http://www.almesryoon.com/news.aspx?id=24180
http://www.el-wasat.com/daily.php?id=55575368
http://www.el-wasat.com/daily.php?id=55575368
في مئوية الجمعية الشرعية.. مطلوب مراجعة
لسنا في حاجة إلى التأكيد على تميز الجمعية الشرعية كواحدة من أفضل منظمات المجتمع المدني، سواء من الناحية الدعوية أو الخدمية. فقد أكملت الشهر الماضي مئة سنة (هجرية) منذ نشأتها على يد المرحوم الشيخ محمود خطاب السبكي في وقت كانت الأمة- في ظل الاحتلال- في أمس الحاجة إلى من يقاوم التغريب الذي يمارسه الاحتلال الإنجليزي لسلخ مصر- حاضنة الأزهر الشريف- وسلخ الأمة بالتالي من حضارتها وهويتها. وإلى جانب الأنشطة الدينية والتعليمية والثقافية التي تمارسها وترعاها الجمعية؛ فقد تفوقت في ميدان الخدمات الاجتماعية.. خصوصا رعاية الأسرة (طفولة وأمومة وشيخوخة)، والرعاية الصحية وغيرها. وأكثر ما لفت نظري وأعجبني مشاريع كفالة الطفل اليتيم وتيسير زواج اليتيمات ورعاية طلاب العلم. ولا شك أن هذا النشاط الاجتماعي الواسع الذي تمارسه الجمعية الشرعية وغيرها من الجمعيات الخيرية مهم جدا، ويعوض النقص الخطير في الخدمات الحكومية التي أصيبت بالشيخوخة والانهيار، ولولا هذه الجمعيات لما كان هناك أي صورة من صور الاستقرار الذي تتميز به مصر. والشيء الأهم أن الشعب المصري بكرمه وصبره ومروءته لم يبخل على هذه الجمعيات التي لا تدعمها الحكومة، فاحتضنها وتسابق المواطنون في دعم الجمعية الشرعية ومثيلاتها دون أن يكونوا أعضاء فيها.. مما مكنها من توسيع أنشطتها وتنويع خدماتها. وأضرب مثالا بالجمعية الشرعية بقرية (إكوه) محافظة الشرقية.. التي نافست الجمعية الرئيسية وتفوقت على نفسها في تقديم الخدمات المتميزة لجمهور المواطنين، واستطاعت أن تدعم تأسيس 17 فرعا في القرى والمدن المجاورة، وكلما ازدادت أنشطة الجمعية كلما ازداد الدعم الشعبي لها لتتجاوز ميزانيتها الملايين. وكان من الطبيعي في ظل انتشار ظاهرة الفساد أن يطمع بعض المفسدين في هذه الجمعية التي تمتلك من الأموال ما يسيل له لعاب من لا يخافون الله تعالى ولا يخشون القانون (النائم). ولكي يصل هؤلاء إلى مبتغاهم دون أن ينكشف أمرهم؛ فكان لابد أن يكون الاختراق من الداخل.. بالانضمام إلى الجمعية كأعضاء، والتظاهر بالحرص عليها ووضع اليد على أموالها بأية صورة من صور الفساد المعروفة.
والمفروض أن الجمعية لديها من الآليات واللوائح ما يمكنها من تطهير صفوفها أولا بأول، فهي جمعية غير حكومية وينبغي ألا تشلها البيروقراطية الحكومية أو تعكر أنشطتها. ولكن يبدو أن ارتباط الجمعيات الأهلية بوزارة التضامن الاجتماعي (كجهة حكومية بيروقراطية) يفتح الباب لتسرب الفساد إلى هذه الجمعيات.. لأن من يديرها متطوعون منتخبون من جمعياتهم العمومية، والوزارة هي التي تشرف على هذه الانتخابات وتعتمدها. لذا فليس مستغربا أن نجد في جمعية متميزة مثل الجمعية الشرعية بعضا من هؤلاء المفسدين الذين يشلون أنشطتها باستخدام الثغرات القانونية وأساليب الطعن في الإجراءات، والكيد للمجالس المنتخبة.. وهذا طبيعي في بلادنا للأسف، ولكن من غير الطبيعي ألا ينتبه المسئولون بالجمعية الرئيسية لذلك، وأن يستجيبوا للوشاية ولا يتعبوا أنفسهم في البحث عن الحقيقة، وإعادة الأمور إلى نصابها.. خصوصا وأن لوائح الجمعية تسمح لهم بذلك. وقد انكشفت خطورة هذه الألاعيب عندما قام أحد المحسنين من أهل الفضل والخير- من أبناء قرية إكوه التي أسلفنا الحديث عنها كمثال للجمعيات المتميزة- قام بإنشاء دار حضانة متطورة بمقر الجمعية الشرعية، وجعلها مجانية هدية لأطفال القرية، وتحمل- جزاه الله تعالى خيرا- كل المصروفات والمرتبات وخلافه. وعندما فوجئ بالإقبال الشديد على المشروع، وبحماس المعلمات وأولياء الأمور، وبتفوق الأطفال وتميزهم.. قرر إنشاء مبنى كبير من خمسة طوابق على نفقته الخاصة لكي يستطيع استيعاب الأعداد الكبيرة التي تقدمت من القرية والقرى المجاورة، ولكي يتوسع النشاط لمحو الأمية أيضا.. فسال لعاب المفسدين على ميزانية المشروع ولكنه كان يقظا وباشر العمل بنفسه، فاستداروا وحاولوا إقناعه بتوفير أمواله على أن يقوموا هم بجمع التبرعات من المواطنين والقيام باللازم.. فرفض بالطبع لأن هدفه فعل الخير من ماله الخاص. فرضوا أنفسهم على المشروع بحجة المساعدة لكي يسلبوا شيئا مما تطوله أيديهم فانكشفوا بعد إهدار جزء كبير من الميزانية في أساسات لا حاجة لها. وعندما فضح أمرهم ولم يعودوا قادرين على السمسرة أو السلب قرروا (تطفيش) هذا المحسن الكبير المخْلص لمسقط رأسه، والذي رفض مجرد ذكر اسمه في أي من المشروعات التي يتبرع بها.. فأخذوا يدفعون بمن يدعي بالباطل ملكيته للأرض، وأخذوا يضايقون رجل الخير الذي يمول المشروع وكل أملهم أن يزهق، ويذهب بتبرعاته إلى مكان آخر.. لكي يُفتح الباب لجمع التبرعات السائبة التي لا رقيب عليها ولا حسيب بحجة استكمال المبنى. والشيء المدهش أن الجمعية الرئيسية لم تدعم مجلس الإدارة الذي يباشر المشروع، واستجابت للوشاة بتجميد المجلس، وتوقف المشروع للأسف، وضاع على الجمعية الشرعية فرصة إضافة ثروة عقارية بالملايين، فضلا عن المشروع نفسه الذي كان يمكن أن يغير وجه الحياة الثقافية والاجتماعية في هذه القرية والقرى المجاورة!. والشيء الأغرب من الخيال (والذي نضعه أمام وزير التضامن الاجتماعي) أنه عندما قام مجلس إدارة الجمعية بفتح باب الترشح لتشكيل مجلس جديد؛ اعترضت مديرية الشئون الاجتماعية بالشرقية بحجة أن إعلان الجمعية تضمن شروطا، مثل حسن السير والسلوك وعدم وجود سوابق جنائية في المرشحين، وطلبت منهم إعادة فتح باب الترشح ولكن دون شروط!. وعندما علمتُ بهذا الأمر؛ حاولت الاتصال ببعض المسئولين بالجمعية الرئيسية وكلي أمل أنهم سينتفضون للحفاظ على الصورة المشرقة للجمعية، وعلى أساس أنهم أصحاب رسالة نبيلة وليسوا موظفين.. وكانت الصدمة أن أجد أنهم يتعاملون مع هذه المسائل الخطرة كموظفين يتهربون من مشكلات العمل، ومن المسئولية!. فهل تراجع الجمعية الشرعية أسلوب عملها بمناسبة ذكرى مرور مئة عام على تأسيسها؟. هل يدرك المسئولون فيها أنهم يستطيعوا- بعد تصحيح المسار- أن يقدموا للمجتمع المصري- المغلوب على أمره- من الخدمات والمساعدات ما تفشل الحكومات في تقديمه؟. نرجو ذلك.. ونهنئ الجمعية بمناسبة مئويتها، رحم الله مؤسسيها وبارك في ممولي أنشطتها الخيرية.
abdallah_helal@hotmail.com
بقلم/ د. عبد الله هلال
لسنا في حاجة إلى التأكيد على تميز الجمعية الشرعية كواحدة من أفضل منظمات المجتمع المدني، سواء من الناحية الدعوية أو الخدمية. فقد أكملت الشهر الماضي مئة سنة (هجرية) منذ نشأتها على يد المرحوم الشيخ محمود خطاب السبكي في وقت كانت الأمة- في ظل الاحتلال- في أمس الحاجة إلى من يقاوم التغريب الذي يمارسه الاحتلال الإنجليزي لسلخ مصر- حاضنة الأزهر الشريف- وسلخ الأمة بالتالي من حضارتها وهويتها. وإلى جانب الأنشطة الدينية والتعليمية والثقافية التي تمارسها وترعاها الجمعية؛ فقد تفوقت في ميدان الخدمات الاجتماعية.. خصوصا رعاية الأسرة (طفولة وأمومة وشيخوخة)، والرعاية الصحية وغيرها. وأكثر ما لفت نظري وأعجبني مشاريع كفالة الطفل اليتيم وتيسير زواج اليتيمات ورعاية طلاب العلم. ولا شك أن هذا النشاط الاجتماعي الواسع الذي تمارسه الجمعية الشرعية وغيرها من الجمعيات الخيرية مهم جدا، ويعوض النقص الخطير في الخدمات الحكومية التي أصيبت بالشيخوخة والانهيار، ولولا هذه الجمعيات لما كان هناك أي صورة من صور الاستقرار الذي تتميز به مصر. والشيء الأهم أن الشعب المصري بكرمه وصبره ومروءته لم يبخل على هذه الجمعيات التي لا تدعمها الحكومة، فاحتضنها وتسابق المواطنون في دعم الجمعية الشرعية ومثيلاتها دون أن يكونوا أعضاء فيها.. مما مكنها من توسيع أنشطتها وتنويع خدماتها. وأضرب مثالا بالجمعية الشرعية بقرية (إكوه) محافظة الشرقية.. التي نافست الجمعية الرئيسية وتفوقت على نفسها في تقديم الخدمات المتميزة لجمهور المواطنين، واستطاعت أن تدعم تأسيس 17 فرعا في القرى والمدن المجاورة، وكلما ازدادت أنشطة الجمعية كلما ازداد الدعم الشعبي لها لتتجاوز ميزانيتها الملايين. وكان من الطبيعي في ظل انتشار ظاهرة الفساد أن يطمع بعض المفسدين في هذه الجمعية التي تمتلك من الأموال ما يسيل له لعاب من لا يخافون الله تعالى ولا يخشون القانون (النائم). ولكي يصل هؤلاء إلى مبتغاهم دون أن ينكشف أمرهم؛ فكان لابد أن يكون الاختراق من الداخل.. بالانضمام إلى الجمعية كأعضاء، والتظاهر بالحرص عليها ووضع اليد على أموالها بأية صورة من صور الفساد المعروفة.
والمفروض أن الجمعية لديها من الآليات واللوائح ما يمكنها من تطهير صفوفها أولا بأول، فهي جمعية غير حكومية وينبغي ألا تشلها البيروقراطية الحكومية أو تعكر أنشطتها. ولكن يبدو أن ارتباط الجمعيات الأهلية بوزارة التضامن الاجتماعي (كجهة حكومية بيروقراطية) يفتح الباب لتسرب الفساد إلى هذه الجمعيات.. لأن من يديرها متطوعون منتخبون من جمعياتهم العمومية، والوزارة هي التي تشرف على هذه الانتخابات وتعتمدها. لذا فليس مستغربا أن نجد في جمعية متميزة مثل الجمعية الشرعية بعضا من هؤلاء المفسدين الذين يشلون أنشطتها باستخدام الثغرات القانونية وأساليب الطعن في الإجراءات، والكيد للمجالس المنتخبة.. وهذا طبيعي في بلادنا للأسف، ولكن من غير الطبيعي ألا ينتبه المسئولون بالجمعية الرئيسية لذلك، وأن يستجيبوا للوشاية ولا يتعبوا أنفسهم في البحث عن الحقيقة، وإعادة الأمور إلى نصابها.. خصوصا وأن لوائح الجمعية تسمح لهم بذلك. وقد انكشفت خطورة هذه الألاعيب عندما قام أحد المحسنين من أهل الفضل والخير- من أبناء قرية إكوه التي أسلفنا الحديث عنها كمثال للجمعيات المتميزة- قام بإنشاء دار حضانة متطورة بمقر الجمعية الشرعية، وجعلها مجانية هدية لأطفال القرية، وتحمل- جزاه الله تعالى خيرا- كل المصروفات والمرتبات وخلافه. وعندما فوجئ بالإقبال الشديد على المشروع، وبحماس المعلمات وأولياء الأمور، وبتفوق الأطفال وتميزهم.. قرر إنشاء مبنى كبير من خمسة طوابق على نفقته الخاصة لكي يستطيع استيعاب الأعداد الكبيرة التي تقدمت من القرية والقرى المجاورة، ولكي يتوسع النشاط لمحو الأمية أيضا.. فسال لعاب المفسدين على ميزانية المشروع ولكنه كان يقظا وباشر العمل بنفسه، فاستداروا وحاولوا إقناعه بتوفير أمواله على أن يقوموا هم بجمع التبرعات من المواطنين والقيام باللازم.. فرفض بالطبع لأن هدفه فعل الخير من ماله الخاص. فرضوا أنفسهم على المشروع بحجة المساعدة لكي يسلبوا شيئا مما تطوله أيديهم فانكشفوا بعد إهدار جزء كبير من الميزانية في أساسات لا حاجة لها. وعندما فضح أمرهم ولم يعودوا قادرين على السمسرة أو السلب قرروا (تطفيش) هذا المحسن الكبير المخْلص لمسقط رأسه، والذي رفض مجرد ذكر اسمه في أي من المشروعات التي يتبرع بها.. فأخذوا يدفعون بمن يدعي بالباطل ملكيته للأرض، وأخذوا يضايقون رجل الخير الذي يمول المشروع وكل أملهم أن يزهق، ويذهب بتبرعاته إلى مكان آخر.. لكي يُفتح الباب لجمع التبرعات السائبة التي لا رقيب عليها ولا حسيب بحجة استكمال المبنى. والشيء المدهش أن الجمعية الرئيسية لم تدعم مجلس الإدارة الذي يباشر المشروع، واستجابت للوشاة بتجميد المجلس، وتوقف المشروع للأسف، وضاع على الجمعية الشرعية فرصة إضافة ثروة عقارية بالملايين، فضلا عن المشروع نفسه الذي كان يمكن أن يغير وجه الحياة الثقافية والاجتماعية في هذه القرية والقرى المجاورة!. والشيء الأغرب من الخيال (والذي نضعه أمام وزير التضامن الاجتماعي) أنه عندما قام مجلس إدارة الجمعية بفتح باب الترشح لتشكيل مجلس جديد؛ اعترضت مديرية الشئون الاجتماعية بالشرقية بحجة أن إعلان الجمعية تضمن شروطا، مثل حسن السير والسلوك وعدم وجود سوابق جنائية في المرشحين، وطلبت منهم إعادة فتح باب الترشح ولكن دون شروط!. وعندما علمتُ بهذا الأمر؛ حاولت الاتصال ببعض المسئولين بالجمعية الرئيسية وكلي أمل أنهم سينتفضون للحفاظ على الصورة المشرقة للجمعية، وعلى أساس أنهم أصحاب رسالة نبيلة وليسوا موظفين.. وكانت الصدمة أن أجد أنهم يتعاملون مع هذه المسائل الخطرة كموظفين يتهربون من مشكلات العمل، ومن المسئولية!. فهل تراجع الجمعية الشرعية أسلوب عملها بمناسبة ذكرى مرور مئة عام على تأسيسها؟. هل يدرك المسئولون فيها أنهم يستطيعوا- بعد تصحيح المسار- أن يقدموا للمجتمع المصري- المغلوب على أمره- من الخدمات والمساعدات ما تفشل الحكومات في تقديمه؟. نرجو ذلك.. ونهنئ الجمعية بمناسبة مئويتها، رحم الله مؤسسيها وبارك في ممولي أنشطتها الخيرية.
abdallah_helal@hotmail.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق