السد العالي.. يا رئيس الحكومة
الصحافة هي السلطة الرابعة.. وهي عين المجتمع, والأداة المهمة لتحقيق الشفافية ومعاونة السلطة التنفيذية في تقويم أداء أفرادها ومؤسساتها. وفي الدول التي حظيت فيها الصحافة بحريتها وصارت سلطة حقيقية لها مكانتها ودورها, انعكس ذلك علي خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية.. وأصبح الفارق بين هذه الدول والدول الأخري المحرومة من تلك النعمة هو الفارق بين التقدم والتخلف.
بناء علي ذلك فالصحافة صارت بمثابة مجالس نيابية مفتوحة, لها حق تقديم الاستجوابات وطلبات الإحاطة.. وينبغي علي السلطة التنفيذية أن تأخذ هذا الأمر مأخذ الجد وتستفيد من الصحافة في معرفة مواضع الخلل, وفي تصويب الأخطاء أولاً بأول قبل أن تتراكم وتتفاقم ويصبح العلاج مستحيلاً دون جراحة واستئصال وبتر! وهذه الزاوية (استجواب) خُصصت للقيام بهذا الدور لعلنا نجد آذاناً صاغية ونحقق لوطننا ما تحقق للدول المتقدمة المتفوًّقة, ونبدأ بتقديم استجواب للحكومة المصرية ممثلة في رئيسها الدكتور عاطف عبيد:
تكررت وتزايدت تصريحات قادة العدو الصهيوني حول ضرب السد العالي وإغراق مصر كلها.. وتعجبنا لرد فعل الحكومة المصرية حين قرأنا في الصحف علي لسان مصدر مسئول - لم يكشف عن هويته - أننا لن نأخذ هذه التصريحات المجنونة مأخذ الجد!. وهذا يعني أن الحكومة تحاول إقناعنا بأن العدو الصهيوني عاقل ومتزن ومؤمن بالسلام, وما هذه التصريحات إلا تخاريف فرد مجنون أو مخبول. وإذا كنتم مؤمنين بذلك حقاً فنرجو أن تأتوا بالدليل الذي ينفي أن أغلب هؤلاء اللصوص الذين هجروا أوطانهم وجاءوا ليسرقوا أرضنا, ليسوا مجانين.. وماذا تفعل الحكومة لو وصل أحد هؤلاء المجانين إلي الحكم ووقعت الفأس في الرأس?! أليس واجباً أن نكون مستعدين (علي الأقل) لأسوأ الاحتمالات? فماذا فعلت حكومتكم لمنع حدوث هذه الكارثة? وما هي الإجراءات والاستعدادات التي اتُخذت لمواجهة الموقف إن تحققت هذه التهديدات, ولو بعد عشرين سنة?.. وإلي متي سوف تظل الحكومة تتعبد في محراب «كامب ديفيد» رغم أن العدو قال لكم بكل صراحة: «بلّوها واشربوا ميتها»!!.
د. عبد الله هلال 15/3/2001
______________________________________________
«الصفيق» الأمريكي!
حاولت كثيرا فهم السياسة الخارجية المصرية , فلم أفلح.. فالمواقف متغيرة صعودا وهبوطا, خصوصا فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية وبالعلاقة مع الطاغوت الأمريكي . فعندما اشتعلت المظاهرات الغاضبة ردًا علي المجازر الصهيو أمريكية ضد الشعب الفلسطيني اضطرت الحكومة لاتخاذ موقف «مسرحي» لامتصاص غضب الشارع المصري والعربي .. وتمخض الجبل عن قرار لا طعم له ولا رائحة بوقف «الاتصالات السياسية». وضحك الشعب المصري علي هذه العقوبة الشنيعة للسفاح شارون الذي يحرص «لؤما وخبثا» أن يثبت للجماهير العربية - عمليا - أننا عاجزون عن مواجهتهم وألا بديل عن القبول بالأمر الواقع والاستسلام لمخططاته الشيطانية, ولم يصبر علي الحكومة بعض الوقت لإنقاذ ماء الوجه ودفعها للاتصال به فورا.. ثم ذهب أسامة الباز وقابل السفاح عيني عينك أمام ملايين المشاهدين , ووضع يده في اليد التي تقطر دماً.. ولا ندري ماذا هو فاعل في يده تلك التي لوثها وأهانها وظلمها! . وقد حدث ذلك دون أن تتغير السياسة الصهيونية إلا إلي الأسوأ .. فالمذابح متواصلة بطريقة أكثر خبثًا, ومفرمة شارون مازالت تلتهم المدنيين الأبرياء, والحكومات العربية مازالت تحتفل بانتصارها التاريخي بفك أسر عرفات وتركت الشعب الفلسطيني وحده يواجه الإبادة.. والسفاح شارون ينفذ كل خططه ويضع شروطه «بكل عنظرة» والمساكين العرب لا يملكون إلا السمع والطاعة وكأنه قدرهم الذي لا سبيل إلي الفرار منه!.
أما عن العلاقة مع «الصفيق» الأمريكي الذي يحرصون دائما علي وصفه بالصديق فهي من أغرب العلاقات الدولية.. فالسفاح بوش يتقمص دور الفرعون , ويقول لهم ليل نهار «لا أريكم إلا ما أري ولا أهديكم إلا سبيل الرشاد», وهم يقبلون ذلك ولا يرون أية غضاضة في التعامل مع هذا «القضاء والقدر!». بوش هذا يسخر من عرفات ويسفه نضال الشعب الفلسطيني ومقاومته للاحتلال ويتهمنا بالإرهاب ويقرر «بنفسه» إصدار الفتاوي الأمريكية باعتبار الاستشهاد دفاعا عن الأرض والعرض انتحارا وإرهابا, ويعتبر الإرهاب الصهيوني في فلسطين والهندي في كشمير والروسي في الشيشان جهادًا مشروعًا تؤيده أمريكا.. أما علي الجانب الآخر في فلسطين وباكستان والشيشان, فهؤلاء إرهابيون تطاردهم دولة الشيطان الأكبر.. بوش هذا يعلن علي الملأ أنه قرر التخلص من رئيس عربي وكأنه إله الأرض والعياذ بالله, ويعترف بأن سبب موقفه من إيران هو معاداتها للصديق الصهيوني وتشجيعها لمقاومة الاحتلال.. ونحن نقبل كل هذه الإهانات ونصرَّ علي أن هذا الصفيق صديق!. ما هي معايير الصداقة؟ .. وما الفرق بين الصداقة والصفاقة?.. وهل هذه الصداقة مفروضة علينا وإن كرهناهم؟؟!!.
لقد خلق الله تعالى الكائنات مدافعة بطبعها عن وجودها وحياتها ولولا ذلك لما استمرت الحياة.. فنري القطة تثور وتخربش إن تغرضت للإهانة، فكيف لا يفعل الإنسان الذي كرمه الله ذلك?. إن الخضوع للقوي هو الذي يغريه بالظلم والسطو.. ولا تدري ماذا يحدث للعرب لو قرروا رفض هذه الإهانات الأمريكية؟.. هل هناك وضع أسوأ من الوضع الحالي يمكن أن نصل إليه? . لو تجرأت الحكومات العربية وآمنت بأن الأمر لله وحده, ويؤتي الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء.. لو فعلت ذلك وأعلنت رفضها لهذه السياسة الأمريكية الجائرة والمعادية, فمن المؤكد أن هذا الشيطان سوف يعيد النظر في تلك السياسة المجنونة.. وهم أناس نفعيون إذا وجدوا أن مصالحهم مهددة خضعوا, ولكن ماذا تقول والحائط المنخفض يغري بالامتطاء؟!
د. عبدالله هلال 6/6/ 2002
__________________________________________
استرضاء العدو.. ورشوته!
إننا نري بأعيننا كيف تسهر الدولة العبرية المغتصبة لأرضنا علي تأمين حياة أي يهودي في أي مكان في العالم.. نراهم يهرعون لنجدة من تواجه دولته ضائقة اقتصادية مثلما حدث في الأرجنتين, ونراهم يحتجون ويهددون إذا ما تعرض أي خنزير منهم لأذي رغم أنه لا يحمل جنسية الدولة العبرية, ونري العالم يتفهم ذلك ويتقبله.. فلماذا لا نفعل ذلك?.. وإذا كانت الشهامة والمروءة قد أصبحت تراثا وتاريخا, فماذا عن اتفاقية الدفاع العربي المشترك التي أيقظها بوش الأب في الكويت وقتلها بوش الابن في فلسطين؟
لقد بلغ السيل الزبي ووصل الإجرام الصهيوني إلي ما لم يصل إليه عتاة المجرمين من قبل.. إذ لم يشهد التاريخ جيشا مسلحا بأحدث الترسانات العسكرية يحارب شعبا أعزل ويهدم البيوت ويدمر سيارات الإسعاف والنجدة ويجرف الأرض الزراعية, والعالم كله يشهد الجريمة ويصمت صمت القبور, لو حدث هذا في أي مكان آخر بالعالم لما شهدنا ذلك الصمت المريب.. ألم يحارَب العراق بحجة ضرب المدنيين من الشيعة والأكراد?.. ألم يُمنع بالقوة من تحليق طائراته في الشمال والجنوب بهذه الحجة?.. ألم يتدخل الغرب ضد يوغوسلافيا لمنع قتل المدنيين العزل رغم عدم التعاطف معهم لأنهم (مسلمون), ولكن العقلاء لا يتركون النار تشتعل بجوار مساكنهم?!.. ألم يتدخل العالم ضد إندونيسيا ويرغمها علي انفصال تيمور الشرقية?.. لماذا إذًا لا يتدخل العرب لحماية الشعب الفلسطيني, وهو ليس مجرد جار ولكنه جزء منا ويدافع عن كرامتنا? الواجب والطبيعي جدا أن الرد العملي علي استخدام العدو للطائرات والصواريخ والدبابات ضد المدنيين من أبناء جلدتنا, هو تدخل الجيوش العربية لحماية هذا الشعب الأعزل.. قصفا بقصف وصواريخ بصواريخ, ولو حدث ذلك فلن يلومنا أحد.
للأسف الشديد لم تجرؤ أية حكومة عربية علي مجرد التفكير في هذا الحق الطبيعي والواجب الذي لا يسقط عن عاتقنا لأي سبب.. وكيف ذلك وهم لا يجرؤون علي مجرد قطع العلاقات وإلغاء الاعتراف بالعدو أو حتي مقاطعته?!.. بل وصل الانهيار إلي استرضاء العدو ورشوته بالتنازل عن الأرض المقدسة والاعتراف به والتطبيع الذليل معه وبشروطه مقابل وقف عدوانه, وهم يعلمون أنه سوف يستثمر هذا الاعتراف ويرسخ أقدامه أكثر دون أن يعطيهم شيئًا كما حدث من قبل.
لقد ظل العرب يخدعون الشعب الفلسطيني لخمسين سنة حتي اكتشف أنه لن يحرر فلسطين إلا الفلسطينيون, وبدأ مشوار الجهاد الطويل وأذهل العالم ببطولاته.. معتمدا علي نفسه لدرجة امتلاك الصواريخ (محلية الصنع) التي لا يجرؤ العرب علي التفكير في تصنيعها أو الإعلان عن امتلاكها, وعندما وجد العدو أنه أمام شعب لا يقبل الهزيمة.. لجأ إلي العرب - الذين يقبلون الهزيمة - لكي يعيدوا خداع الشعب الفلسطيني!, ولكن العرب يضعون البيض كله في السلة الأمريكية ولا يفكرون في الاعتماد علي النفس.. لم نتعلم شيئا من بطولات أطفال فلسطين, ولم ندرك حكمة الاعتماد علي النفس ولو أدركناها لتغير الموقف تماما.. فالشعب الفلسطيني قدم أقصي ما يمكن تقديمه ونجح في إذلال شارون وخنازيره, ولو انضم العرب إلي المسيرة الظافرة لهذا الشعب الصامد فسوف يمكنه من النصر وتحرير كل فلسطين.
¼ إلي من يضعون الأوراق كلها في الجيب الأمريكي: صرح كولين باول بأن الإجرام الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني دفاع شرعي عن النفس.. وفي اليوم نفسه أنذر السودان بأن العلاقات لن تتحسن ما لم يتم وقف القصف (المزعوم) ضد المدنيين, لا توجد ذرة من الحياء!!
د. عبد الله هلال 14/3/2002
___________________________________________
الإشراف القضائي: للخلف در!
غير أن ما يحار المرء في فهمه هو هذا الكم الهائل من التدليس وعدم الحياء.. فهم لا يؤمنون بالمثل القائل, «إذا بليتم فاستتروا», إذ تناسوا نغمة التغني بالإشراف القضائي التي صدّعونا بها, وأخذوا يمنون علينا ويتفاخرون بأنه العصر الذي حقق نزاهة الانتخابات لأول مرة في التاريخ (وليت بعض الصحف تعيد نشر هذه الزفة العجيبة).. وتناسوا اعترافاتهم حينئذ بأن كل الانتخابات السابقة كانت مزورة وأن هذه (مجلس الشعب الحالي) هي أول انتخابات نزيهة, رغم أنهم لم يحتملوا ما حدث في المرحلة الأولي وحدث الانقلاب الفوري في المرحلتين الثانية والثالثة. وليتهم ابتلعوا كل ذلك وتواروا وفعلوا ما بدلهم في صمت.. ولكنهم وبكل جرأة و«عين قوية» تقدموا بمشروع قانون لمجلسهم الذي لا يرفض لهم طلبًا لإلغاء الإشراف القضائي!!.. وكأنهم اكتشوفوا أن الإشراف القضائي عيب, أو لا يساعد علي تدعيم حرية الرأي, أو يساعد علي تزييف إرادة الشعب.. هكذا دون خجل. وهذا الموقف الذي «يموّت من الضحك» يشبه لو أن نائبا اغتاظ من سوء حالة رغيف الخبز, وبدلاً من أن يتقدم بمشروع قانون لتحسين أحوال الرغيف والتأكد من جودته وصلاحيته للاستهلاك.. تقدم بقانون يطالب فيه بإنقاص وزن الرغيف وزيادة النشارة والمسامير والدوبارة!. وللأسف فقد أقر المجلس إياه قانون الرّدة, الذي لم ينقصه سوي إطلاق اسم «ديمقراطية الانتخابات المحلية» علي غرار قانون «ديمقراطية النقابات المهنية»!.
وأعجب ما في الأمر أن السيد وزير العدل لم يلتزم الصمت في هذا الموقف الحرج الذي يعتبر فيه السكوت من ذهب.. وأعلن لا فض فوه - كما نُشر بالأهرام - أن «هذه الرقابة علي العملية الانتخابية علي هذا النحو (يعني إلغاء الإشراف القضائي) تعد ضمانة (!!) لحسن سيرها ولتكون تعبيرًا صادقًا (!) وأمينا (!) عن إرادة جمهور الناخبين, وعاد إلي الاسطوانة المشروخة بأن عدد القضاة لا يكفي.. وليت سيادته يتذكر تصريحاته التي أدلي بها أثناء انتخابات مجلس الشعب. ولا ندري ماذا كان سوف يقول السيد الوزير لو أن مجلس الحكومة أقر مشروعًا معاكسا, أي بالإشراف القضائي.. هل كان سيادته سوف يجد أفضل من «تعبيرًا صادقا وأمنيًا...»?!.
هل تعلم الحكومة أن اللصوص فقط هم الذين يرتعدون من رؤية الميزان?!.. ألا تدّعون أنكم أصحاب الأغلبية المطلقة.. فلماذا تخافون الميزان?. لقد نادي منادي الحكومة: «للخلف در», وسوف يعود الموتي إلي التصويت, وسوف تعود نسب الحضور المئوية, وسوف تنسي وسائل الإعلام الحكومية كل ما تشدقت به من قبل عن انتهاء عصور التزوير وعن روعة الإشراف القضائي, وسوف يحصل حزب الحكومة علي التسعات الخمسة!. والأمل الوحيد الآن يتركز في السادة القضاة.. نتوجه إليهم بالرجاء ألا يعطوا الحكومة الفرصة للتدليس علي الشعب بأن الانتخابات تمت تحت إشرافهم, ويرفضوا المشاركة في هذه المسرحية, بعد أن ذاقوا حلاوة الإشراف الحقيقي.
- الشرفاء فقط هم الذين لا يخافون من ذلك اليوم الذي يغادرون فيه مقاعد السلطة.
_________________________________________
مجدي حسين.. والامتحان الصعب للصحفيين
ولا شك أن ترشيح مجدي حسين نقيباً للصحفيين قد وضع الصحفيين المصريين جميعاً أمام امتحان في غاية الصعوبة.. فقد جربوا الحكومة ووعودها, وعاصروا أزمة الصحافة والتآمر علي حريتها, ورأوا كيف تُغلق الصحف وتقصف الأقلام ويشرد الصحفيون وأسرهم.. كما عرفوا أن نية وأد حرية الصحافة لم تقتصر علي الحبس والمصادرة.. ولكنها ولنها وصلت إلي كتم الأنفاس وتجفيف مصادر المعلومات من خلال قانون سرية الوثائق الذي اضطروا إلي تجميده إلي حين. وها هو رئيس تحرير جريدة «الشعب» - التي تجسدت فيها كل أمارات الطغيان الحكومي ابتداء من تلفيق الوقائع وافتعال المشكلات وانتهاء بإهانة القضاء واحتقار أحكامه - ها هو يتقدم إلي زملائه الصحفيين, حاملاً وحده كل همومهم.. نموذج فريد لا يحتاج إلي دعاية أو ندوات ومؤتمرات, لأنه يمثل القضية بكل أبعادها.. قضية حرية الصحافة, وحرية التعبير, وحرية الوطن والمواطن. فهل ينتصر الصحفيون لقضيتهم ولحريتهم وينحازوان إلي فدائي حرية الصحافة, حتي وإن اختلفوا معه?
لقد وقف الصحفيون المصريون وقفة تاريخية في وجه قانون تكميم الصحافة.. واستطاعوا بثباتهم وشجاعتهم أن ينتزعوا بعض الحرية وأن يمنعوا كثيراً من الظلم الذي كان سوف يعم الجميع.. ولكن الحرية الكاملة ما زالت في حاجة إلي تضحيات, وأبلغ رد علي أحكام حبس الصحفيين ووقف الصحف وتشريد زملاء المهنة هو انتخاب من يحمل هذه القضية ويقاتل من أجل الحرية. أما الوعود والتلويح بالمزايا والهبات فهي لا تساوي شيئا أمام الحرية الحقيقية. ولا نظن أن الحكومة يمكن أن تغافل الصحفيين وتشغل بالمهم ببعض الاعتمادات, ليس فقط لأن عددا من النقابات ينتظر هذه الخطوة لرفع دعوي والمطالبة بالمثل, ولكن لأن الصحفيين رأوا بأعينهم هذه الحكومة وهي تحبس الصحفيين.. فمهما منحت من عطايا دنيوية فهي لن تعوض حبس صحفي واحد لأنه دافع عن شعبه.
د. عبد الله هلال 28/6/2001
____________________________________________
الإنترنت المغشوش.. وتجارة الاتصالات!
هل وُجدت الحكومات من أجل خدمة الشعوب والسهر علي مصالحها ورفاهيتها?.. أم من أجل الجباية والتجارة في الخدمات والتفنن في سلب أموال المواطنين المساكين?!
لقد برز هذا السؤال وأصبح يتردد في كل ميدان بعد أن توجهت حكومتنا بكل همة إلي ما سمي بـ «الخصخصة», لتنقلب الأحوال وتتحول الحكومة إلي تاجر «يبيع» الخدمات للمواطنين رغم حصولها علي مقابل هذه الخدمات في صورة ضرائب متصاعدة ومتكررة. والأسوأ من ذلك أن تتحول بعض الوزارات إلي سمسار يبيع المواطن إلي بعض الشركات التي لا تدري من يمتلكها بالضبط!
ومن الوزارات التي برعت في التجارة علي حساب المواطن المسكين وزارة الاتصالات .. حيث استثمرت ثورة الاتصالات والمعلومات - التي يستمتع بها العالم كله - لصالح فكر الجباية وبيع الخدمات . وها نحن نري الكم المهول من الإغراءات الوهمية التي تنهال علي رءوس المواطنين لحثهم علي كثرة الاتصال واستخدام الهواتف فيما لا يفيد. كما رفعت أسعار خدماتها بما لا يتناسب مع دخول المشتركين أو احتياجاتهم واستخداماتهم.. ولكي تتم التغطية علي هذه الزيادات ولتقليل الاحتجاجات علي ضخامة الفواتير فقد جعلت الوزارة الفاتورة ربع سنوية وتفكر في جعلها شهرية لتخفيف الصدمات, مع بقاء الفواتير الفلكية كما هي إذا ما تم تجميعها. ومن وسائل التجارة والابتزاز استغفال المواطن وبهدلته إذا ما أراد الشكوي.. فهذا المواطن يكتشف أن هناك أرقاما محمولة متكررة لا يعرف عنها شيئًا, فيذهب إلي مركز الاتصال في الزقازيق مثلا ليشكو هذا الظلم فيطلبون منه تقديم شكواه في طنطا!, وآخر يحتج علي قيمة استهلاك الانترنت لأنه لم يتصل بأرقام الشركة مطلقا فيطلبون منه الاتصال برقم لا يرد إلا بعد عذاب ويمهلونه شهرا للرد علي الشكوي, والرد الجاهز هو صحة الفاتورة وعدم أحقية المشترك في الشكوي, وإذا اعترض لجأوا إلي أسلوب إرهابي بطلب تقديم شكوي للنيابة!, ومواطن يطلب إلغاء بعض الخواص ابتداء من أول يوليو, فيسارعون بإلغائها فور تقديم الطلب رغم أنهم يحصلون علي مقابلها مقدما وعندما يحتج يطلبون منه الاتصال بأرقام لا أول لها ولا آخر, وكل واحد يقول إنه غير مختص, ويكتشف المسكين أنه سوف يدفع مكالمات بسبب هذه الشكوي أكثر من موضوع الشكوي!!, ودون أن يصل إلي شيء.
ومن أبرز أساليب الابتزاز ما حدث عندما رفعت الوزارة شعار «الإنترنت المجاني» .. وما هو مجاني ولا يحزنون, إذ أُفردت أرقام خاصة لهذه الخدمة حتي لا تدخل ضمن المكالمات المجانية التي أُلغيت هي الأخري واستعيض عنها بنظام غامض لا يفهمه المشترك.. وسلمت الوزارة المشتركين إلي الشركات التي تتاجر في هذه الخدمة بطريقة غريبة, إذ يدخل المشترك إلي الشبكة بسرعة معقولة ثم يفاجأ بتوقف النبض وانطفاء الشاشتين الخضراوين اللتين تدلان علي الاتصال بالشبكة وأصبحت الخدمة التي كانت تنجز في خمس دقائق قبل «الإنترنت المجاني» تحتاج إلي ساعة أحيانا لإنجازها في ظل هذه المجانية المزعومة . ولعل هذا ما يفسر الأموال الهائلة التي تنفق علي الإعلان عن تقديم هذه الخدمة والإغراءات الخرافية التي يقدمونها للاتصال من خلالهم, ولو أن الأمور عادية لخسرت تلك الشركات والتي لا تحصل سوي علي سبعين في المائة من قيمة المكالمات.. إذًا ما هو السر?!!. لقد دخلت مؤسسات كبري في هذه التجارة الغامضة, ووصل الأمر إلي تورط وزارة التربية والتعليم في هذا الابتزاز ومنحت بعض الشركات حق احتكار إعلان نتيجة الثانوية العامة بمقابل لتباع للمواطنين المساكين الخاضعين لإرهاب الثانوية العامة!. ولا ندري لماذا تلجأ الوزارة لهذا الأسلوب الغريب, ولماذا لا تعلن النتيجة مجانا ما دامت جاهزة?.. فلتسقط هذه التجارة الغامضة, وليسقط الابتزاز.
د. عبد الله هلال 1/8/2002
___________________________________________
نشكوك إلى الله يا وزير الأوقاف!
لم يكن أكثر الناس تشاؤمًا يتصور أن تصل الأمور بمصر «الإسلامية» إلي درجة تدخُل وزارة الأوقاف في أهم ما يميز المصريين عبر التاريخ وهو حبهم الدائم للتقرب إلي اللّه ببناء المساجد ووقف أموالهم للإنفاق عليها.. ولولا هذه الميزة لما وُجدت وزارة الأوقاف أصلاً, ولما وُجد هذا الوزير الذي دس أنف الحكومة (التي تنادي بالفصل بين الدين والسياسة!) في العلاقة بين الإنسان وربه. ولماذا نتعجب وفي الحكومة نفسها وزير آخر لم يعجبه الأمر الإلهي للمؤمنات بأن «يضربن بخمرهن علي جيوبهن» فأصدر «قرارًا وزاريًا» بمنع ارتداء الخمار في المدارس?!
وقد سار وزير الأوقاف علي درب الحكومة في تسمية الأشياء بعكس تسمياتها (مثل حكاية قانون «ديمقراطية» النقابات المهنية وغيرها) فأطلق علي خطته للحد من بناء المساجد «الضوابط الجديدة لبناء المساجد الأهلية», وصرح بأن الهدف هو الحد من التداخل في إذاعة الأذان وخطبة الجمعة وكأنه لا يملك الصلاحيات لمنع هذا التداخل دون منع بناء المساجد! فهل الوزير يعجز عن وضع ضوابط تحكم استخدام مكبرات الصوت بأن تقتصر المساجد الصغيرة المتقاربة علي السماعات الداخلية مثلاً?.. إن هذا القرار الذي وافق عليه مجلس الوزراء وأمر ببدء العمل به (فورًا) يشبه لو أن دولة قررت إلغاء استخدام الطائرات والسيارات والقطارات لتجنب وقوع الحوادث.
لا شك أن وزارة الأوقاف تستطيع أن تحافظ علي قدسية المساجد ومظهرها الحضاري كما تدّعي بتشجيع الجهود الذاتية لبناء المساجد وليس العكس, وذلك بوضع تصميم هندسي مناسب وتوفيره دون مقابل, ودعم فاعلي الخير لزيادة المساحة المخصصة للمسجد وإضافة المرافق اللازمة لتحويله إلي مركز إشعاع حضاري.. أما التعجيز بضرورة إيداع مبلغ 05 ألف جنيه فهو أمر عجيب لا يتناسب مع الحالة الاقتصادية للشعب المصري المنكوب بهذه الحكومة, والكل يعلم أن الناس تتدافع للتبرع ولو بأقل القليل عندما يرون الأعمال الإنشائية رأي العين. ولو أن وزارة الأوقاف قائمة بدورها علي أكمل وجه لما اضطر الناس إلي جهودهم الذاتية لتعويض التقصير الحكومي.. وكما يلاحظ كل ذي عينين أن صلاة الجمعة في جميع المساجد تثبت عجزًا هائلاً في أعداد المساجد, إذ يفترش الناس الشوارع والحدائق للحاق بالصلاة, فأين دور الوزارة إذًا في توفير مكان للصلاة لكل مصلي?!
لقد فشلت وزارة الأوقاف في إدارة آلاف المساجد التي استولت عليها وقامت بتأميمها.. وها نحن نري انعدام النظافة في مساجدها رغم غلقها في غير أوقات الصلاة, وأصبح مألوفًا أن نسمع إجابة عجيبة كلما سأل أحد عن انقلاب الحال من مساجد نظيفة يقوم عليها متطوعون يبغون وجه اللّه إلي مساجد لا تقل عن المصالح الحكومية المهملة: «أصل المسجد انضم للأوقاف والعمال علي كثرتهم لا يقومون بأعمال النظافة إلا يوم الجمعة!».. ونري كذلك الخطباء الذين لا يجيدون الحديث بالعربية ولا يحفظون القرآن الكريم.. ولم لا وقد انشغلت الوزارة بسياسة تجفيف المنابع وأخذت تحد من الصلاة في الخلاء (صلاة العيدين) إلا في الساحات التي تحددها, وتمنع اعتكاف العشر الأواخر من رمضان إلا في المساجد التي تروق لها, ولأهداف مفهومة.
ارفعوا أيديكم عن بيوت اللّه, فهي التي تعوض العجز الحكومي في مجال الخدمات الصحية والاجتماعية والتعليمية.. وخذوا العبرة من مجال التعليم الذي انهار بعدما تحول من نشاط أهلي (قبل 32 يوليو) إلي نشاط حكومي.. فالحكومة هي الخاسر الأول من هذا التدخل للسياسة في الدين.
وقد سار وزير الأوقاف علي درب الحكومة في تسمية الأشياء بعكس تسمياتها (مثل حكاية قانون «ديمقراطية» النقابات المهنية وغيرها) فأطلق علي خطته للحد من بناء المساجد «الضوابط الجديدة لبناء المساجد الأهلية», وصرح بأن الهدف هو الحد من التداخل في إذاعة الأذان وخطبة الجمعة وكأنه لا يملك الصلاحيات لمنع هذا التداخل دون منع بناء المساجد! فهل الوزير يعجز عن وضع ضوابط تحكم استخدام مكبرات الصوت بأن تقتصر المساجد الصغيرة المتقاربة علي السماعات الداخلية مثلاً?.. إن هذا القرار الذي وافق عليه مجلس الوزراء وأمر ببدء العمل به (فورًا) يشبه لو أن دولة قررت إلغاء استخدام الطائرات والسيارات والقطارات لتجنب وقوع الحوادث.
لا شك أن وزارة الأوقاف تستطيع أن تحافظ علي قدسية المساجد ومظهرها الحضاري كما تدّعي بتشجيع الجهود الذاتية لبناء المساجد وليس العكس, وذلك بوضع تصميم هندسي مناسب وتوفيره دون مقابل, ودعم فاعلي الخير لزيادة المساحة المخصصة للمسجد وإضافة المرافق اللازمة لتحويله إلي مركز إشعاع حضاري.. أما التعجيز بضرورة إيداع مبلغ 05 ألف جنيه فهو أمر عجيب لا يتناسب مع الحالة الاقتصادية للشعب المصري المنكوب بهذه الحكومة, والكل يعلم أن الناس تتدافع للتبرع ولو بأقل القليل عندما يرون الأعمال الإنشائية رأي العين. ولو أن وزارة الأوقاف قائمة بدورها علي أكمل وجه لما اضطر الناس إلي جهودهم الذاتية لتعويض التقصير الحكومي.. وكما يلاحظ كل ذي عينين أن صلاة الجمعة في جميع المساجد تثبت عجزًا هائلاً في أعداد المساجد, إذ يفترش الناس الشوارع والحدائق للحاق بالصلاة, فأين دور الوزارة إذًا في توفير مكان للصلاة لكل مصلي?!
لقد فشلت وزارة الأوقاف في إدارة آلاف المساجد التي استولت عليها وقامت بتأميمها.. وها نحن نري انعدام النظافة في مساجدها رغم غلقها في غير أوقات الصلاة, وأصبح مألوفًا أن نسمع إجابة عجيبة كلما سأل أحد عن انقلاب الحال من مساجد نظيفة يقوم عليها متطوعون يبغون وجه اللّه إلي مساجد لا تقل عن المصالح الحكومية المهملة: «أصل المسجد انضم للأوقاف والعمال علي كثرتهم لا يقومون بأعمال النظافة إلا يوم الجمعة!».. ونري كذلك الخطباء الذين لا يجيدون الحديث بالعربية ولا يحفظون القرآن الكريم.. ولم لا وقد انشغلت الوزارة بسياسة تجفيف المنابع وأخذت تحد من الصلاة في الخلاء (صلاة العيدين) إلا في الساحات التي تحددها, وتمنع اعتكاف العشر الأواخر من رمضان إلا في المساجد التي تروق لها, ولأهداف مفهومة.
ارفعوا أيديكم عن بيوت اللّه, فهي التي تعوض العجز الحكومي في مجال الخدمات الصحية والاجتماعية والتعليمية.. وخذوا العبرة من مجال التعليم الذي انهار بعدما تحول من نشاط أهلي (قبل 32 يوليو) إلي نشاط حكومي.. فالحكومة هي الخاسر الأول من هذا التدخل للسياسة في الدين.
- ولا نملك إلا أن نشكو وزير الأوقاف إلى أعدل العادلين سبحانه وتعالى.
د. عبد اللّه هلال 27/12/2001
____________________________________________
حكومتنا.. والبالوعات
مساكين والله أصحاب وقادة السيارات في مصر.. إذ يقودون في شوارع عجيبة وطرق مليئة بالكمائن, ليس فقط لأن أغلبها غير مرصوف أو رديء الرصف, ولكن لأن كل الشوارع - بلا استثناء- المهم منها وغير المهم, تعاني مشكلة غريبة وغير منطقية اسمها «البالوعات». ولن نناقش هنا المنطق الغريب في زرع خطوط الصرف الصحي أسفل الطرق والشوارع السريعة بطريقة عشوائية وبلا نظام, رغم وجود أرصفة وجزر وسطي كان يمكن أن تخصص لذلك.. فقد فات وقت الاعتراض علي ذلك, ولكننا نناقش مشكلة البالوعات بوضعها الراهن وكيف عجزت التقنية المصرية والإدارة الحكومية عن ضبط ارتفاعها لتكون في مستوي الشارع?! الواقع أنه ليس هناك شارع واحد (واتحدي أن يدلني أحد علي شارع واحد خال من تلك المشكلة) يخلو من حفر البالوعات.. سواء المرتفعة أو المنخفضة, وعلي قائد السيارة أن يخوض «معركة قيادة» ويناور ويلف ويدور حتي لا يجد نفسه راقدًا داخل حفرة أو صاعدا فوق تبّة, ويا ويل من يطمئن إلي سلامة الشارع ويقود دون انتباه!
كم من الملايين أو المليارات التي يتحملها الاقتصاد المصري بالعملة الصعبة لصيانة السيارات واستيراد قطع الغيار بسبب هذه البلوعات?.. وكم من المصريين قُتل أو أصيب وأصبح من ذوي العاهات نتيجة الانحراف المفاجئ للسائقين لتفادي البالوعات?.. وهل هي مشكلة حقا تستحق هذا العناء?! إذا كان المسئولون عن الرصف لم يسمعوا بعد عن اختراع «الميزان», فما الصعوبة في أن ترفع أو تخفض البالوعة علي الطبيعة سواء أثناء الرصف أو بعده, ويعالج حولها بقليل من الأسفلت?!
عيب كبير والله أن توجد مثل هذه المشكلة أصلاً.. وهي مشكلة بسيطة يمكن حلها بسهولة لو تعاقدت الحكومة مع شركة لتعالج هذه البالوعات, ولن تتكلف كثيرا.. ولا تحتاج إلي إعادة رصف الشوارع, بل هي عملية ترقيع بسيطة جدا.. ولكنها سوف ترفع عن الحكومة هذا العار, عار الغفلة والفشل الذي يلمسه المواطن كل دقيقة.. كما ستوفر الملايين المستهلكة في استيراد قطع الغيار.. وتحمي المشاة من الإصابة والقتل.
وهناك مصائب أخري بالشوارع تدل أيضا علي الغفلة والفشل, وعلاجها سهل وميسور لو أن هناك نية وعزيمة.. فربما تكون مصر هي الدولة الوحيدة في الدنيا التي يستطيع فيها المواطن أن يقطع الطريق ويحفر بالشارع ويكسر الأسفلت دون أية إجراءات رسمية ودون التزام بإعادة الأمور إلي نصابها وإصلاح الشارع.. وهذا يحدث من المواطن العادي ومن الإدارات المحلية الحكومية على السواء.. فالحفر يتم بسرعة وسهولة, ثم تُترك الحفر لسنوات أحيانا.. والفلسفة الغريبة التي تتبناها الإدارة المحلية: اترك الشارع بحفره ومطباته حتي ينتهي كل راغب في الحفر من توصيل ما يريد ثم نقوم برصف الشارع بالكامل.. وهذا يتم طبعا بعد سنوات وربما لا يتم. لك الله يا شعب مصر.
د. عبدالله هلال
العدد 565 الخميس غرة جمادى الاولى 1423هـ 11 من يوليو 2002م
كم من الملايين أو المليارات التي يتحملها الاقتصاد المصري بالعملة الصعبة لصيانة السيارات واستيراد قطع الغيار بسبب هذه البلوعات?.. وكم من المصريين قُتل أو أصيب وأصبح من ذوي العاهات نتيجة الانحراف المفاجئ للسائقين لتفادي البالوعات?.. وهل هي مشكلة حقا تستحق هذا العناء?! إذا كان المسئولون عن الرصف لم يسمعوا بعد عن اختراع «الميزان», فما الصعوبة في أن ترفع أو تخفض البالوعة علي الطبيعة سواء أثناء الرصف أو بعده, ويعالج حولها بقليل من الأسفلت?!
عيب كبير والله أن توجد مثل هذه المشكلة أصلاً.. وهي مشكلة بسيطة يمكن حلها بسهولة لو تعاقدت الحكومة مع شركة لتعالج هذه البالوعات, ولن تتكلف كثيرا.. ولا تحتاج إلي إعادة رصف الشوارع, بل هي عملية ترقيع بسيطة جدا.. ولكنها سوف ترفع عن الحكومة هذا العار, عار الغفلة والفشل الذي يلمسه المواطن كل دقيقة.. كما ستوفر الملايين المستهلكة في استيراد قطع الغيار.. وتحمي المشاة من الإصابة والقتل.
وهناك مصائب أخري بالشوارع تدل أيضا علي الغفلة والفشل, وعلاجها سهل وميسور لو أن هناك نية وعزيمة.. فربما تكون مصر هي الدولة الوحيدة في الدنيا التي يستطيع فيها المواطن أن يقطع الطريق ويحفر بالشارع ويكسر الأسفلت دون أية إجراءات رسمية ودون التزام بإعادة الأمور إلي نصابها وإصلاح الشارع.. وهذا يحدث من المواطن العادي ومن الإدارات المحلية الحكومية على السواء.. فالحفر يتم بسرعة وسهولة, ثم تُترك الحفر لسنوات أحيانا.. والفلسفة الغريبة التي تتبناها الإدارة المحلية: اترك الشارع بحفره ومطباته حتي ينتهي كل راغب في الحفر من توصيل ما يريد ثم نقوم برصف الشارع بالكامل.. وهذا يتم طبعا بعد سنوات وربما لا يتم. لك الله يا شعب مصر.
د. عبدالله هلال
العدد 565 الخميس غرة جمادى الاولى 1423هـ 11 من يوليو 2002م
_________________________________________
الحكومات المصرية... والتخريب من الداخل!
الحكومات المصرية... والتخريب من الداخل!
. عندما أثيرت قضية الصندوق الاجتماعي للتنمية وما حدث به من تجاوزات ومخالفات وصلت إلي حد السفه وإهدار المال العام.. لم يخضع أحد للمساءلة أو المحاكمة, ولم نسمع عن إقالة أي مسئول أو حتي استقالته.. وبقي كل شيء علي حاله, وكان رد الفعل لدي الحكومة عبارة عن تصريح ناري لرئيس الوزراء بأن الصندوق باق كما هو!
. أثار الصحفي الجريء لبيب السباعي بجريدة الأهرام قضية تزوير نتائج أبناء الأساتذة.. وعندما انفتح الباب للمكاشفة والنقد انهمرت عليه عشرات الوقائع التي تهدم النظام التعليمي في مصر من جذوره.. ورغم النشر بالصحيفة الكبري, ورغم كثرة الفضائح ومنها مجاملة الوزير بتعيين شقيقه عميداء, رغم كل ذلك لم نجد أثراً لتلك الحملة التي تعتبر بمثابة ثورة علي الفساد كان ينبغي أن تستثمر لإصلاح التعليم.. بل وصل الأمر إلي بقاء كل شيء علي حاله, ولم يستقل لا وزير ولا رئيس جامعة ولا عميد.. والعائد الوحيد هو الشحن الجماهيري وإقناع الشعب باستحالة القضاء علي الفساد!.
. أصدر «القضاء العادل» حكمه بمنع ترشيح أحد الوزراء لمجلس الشوري, وقبل ذلك صدرت أحكام مشابهة في مجلس الشعب.. والحكومة «راسها وألف سيف» ألا تستجيب لأحكام القضائية وأخذت تماطل وتقدم الاستشكالات غير القانونية لأنها تري أنه من العيب أن تخضع وتظهر مهزومة!.. وكان يمكن بسهولة - إذا كان من الضروري «تحصين» الوزراء - تعيين الوزيرين بالمجلس وينتهي الأمر, وتنال إعجاب الشعب باحترام الأحكام القضائية.. ولكن كيف ذلك وهناك من يخرب من الداخل?!.
. الاستجواب الخطير الذي قدمه النائب اللامع كمال أحمد عن البورصة كفيل بأن يسقط الحكومة بأسرها.. فقد أثبت أن مصر ليس فيها حكومة!. وبدلاً من أن تجمل الحكومة وجهها أمام العشب بإقالة الوزير فقد فوجئ الشعب بالانتقال إلي جدول الأعمال, ولم يتم حتي إقالة رئيس البورصة.. هل هناك غفلة أو استهتار أكثر من ذلك?!
. ما حدث في انتخابات مجلسي الشعب والشوري لإنقاذ حزب الحكومة أثبت لكل مواطن أن الحكومة لا يمكن أن تقبل أو تجرؤ علي ترك مقاعد السلطة, وأنه لا أمل في التغيير! في الماضي كان الناس لا يذهبون للتصويت ولا يدركون بالتالي حجم التزوير, وعندما ذهبوا ثقة في الإشراف القضائي أهينوا, وتطوعت الحكومة بتأكيد أسوأ دعاية لها.
. حكمة: الشرفاء فقط هم الذين لا يخشون ذلك اليوم الذي يغادرون فيه مقاعد السلطة.
د. عبد الله هلال
العدد 511 الخميس 22 من ربيع الاول 1422هـ الموافق14 من يونية 2001
العدد 511 الخميس 22 من ربيع الاول 1422هـ الموافق14 من يونية 2001
____________________________
العرب .. والتنازل المجاني عن فلسطين!
بعد أن علم القاصي والداني أن أمريكا منحازة ضد العرب وقضيتهم الأولي, ولصالح العدو الصهيوني.. فلماذا يقبل العرب بالتصنيف العنصري لهم بأنهم إرهابيون?.. لقد فوجئ العالم بصمت القبورعلي الجانب العربي, والسكوت علامة الرضا!. وإذا كنا نوافق أمريكا - المنحازة - علي أن مقاومة العدو الصهيوني تعد إرهابًا.. ألا يعني ذلك تنازلنا المجاني عن كل الحقوق العربية في فلسطين, بل وما حولها?!.. أليس معني ذلك أن الفلسطينيين الذين يقاومون الاحتلال مجرد جالية مشاغبة ومن حق العدو قمعها?!.. وعندما يتجرأ العدو ويطرد الشعب الفلسطيني إلي الدول العربية المجاروة, هل يكون بوسعنا حينئذ أن نعترض, أو أن نفتح فمنا?!!
لقد قبلت الحكومات العربية كل افتراءات الرئيس الأمريكي بوش, فمنهم من أعلنها صراحة, وإن أنكر بعد ذلك للاستهلاك المحلي.. ومنهم من وافق بالصمت.. ولكن الشيء المذهل هو ما قام به رأس السلطة الفلسطينية ياسر عرفات, الذي وصل إلي أبعد مدي في التسليم للعدو.. فكتب في الصحف الأمريكية مؤيدا حق العدو في افتراس «الإرهاب» الفلسطيني, ثم أمر بحلّ كتائب المجاهدين وتجريم المقاومة المشروعة.. ولا ندري كيف سيجرؤ بعد ذلك علي المطالبة بانسحاب العدو بعد أن سلب نفسه هذا الحق?!.
لم يعد هناك شك في أن الحكومات العربية فقدت مبررات وجودها, ولم يعد لديها ما تقدمه في أي شأن من شئون الأمة بعد أن فقدت توازنها أمام الأعداء وإنهارت مناعتها تماما, لدرجة أن المرء يشعر أن العرب ليسوا جديرين بشرف استرداد القدس الشريف.. لا سلمًا ولا حربا. ولا ندري - بعد أن تمكن الوهن منا - لماذا يغفل العرب عن العمق الاستراتيجي لهم, والذي منّ الله تعالي علينا به علي امتداد العالم الإسلامي .. مترامي الأطراف?!. إن ألف باء السياسة الرشيدة أن تحافظ علي مصادر قوتك وتنميها, ولا تسمح لأحد بالعبث في هذه المصادر أو بسلبها منك.. والواقع أن العرب تعودوا أن يهملوا العمق الإسلامي.. فسمحوا للحلف الصهيوني الأمريكي بالعبث في العلاقات العربية التركية, وتزايد الخطأ عندما انحازوا إلي اليونان ضد تركيا في موضوع المشكلة القبرصية .. ووقفوا علي الحياد بين الهند وباكستان , ولم يساورهم القلق عند انفصال باكستان الشرقية «بنجلاديش» عن الدولة الإسلامية الوليدة في شبه القارة الهندية, رغم أن الهند أذكي من أن تعادي العرب أو تجرؤ علي دفعهم إلي مقاطعتها.. وعندما انطلقت الثورة «الإسلامية» في إيران ووفقت لها أمريكا بالمرصاد, انحاز العرب للحلف الصهيوني الأمريكي ضد الدولة الإسلامية التي طردت الصهاينة وسلمت سفارتهم للفلسطينيين!.. كذلك فقد وقف العرب علي الحياد (السلبي) بين أذربيجان وأرمينيا التي انتزعت إقليم ناجورنو كاراباخ , وبين روسيا والشيشان التي تناضل لانتزاع حقها في الاستقلال أو الحكم الذاتي, وبين الصرب والمسلمين في كل من (البوسنة والهرسك), و(كوسوفا), وبين الفلبين والمسلمين المضطهدين المطالبين بالحكم الذاني, وبين الصومال وإثيوبيا التي سرقت إقليم أوجادين, وبين الاتحاد السوفيتي البائد والدول الإسلامية في آسيا الوسطي.. إلي آخر هذه القائمة المخجلة!. كما وقف العرب مكتوفي الأيدي عندما ألغيت الحروف العربية من كتابة لغات الدول الإسلامية في تركيا وروسيا وآسيا الوسطي والدول الأفريقية وغيرها.. علما بأن العرب يملكون الكثير والعديد من وسائل الضغط مما يمكنهم من نصرة إخوانهم المضطهدين في أرجاء العالم والتشبث بالعمق الإسلامي, ودون الحاجة إلي إعلان الحرب.. في زمن «الوهن»!!.
لقد قبلت الحكومات العربية كل افتراءات الرئيس الأمريكي بوش, فمنهم من أعلنها صراحة, وإن أنكر بعد ذلك للاستهلاك المحلي.. ومنهم من وافق بالصمت.. ولكن الشيء المذهل هو ما قام به رأس السلطة الفلسطينية ياسر عرفات, الذي وصل إلي أبعد مدي في التسليم للعدو.. فكتب في الصحف الأمريكية مؤيدا حق العدو في افتراس «الإرهاب» الفلسطيني, ثم أمر بحلّ كتائب المجاهدين وتجريم المقاومة المشروعة.. ولا ندري كيف سيجرؤ بعد ذلك علي المطالبة بانسحاب العدو بعد أن سلب نفسه هذا الحق?!.
لم يعد هناك شك في أن الحكومات العربية فقدت مبررات وجودها, ولم يعد لديها ما تقدمه في أي شأن من شئون الأمة بعد أن فقدت توازنها أمام الأعداء وإنهارت مناعتها تماما, لدرجة أن المرء يشعر أن العرب ليسوا جديرين بشرف استرداد القدس الشريف.. لا سلمًا ولا حربا. ولا ندري - بعد أن تمكن الوهن منا - لماذا يغفل العرب عن العمق الاستراتيجي لهم, والذي منّ الله تعالي علينا به علي امتداد العالم الإسلامي .. مترامي الأطراف?!. إن ألف باء السياسة الرشيدة أن تحافظ علي مصادر قوتك وتنميها, ولا تسمح لأحد بالعبث في هذه المصادر أو بسلبها منك.. والواقع أن العرب تعودوا أن يهملوا العمق الإسلامي.. فسمحوا للحلف الصهيوني الأمريكي بالعبث في العلاقات العربية التركية, وتزايد الخطأ عندما انحازوا إلي اليونان ضد تركيا في موضوع المشكلة القبرصية .. ووقفوا علي الحياد بين الهند وباكستان , ولم يساورهم القلق عند انفصال باكستان الشرقية «بنجلاديش» عن الدولة الإسلامية الوليدة في شبه القارة الهندية, رغم أن الهند أذكي من أن تعادي العرب أو تجرؤ علي دفعهم إلي مقاطعتها.. وعندما انطلقت الثورة «الإسلامية» في إيران ووفقت لها أمريكا بالمرصاد, انحاز العرب للحلف الصهيوني الأمريكي ضد الدولة الإسلامية التي طردت الصهاينة وسلمت سفارتهم للفلسطينيين!.. كذلك فقد وقف العرب علي الحياد (السلبي) بين أذربيجان وأرمينيا التي انتزعت إقليم ناجورنو كاراباخ , وبين روسيا والشيشان التي تناضل لانتزاع حقها في الاستقلال أو الحكم الذاتي, وبين الصرب والمسلمين في كل من (البوسنة والهرسك), و(كوسوفا), وبين الفلبين والمسلمين المضطهدين المطالبين بالحكم الذاني, وبين الصومال وإثيوبيا التي سرقت إقليم أوجادين, وبين الاتحاد السوفيتي البائد والدول الإسلامية في آسيا الوسطي.. إلي آخر هذه القائمة المخجلة!. كما وقف العرب مكتوفي الأيدي عندما ألغيت الحروف العربية من كتابة لغات الدول الإسلامية في تركيا وروسيا وآسيا الوسطي والدول الأفريقية وغيرها.. علما بأن العرب يملكون الكثير والعديد من وسائل الضغط مما يمكنهم من نصرة إخوانهم المضطهدين في أرجاء العالم والتشبث بالعمق الإسلامي, ودون الحاجة إلي إعلان الحرب.. في زمن «الوهن»!!.
- إن الممارسة العملية على الساحة السياسية العربية تثبت أننا في وضعنا الراهن - لا نستحق القدس.. ولا نستحق الحياة.
العدد 546 الخميس 9 من ذي الحجة 1422هـ 21 من فبراير 2002م
___________________________________________
الجمرة الخبيثة
الجمرة الخبيثة
هل انقلب السحر علي الساحر؟.. ها هي الدول الغربية التي ابتكرت وطورت أسلحة الدمار الشامل واستخدمتها ضد المستضعفين، ها هي ترتعد من الخوف والرعب بسبب اكتشاف بعض الإصابات بمرض الجمرة الخبيثة. ويرجح علماء الغرب أن عودة هذا المرض بعد أن اختفي من الوجود تعني أنه عمل مدبر ووسيلة جديدة للثأر والانتقام من المستكبرين في الأرض علي أيدي المستضعفين الذين بدأوا ينتبهون إلي سهولة امتلاك هذه الأسلحة المسماة بأسلحة الفقراء!
والحقيقة أن البشرية سوف تنحرف إلي هوة سحيقة إذا ما صارت هذه الأسلحة وسيلة للانتقام في أيدي الجماعات والأفراد.. ذلك أنها أسلحة بسيطة والحصول عليها أو تحضيرها أمر في غاية السهولة, وأسهل منه توصيلها إلي الجمهور المستهدف لأنها عادة ما تكون وسائل غير مرئية بالعين المجردة أو غازات مثلاً بلا رائحة أو لون, مما يجعل الإنذار بوجودها وسرعة الوقاية منها شبه مستحيلين.
والكارثة الحقيقية أن تصل هذه الأسلحة إلي من هم خارج نطاق السيطرة.. وإذا كانت الجيوش المحاربة قد استطاعت الصمود نسبيًا أمام هذا النوع من الأسلحة فذلك لأنها مؤسسات نظامية مدربة وتحكمها الاتفاقيات الدولية التي تحرم هذه الأسلحة.. أما الشعوب فيستحيل حمايتها تمامًا إذا ما انطلق هذا المارد المخيف, الذي عادة ما يظل مجهولاً.
ولا تقتصر خطورة هذا الاتجاه المدمر علي قتل أو إصابة الآلاف وإنما تتعدي ذلك إلي عودة هذه الأمراض الفتاكة التي اختفت من الوجود مثل الطاعون والجمرة الخبيثة والجدري والسعار وغيرها.
ولذلك فإننا نتمني أن يسود العالم منطق الحوار والتفاهم والسلم, وهذا لن يتأتي إلا إذا توقف الاستكبار العالمي وانتشر العدل بين الأمم.. فباختفاء الظلم يمكن أن يختفي فكر الانتقام والثأر الذي يولد الشر وينميه.
والسؤال الذي يؤرق الشعب المصري الآن هو عن مدي استعداد الحكومة المصرية لمواجهة احتمالات تعرض مصر (لا قدر اللّه) لمثل هذه الأسلحة الخبيثة.
والواقع أن الأوضاع لا تسر.. فالمواد الكيميائية التي يمكن استخدامها في تحضير أسلحة كيميائية مثلا متاحة لمن يريد دون تحديد للمسئولية وذلك لغياب قانون مزاولة المهن الكيميائية.
يجب أن تصنف هذه المواد في جداول معروفة ومعتمدة، وأن يقتصر التعامل معها علي الكيميائيين المختصين بحيث يكون معلومًا أين ذهبت هذه المادة أو تلك, ومن الذي صرح ببيعها أو صرفها من المخزن» فهذا الإجراء البسيط, يحدد المسئولية ويردع أي مستهتر تسول له نفسه إيذاء خلق اللّه.
كما ينبغي أن تكون لدينا معامل مجهزة للطوارئ، بمعني أن تكون جاهزة تمامًا لأي ظرف طارئ ولا ينطبق عليها ما يحدث في معاملنا من عدم سماح البند، أو عدم كفاية الميزانية، أو عدم وجود المسئول!
د. عبد اللّه هلال
العدد 529 الخميس غرة شعبان 1422هـ 18 من اكتوبر 2001 م
والحقيقة أن البشرية سوف تنحرف إلي هوة سحيقة إذا ما صارت هذه الأسلحة وسيلة للانتقام في أيدي الجماعات والأفراد.. ذلك أنها أسلحة بسيطة والحصول عليها أو تحضيرها أمر في غاية السهولة, وأسهل منه توصيلها إلي الجمهور المستهدف لأنها عادة ما تكون وسائل غير مرئية بالعين المجردة أو غازات مثلاً بلا رائحة أو لون, مما يجعل الإنذار بوجودها وسرعة الوقاية منها شبه مستحيلين.
والكارثة الحقيقية أن تصل هذه الأسلحة إلي من هم خارج نطاق السيطرة.. وإذا كانت الجيوش المحاربة قد استطاعت الصمود نسبيًا أمام هذا النوع من الأسلحة فذلك لأنها مؤسسات نظامية مدربة وتحكمها الاتفاقيات الدولية التي تحرم هذه الأسلحة.. أما الشعوب فيستحيل حمايتها تمامًا إذا ما انطلق هذا المارد المخيف, الذي عادة ما يظل مجهولاً.
ولا تقتصر خطورة هذا الاتجاه المدمر علي قتل أو إصابة الآلاف وإنما تتعدي ذلك إلي عودة هذه الأمراض الفتاكة التي اختفت من الوجود مثل الطاعون والجمرة الخبيثة والجدري والسعار وغيرها.
ولذلك فإننا نتمني أن يسود العالم منطق الحوار والتفاهم والسلم, وهذا لن يتأتي إلا إذا توقف الاستكبار العالمي وانتشر العدل بين الأمم.. فباختفاء الظلم يمكن أن يختفي فكر الانتقام والثأر الذي يولد الشر وينميه.
والسؤال الذي يؤرق الشعب المصري الآن هو عن مدي استعداد الحكومة المصرية لمواجهة احتمالات تعرض مصر (لا قدر اللّه) لمثل هذه الأسلحة الخبيثة.
والواقع أن الأوضاع لا تسر.. فالمواد الكيميائية التي يمكن استخدامها في تحضير أسلحة كيميائية مثلا متاحة لمن يريد دون تحديد للمسئولية وذلك لغياب قانون مزاولة المهن الكيميائية.
يجب أن تصنف هذه المواد في جداول معروفة ومعتمدة، وأن يقتصر التعامل معها علي الكيميائيين المختصين بحيث يكون معلومًا أين ذهبت هذه المادة أو تلك, ومن الذي صرح ببيعها أو صرفها من المخزن» فهذا الإجراء البسيط, يحدد المسئولية ويردع أي مستهتر تسول له نفسه إيذاء خلق اللّه.
كما ينبغي أن تكون لدينا معامل مجهزة للطوارئ، بمعني أن تكون جاهزة تمامًا لأي ظرف طارئ ولا ينطبق عليها ما يحدث في معاملنا من عدم سماح البند، أو عدم كفاية الميزانية، أو عدم وجود المسئول!
د. عبد اللّه هلال
العدد 529 الخميس غرة شعبان 1422هـ 18 من اكتوبر 2001 م
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق