قضايا و آراء
الأهرام: الأحد 28 من جمادى الآخرة 1422هـ، 16 سبتمبر 2001، السنة 126 العدد 41922
عندما تتحول مراكز القوة.. إلى نقاط ضعف!
بقلم: د. عبدالله هلال
هيئة الطاقة الذرية
هيئة الطاقة الذرية
تعايشت مع الشعب الأمريكي في أثناء فترة دراستي بجامعة ولاية فلوريدا.. وأشهد أن هذا الشعب المسالم الودود الذي يفضل أن يعيش في حاله, ليس له علاقة بسياسات حكومته التي يغلب عليها الشعور الفارغ بالغطرسة والقوة والأمن المطلق. قد يؤيد هذا الشعب سياسة الحكومة في التباهي بالقوة والهيمنة, ولكنه في حياته الخاصة وفي علاقته بالآخرين لا يفعل ذلك إلا فيما ندر. وعلي الرغم من ذلك ومن بشاعة الهجمات الانتقامية التي تعرضت لها المنشآت الحيوية الأمريكية وما تلاها من حرق وهدم وقتل لمدنيين مسالمين.. فقد ساد جو من الغبطة والشماتة بين الكثيرين ممن كانوا ضحايا الغطرسة الأمريكية التي دأبت في السنوات الأخيرة علي فرض منطقها بالقوة الغاشمة, وأخذت تحاصر هذا وتقتل ذاك بأسلوب الفتوة الذي لا يخشي أحدا.
ولاشك أن الشعور المفرط بالقوة والثقة الزائدة بأن الأراضي الأمريكية آمنة من أي غزو خارجي كانا من العوامل التي أدت إلي الجنوح الدائم للسياسة الأمريكية إلي الجانب البعيد عن الحق والعدل مادام يحقق مصالحها الذاتية, لذلك فهي تؤيد الإجرام الصهيوني علي طول الخط, ولا تتورع عن أخذ الدول بالشبهات وقتل الأبرياء كما حدث ويحدث في العراق والصومال والسودان وأفغانستان وليبيا وإيران.. وهي لا تتردد في تدمير البيئة والإنسان إذا كان ذلك يخدم مصالحها الآنية, وحربا فيتنام والعراق شاهدتان علي ذلك. وإذا كانت الإدارة الأمريكية تتباكي الآن علي أرواح المدنيين الأبرياء, فهي التي أبادت مدينتي هيروشيما وناجازاكي, وهي التي أسقطت عمدا الطائرة المدنية الإيرانية.. وغير ذلك الكثير والكثير.
وقد جاء الهجوم المباغت الأخير علي أمريكا بكل هيلمانها وغطرستها وغرورها لينهي إلي الأبد شعورها المفرط بالأمن.. ذلك أن الفكرة الجهنمية التي استخدمها المهاجمون وضعت في أيدي الناقمين علي أمريكا( وغيرها) سلاحا بسيطا لكنه في غاية الخطورة. ففي الماضي كان يستحيل تدبير طائرات حربية وصواريخ وقنابل إلا للجيوش النظامية التي تسيطر عليها الدول, وحتي هذه الجيوش لم يكن بوسعها الوصول بسهولة إلي الأراضي الأمريكية المحمية بمحيطين كبيرين وترسانة من الأسلحة الدفاعية والهجومية. أما اليوم فقد أصبحت الطائرات المدنية التي لا تخلو منها دولة والتي تحلق في كل مكان في العالم, أصبحت هي الطائرة الحربية, وهي الصاروخ, وهي القنبلة.. ولا يتطلب ذلك سوي طيار مستعد للموت!
لقد حطمت هذه الفكرة البسيطة كبرياء القوة العظمي وزرعت الخوف لأول مرة في قلوب الأمريكيين وأفقدتهم الثقة في جيوشهم ومخابراتهم.. ورأينا رئيس أقوي دولة في العالم يهرب في مكان مجهول ولا يجرؤ علي الاقتراب من مقره الرئاسي.. وبالتأكيد فإن الحديث عن حرب النجوم ودرع الصواريخ وغيرهما من مشروعات الدولة القوية الواثقة في قدراتها سوف يتغير تماما بعد أن اكتشف الأمريكيون وحلفاؤهم أن الخطر القادم من بين أيديهم ومن تحت أرجلهم لا يقل( بل يزيد) علي ذلك القادم من الخارج.
كيف تتحول دولة عظمي إلي نمر من ورق؟!
هذا السؤال لم يعد الآن غريبا.. فبعد دخول السلاح الجديد, ببساطته وخطورته, إلي حلبة الصراع, تصبح الولايات المتحدة من أضعف الدول, لأن نقاط القوة تحولت فجأة إلي نقاط ضعف. فعلي سبيل المثال تتباهي أمريكا بامتلاكها لترسانة من الأسلحة النووية.. فكيف يكون الحال لو أن مغامرا استطاع أن يحدد موقع تخزين بعض القنابل الذرية وهاجم هذا الموقع بالطريقة نفسها التي اتبعت مع مبني وزارة الدفاع؟ أيضا هناك ثغرات كثيرة تضعف الأمن القومي الأمريكي.. فعندما كانوا يصممون المنشآت الاستراتيجية لم يضعوا في الحسبان احتمالية اختراق طائرة للمبني, ولا نظن أن هناك عاقلا يضع50 ألف إنسان في مكان واحد, ويتردد عليه مثلهم كل ساعتين! فهذه المباني الضخمة التي تتباهي بها الدول الكبري أصبحت عبئا عليهم وثغرة لمن يريد أن ينتقم منهم, تماما مثل ذلك الغافل الذي يضع البيض كله في سلة واحدة, هذا عن الأبراج وناطحات السحاب.. أما عن باقي المنشآت الأمريكية فهي أيضا تمثل ثغرة كبيرة لأنها أنشئت تحت الشعور الزائف بالأمن المطلق, فأغلب المباني السكنية مشيدة بالخشب القابل للاحتراق.. صحيح أن لديهم منظومة محكمة للإنقاذ والإطفاء, ولكن لم يؤخذ في الحسبان بالطبع احتمالات الاعتداء المتعمد واسع الانتشار الذي تصعب السيطرة عليه.
لقد اختلت المعادلة, وتغيرت موازين القوة.. وأصبح واجبا علي الأمريكيين وحلفائهم في أوروبا, إعادة التفكير في سياساتهم تجاه الدول المستضعفة.. فلم يعد ممكنا استمرار سياسة فرض وجهة نظر الرجل الأبيض علي باقي العالم, ولم يعد سهلا التمادي في الابتزاز والحصار وضرب المعارضين لسياسات الهيمنة الغربية.
ولاشك أن الشعور المفرط بالقوة والثقة الزائدة بأن الأراضي الأمريكية آمنة من أي غزو خارجي كانا من العوامل التي أدت إلي الجنوح الدائم للسياسة الأمريكية إلي الجانب البعيد عن الحق والعدل مادام يحقق مصالحها الذاتية, لذلك فهي تؤيد الإجرام الصهيوني علي طول الخط, ولا تتورع عن أخذ الدول بالشبهات وقتل الأبرياء كما حدث ويحدث في العراق والصومال والسودان وأفغانستان وليبيا وإيران.. وهي لا تتردد في تدمير البيئة والإنسان إذا كان ذلك يخدم مصالحها الآنية, وحربا فيتنام والعراق شاهدتان علي ذلك. وإذا كانت الإدارة الأمريكية تتباكي الآن علي أرواح المدنيين الأبرياء, فهي التي أبادت مدينتي هيروشيما وناجازاكي, وهي التي أسقطت عمدا الطائرة المدنية الإيرانية.. وغير ذلك الكثير والكثير.
وقد جاء الهجوم المباغت الأخير علي أمريكا بكل هيلمانها وغطرستها وغرورها لينهي إلي الأبد شعورها المفرط بالأمن.. ذلك أن الفكرة الجهنمية التي استخدمها المهاجمون وضعت في أيدي الناقمين علي أمريكا( وغيرها) سلاحا بسيطا لكنه في غاية الخطورة. ففي الماضي كان يستحيل تدبير طائرات حربية وصواريخ وقنابل إلا للجيوش النظامية التي تسيطر عليها الدول, وحتي هذه الجيوش لم يكن بوسعها الوصول بسهولة إلي الأراضي الأمريكية المحمية بمحيطين كبيرين وترسانة من الأسلحة الدفاعية والهجومية. أما اليوم فقد أصبحت الطائرات المدنية التي لا تخلو منها دولة والتي تحلق في كل مكان في العالم, أصبحت هي الطائرة الحربية, وهي الصاروخ, وهي القنبلة.. ولا يتطلب ذلك سوي طيار مستعد للموت!
لقد حطمت هذه الفكرة البسيطة كبرياء القوة العظمي وزرعت الخوف لأول مرة في قلوب الأمريكيين وأفقدتهم الثقة في جيوشهم ومخابراتهم.. ورأينا رئيس أقوي دولة في العالم يهرب في مكان مجهول ولا يجرؤ علي الاقتراب من مقره الرئاسي.. وبالتأكيد فإن الحديث عن حرب النجوم ودرع الصواريخ وغيرهما من مشروعات الدولة القوية الواثقة في قدراتها سوف يتغير تماما بعد أن اكتشف الأمريكيون وحلفاؤهم أن الخطر القادم من بين أيديهم ومن تحت أرجلهم لا يقل( بل يزيد) علي ذلك القادم من الخارج.
كيف تتحول دولة عظمي إلي نمر من ورق؟!
هذا السؤال لم يعد الآن غريبا.. فبعد دخول السلاح الجديد, ببساطته وخطورته, إلي حلبة الصراع, تصبح الولايات المتحدة من أضعف الدول, لأن نقاط القوة تحولت فجأة إلي نقاط ضعف. فعلي سبيل المثال تتباهي أمريكا بامتلاكها لترسانة من الأسلحة النووية.. فكيف يكون الحال لو أن مغامرا استطاع أن يحدد موقع تخزين بعض القنابل الذرية وهاجم هذا الموقع بالطريقة نفسها التي اتبعت مع مبني وزارة الدفاع؟ أيضا هناك ثغرات كثيرة تضعف الأمن القومي الأمريكي.. فعندما كانوا يصممون المنشآت الاستراتيجية لم يضعوا في الحسبان احتمالية اختراق طائرة للمبني, ولا نظن أن هناك عاقلا يضع50 ألف إنسان في مكان واحد, ويتردد عليه مثلهم كل ساعتين! فهذه المباني الضخمة التي تتباهي بها الدول الكبري أصبحت عبئا عليهم وثغرة لمن يريد أن ينتقم منهم, تماما مثل ذلك الغافل الذي يضع البيض كله في سلة واحدة, هذا عن الأبراج وناطحات السحاب.. أما عن باقي المنشآت الأمريكية فهي أيضا تمثل ثغرة كبيرة لأنها أنشئت تحت الشعور الزائف بالأمن المطلق, فأغلب المباني السكنية مشيدة بالخشب القابل للاحتراق.. صحيح أن لديهم منظومة محكمة للإنقاذ والإطفاء, ولكن لم يؤخذ في الحسبان بالطبع احتمالات الاعتداء المتعمد واسع الانتشار الذي تصعب السيطرة عليه.
لقد اختلت المعادلة, وتغيرت موازين القوة.. وأصبح واجبا علي الأمريكيين وحلفائهم في أوروبا, إعادة التفكير في سياساتهم تجاه الدول المستضعفة.. فلم يعد ممكنا استمرار سياسة فرض وجهة نظر الرجل الأبيض علي باقي العالم, ولم يعد سهلا التمادي في الابتزاز والحصار وضرب المعارضين لسياسات الهيمنة الغربية.
- فتش عن اليهود
السؤال الذي يحير العالم كله الآن هو عن الدولة أو الجهة التي دبرت ونفذت هذا الهجوم غير المسبوق علي أمريكا التي لم يسبق لأحد أن مسها في عقر دارها.. وبالطبع فإن كل الاحتمالات واردة, وإذا بحثنا عن أصحاب المصلحة في ذلك نجدهم كثيرين جدا, خصوصا إذا كانت العملية ثأرية, ذلك أن أغلب سكان الكرة الأرضية لديهم ثأر قديم أو جديد في رقبة أمريكا, أما أصحاب المصلحة فأولهم العصابة الصهيونية التي فشلت في مواجهة الانتفاضة وتبحث عن مخرج ينتشلها من هذا المستنقع, وسوابقها في ذلك عديدة.
أيضا هناك المعارضة الأفغانية التي تسعي للتخلص من طالبان, ومقدونيا التي تتمني إسقاط الاتفاق بعد نزع أسلحة المسلمين الألبان, وكذلك ميليشيات اليمين الأمريكي المتطرف.. وغير ذلك الكثير, وإن كنا نرجح قيام العصابة الصهيونية بذلك ولو بطريق غير مباشر.
أيضا هناك المعارضة الأفغانية التي تسعي للتخلص من طالبان, ومقدونيا التي تتمني إسقاط الاتفاق بعد نزع أسلحة المسلمين الألبان, وكذلك ميليشيات اليمين الأمريكي المتطرف.. وغير ذلك الكثير, وإن كنا نرجح قيام العصابة الصهيونية بذلك ولو بطريق غير مباشر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق