أهلاً.. وسهلاً

مرحبا بكم في موقع الأستاذ الدكتور/ عبد الله هلال

مقالات علمية وسياسية - محاضرات في الكيمياء - بحوث علمية - كتب علمية في الكيمياء وتطبيقاتها - استشارات علمية (كيميائية وبيئية)















هل لديك استشارة علمية؟

الأستاذ الدكتور/ عبد الله هلال - استشاري الدراسات الكيميائية والبيئية
للاستشارات العلمية:
ناسوخ (فاكس): 0020222670296 القاهرة
جوال: 0020115811500



الصفحة الرئيسية

الأربعاء، ٢٤ مارس ٢٠١٠

* أزمة المرور (3).. اقتراحات وحلول

أزمة المرور (3).. اقتراحات وحلول
بقلم د. عبد الله هلال
الأهرام المسائي 7 مايو 2008 - المصريون 3 أكتوبر 2008

نختتم دراستنا عن مأساة المرور باقتراح بعض الحلول التي نأمل أن تتم مناقشتها جديا ووضع خطة زمنية للتخلص من هذه المشكلة التي تحرجنا أمام السياح وتعطل الإنتاج وتؤثر سلبا على كل شيء في حياتنا.
من أغرب ما تخالف به بلادنا أغلب دول العالم تلك الإهانة العجيبة للشوارع والطرق العامة.. فالشارع المصري ليست له حرمة، ولا صاحب.. ومن حق كل من "هب ودب" أن ينتهك حرمة الشارع ويفعل به ما يريد: يحفر، يشيد مطبات، يثبت إعلانات، يشون مواد بناء ونواتج هدم، يخزن بضائع وسيارات غير مستعملة، يبيع ويشتري، يغسل السيارة محولا الشارع إلى بـِرْكة.. الخ الخ. وبالطبع، ومن باب أولى، فقد صارت شوارعنا مرآبا (جراج) كبيرا للسيارات.. وقد ساعد على ذلك نظام منح رخص المباني دون اشتراط تدبير أماكن لإيواء سيارات المترددين على العقار، بل وصل الأمر إلى التساهل مع الملاك الذين حولوا الأماكن الخاصة بالسيارات إلى محلات وأسواق، وارتفعت الأبراج هنا وهناك.. والبركة في "الشارع" الذي عليه أن يتحمل رغم أنفه سيارات سكان هذه الأبراج، مما أوصلنا إلى مأساة حقيقية كان يمكن تجنبها لو تمسكت الحكومات المتعاقبة بضرورة أن يستوعب كل عقار جديد السيارات الخاصة به.. والغريب أن هذا النظام الكارثة لازال سائدا، حتى في المدن الجديدة.
ومن غير المعقول أن نهدم كل ما بنيناه لنصحح هذا الخطأ، أو أن ننتظر حتى يتم الإحلال والتجديد مرة أخرى.. وإذا نظرنا إلى المستقبل فالواجب إصدار تشريع فوري لمنع إقامة أي مبنى دون توفير مكان للسيارات المتوقع تردد أصحابها عليه، والتدقيق والحسم في تنفيذ القانون الخاص بذلك. أما المشكلة الحالية المستعصية، فنقترح لها حلا جذريا من ثلاثة بنود:
(1) ليس هناك مفر من إعادة الحرمة إلى الشوارع وتخليصها من السيارات الجاثمة فوقها.. وإذا أردنا أن ندبر أماكن لاستيعاب كل هذه السيارات فلم يعد أمامنا سوى تلك المساكن نفسها التي أنشئت على مر السنين بطريقة خاطئة وسببت المشكلة، وذلك بأن تقوم الحكومة (أو حتى جهة خيرية تتطوع للمساهمة في حل هذه المشكلة) بإنشاء عمارات سكنية متعددة في جميع الأماكن التي يمكن تدبيرها، ثم تقوم بمنح كل سكان الأدوار الأرضية (عدا ذوي الاحتياجات الخاصة) شقق بديلة بنفس مواصفات شققهم وبنفس شروطها "تمليك أو إيجار"، وأن يتم تحويل كل الأدوار الأرضية إلى جراجات للسيارات بقانون إجباري.. وإذا زادت المساحات المتوافرة على حاجة السيارات (في بعض الأحياء) فلتكن ملاعب لأطفالنا المساكين الذين لا يجدون هم أيضا سوى الشوارع متنفسا لهم للعب واللهو.. وهذه في حد ذاتها أكبر مكسب إن توافرت أماكن للأراجيح والملاعب الصغيرة وغيرها.
وقد يبدو هذا الاقتراح مكلفا، ولكن بالنظر إلى تكلفة إنشاء الجراجات متعددة الطوابق، والفوائد التي تعود علينا من إيجاد حل لمأساة المرور بتقليل التلوث وتوفير الوقت والجهد والوقود، بالإضافة إلى حماية السيارات من الظروف الجوية ومن السرقة... كل هذه الفوائد لو تم حساب عائدها على المدى البعيد فسوف نجد أن هذا الحل غير مكلف، كما أن الجراجات نفسها سوف تدر دخلا يفوق تكلفة إنشاء هذه المساكن البديلة، ولنتصور حال القاهرة (وغيرها) وقد خلت الشوارع من السيارات المتراصة، والأطفال وكراتهم ولعبهم.
(2) من الأسباب المهمة لمأساة المرور أن كثيرين من أصحاب السيارات لم يتعودوا على التعاون فيما بينهم، بحيث يستعمل الزملاء والجيران سيارة أحدهم بالتبادل.. لذا نجد أغلب السيارات الخاصة ليس بها سوى فرد واحد، مع أنها يمكن أن تستوعب خمسة في المتوسط.. كما أن هناك كثيرين لم يجربوا قط المواصلات العامة، بل ولا يعرفون عنها شيئا. ولكي يتم تغيير هذه العادات غير الرشيدة ودفع المواطنين إلى التشارك في السيارات دون حرج؛ فينبغي تحديد يومين أسبوعيا لمنع استخدام نصف عدد السيارات الخاصة، يوم للأرقام الفردية، ويوم للزوجية.. ولو حدث ذلك فسوف تخلو الشوارع وتزداد السرعة وتتضاعف رحلات المواصلات العامة مما يقل الزحام فيها ويشجع على استخدامها، والأهم من ذلك أن الباب سوف يفتح للتعاون الإجباري بين الجيران والزملاء، وعندما يشعرون بالفائدة فسوف يستمرون في ذلك باقي أيام الأسبوع. ليت إدارة المرور تجرب ذلك أسبوعا واحدا.. ثم تنظر في زيادة الأيام المخصصة لذلك أو تقليلها. ربما لا يرحب الناس- للوهلة الأولى- بذلك، ولكن التجربة سوف تغير كثيرا من السلوكيات والآراء.. فالقاهرة كما نلاحظها في الأعياد والإجازات تكون جميلة جدا، وتكون الحركة فيها ممتعة لأن نسبة كبيرة من السيارات تكون خارجها، أو متوقفة.. وعندما يجرب الناس الحركة بنصف عدد السيارات فلا شك أنهم سيرحبون بهكذا نظام.
(3) أدت أزمة الإسكان وجمود قانون الإيجارات إلى سكون حركة المواطنين بين الأحياء والشقق.. والشيء الطبيعي أن يسكن المواطن قريبا من عمله. في الماضي القريب كان المواطن ينقل في عمله إلى حي آخر أو مدينة أخرى فينقل أسرته بكل سهولة ويسر إلى شقة أخرى دون مشقة. أما الآن فالنقل كارثة حقيقية لا يستطيع أن يحتملها مواطن عادي.. وأصبح حالنا عجيبا: سكان الشرق يعملون في الغرب والعكس بالعكس، والضحية هي طبعا الشوارع والمواصلات.. فالكل في حركة دائبة وتعب وجهد ومصاريف دون أي داع وكأننا غائبون عن الوعي!. ألم يحن الوقت للتفكير الجدي في حل مشكلة الإيجارات وتسهيل تبادل الشقق بين المواطنين ليسكن كل موظف أو عامل في أقرب مكان إلى عمله؟.. إن حل هذه المشكلة وحدها كفيل بتوفير الراحة والسكون لما يقرب من ربع سكان القاهرة، إذ سوف يذهبون إلى أعمالهم سيرا على الأقدام، أو يستخدمون الدراجات مثلا. مطلوب تشريع سريع يسهل تبادل الشقق المؤجرة إذا ما رغب الطرفان المؤجران، لتعود حياتنا طبيعية كما كانت على مر السنين.
وختاما ننبه إلى أننا لدينا نقص كبير وخطير في الشواخص المرورية التي ترشد قادة السيارات إلى قواعد السير.. فمثلا لم أر في أي مكان في مصر لافتة (قف) التي تحدد أولويات المرور بالتقاطعات، رغم كثرتها ورغم كثرة الحوادث- التي تسبب حيرة كبيرة في تحديد من المخطئ؟. كذلك ينبغي توضيح اتجاهات المرور (السهم الأزرق) للخارجين من الشوارع الجانبية إلى الطرق العامة، وعلامة (افسح الطريق) بالتقاطعات؛ وغير ذلك كثير. أيضا نحتاج إلى مزيد من الإرشادات (الطلاء الأبيض والأصفر) على الإسفلت وأن تكون الأسهم معبرة وفي المكان المناسب، مثل (فقط) للإلزام بحارة معينة وهكذا. وبصراحة فالطلاءات التي ظهرت مؤخرا ليست كافية ولا هي بالجودة المطلوبة، وليس لها شكل مفهوم أو موحد، وأحيانا تكون غامضة؛ مع أن هذا نظام عالمي موحد يطبق في جميع دول العالم.. وكما أشرنا سابقا؛ ليت بعض المسئولين عن المرور يقومون بزيارة لمدينة أبو ظبي، ونقل نظامها المروري الرائع لبلادنا.. علما بأنه أنشئ بأيد أغلبها مصرية.

ليست هناك تعليقات: