أهلاً.. وسهلاً

مرحبا بكم في موقع الأستاذ الدكتور/ عبد الله هلال

مقالات علمية وسياسية - محاضرات في الكيمياء - بحوث علمية - كتب علمية في الكيمياء وتطبيقاتها - استشارات علمية (كيميائية وبيئية)















هل لديك استشارة علمية؟

الأستاذ الدكتور/ عبد الله هلال - استشاري الدراسات الكيميائية والبيئية
للاستشارات العلمية:
ناسوخ (فاكس): 0020222670296 القاهرة
جوال: 0020115811500



الصفحة الرئيسية

الأربعاء، ٢٤ مارس ٢٠١٠

* بدلا من الصكوك الوهمية

بدلا من الصكوك الوهمية
بقلم د. عبد الله هلال
المصريون 30 نوفمبر 2008

في خطوة غريبة وعجيبة.. فاجأنا حزب الحكومة بمشروع مريب؛ يزعم من خلاله توزيع أسهم شركات قطاع الأعمال العام (المتبقية بعد عمليات البيع الواسعة- منعدمة الشفافية- لأفضل الشركات والمؤسسات) على أفراد الشعب الذين يزيد عمرهم عن 21 عاما؛ أي الذين لهم حق التصويت!. وبصرف النظر عن أحقية حزب من الأحزاب في التصرف بمفرده في ملكية عامة تخص كل المصريين، بمن فيهم من سوف يولدون بعد توريث التركة، لأغراض غير خافية وبعيدة كل البعد عن المفاهيم الاقتصادية والاجتماعية.. فهل لو كانت هذه الشركات لها وزنها الاقتصادي والمالي- مثل ما تم إهداره من قبل؛ هل كان الحزب المذكور يفكر في (تركها) للشعب؟.
إنني لم أرَ في حياتي حِدأة تـُلقي بالكتاكيت على القرويين.. فليس معقولا أن تقوم أية جهة بتوزيع ثروة (مفترضة!) على هيئة أسهم بطريقة عشوائية على من يفهم مصطلحات (الصكوك والأسهم والسندات والبورصة) ومن لا يفهم، لأن النتيجة الطبيعية سوف تكون توجها عاما وفوضويا للبيع لمن يتربصون للاستيلاء على هذه الشركات بتراب الفلوس. هذا تفكير غير منطقي وله أغراض أخرى غير معلنة، ويشبه عملية وصاية آثمة (من الأعمام مثلا) على يتامى قصّر لأب ثري.. فأسرع الأوصياء ببيع أفضل العقارات والأراضي والمصانع (لأولادهم) بثمن بخس بحجة تسديد ديون الأب المتوفى، ولم يتركوا من الميراث سوى الأشياء الهزيلة التي لم يرض بها الملاك الجدد لتفاهتها.. وليقدموها للورثة الأصليين القصّر لإلهائهم بها عند بلوغهم سن الرشد؛ حتى لا يفكروا في الثروات الأصلية المهدرة، ويطالبوا بها. وعندما أوشك القصّر على البلوغ، وبعد عملية تجويع وحرمان مخططة؛ قام الأوصياء بتوزيع بقايا التركة عليهم فجأة ليقوموا بالإسراع ببيعها لنفس الملاك الجدد- أبناء عمومتهم، بأقل القليل من المال.. وينقلب الحال رأسا على عقب؛ أصحاب الثروة صاروا معدمين، وأبناء الأوصياء معدومي الضمير صاروا أثرياء.
وهناك ملاحظة مهمة؛ فالتركة الهزيلة المفترض توزيعها سوف توزع على هيئة أسهم تنفرد الحكومة "المغرضة" بتحديد قيمتها.. ونظرا لأن التركة ليست من الضخامة بحيث تؤدي الغرض الدفين المخطط له؛ فما الذي يضمن ألا تقوم الحكومة بطبع كميات ضخمة من الصكوك (مثل طبع الأوراق المالية دون غطاء ذهبي) لا تعبر قيمتها الإسمية عن قيمتها الفعلية لخداع وإبهاج أكبر عدد من (الورثة).. وعندما يكتشف الناس الحقيقة "بعد فوات الأوان" فسوف يقولون لنا: إن العملية عرض وطلب، وأنتم المخطئون لأنكم تعجلتم بالبيع وتسببت في هذه الفوضى!. ومما يؤكد هواجسنا ما أعلِن من أن هذه الأسهم لن يتم تداولها فى سوق الأوراق المالية إلا بعد عام من التوزيع.. أي بعد أن تؤدي الغرض الأصلي منها. وهناك أيضا سؤال مهم؛ هل لهذه العملية علاقة باقتراب الموعد النهائى لتطبيق اتفاقية التجارة الحرة، التى تلزم المستضعفين من أمثال حكومتنا بخصخصة نسب كبيرة من النشاط الاقتصادى وتغليب الاستثمارات الخاصة؟.. هل أدركت الحكومة أن ما تبقى من التركة لا يصلح للبيع فلم تجد سوى (تلزيقه) للشعب وضرب عصفورين بحجر واحد؟!. ما لكم.. كيف تحكمون؟!!.
لقد ارتبط هذا الموضوع "فجأة" بالحديث عن أحقية الشعب في امتلاك ثرواته.. حَسَنٌ؛ هل تريدون فعلا تحقيق ذلك دون لف أو دوران أو خداع؟.. إليكم فيما يلي مشروعا حقيقيا يسعد الشعب ويقضي على مشكلات عديدة تواجهه، دون أن يكلفكم شيئا. فإن كنتم تبحثون بالفعل عن وسيلة لتمليك الشعب جزء من ثرواته وتحسين أحواله- بدلا من مشروع الصكوك المريب، فسوف ترحبون بهذا المشروع، وإن كنتم تعبثون بما تبقى من التركة الهزيلة كما أسلفنا فسوف ترفضونه لأنه سوف يصطدم بمصالح الأوصياء (مافيا الأراضي).. ويتلخص المشروع في تخصيص قطعة أرض مباني مجانية لكل أسرة كالآتي:
من حق كل مواطن أن يمتلك جزءا من أرض الوطن، ناهيك عن حقه في امتلاك بيت يؤويه.. والصحراء المصرية المهملة واسعة وتشكل أغلب مساحة مصر، وتتميز صحراؤنا باستوائها واعتدال مناخها، وهي أفضل بالتأكيد من صحراء الخليج التي تعاني من الحرارة المرتفعة جدا والرياح الشديدة المحملة بالأتربة، ورغم ذلك فقد تم تعميرها وتحولت إلى مدن عامرة بالحياة لا تقل جمالا ومدنية عن المدن الأوربية (الإمارات مثلا)، وانتشرت فيها المزارع والغابات الاصطناعية. وتعاني مصر من أزمة إسكانية خانقة وكثافة سكانية عالية مركزة في وادي النيل الذي لم يعد يحتمل مزيدا من البشر. وسبب الأزمة معروف ويتلخص في ارتفاع أثمان الأراضي بشكل جنوني دون مبرر.. وهي أزمة مفتعلة لأننا لا نعاني من نقص في المساحة، وإنما نعاني من سوء التخطيط والفساد الذي يؤدي إلى الاحتكار والمضاربة ورفع الأسعار إلى أرقام غير مبررة اقتصاديا؛ مما أدى إلى ظهور مليونيرات الأراضي- الذين أثروا ثراء فاحشا دون تعب أو إنتاج، وصنعوا أزمة كان من الممكن تجنبها. فقد أدت هذه السياسة غير الرشيدة إلى رفع تكاليف المسكن البسيط إلى أرقام فلكية لا يقدر عليها معظم المصريين.. مما عرقل الزواج ودفع الناس إلى الهجرة إلى أي مكان تطوله أيديهم، وصنع أزمة كبيرة بلا داع. وأعرف أسَراً كثيرة في حاجة ماسة إلى مسكن آدمي، وتمتلك من المال ما يكفي لإنشاء بيت معقول ولكن الارتفاع الجنوني لسعر متر الأرض يشل أيديهم ويصرفهم عن فكرة البناء. لذا فالمشروع البديل الذي نطرحه للنقاش ونطالب به هو تخصيص قطعة أرض مساحتها ألف متر لكل أسرة (أو 200 متر لكل فرد) كحق امتلاك طبيعي تحصل عليه الأسرة دون مقابل في الوقت الذي يناسبها والمكان الذي تختاره (من خلال مكتب تنسيق).. وتكون ملكية خالصة لها حق التصرف فيها دون تعقيدات، سواء بالبدل أو البيع أو البناء عليها كلها أو على جزء منها؛ مع الالتزام فقط بالاشتراطات المعمارية والبيئية والصحية. وهذا المشروع إن تم فسوف يقضي على مشكلة الإسكان من جذورها لأنه سوف ينهي الاحتكارات والمضاربات وظاهرة (تسقيع الأراضي).. وسوف تنخفض فجأة أسعار الأراضي وبالتالي المساكن. وسوف تؤدي هذه الخطوة إلى ظهور خريطة جديدة متوازنة لمصر تسهم في إعادة توزيع السكان وتقليل كثافة المدن القديمة الحالية.. لأن توزيع الأراضي مجانا بالصورة المقترحة يعني إنشاء ما لا يقل عن مئة مدينة جديدة، تنتشر بمحازاة الوادي القديم. وإذا تم تخطيط هذه المدن بطريقة ذكية تغري الناس بجمالها واتساعها ونقائها وكثرة حدائقها ورقي مرافقها- بالإضافة إلى إغراء تملك الأرض دون مقابل، فمعنى ذلك أن الباب سوف يُفتح على مصراعيه لهجر المدن القديمة المكتظة، وتحولها بالتالي لاحقا إلى مدن عصرية محترمة.
ويتطلب هذا المشروع بالطبع تدبير مرافق البنية الأساسية لهذه المدن الجديدة، ومن الواضح أن الحكومة لن توافق على تحمل هذه التكلفة الباهظة، وإلا لفعلت هكذا مشروع من تلقاء نفسها.. ونُطمئن الحكومة أن الشعب المصري يستطيع تدبير أموره بنفسه إن شعر أن هناك جـِدّية وصدق وشفافية، فأغلب القرى المصرية تكفـّلت بمعظم المرافق بها بجهودها الذاتية. وهذا المشروع يمكن أن يتحمله القطاع الخاص بالكامل من خلال وسائل عدة (محكومة بنظام معلن ومتفق عليه)؛ مثل تكوين جمعيات للملاك تقوم بإنشاء المرافق من خلال اشتراكات الأعضاء، وتكوين شركات خاصة للمياه والغاز والكهرباء والصرف الصحي والاتصالات ... الخ، بتمويل من البنوك (إن تطلب الأمر) لإنشاء هذه المرافق واسترداد أموالها من خلال توصيل الخدمات وفواتير الاستهلاك، وكذلك من مساهمات أصحاب المشاريع الاستثمارية الخاصة (مستشفيات، مدارس، جامعات، نوادي، ملاهي، مراكز تسوُّق، مصانع، محطات وقود، شركات نقل... الخ). ولا شك أن القطاع الخاص وأنشطته الاستثمارية بكل مدينة تكفي لتحمل أعباء البنية الأساسية وزيادة، لأن هذا القطاع هو المستفيد الأول من المدن الجديدة.. فكل مدينة سوف تكون بها مدينة صناعية ومدينة تجارية؛ والحصول على الأرض للاستثمار يكون بمقابل. ويمكن- في الأماكن التي تتوافر بها مياه جوفية أو غيرها- تخصيص قطع أراضي للزراعة تمنح لمن يقدر على زراعتها. وبالطبع سوف يكون هناك من لا يقدرون على عملية البناء، وهؤلاء يمكن أن يدخروا الأرض للمستقبل، أو يشاركوا مع آخرين، أو يقترضوا من البنوك، أو يبيعوا نصيبهم ويستفيدوا من ثمنه في تحسين مستوى سكنهم الحالي.
ولا شك أن هذا مشروع كبير يحتاج إلى تفصيل لا مجال له في مقال صحفي، ولدينا تصور لمشروع متكامل بالأرقام والتفاصيل لمن يريد؛ إن كانت الحكومة لديها رغبة فعلية في إسعاد الشعب المصري.. ونلخص فوائد المشروع فيما يأتي:
• القضاء على مشكلة الإسكان من جذورها وإلى الأبد، وتوفير مسكن صحي فسيح لكل مواطن.. والتخلص من العشش والعشوائيات والسكن بالمقاير... وتحسين نفسية المواطن المصري الذي تأثر سلبيا من الزحام والضوضاء.
• تخفيض الكثافة السكانية وإصلاح حال المدن القديمة وإنهاء مشكلات التلوث والمرور والزحام ...الخ، ويترتب على ذلك ازدهار القطاع السياحي أيضا.
• المشروع يعتبر ثورة معمارية شعبية، تشارك فيها أغلب قطاعات الشعب، ويمكن أن يستوعب الملايين من الأيدي العاملة لسنوات طويلة، مما يسهم في القضاء على البطالة.
• إحداث توازن في التوزيع السكاني على أكبر مساحة ممكنة من أرض الوطن، وهذا يدعم الأمن القومي.
• توفير دخل (إضافي) حقيقي كبير لكل أسرة؛ دون تحمُّل ميزانية الدولة لأية أعباء.
• تبني نظام النماذج المعمارية المبسطة قليلة التكلفة، المنتشرة في العالم.. لأن التوسع سوف يصير أفقيا لتوافر المساحة، بدلا من النماذج الرأسية المكلفة والمسببة لمشكلات الاكتظاظ والكثافة العالية.
• عودة نظام العائلة الكبيرة التي تعيش في بيت واحد أو بيوت متجاورة، الذي انقرض بسبب أزمة الإسكان.. وهو نظام اجتماعي مفيد ورائع.
• إتاحة الفرصة لإعادة تنظيم وتخطيط المدن المصرية بما يتناسب مع احتياجات العصر الحديث (حدائق عامة، نظم مرورية متطورة، طرق لراكبي الدراجات، مدارس فسيحة بها ملاعب وحدائق، نظام لتجميع مياه الأمطار، المعالجة الأولية لمياه الصرف الصحي واستخدامها في التشجير .... الخ).
• فتح الباب أمام الإبداع الاقتصادي الشعبي بممارسة الأسر للأنشطة الحرفية المنزلية البسيطة (مثل الصين)، نظرا لتوفر المساحة بالبيوت الجديدة.

ليست هناك تعليقات: