسماء وشخصيات وليس حول الموضوع الأهم والأخطر وهو وجود نظام انتخابي حر يفرز قيادات حقيقية. فالقضية ليست فيمن يرأس البلاد، فهؤلاء كـُثـُر والحمد لله.. ولكنها في إمكانية الترشح، وإمكانية وصول أصوات الناخبين إلى مستحقيها. ينبغي الكف عن تضييع الوقت في البحث عن أسماء وشخصيات، والسعي لانتخابات نيابية غير مزورة، وتعديل الدستور لفتح الباب أمام كل مصري للترشح للرآسة، مع عودة الإشراف القضائي الكامل.
  • هل يُعقل إذاً- في ضوء ما أسلفنا- أن هناك شيء اسمه التوريث؟.. بأية أمارة؟؟!. من الواضح أن أسرة الرئيس قد زهدت الحكم وقيوده ويريدون الحياة المنطلقة المريحة. كفى افتراء على الرئيس.. فليست هناك نية للتوريث ولا يحزنون!.
abdallah_helal@hotmail.com

ليست هناك تعليقات: